موقع إيطالي: هذه أهداف روسيا من توسعة مدرج قاعدة حميميم في سوريا

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع إيطالي الضوء على التوسعة التي قامت بها روسيا في مدرج قاعدة حميميم الجوية في سوريا، وكشفتها قبل أيام صور للأقمار الصناعية يعود تاريخها إلى 14 ديسمبر/كانون الأول 2020.

وفي تطرقه إلى أهداف هذه التوسعة، أكد موقع "إنسايد أوفر"، أن "قاعدة حميميم، الواقعة في محافظة اللاذقية الساحلية، شكلت دعما مهما للتدخل العسكري الروسي لدعم النظام السوري، الذي بدأ في 30 سبتمبر/أيلول 2015". 

وفي 26 أغسطس/آب من العام نفسه، تم إبرام اتفاق بين روسيا وسوريا لإنشاء قاعدة على الأراضي السورية لفترة غير محددة لاستغلالها من طرف القوات المسلحة الروسية. 

وأشار الموقع إلى أنه وفقا لمعاهدة "الصداقة والتعاون بين الاتحاد السوفيتي والجمهورية العربية السورية" الموقعة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 1980، وجه رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى روسيا طلبا رسميا للمساعدة العسكرية سرعان ما استجابت له موسكو بإرسال كتيبة قوات وطائرات إلى قاعدة حميميم.

بعد ذلك بعامين، وقع الكرملين عقد إيجار جديد طويل الأجل للقاعدة مع سلطات النظام السوري لفترة تمتد إلى 49 عاما، كجزء من اتفاقية أوسع نطاقا تضمنت أيضا استغلال روسيا لميناء طرطوس جنوبا. 

وجاء هذا الاتفاق بعد أن لعبت القوات الروسية، وخاصة القوات الجوية، دورا حاسما في صمود نظام الأسد.

قيمة إستراتيجية

وبيّن الموقع الإيطالي أن "القاعدة تمثل مطارا ذو قيمة إستراتيجية كبيرة خارج حدود روسيا بإمكانه دعم أنشطة عسكرية أوسع، خاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق البحر الأبيض المتوسط". 

على سبيل المثال، قدمت القاعدة نقطة توقف مفيدة لمقاتلات سوخوي سو 24 وميغ 29 التي أرسلتها موسكو إلى ليبيا لتعزيز القوات المتحالفة مع اللواء الانقلابي خليفة حفتر، الذي يخوض صراعا ضد قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا والمدعومة من تركيا.

وذكر الموقع أن مطار حميميم العسكري، الذي له مدرجان متوازيان موجهان من الشمال إلى الجنوب، شهد تحسينات مهمة منذ وصول القوات الروسية إلى سوريا، وشملت هذه الأشغال إضافة ممر وصول مباشر إلى المدرج الشرقي الذي اكتمل عام 2016. 

بالإضافة إلى سلسلة من ملاجئ الطائرات المعززة في الركن الشمالي الغربي والتي تم بناؤها بين عامي 2018 و2019 ردا على تهديد هجمات الطائرات المسيرة وغيرها من الهجمات غير المباشرة.

كما تُظهر صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها شركة "Planet Labs" ونشرتها وسائل الإعلام، أشغالا مهمة في أقصى المدرج غربا، ليمتد طوله الإجمالي بذلك إلى 3200 متر، مقارنة بنحو 2900 متر سابقا.

وأردف الموقع بالقول إنه "من المحتمل أن يكون المدرج أكثر طولا، بالنظر إلى وجود تحضيرات لبناء قسم إضافي آخر في مكان الطريق الحالي في الطرف الشمالي، مما قد يضيف 230 مترا أخرى إلى طول مدرج الإقلاع، ولكن من المحتمل أيضا أن يخضع هذا الجزء من الموقع إلى الحماية".

وبذلك، يفترض الموقع أن أشغال التوسعة تعد المرحلة النهائية لتلك التي بدأت عام 2017، أي عندما حصلت موسكو على الموافقة على استخدام القاعدة لمدة 49 عاما أخرى.

ولفت "إنسايد أوفر" إلى أن "توسيع المدرج سيجعل من القاعدة موقعا إستراتيجيا في البحر المتوسط ​​وسيسمح لسلاح الجو الروسي من استخدام الطائرات التي كان عليها في السابق الإقلاع من القواعد الروسية أو القاعدة الإيرانية في همدان (التي استخدمت لفترة قصيرة جدا) لتنفيذ عمليات خارج  سوريا على غرار قاذفات توبوليف تي يو 160 وتوبوليف تي يو 22 إم". 

بمثابة رادع

وأكد الموقع أن "المدرج الطويل سيدعم بسهولة عمليات اثنين من عمالقة القوات الجوية الروسية وهما قاذفة توبوليف تو- 95 إم إس والطائرة الدورية والاستطلاع البحري بعيد المدى توبوليف تي يو 142".

وبمجرد انتهاء الأشغال، لن تشكل حميميم قاعدة بديلة أقل تعقيدا من الناحية الدبلوماسية لاستخدام هذه الطائرات في القتال المستمر في سوريا، ولكنها ستقدم إمكانيات جديدة هائلة لروسيا لتنفيذ إعادة انتشار روتينية لقاذفاتها في منطقة إستراتيجية للغاية، تقع في المتوسط ​​وتقريبا في قلب الشرق الأوسط، على حد تعبير الموقع الإيطالي.

وتابع بأن "القاذفات من طراز تو- 95 إم إس وتي يو 142 التي ستقلع على الأرجح من حميميم للقيام بطلعات في المتوسط ​​أو باتجاه بحر العرب والخليج العربي (بمجرد الحصول على أذون الطيران فوق  الدول الصديقة، مثل مصر السودان أو اليمن)، ستفرض تحديات جديدة لحلف الناتو على طرفه الجنوبي، فضلا عن تحديات مباشرة لواشنطن في الشرق الأوسط". 

كما أن القاذفات الروسية، المسلحة بصواريخ جوالة، ستكون قادرة على استهداف مواقع في جنوب أوروبا، في حين أن الطائرات الدورية قد تشكل تهديدا لحركة الملاحة البحرية والغواصات في البحر المتوسط. 

وأكد الموقع أن "توسيع المدرج يعني أيضا إمكانية الاستفادة المثلى من خصائص طائرات الشحن الأكبر التابعة للقوات الجوية الروسية، مثل أنتونوف أن-124 التي شوهدت بالفعل تقلع وتهبط في حميميم".

ومن الواضح أنه سيكون من الضروري معرفة الأشغال الأخرى التي سيتم تنفيذها داخل القاعدة السورية، خصوصا وأن قاذفات تو-95 إم إس وتي يو 142، في حاجة إلى دعم لوجستي خاص ومساحات أكبر للوقوف، فالرصيف الشرقي يعد حاليا المكان الرئيس الذي يتم فيه إيقاف الطائرات الأكبر حجما، بما في ذلك طائرات التجسس، وفق الموقع.  

ويتوقع "إنسايد أوفر" أنه "على الأرجح، لن تتمركز بالقاعدة قاذفات بحرية ثقيلة أو طائرات دورية للاستطلاع البحري بشكل دائم، ولكنها ستستخدم حصريا لتنفيذ مهام فردية أو لتكون بمثابة رادع في حالة حدوث أزمة إقليمية أو عالمية".

وختم الموقع مقاله بالقول: إن "هناك شيئا واحدا مؤكدا وهو أن حميميم، كما هو متوقع منذ عام 2017، ستصبح قطعة رئيسة من الفسيفساء التي يبنيها الكرملين في المتوسط ​​وشمال إفريقيا والتي تتضمن أيضا إنشاء قاعدة بحرية جديدة في السودان، بالإضافة إلى إمكانية بناء أخرى في ليبيا، كمقابل للدعم الروسي لحفتر في الصراع وذلك في حال سيطرته على البلاد".