فساد وانشقاقات.. كيف قلص نتنياهو فرص نجاحه حال ذهابه لانتخابات مبكرة؟

سليمان حيدر | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العديد من الأزمات التي تجعله في وضع حرج خاصة في ظل الاقتراب من الذهاب إلى انتخابات عامة هي الرابعة في أقل من عامين. 

أبرز هذه الأزمات، الاتهامات الموجهة له بالفساد والتي تسببت في خروج عشرات الاحتجاجات الرافضة له ولحكومته، فضلا عن الانقسامات الشديدة داخل حزب الليكود الذي يترأسه وخلافاته الشديدة مع حليفه في الحكومة، حزب أزرق-أبيض. 

تشير التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها الساحة الإسرائيلية إلى أن الجميع ربما يتجه إلى انتخابات مبكرة خاصة بعد موافقة الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بأغلبية 61 صوتا على القراءة التمهيدية الأولى لمشروع قانون بشأن حل الدورة الثالثة والعشرين وإقامة انتخابات مبكرة بدعم من حزب أزرق-أبيض حليف نتنياهو في الحكومة.

ويغذي ذلك أيضا الخلاف بين نتنياهو ورئيس حزب أبيض-أزرق بيني غانتس، حيث يطالب الأخير بإقرار ميزانية لعامين فيما يصر نتنياهو على إقرار ميزانية لعام واحد فقط.

كما يعني عدم توقيع نتنياهو على الميزانية المقدمة للحكومة من الكنيست قبل 23 ديسمبر/ كانون الأول حل البرلمان تلقائيا. وفي هذه الحالة لن يحتاج البرلمان إلى التصويت على القراءة الثانية والثالثة لحله. 

ونقل موقع آي 24 الإسرائيلي آراء عدد من المحللين الذين أكدوا عدم وجود أي احتمال لنجاح المحاولات لمنع الوصول إلى انتخابات جديدة ووصفوا هذه الاحتمالات بأنها "أصبحت صفرا".

وقال الموقع في 16 ديسمبر / كانون الأول: إن المستشار القضائي للكنيست أعلن أنه في حال لم يتم المصادقة على الميزانية حتى تاريخ 23 ديسمبر/ كانون الأول، سيتم حل الكنيست استنادا إلى القانون الذي أقر تمديد تمرير الميزانية حتى هذا التاريخ. 

التلاعب بالحلفاء

ينص الاتفاق الذي توصل إليه الليكود مع أزرق أبيض في مايو/أيار 2020 على جعل منصب رئاسة الوزراء بالتبادل بين نتنياهو وغانتس بحيث تكون الـ 18 شهرا الأولى من نصيب الأول ثم يحل الثاني في الـ 18 شهرا التالية.

كما ينص الاتفاق على تمرير ميزانية عامي 2020 و2021، إلا أنه بعد تشكيل الحكومة بدأ نتنياهو في المناورة والتملص من وعوده، بهدف حل الحكومة سريعا، والذهاب إلى الانتخابات في نهاية هذا العام بحيث يستبق محاكمته التي ستبدأ في فبراير / شباط 2021 بالاستماع إلى شهود الإثبات.

ونتنياهو متهم بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال في 3 قضايا فساد. وبحسب تقديرات نشرتها الصحف الإسرائيلية، يُتوقع أن تستغرق محاكمة نتنياهو ما بين عامين أو ثلاثة.

ويرى موقع ميدل إيست مونيتور أن غانتس وحزبه أزرق أبيض يشعران أن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو خدعهم عندما وافقوا على الانضمام إلى الحكومة الائتلافية قبل ستة أشهر.

لذلك صوت أزرق-أبيض لصالح حل البرلمان وألقى باللوم على نتنياهو لأنه يرفض الموافقة على ميزانية عامين. 

وأشار الموقع في تقرير في 8 ديسمبر/كانون الأول إلى تصريحات لغانتس أمام الكنيست قال فيها: "نتنياهو وعد بالوحدة؛ قال لن تكون هناك حيل وألاعيب، لكنه لا يفي بوعوده، نتنياهو لم يكذب عليّ. لقد كذب عليكم جميعا، ولم يخدعني بل خدع مواطني إسرائيل".

يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد البريطانية أورين زيف: إن "نتنياهو قاد الأحزاب الإسرائيلية، بما في ذلك شركاؤه في الحكومة والمعارضة، لاقتراح مشروع القانون، بهدف الخروج من وعوده الائتلافية، ولا سيما التناوب على رئاسة الوزراء، دون أن يلومه الجمهور الإسرائيلي".

وأكد زيف أن السبب الذي جعل نتنياهو يأخذ إسرائيل إلى ثلاث جولات من الانتخابات كان التخطيط للبقاء كرئيس للوزراء لأطول فترة ممكنة لتجنب محاكمته والزج به في السجن. 

وخلال الشهور الماضية حاول نتنياهو تعزيز موقفه وتبييض وجهه أمام الإسرائيليين من خلال صفقات التطبيع المتتالية مع دول عربية، والتي عمل عليها مع الإدارة الأميركية بعيدا عن الحكومة الإسرائيلية وخاصة وزير الخارجية غابي أشكنازي المنتمي لحزب أزرق-أبيض. 

وأشار زيف إلى أن نتنياهو يفعل كل شيء بنفسه، حتى في صفقات السلام الجديدة أو جلب اللقاح إلى إسرائيل، دون أي فريق عمل ليأخذ كل الفضل لنفسه.

وخلص التقرير إلى أن نتنياهو يقاتل للاحتفاظ بمنصبه كزعيم لليكود ورئيس للحكومة الإسرائيلية، وأنه يعتقد بأنه يدفع بنفسه بعيدا عن بوابة السجن طالما بقي في المنصب الرسمي.

ولتحقيق ذلك، لم يقم فقط بإبعاد غضب الجمهور، بل تلاعب أيضا بخصومه السياسيين حتى يصلوا بإسرائيل إلى النقطة التي يريدها وهي حل الكنيست؛ والذهاب لانتخابات عامة أخرى ثم العودة إلى نفس المنصب كرئيس للوزراء مرة أخرى.

كما أن أصوات المعارضة في إسرائيل تؤمن بأن نتنياهو لم ينو أبدا التناوب على منصب رئيس الوزراء.

وكتب المحلل السياسي الإسرائيلي يوسي فيرتر في صحيفة "هآرتس" التي تنتقد نتنياهو بشدة أن أزرق-أبيض وقع ضحية أكثر عمليات اللدغ السياسية تعقيدا على الإطلاق، والتي أدارها محتال بارع من الدرجة الأولى.

انشقاقات وتحالفات

يأمل نتنياهو من الذهاب إلى انتخابات جديدة بالحصول على عدد مقاعد أعلى داخل الكنيست مما حصل عليه في الانتخابات السابقة خاصة بعد توقيع العديد من اتفاقات التطبيع مع عدد من الدول العربية، ليتمكن من تشكيل حكومة حزبية ليستمر في منصبه.

إلا أن الخطوة التي اتخذها جدعون ساعر المنافس الأكبر والأبرز لنتنياهو داخل حزب الليكود بإعلانه الاستقالة وانفصاله عن الحزب في 8 ديسمبر/كانون الأول، زادت التحديات أمام رئيس الوزراء الحالي ووضعته في المواجهة مع الكثير من الأزمات في الوقت الذي يحاول فيه تعزيز مكانته داخل الليكود. 

وفي بيان انشقاقه عن الحزب انتقد ساعر حزب الليكود وقال: إنه "أصبح أداة للمصالح الشخصية للشخص المسؤول، بما في ذلك الأمور المتعلقة بمحاكمته الجنائية" في إشارة إلى نتنياهو. 

بعد أقل من أسبوع تلقى نتنياهو ضربة أخرى بإعلان رئيسة لجنة مكافحة كورونا في الكنيست الإسرائيلي يفعات شاشا بيتون، انشقاقها أيضا عن الليكود وانضمامها إلى حزب ساعر، وهي الخطوة التي أثارت غضب نتنياهو ليعلن عن إقالتها على الفور متذرعا بأنها تصرفت بعدم مسؤولية تجاه مكافحة الجائحة.

وأعلن ساعر في 17 ديسمبر/ كانون الأول إطلاق حزب "أمل جديد - وحدة لإسرائيل" رسميا، ليخوض به الانتخابات البرلمانية المقبلة. وساعر شغل خلال الفترة بين 2009 و2014 العديد من المناصب الوزارية.

وبحسب موقع إي 24 الإسرائيلي، سيتولى ساعر رئاسة الحزب الجديد، وسيكون مرشحا لرئاسة الوزراء فيما تتولى بيتون منصب نائب رئيس الحزب وستحتل المرتبة الثانية في انتخابات الكنيست.

ويرى محللون أن خطوة كهذه تجعل نتنياهو يمعن التفكير قبل الذهاب لأي انتخابات جديدة خاصة وأن منافسه في هذه المرة سيكون من داخل الحزب وله شعبية كبيرة ويرفض الجلوس معه في أي تحالفات قادمة بعد الانتخابات.

وتشير استطلاعات رأي نشرتها العديد من الصحف الإسرائيلية إلى تزايد شعبية حزب ساعر الذي انضم إليه كل من وزير الاتصالات يوعاز هاندل، وشريكه عضو الكنيست الحالي تسفي هاورز، بعد انشقاقهما عن حزب أزرق أبيض.

وأشار الكاتب الصحفي الإسرائيلي الشهير بن كاسبيت في مقال له بصحيفة معاريف إلى ذعر نتنياهو من انفصال ساعر. 

وقال في 8 ديسمبر/ كانون الأول: إن ساعر سيكون في وضع جيد لانتزاع الكثير من أصوات الليكود في الانتخابات المقبلة، كما يرى أنه يشكل لليمينيين بديلا لنتنياهو الذي سئموا منه. 

استطلاعات الرأي

جعلت الانقسامات والأزمات التي سببها نتنياهو، العديد من الأحزاب والتيارات المختلفة تدعو إلى الاصطفاف في مواجهته.

 كان أبرز هذه الدعوات ما أعلن عنه رئيس حزب يسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان، الذي دعا إلى تشكيل كتلة سياسية واحدة تتموضع في يمين الوسط للخريطة السياسية الإسرائيلية. 

ووجه ليبرمان الدعوة إلى كل من جدعون ساعر، وإلى زعيم حزب "يمينا" نفتالي بينيت، وإلى رئيس حزب "يش عتيد – تيلم" يائير لابيد. وأكد ليبرمان أن مثل هذه الكتلة السياسية المشتركة ستكون بديلا حقيقيا لحكومة نتنياهو.

وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، يقول مقربون من ليبرمان: إن هذا لا يعني أن القوائم الأخرى سوف تتحد في ظل حزب "يسرائيل بيتنا"، ولكن عليها وضع آلية لتحديد وترتيب الخوض المشترك للانتخابات، بطريقة يتم التوافق عليها بينهم بعد مناقشتها.

وبحسب استطلاع للرأي نشرته قناة 12 الإسرائيلية في 15 ديسمبر/ كانون الأول، يتمتع حزب ساعر الجديد بدعم كبير في شعبيته.

وبين أن حزب الأمل الجديد سيحصل على 21 مقعدا في البرلمان المكون من 120 عضوا، مقابل حصول الليكود على 27 مقعدا. 

وتوقع الاستطلاع 27 مقعدا لليكود، و 14 لحزب يائير لبيد، و13 لليمينا، و 11 لقائمة مشتركة، و8 لكل من حزبي الحريديم شاس ويهدوت هتوراة، و 6 لكل من أزرق أبيض، ويسرائيل بيتنا وميرتس.

وعلقت صحيفة معاريف على استطلاعات الرأي مؤكدة أن حزب ساعر سيؤدي إلى إضعاف قوة الليكود البرلمانية وسيقلل من فرص نتنياهو لتشكيل الحكومة.

وقالت تايمز أوف إسرائيل: إن استطلاعات الرأي إذا ثبتت صحتها، فإن ذلك سيعني أن الطريق إلى أي حزب لتشكيل حكومة جديدة سيكون صعبا إلى حد ما.

إذ إن الأحزاب اليمينية والدينية من الليكود (اليمينا وشاس ويهدوت هتوراة) سوف تشكل 56 مقعدا فقط، وكتلة يمين الوسط من (أمل جديد، يمينة، ويسرائيل بيتنا، وأزرق أبيض، ويش عتيد-تليم) ستجمع 60 مقعدا. وهناك حاجة إلى واحد وستين مقعدا لتشكيل ائتلاف.

وردا على سؤال داخل الاستطلاع حول من يعتبرونه الأكثر ملاءمة لمنصب رئيس الوزراء، قال 33 بالمئة من المستطلعين: إن نتنياهو في المرتبة الأولى، ثم جاء ساعر في المرتبة الثانية بـ 18 بالمئة، فيما حصل غانتس على 7 بالمئة. وقال 18 بالمئة آخرون: إن أيا من الرجال لم يكن لائقا لهذا الدور.