ورقة قوية.. مركز تركي يكشف أهمية "عين عيسى" السورية في مفاوضات روسيا

12

طباعة

مشاركة

نشر مركز "دراسات الشرق الأوسط" التركي مقالا يسلط الضوء على بلدة "عين عيسى" السورية، باعتبارها ذات أهمية إستراتيجية لروسيا ولقوات نظام بشار الأسد كنقطة تربط بين مدينتي حلب والقامشلي.

وأوضح الكاتبان التركيان "أويتون أورهان" و"سيبيل دوندار"، في مقالهما أن "عين عيسى التابعة لتل أبيض على الطريق الدولي السريع (إم 4) الواقع على بعد (55 كم) شمال الرقة، تعتبر أيضا خط الدعم اللوجستي الذي تستخدمه وحدات حماية الشعب (YPG) لنقل الدعم العسكري الذي تتلقاه من الحدود العراقية إلى عين العرب ومنبج".

الأهمية الجغرافية

واعتبر الكاتبان أن "عين عيسى ستضمن نقطة إيجابية لصالح القوة المسيطرة في المواجهات العسكرية المستقبلية المحتملة، حيث أصبحت تحت سيطرة وحدات حماية الشعب نتيجة للعمليات التي تم تنفيذها ضد تنظيم الدولة عام 2015. لتقوم بتنفيذ عمليات إرهابية في منطقة عملية "نبع السلام" خلال العام الماضي متسللة من البلدة".

وأضافا أن "وحدات حماية الشعب تستهدف مبادرات إنشاء بيئة أمنية ونموذج للإدارة في المنطقة، وهي لا تستهدف الجماعات المسلحة فحسب، بل المدنيين أيضا، كما تقوم بإطلاق النار على النقاط العسكرية التركية في المنطقة كل يوم تقريبا".

وبحسب الكاتبين، فإن "كانت عين عيسى مسرحا لصراعات خطيرة لأكثر من شهر، ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تعرضت نقطة العبور الموجودة على الطريق الدولي (M4) في المنطقة لهجوم من قبل وحدات حماية الشعب.

وأشارا إلى أنه "تم التصدي للهجوم بمدافع القوات المسلحة التركية، وتمت استعادة بعض المستوطنات الصغيرة والأراضي الزراعية حول المنطقة".

وتابعا، "بعد ذلك، أعلن الجيش الوطني السوري في 19 ديسمبر/كانون الأول 2020. عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي أن العمليات البرية بدأت بهدف تطهير عين عيسى تماما من الإرهاب".

كما أعلنت وحدات اللواء 142 التابعة للجيش الوطني السوري أنها "ستطهر عين عيسى من وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني ونظام الأسد وروسيا في وقت قصير". 

لقد كانت عين عيسى "تحت سيطرة وحدات حماية الشعب في الفترة التي سبقت عملية نبع السلام، لكن ومع انسحاب القوات الأميركية من المنطقة، استقرت روسيا وقوات النظام على خط الحدود"، بحسب "أورهان ودوندار".

وأضافا "لذلك هناك قواعد عسكرية تابعة لروسيا في هذه المنطقة إضافة إلى الميليشيات التابعة لنظام الأسد، ومن أجل فهم التطورات في عين عيسى، يجب تحليل دور الجهات الأجنبية وكذلك الديناميكيات المحلية"، حسبما يقول الكاتبين.

مفاوضات جديدة

واستطرد "أورهان ودوندار" قائلين: "في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، التقى مسؤولون عسكريون روسيون بممثلي وحدات حماية الشعب في القامشلي، وذكر أنه تم الحديث خلال الاجتماع عن إقامة نقاط مراقبة مشتركة لضمان الأمن في المنطقة".

أضافا أنه "في 9 ديسمبر، اجتمع مسؤولون من النظام السوري ومسؤولون عسكريون روسيون في المستوطنة الروسية في عين عيسى، وتمت دعوة عناصر من وحدات حماية الشعب أيضا لحضور هذا الاجتماع".

وبعد مفاوضات استمرت لأكثر من 3 ساعات، تم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق حول إنشاء نقاط مراقبة مشتركة سيوجد فيها عناصر من وحدات حماية الشعب في 3 مناطق إستراتيجية قريبة من المناطق العسكرية التركية.

لقد كانت "خطوة لافتة جدا من روسيا أن تجعل ممثلي وحدات حماية الشعب والنظام يجلسون على طاولة واحدة وتجعلهم يوافقون على إنشاء نقاط مراقبة مشتركة"، برأي الكاتبين.

وأردفا أن "الاقتراح الذي قدمته "روسيا" في هذه المفاوضات كان مختلفا عما قدمته سابقا، فقد تقرر انسحاب وحدات حماية الشعب من هذه المناطق واستبدالها بجيش النظام خلال الفترة التي تستمر فيها عملية نبع السلام، نتيجة هذه المفاوضات".

وأقيمت "نقاط مراقبة" مشتركة في الحسكة والقامشلي بمبادرات روسية، فيما بقي الهيكل الإداري والخدمات العامة تحت مسؤولية ما يسمى بالإدارة المستقلة، وفي المفاوضات الأخيرة، قدمت "روسيا" عرضا لوحدات حماية الشعب لتسلم سلطتها وسيطرتها على عين عيسى لإدارة النظام وجيشه "بالكامل"، وفقا للكاتبين.

وأضافا: "في البداية طلبت وحدات حماية الشعب بعض الوقت للنظر في هذا الاقتراح، لكنها رفضته في النهاية. إن روسيا تهدف إلى استغلال فرصة تزايد الضغط التركي من خلال جعل وحدات حماية الشعب تقدم المزيد من التنازلات لضمان سيطرة قوات النظام على المنطقة".

وتابعا: "لقد أرادت روسيا اتخاذ خطوة قبل اتضاح سياسة الإدارة الجديدة في المنطقة تزامنا مع الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية".

خلال ذلك، وفيما كانت الاشتباكات مستمرة في "عين عيسى" ظهرت معلومات تفيد بلقاء عسكريين من روسيا والنظام مع عناصر من وحدات حماية الشعب في مطار القامشلي في 17 ديسمبر.

عروض مرفوضة

وقدمت "روسيا" في هذه المفاوضات اقتراحا بتسليم المدينة بأكملها لحمايتها ورفع علم النظام في المنطقة، وحصر وجود وحدات حماية الشعب في المدينة لحماية الساحة الأمنية فقط. 

لكن وحدات حماية الشعب رفضت العرض الروسي للمرة الثانية، وصرحت "أمينة عمر"، الرئيسة المشاركة لـ"مجلس سوريا الديمقراطية" الذي يمكن اعتباره الجناح السياسي لوحدات حماية الشعب، أن "روسيا تمارس ضغوطا على قواتنا سوريا لتسليم عين عيسى إلى دمشق"، بحسب أورهان ودوندار.

فيما قال الممثل الأميركي الخاص لسوريا "جويل ريبور"، إن "مناطق تل تمر وعين عيسى والمناطق من عين العرب وحتى منبج ما زالت عرضة للهجوم التركي"، وفي نفس الفترة، ظهرت تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة أرسلت أكثر من 3 طائرات وأكثر من 10 شاحنات من الإمدادات العسكرية إلى سوريا عبر العراق.

ويرى الكاتبين، أنه يمكن تفسير هذا بأن الولايات المتحدة قلقة من التدخل التركي، وأن خياراتها محدودة لمنع هذا، وأنها تحاول الاستمرار في الحفاظ على قدرة التنظيم على المقاومة. لكنه ليس من المتوقع أن تتخذ "واشنطن" دورا نشطا في المنطقة حتى تتولى إدارة بايدن زمام الأمور.

كما لفتا، إلى أن نظام الأسد، يمارس الضغوط على وحدات حماية الشعب لتسليم "عين عيسى" بحجة تنفيذ تركيا لعملية محتملة في المنطقة.

وقالت مستشارة الأسد السياسية والصحفية، "بثينة شعبان"، في تقييمها للاجتماع مع وفد برئاسة وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف"، إنهم "اتفقوا على بعض القضايا المتعلقة بعلم ووحدة وسلامة أراضي البلاد مع قوات سوريا الديمقراطية، لكن قوات سوريا الديمقراطية لم توقع على الاتفاقية".

أوراق الضغط 

ويشير "أورهان ودوندار" إلى أن التطورات دفعت إلى التساؤل فيما إذا كانت تركيا والجيش الوطني السوري سيبادران إلى تنفيذ عملية جديدة شرقي الفرات، والإجابة ستكون بأن "التوتر المتمركز في عين عيسى سيستمر، لكن من غير المحتمل أن يتحول إلى عملية عسكرية واسعة النطاق كعملية نبع السلام على المدى القصير".

وشرحا ذلك بالقول: إن "القوات المسلحة التركية تقوم ببعض التحركات على الجانب التركي من الحدود. لكن وبالنظر إلى الاستعدادات الحالية مقارنة بها في العمليات سابقا يظهر أن الغرض من هذا هو إرسال رسائل فحسب".

كما أنه لتنفيذ هذا النوع من العمليات العسكرية في سوريا، يجب أن يتفق اثنان على الأقل من الجهات الفاعلة في سوريا: تركيا وروسيا وإيران والولايات المتحدة.

وأردفا: "فعلى سبيل المثال، نفذت تركيا عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام رغم اعتراض الولايات المتحدة لكنها حصلت على التشجيع الروسي أو على الأقل عدم اعتراضها على هذه العمليات".

فيما تم تنظيم عملية "درع الربيع" رغما عن روسيا وإيران، لكن بوجود الدعم الخطابي السياسي من الولايات المتحدة,

ونوها إلى أنه يمكن لتركيا والجيش الوطني السوري، أن يستمرا في الضغط على "عين عيسى" في الفترة المقبلة مما قد يعني عدة أشياء.

أولا، ردع محاولات وحدات حماية الشعب في التسلل إلى منطقة نبع السلام والعمليات الإرهابية، ثانيا، قد ترغب تركيا في استخدام وجود وحدات حماية الشعب في شرقي الفرات كورقة ضغط على روسيا كما تفعل الأخيرة بالضغط على تركيا من خلال إدلب.

ويرى الكاتبان، أنه يجب على تركيا إنشاء ممر خال من وحدات حماية الشعب، يمتد من نهر الفرات وحتى الحدود العراقية على طول الحدود السورية، لأن روسيا مسؤولة عن تطهير هذه المنطقة من وحدات حماية الشعب. ومع ذلك، لا تزال وحدات حماية الشعب موجودة في المنطقة.

وختم "أورهان ودوندار" مقالهما بالقول: "نظرا لأن موقع عين عيسى يقع على M4، فإنه يوفر طريقا لروسيا والنظام إلى القامشلي، ما يعني أن تركيا ستتمكن من امتلاك ورقة قوية في مفاوضاتها مع روسيا في حال سيطر الجيش الوطني السوري على البلدة".