تحركات عسكرية.. كيف ستنعكس المصالحة الخليجية على الملف السوري؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

توقعات بانعكاس المصالحة الخليجية على ملفات عديدة في منطقة الشرق الأوسط، ربما يكون الملف السوري أبرزها، كونه تأثر بشكل كبير بالخلافات التي استمرت لأكثر من 3 أعوام.

مراقبون كشفوا عن وجود تحركات سعودية عسكرية وشيكة في الملف السوري، ستكون على الطاولة بعد المصالحة الخليجية، وستنعكس إيجابا على الوضع.

وفي 5 يناير/ كانون الثاني 2021، انطوت صفحة الأزمة الخليجية بعد قمة "العلا" بالسعودية، بمشاركة وزير الخارجية المصري سامح شكري، ومستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر.

التدخل الإيراني

القمة الخليجية الـ14، أكدت في بيانها الختامي "مواقفها وقراراتها الثابتة بشأن الأزمة السورية، والحل السياسي القائم على مبادئ (جنيف 1)، وقرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي ينص على تشكيل هيئة انتقالية للحكم تتولى إدارة شؤون البلاد، وصياغة دستور جديد لسوريا، والتحضير للانتخابات لرسم مستقبل جديد لسوريا يحقق تطلعات الشعب السوري".

وعبر المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي خلال بيانه الختامي، عن أمله بأن تسفر اجتماعات اللجنة الدستورية في سوريا عن توافق سريع، وأن يكون ذلك معينا للجهود المبذولة للوصول إلى حل سياسي للأزمة ويحقق للشعب السوري تطلعاته المشروعة، مجددا دعمه لجهود الأمم المتحدة لتحقيق ذلك.

وأكد المجلس دعمه جهود الأمم المتحدة للعمل على إعادة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مدنهم وقراهم بإشراف دولي وفق المعايير الدولية، وتقديم الدعم لهم في دول اللجوء، ورفض أي محاولات لإحداث تغييرات ديمغرافية في سوريا.

كما أكد مواقفه الثابتة تجاه الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، واحترام استقلالها وسيادتها على أراضيها، ورفض التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية، وكل ما يمس الأمن القومي العربي ويهدد الأمن والسلم الدوليين.

وجدد المجلس إدانته للتواجد الإيراني في الأراضي السورية وتدخلات إيران في الشأن السوري، وطالب بخروج كافة القوات الإيرانية ومليشيات حزب الله وجميع المليشيات الطائفية التي جندتها إيران للعمل في سوريا.

وردا على ذلك، رفضت وزارة الخارجية الإيرانية في 6 يناير/ كانون الثاني 2020، بيان القمة الخليجية، وأكدت أن "الاتهامات الواردة فيه مكررة، ولا أساس لها، وناجمة عن ضغوط سعودية سياسية على المجلس".

وأضافت طهران أن بعض دول مجلس التعاون الخليجي "تصر على انتهاج الطريق الخطأ، والتمسك بشيطنة إيران، بدلا من تجديد النظر في وجهات نظرها تجاه قضايا المنطقة بعد المصالحة الخليجية".

ودعت الخارجية الإيرانية في بيانها دول الخليج إلى "الاهتمام بواقع المنطقة، بدلا من إصدار بيانات منسوخة، تؤدي إلى استمرار العملية التخريبية الحالية، وتوجه نهجها نحو الحوار والتعاون الإقليمي، بدلا من تشكيل تحالفات محورية".

ترحيب المعارضة

المصالحة الخليجية لاقت ترحيبا وإشادة من المعارضة السورية، حيث أكد رئيس الائتلاف المعارض نصر الحريري، أنها تحمل بشرى للسوريين الذي اعتادوا على وقوف إخوانهم إلى جانبهم في مطالبهم المشروعة التي خرجوا من أجلها منذ عقد من المزمن، و"قاتلوا النظام المجرم وبذلوا في سبيل ذلك ثمنا باهظا".

واستبعد الحريري خلال كلمة له في 6 يناير/ كانون الثاني 2021 "أن تشكل المصالحة خبرا سارا لأعداء المنطقة وشعوبها، خاصة إيران التي تجتاح المنطقة من 4 عواصم عربية، والتي تقاتلنا بأموالنا وبدماء أبنائنا. ونتطلع أن تسهم المصالحة بتوحيد الجهود والبوصلة في مواجهة إيران والتطرف".

وأثنى الحريري على البيان الختامي للقمة الذي تطرق بشكل تفصيلي للوضع السوري، مرحبا بالتزام الدول العربية والخليجية ببيان جنيف، وضرورة تشكيل هيئة الحكم الانتقالي في مرحلة يجري فيها الاستفتاء على دستور جديد والتحضير لانتخابات بإشراف الأمم المتحدة.

وأشاد الحريري بما وصفه "ملامستهم الصادقة" المتعلقة بعودة اللاجئين وفق المعايير الدولية بعد أن تتوفر بيئة آمنة ومحايدة يستطيع أن يعيش فيها السوري ويشعر بالأمن والاستقرار، داعيا إلى مواجهة كل أشكال التغيير الديموغرافي الذي سعت إليه إيران ونظام بشار الأسد خلال المرحلة الماضية.

وأعرب الحريري عن أمنيته بأن تكون المصالحة بداية صحيحة نحو عمل عربي مشترك، مؤكدا الحاجة الماسة إليه لأن ظهور السوريين مكشوفة وبحاجة إلى دور عربي فاعل ورائد، وإلى جهود عربية مشتركة متكاملة من أجل مواجهة كل تحديات المنطقة، ويأتي على رأسها ما تعيشه سوريا.

وأبدى الحريري استعداد "الائتلاف السوري للتعاون مع أشقائه العرب في مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، وأخص كذلك دولة مصر التي حضرت القمة وكان لها دورا مشكورا، ونتمنى أن يكون بادرة تجاه توحيد العمل من أجل مواجهة كل ما يحيط بنا من مشكلات وتحديات".

انعكاس إيجابي

وبخصوص مدى تأثر الملف السوري بالمصالحة الخليجية، قال الباحث في مركز "جسور" للدراسات وائل علوان لـ"الاستقلال": "الملف السوري كان حاضرا في قمة العلا التي شهدت التئام البيت الخليجي، وحسب البيان الختامي، فإن دول الخليج العربي مستمرة في دعم الجهود الدولية لحل القضية السورية بمرجعية جنيف والقرار الأممي 2254".

وأضاف: "ربما أهم ما يتطلع الشعب السوري له هو إدراك دول الخليج العربي للدور الخطير الذي تلعبه إيران في المنطقة وذلك الانتشار الواسع جدا لقواتها في سوريا".

وأوضح أن "أول سبل مواجهة الدور الإيراني في سوريا هو إلزام الأسد بالاستحقاقات الدولية، وهي كفيله إن نفذت بشكل جاد وحقيقي بانهيار منظومة الأسد الاستبدادية في الحكم، والتي تعتمد عليها إيران في سوريا".

وعن تأثير المصالحة على المعارضة السورية وتفككها، قال علوان: "هناك أسباب كثيرة لتفرق المعارضة وضعفها ومعظمها ذاتية ولا تتعلق بالخلافات الخليجية، وإنما يرتبط حال المعارضة كما حال باقي اللاعبين المحليين بتدويل القضية السورية والتدخل الواسع الدولي والإقليمي في تفاصيلها، وهذا بشكل مباشر ناجم عن الدخول المباشر والواسع لمليشيات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله ثم القوات الروسية".

من جهته، رأى الخبير العسكري السوري المعارض، أحمد الزعبي، أن "أكثر ملف انعكست عليه الخلافات الخليجية، كان الملف السوري، حيث كانت الأراضي المحررة من النظام وصلت إلى نحو 80 بالمئة، لكن بسبب الخلاف انتقل الوضع السوري من واقع إلى آخر، فبعد الآمال الكبيرة وصل الحال بالسوريين إلى القرب من خط اليأس".

وأشار الزعبي خلال مقابلة تلفزيونية في 5 يناير/ كانون الثاني 2021 إلى الخلافات التي نشبت بين الفصائل السورية المعارضة، والأهم من ذلك استفادة الطرف الآخر سواء في دمشق أو طهران من الخلاف الخليجي، وكذلك نقص الدعم، الذي ألغي الكثير منه بسبب هذه الخلافات، ما أدى إلى توقف فصائل معارضة تماما عن العمل".

وشدد الخبير السوري على أن "إيران لم تتجرأ على سوريا إلا عندما حصل الخلاف الخليجي، وكذلك لم تتجرأ الفصائل الانفصالية ومنها قوات قسد على احتلال منطقة الجزيرة (إقليم يمتد عبر شمال شرق سوريا وشمال غرب العراق وجنوب شرق تركيا) إلا بعد الخلاف بين دول الخليج".

وأشار الزعبي إلى وجود تحركات سعودية على الملف السوري، وستكون على الطاولة بعد المصالحة الخليجية، وستنعكس إيجابا على الوضع السوري، مؤكدا أن "هناك توجهات عسكرية سعودية كانت تنتظر المصالحة الخليجية للعودة مرة أخرى"، دون كشف مزيد من التفاصيل، والتي قال إنها "سرية".