رغم "جرائمها بحق الروهينغا".. ناشطون يرفضون الانقلاب العسكري في ميانمار

نايبيداو - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

نفذ جيش ميانمار انقلابا عسكريا على السلطة المدنية الحاكمة، في 1 فبراير/شباط 2021، بدعوى تزوير الانتخابات البرلمانية التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وحقق فيها الحزب الحاكم فوزا ساحقا.

وكان مقررا انعقاد أولى جلسات البرلمان الجديد، الاثنين، لكن الجيش انقلب واعتقل رئيس البلاد وين مينت، وزعيمة حزب "الرابطة الوطنية للديمقراطية" الحاكم أونغ سان سوتشي (رئيسة الحكومة) وقادة سياسيين آخرين.

وأعلن في الساعات الأولى من صباح الاثنين، تسليم السلطة إلى القائد العام للقوات المسلحة، مين أونغ هلاينغ، وفرض حالة الطوارئ في البلاد، ونشر الجنود في شوارع العاصمة نايبيداو والمدينة الرئيسة يانغون.

ويواجه الجيش اتهامات بتنفيذ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق مسلمي الروهينغا من قتل واغتصاب جماعي وحرق وتطهير عرقي وغيرها، فيما تواجه رئيس الحكومة المدنية سوتشي اتهامات بالتواطؤ مع الجيش والتستر على جرائمه والدفاع عنه أمام المحاكم الدولية.

الناشطون على تويتر، تباينت ردود أفعالهم بشأن الانقلاب على السلطة المدنية، وأعرب بعضهم عن سعادته وذكروا بتحالف السلطة المدنية مع العسكر ودعمها لجرائمه بحق مسلمي الروهينغا، وتواطؤ سوتشي مع الجيش، واعتبروا الانقلاب عليها ثمنا لتواطئها معهم، فيما أدان البعض الانقلاب العسكري وأعلنوا رفضهم له.

وعدد ناشطون عبر حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #انقلاب_بورما، #انقلاب_ميانمار، الجرائم التي ارتكبها العسكر، وتغطية سوتشي عليها ورفضها فرض الرقابة ونفيها لتورط العسكر في جرائم إبادة مسلمي الروهينغا.

وتفيد منظمات حقوقية بأن ما يقدر بنحو 1.1 مليون شخص من الروهينغا يعيشون في ولاية أراكان غربي ميانمار ولكن هناك قيود على تنقلاتهم وحصولهم على الخدمات، ويمنع منحهم الجنسية ويعاملون على أنهم مهاجرون من بنغلاديش. 

ورأى ناشطون أن جيش ميانمار يسير على خطى جيش مصر في تنفيذ الانقلاب العسكري والاستيلاء على السلطة المدنية، متهكمين على غياب التنديد المصري بالانقلاب العسكري في ميانمار مثلما فعلت دول أخرى أعلنت إدانتها له في ساعاته الأولى.

خطى مصر

وربط ناشطون بين أوجه الشبه في الانقلاب العسكري الذي وقع في ميانمار وبين الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر 2013 بقيادة رئيس النظام الحالي عبد الفتاح السيسي الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع حينها.

وعزل السيسي، الرئيس المصري المنتخب شرعيا محمد مرسي واحتجزه في مكان غير معلوم لعدة أشهر واعتقل أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، وعطل العمل بالدستور وقطع بث الإعلام.

وهو ما يتشابه بقوة مع ما حدث اليوم في ميانمار، فقد انقلب الجيش وفرض حالة الطوارئ لمدة عام، واعتقل الحكام وقطع الاتصالات الهاتفية والإنترنت.

وسخرت الإعلامية حياة اليماني قائلة: "طب إخواننا بتوع ثورة 30 يونيو المجيدة، اللي حصل في ميانمار دا اسمه إيه؟ انقلاب قول كدا ورايا انقلاب عسكري زي اللي حصل في مصر بالظبط بس أنت مكسوف تقول".

وتساءل رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان: "هل ستنضم مصر إلى المجتمع الدولي وتشاركه المسؤولية الأخلاقية، وتصدر بيانا يدين الانقلاب العسكري في ميانمار، وتطالب بعودة الجيش إلى ثكناته، واحترام الشرعية ونتائج الانتخابات، والإفراج فورا عن القيادات السياسية المعتقلة؟!"، قائلاً: "انتظر هذا البيان التاريخي!!". وقال الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل، إن "ما يحدث في ميانمار هو نفس الكتالوج"، مشيرا إلى أن "عسكر ميانمار اليوم انتقدوا المزاعم الدولية بنيتهم القيام بانقلاب! واعتقلوا الرئيس ومستشارة الدولة".

وذكر أن العسكر وقيادات الدولة المعتقلين متورطين في مجازر هائلة في حق مسلمي الروهينغا، متسائلا: "هل سيغض (الرئيس الأميركي جو) بايدن الطرف كما فعلها من قبل وهو نائب رئيس أثناء انقلاب عسكر مصر".

جرائم سوتشي

وعدد ناشطون جرائم سوتشي التي كانت زعيمة للمعارضة سابقا، ووصلت إلى سدة الحكم عام 2016، وتولت بعد ربع قرن من النضال منصب مستشارة الدولة، وعرفت بتحالفها مع العسكر خاصة فيما يتعلق بإبادة المسلمين، وذلك بعدما كانت رمزا لمعارضتهم.

وتبنت سوتشي الدفاع على أفعال الجيش وقيادته لعمليات عسكرية وقصف قرى ذات أغلبية مسلمة (الروهينغا) بذريعة مكافحة الإرهاب، وزعم شن مجموعة مسلحة متمردة من الروهينغا هجوما على مراكز للشرطة والتسبب في مقتل بعضهم، وامتنعت عن تحميلهم المسؤولية.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد دعت إلى معاقبة قادة الجيش والشرطة لاغتصابهم واعتدائهم جنسيا على نساء وفتيات من مسلمي الروهينغا الذين يمثلون أقلية في البلاد.

وأشار الناشط الحقوقي فادي القاضي، إلى أنه "بسبب صمت سوتشي المتواطئ في الجرائم ضد مسلمي الروهينغا، سحب متحف الهولوكوست والعفو الدولية الجوائز منها"، وقالت "نوبل" إنها "لا تستطيع سحب الجائزة"، لكن المطالبات استمرت، وأقصاها البرلمان الأوروبي من فعاليات جائزة ساخاروف، وقال القاضي: "لكن لا مبرر لدعم أي انقلاب".

ولفت الحقوقي أسامة رشدي، إلى أن "سوتشي رغم دفاعها المستميت عن جرائم جيشها ضد ‏أقلية الروهينغا أفقدها اعتبارها في العالم، وانقلب العسكر عليها ‏واعتقلوها لعدم قبولهم لنتيجة الانتخابات البرلمانية قبيل انعقاد البرلمان الجديد اليوم الاثنين ‏رغم رفض طعونهم حول نزاهة الانتخابات‎."‎ ولفتت الحقوقية حورية مشهور، إلى أن "سوتشي تواطأت مع الجيش في اضطهاد ‏وتعذيب وتشريد مسلمي الروهينغا، ولهذا السبب تحديدا طالبت العديد من المنظمات ‏بسحب جائزة نوبل للسلام منها، واليوم ينقلب عليها الجيش ويعتقلها ومعاونيها‎."‎

ودعت مشهور، المجتمع الدولي إلى بذل مزيد من الجهود لـ"حماية من تبقى من مسلمي ميانمار‎ ."‎

سعادة الروهينغا

وأعرب ناشطون عن شماتتهم في سوتشي، ورأوه انتقاما إلهيا لما تفعله بحق الروهينغا، وقال الناشط السوري قتيبة ياسين: "أنا ضد الانقلابات العسكرية بالمطلق، لكني هنا أفكر كواحد من أقلية الروهينغا المسلمة التي ظلمت في هذه البلاد وأتمنى ما يتمنونه".

فيما أعرب الإعلامي محمد عبد الرحمن عن سعادته بالانقلاب على سوتشي، قائلا: "الآن ستعرف إحساس أن تكون روهينغا". وقال الإعلامي أحمد العنزي: إن "كل طاغية له يوم"، مشيرا إلى أن "سوتشي صاحبة أكبر مجازر وإبادة ضد مسلمي الروهينغا في ميانمار". ورأى المنتج عبد الباسط رياحي أن "الزعيمة سوتشي تدفع ثمن ما فعلته في مسلمي الروهينغا العزل"، قائلا إن "الانقلاب العسكري كان متوقعا حسب كل المعلومات المروجة منذ فترة، لأن الجيش يندد منذ أسابيع بحصول تزوير خلال الانتخابات التشريعية الماضية". ولفتت الإعلامية مها سراج، إلى أن "سوتشي كانت تقول أن لا يجب الإصرار على حقوق الإنسان وإغفال سيادة القانون، وأنها كانت تتحدث عن القانون باستمرار رغم مجازر وإبادات جماعية للمسلمين الأقلية في بلادها"، قائلة: "يسعدنا أن تجرب هى الأخرى القانون". من جانبه، قال الأكاديمي السعودي علي التواتي القرشي، إن "هذه نهاية الفائزة بجائزة نوبل للسلام التي قتلت وشردت الروهينغا المسلمون بمباركتها وتواطؤها".

رفض الانقلاب

ورغم رؤية البعض أن سوتشي تستحق أن تلقى عقوبة مشددة بسبب جرائمها بحق الروهينغا وتواطئها مع العسكر، إلا أنهم تمسكوا بإعلان رفضهم للانقلاب العسكري عليها، مؤكدين أن الجيش أشد إجراما من الحكومة.

وأوضح الكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة، أن سوتشي متورّطة في اضطهاد "الروهينغا"، أو تبرير اضطهادهم بتعبير أدق، لكن قائد الجيش (المنقلب) هو المجرم الأكبر بشهادات دولية، قائلا: إن في "ديمقراطيات الاضطرار؛ تفرض المؤسسة العسكرية والأمنية، ما تريد، وعلى المدني أن يبرر ويتحمّل الوزر".

 وحث الناشط البحريني عبد النبي العكري على إدانة الانقلاب العسكري بقوة والمطالبة بالحرية لكل المعتقلين وعودة الحكم المدني لأن "العسكر شر مطلق، رغم أن النظام المدني بزعامة سوتشي وحكم الرابطة الديمقراطية تواطأ مع العسكر في الجرائم بحق المسلمين الروهينغا".