أزمة خاشقجي ليست العقبة الوحيدة.. ماذا ينتظر ابن سلمان في حقبة بايدن؟

أحمد يحيى | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في 20 يناير/كانون الثاني 2020، تنتهي ولاية الرئيس الأميركي الجمهوري دونالد ترامب، ويدخل البيت الأبيض حقبة جديدة مع الرئيس الديمقراطي جو بايدن، بدأت إرهاصاتها تظهر في الأفق.

طيلة فترة ترامب، كانت المملكة العربية السعودية من أشد حلفاء واشنطن، وأنقذت تلك العلاقة حكام المملكة، وتحديدا ولي العهد محمد بن سلمان، من مطبات خطيرة خاصة ما يتعلق بالسياسة الخارجية وملف حقوق الإنسان.

الخبراء يتوقعون من واشنطن تعاملا أكثر صرامة مع الرياض خلال حكم بايدن، وهو ما رصدته تقارير استخباراتية، عن تباين وجهات النظر بين الدولتين في عدد من القضايا، منها أسعار النفط، والملف النووي السعودي، بالإضافة إلى حرب اليمن، واغتيال خاشقجي.

أسعار النفط

لم تنس الولايات المتحدة حرب أسعار النفط التي اندلعت بين السعودية وروسيا، في مارس/ آذار 2020، وقتها رجحت وسائل إعلام أميركية أن يفرض ترامب عقوبات مدمرة على المملكة بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بصناعة النفط في الولايات المتحدة، جراء تلك الحرب. 

بعدما شنت الرياض حرب أسعار نفطية ضارية على روسيا، تضررت واشنطن بشدة، لتبدأ أزمة نفط عالمية، ما ساهم في انخفاض أسعار النفط  بنسبة 65%، وفي الأسابيع الأولى من شهر مارس/آذار 2020، انخفضت أسعار النفط الأميركي بنسبة 34%، والنفط الخام بنسبة 26%، ونفط برنت بنسبة 24%.

ومع تأزم الأوضاع، والضغط الداخلي الكبير على إدارة الرئيس ترامب، اتصل بمحمد بن سلمان، وتوعده بسحب الدعم العسكري الأميركي إذا لم تخفض منظمة "أوبك" إنتاجها النفطي.

عملاق النفط السعودي "شركة أرامكو" كان وقتها في قلب الأحداث، ووفق تقرير نشره موقع "أويل برايس" الأميركي، في 27 أبريل/ نيسان 2020، فإن "إقرار عقوبات ضد السعودية سيكون له تبعات كبيرة، وأنها ستتكبد غرامات تعادل قيمة استثماراتها في الولايات المتحدة كلها، والتي تقدر بنحو تريليون دولار، مع تجميد أموال السعودية في العالم، وملاحقة شركة أرامكو ما سيؤدي إلى تجزئتها إلى شركات صغيرة".

وفي 2 ديسمبر/ كانون الثاني 2020، نشرت مجلة "أنتليجنس أون لاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، تقريرا بعنوان "وكالة الاستخبارات الأميركية تنتظر أوامر بايدن المتعلقة بالسعودية".

التقرير أورد أنه وفقا لتقرير اللجنة الدائمة للاستخبارات بمجلس النواب الأميركي، "تم تصنيف السعودية على أنها مصدر قلق"، وأنه بعد قدوم بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، سيصبح البيت الأبيض، ووكالة الاستخبارات المركزية "يحملان نفس وجهات النظر بشأن الرياض وولي العهد محمد بن سلمان".

ووفقا للجنة الدائمة للاستخبارات بمجلس النواب، "هددت السعودية الأمن القومي للبلاد، حينما شنت حرب أسعار النفط بشكل غير متوقع في مارس/آذار 2020، حيث طلب الكونجرس من مجمع الاستخبارات تخصيص المزيد من الموارد لتعقب قطاع النفط السعودي، الذي يترأسه بشكل مباشر كل من محمد بن سلمان وأخيه غير الشقيق عبد العزيز".

 

الملف النووي

أزمة النفط ليست العقبة الوحيدة في العلاقات بين الرياض وواشنطن، بل هناك ملفات أخرى على طاولة الإدارة الأميركية الجديدة، وتسعى إلى اتخاذ إجراءات بصددها.

تسعى واشنطن إلى معرفة المزيد عن أهداف الرياض فيما يتعلق بالملف النووي،  حيث تواصل السعودية إثارة الضجيج بشأن بناء قدراتها النووية المدنية والعسكرية بمساعدة الصين.

وترتكز إستراتيجية امتلاك السعودية لتكنولوجيا نووية، مع ما أعلنه الأمير تركي الفيصل عام 2011، الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات السعودية (1977–2001)، من أن المملكة قد تنتج أسلحة نووية إذا وجدت نفسها في مواجهة نووي إيران. 

لم يكن تصريح الفيصل هو الأول أو الأخير، حيث عبرت الرياض عن موقفها من الاتفاق النووي مع إيران، بشكل أكثر حسما في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عندما قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير: إن "بلاده تحتفظ بالحق في تسليح نفسها بأسلحة نووية إذا لم يكن بالإمكان منع إيران من صنع تلك الأسلحة".

وفي 8 أغسطس/ آب 2020، نشر موقع "روسيا اليوم" تقريرا عن الشركات الصينية التي تساعد المملكة في تنظيم إنتاج اليورانيوم المخصب الذي يستخدم في تطوير أسلحة نووية، وأكدت أنه لدى السعوديين طموحات كبيرة لتطوير الطاقة النووية في بلادهم.

كانت هذه إحدى أكثر نقاط القلق بالنسبة لواشنطن، فبالإضافة إلى الخشية من اشتعال سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، فإن دخول الصين كضامن وداعم للرياض في هذه المسألة حدث لا يمكن تجاوزه أو التغاضي عنه. 

وهو ما أكدته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في 6 أغسطس/ آب 2020، مع كشفها عن مخاوف واشنطن بشأن البرنامج النووي السعودي، والحجم الفعلي للأنشطة الرامية لتطوير أسلحة نووية.

وأكدت الصحيفة أن "وكالات المخابرات الأميركية تحقق في الجهود التي تبذلها السعودية لتعزيز قدرتها على إنتاج الوقود النووي الذي يضع المملكة على أول طريق تطوير الأسلحة النووية". 

خبرة الصين

كما كشفت "نيويورك تايمز" عن أنشطة الإدارة الأميركية عندما أوردت: أن "وكالات التجسس الأميركية رصدت في الأسابيع الأخيرة الجهود الجارية داخل السعودية بالتعاون مع الصين، لبناء قدرة صناعية على إنتاج الوقود النووي".

وأضافت: أن الوضع "أثار مخاوف مسؤولين أميركيين بشأن وجود جهود سعودية، صينية سرية لمعالجة اليورانيوم الخام في شكل يمكن تخصيبه لاحقا". 

تعمل واشنطن على منع السعودية من تطوير مساعيها نحو امتلاك سلاح نووي، وفي 13 فبراير/ شباط 2019، قدم أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قرار يطالب بأن "ينص أي اتفاق لتبادل التكنولوجيا النووية الأميركية مع السعودية على منع المملكة من صنع سلاح نووي".

وبموجب القرار، يتم منع السعودية من تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم الذي تنتجه المفاعلات، وهما الوسيلتان المستخدمتان في صنع أسلحة نووية. 

تصاعد الموقف الأميركي، أدى إلى تكثيف التعاون بين السعوديين والصينيين، ويصل الأمر إلى خطوات بعيدة، وفي 4 أغسطس/ آب 2020، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن "السعودية شيدت، بمساعدة شركتين صينيتين، منشأة لاستخراج ما يعرف بـ (كعكة اليورانيوم الصفراء) التي تستخدم وقودا للمفاعلات، مؤكدة أن هذه الخطوة مهمة للمملكة في إطار امتلاك التكنولوجيا النووية".

ووفق تقديرات وكالة الاستخبارات الأميركية، التي تتبع السعودية في عدد من القضايا الشائكة، فإن إدارة بايدن "ستعمل على متابعة هذا الملف وكبح جماح الرياض المتطلعة إلى إنجازه". 

حرب اليمن 

تقرير اللجنة الدائمة للاستخبارات بمجلس النواب الأميركي، الذي صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، دعا إلى "التوقف عن تقديم الدعم الاستخباراتي للسعودية في الحرب على اليمن، بموجب شروط اتفاقيات التعاون التي تم التفاوض عليها في عهد أوباما من قبل أشخاص تم تعيينهم حاليا في فريق بايدن الجديد".

وفي 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، نشرت وكالة الأناضول التركية، تقريرا عن "تأثيرات فوز بايدن على مسار الحرب في اليمن"، حيث أورد أنه "ينظر إلى بايدن في اليمن على أنه مناهض لسياسات ولي العهد السعودي، خصوصا فيما يتصل بقرار حرب اليمن، الذي صنع مآس، ودفع بملايين اليمنيين إلى حافة المجاعة".

واستشهد التقرير بما أعلنته حملة بايدن ضمن برنامجه الانتخابي، أنه في حال الفوز "سنعيد تقييم علاقتنا بالسعودية، وننهي الدعم الأميركي لحرب المملكة في اليمن، ونتأكد من أن الولايات المتحدة لا تتنكر لقيمها من أجل بيع الأسلحة أو شراء النفط".

جناح واسع من أعضاء الحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى عدد متزايد من أعضاء الكونغرس، يعارضون دعم الولايات المتحدة للسعودية في حرب اليمن، التي خلفت آلاف القتلى وملايين الضحايا.

ووفق الأمم المتحدة، خلفت الحرب اليمن المستمرة منذ سبتمبر/ أيلول 2014، نحو 112 ألف قتيل، بينهم 12 ألف مدني، وبات 80% من السكان، البالغ عددهم 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، بالإضافة إلى التهجير، والتغييرات الديموغرافية، الناتجة جراء الحرب.

مقتل خاشقجي

لا شك أن جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، ستكون حاضرة بقوة في العلاقات الأميركية السعودية، خلال حقبة بايدن الذي وصف تعامل ترامب مع الواقعة بأنه أمر "مخجل وخطير".

وفي 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، أدلى بايدن بتصريح لمجلة "ماذر جونز" الإخبارية، قال خلاله: "يا إلهي! إنه يختلق الأعذار.. على أية حال هل أنتم تعرفون ذلك التعبير: لا تحضر سكينا إلى قتال بالبنادق؟".

وأضاف: "حسنا لا تحضرون منشار عظم إلى الشجارات. ماذا يجري هنا؟ إنه لأمر مخجل، بل حتى خطير أيضا. هم يقوضون سمعتنا الأخلاقية في جميع أنحاء العالم".

وفي 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أوردت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، في تقريرها أن: "النواب الديمقراطيين بالكونجرس، دأبوا على مهاجمة محمد بن سلمان منذ اغتيال خاشقجي، فيما يفكر النواب الأكثر نشاطا بالفعل في فرض عقوبات اقتصادية على المسؤولين السعوديين المتورطين في الجريمة.