حال تأزم العلاقات مع بايدن.. هؤلاء أبرز المرشحين لخلافة ابن سلمان

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع إعلان فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية 2020، وقرب دخوله إلى مقر البيت الأبيض، بدأ الحديث عن سياسة مختلفة سوف يتعامل بها بايدن مع المملكة العربية السعودية، وتحديدا ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان.

تقارير إعلامية تحدثت عن اعتراض بايدن والمتحكمين الجدد في السياسة الأميركية من الديمقراطيين على جرائم ابن سلمان، لا سيما قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل نحو عامين، والتنكيل بأمراء الدولة الذين كانت تربطهم علاقات قوية بوكالة الاستخبارات الأميركية، مثل محمد بن نايف.

ورغم القبضة السلطوية المحكمة لابن سلمان، والذي يسيطر على كافة الأجهزة بما فيها الأمن الداخلي والاستخبارات، لكن المعادلة الخارجية لا سيما في واشنطن لها وقع لا يستهان به.

مستقبل البلاد بعد الملك سلمان بن عبد العزيز، هو التحدي الأبرز في السياسة السعودية وداخل البلاط الملكي، ومن هنا بدأ الحديث عن أسماء وشخصيات بديلة في حالة انسداد الأفق مع إدارة بايدن، وتأزم الوضع الداخلي والخارجي للرياض.

مستقبل مجهول

"الملك سلمان يهيئ المملكة العربية السعودية لحقبة بايدن" كان هذا عنوان تقرير مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، في عددها الصادر بتاريخ 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

المجلة قالت: "تسببت الانتخابات الأميركية في الكثير من الخلافات في أروقة القصر الملكي السعودي، حيث يفكر الملك سلمان ومستشاروه المقربون في ماهية أولى خطوات الرئيس المنتخب جو بايدن تجاه البلاد". وأضاف: "القصر الملكي ينتظر لمعرفة ما إذا كان ولي العهد محمد بن سلمان سيكون عقبة بين البلدين أم لا".

وتحدث التقرير عن تحفز النواب الديمقراطيين ضد ولي العهد، وأوضح أن "النواب الديمقراطيين بالكونجرس الأميركي، دأبوا على مهاجمة محمد بن سلمان منذ اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018، ويفكر النواب الأكثر نشاطا بالفعل في فرض عقوبات اقتصادية على المسؤولين السعوديين المتورطين في الجريمة".

وأورد: أن "الملك سلمان يستكشف الخيارات التي ستكون متاحة أمامه إذا ما قرر بايدن اتخاذ موقف متشدد تجاه المملكة، ورغم رسوخ قدم أبناء الملك سلمان، إلا أنه يمكن التضحية بالأمير محمد إذا بدا أنه يمثل عبئا على النظام في تعاملاته مع الولايات المتحدة".

وطرحت "إنتيليجنس أونلاين" في تقريرها، مجموعة من الأسماء المرشحة لخلافة ابن سلمان، منهم ولي العهد السابق ووزير الداخلية الأبرز في تاريخ المملكة الأمير محمد بن نايف، وكذلك أشقاء الأمير، خالد وتركي وعبد العزيز وسلطان.

تلك الاحتمالات التي فرضتها وعززتها المجلة الفرنسية المعنية بشؤون الاستخبارات، ليست وليدة الفترة الحالية، بل هي مستمرة منذ تورط ولي العهد السعودي في قضية خاشقجي.

كذلك سياسة ابن سلمان في استهداف كبار رجال وأمراء المملكة واحتجازهم في "الريتز كارلتون"، ما جعله عرضة لهجوم إعلامي وسياسي مستمر في وسائل الإعلام وأروقة السياسة في الولايات المتحدة وأوروبا، ليتم طرح أسماء بديلة في حالة تصاعد الأحداث.

عودة محتملة

حالة الغضب ضد الأمير الشاب رصدتها بعض وسائل الإعلام، منها وكالة رويترز، التي أكدت في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أن "بعض أفراد الأسرة الحاكمة ونخبة رجال الأعمال في السعودية عبروا عن إحباطهم من قيادة ولي العهد الأمير محمد في أعقاب أكبر هجوم على الإطلاق على البنية التحتية النفطية في المملكة".

وكذلك الباحث لدى مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية في لندن نيل كويليام، الخبير في شؤون السعودية والخليج، الذي قال: إن "هناك تقلصا في الثقة في قدرة محمد بن سلمان على تأمين البلاد، وهذه نتيجة لسياساته"، وأشار إلى أن الأمير يشرف على السياسة الخارجية والأمنية والدفاعية.

وواحدة من أكثر الانتقادات التي وجهت إلى محمد بن سلمان، عندما أزاح الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد ووزارة الداخلية، وكان للأخير خبرة لنحو 20 عاما في المناصب العليا بالوزارة التي كانت مسؤولة عن الشرطة المحلية والاستخبارات.

"ابن نايف" الذي كان واحدا من المقربين إلى البيت الأبيض، وكذلك وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، تم التنكيل به وبمستشاره السابق سعد الجابري، الذي يعيش حاليا في المنفى بكندا.

في 16 يوليو/ تموز 2020، طالب النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا فرانسيس روني بضرورة معرفة مكان ولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نايف فورا وما إذا كان آمنا.

وغرد على تويتر قائلا: "محمد بن نايف عمل بشكل بناء مع الولايات المتحدة لسنوات عدة، وكان له دور فعال في توفير معلومات لمكافحة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001".

ولعل تلك الخبرة القديمة لابن نايف، تجعل اسمه ضمن دائرة احتمالات لعب دور في مستقبل الحياة السياسية السعودية في المرحلة القادمة، رغم التنكيل به واختفائه، أو تحديد إقامته.

وفي يوليو/ تموز 2020، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن "الأمير محمد بن نايف الذي كان في الماضي مرشحا لتولي العرش يواجه عقوبة السجن مدى الحياة، وصولا إلى احتمال الإعدام".

 

أمير صاعد 

ليس ابن نايف وحده الذي يراه ابن سلمان مهددا لعرشه المنتظر، بل هناك حلقة أخطر داخل عائلته ومن أشقائه المقربين، فعندما تم استدعاء شقيقه الأمير خالد من الولايات المتحدة حيث كان يشغل منصب سفير المملكة في واشنطن، إلى بلاده للقيام بدوره كنائب لوزير الدفاع، لم يحبذ الملك سلمان تلك الخطوة بحسب تقارير إعلامية.

ابن سلمان استدعى أخاه خالدا حينها، ليصبح نائبا لوزير الدفاع، في 23 فبراير/ شباط 2019، وكان الملك يود أن تستمر إقامة خالد الرسمية في واشنطن لمواصلة عمله في تعزيز العلاقات الثنائية.

ابن سلمان كان مستمرا في عمليات التطهير ضد الأمراء، لترسيخ ولايته للعهد في ظل جدليات كثيرة عن طريقة إدارته للبلاد، أما خالد المحبوب في الأوساط الصناعية الأميركية، تم الحديث عنه عدة مرات كبديل لمحمد في ولاية العهد، وعندما أدرك الأخير الخطر الذي يمثله ذلك الطرح، وضع خالدا تحت عينه في الرياض.

ويتمتع خالد بعدة مميزات، أهمها درجات التعليم العالية التي حصل عليها في الداخل والخارج، حيث تخرج من كلية الملك فيصل الجوية بالرياض، وحضر الملك سلمان (كان حينها وليا للعهد) بنفسه حفل تخرجه.

انضم بعدها إلى القوات الجوية الملكية السعودية، وتلقى تدريبه الأول في قاعدة راندولف الجوية في سان أنطونيو، بولاية تكساس، وتلقى التدريب المتقدم في قاعدة كولومبوس الجوية في كولومبوس بولاية ميسيسيبي.

كما درس خالد الحروب الإلكترونية المتقدمة في فرنسا، وتقدم للدراسات العليا في جامعة جورجتاون للحصول على درجة الماجستير في الآداب في تخصص الدراسات الأمنية، وحالت انشغالاته بالمناصب التي تولاها دون استكمال الدراسة.

عمل خالد بن سلمان طيارا لطائرة من طراز (F-15)، وضابط استخبارات تكتيكي في القوات الجوية الملكية السعودية، وقام بالعديد من المهام القتالية الجوية، في القوات الملكية السعودية، كجزء من حملة التحالف الدولي ضد "تنظيم الدولة" في سوريا وكجزء من عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن.

أسماء مطروحة

بعد أيام من مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وفي تقرير مطول بعنوان: "ولي العهد محمد بن سلمان زعيم القبيلة المسيطر في بيت آل سعود"، طرحت صحيفة "واشنطن بوست الأميركية" في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، مجموعة من التساؤلات عن بدائل ابن سلمان، المحتملين.

محور هذه التساؤلات انحصر في، هل سيبقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أم سيرحل؟ وهل سيتم تقييد سلطته بطريقة أو بأخرى من قبل والده الملك، أو عبر إجماع جزئي من الأسرة الحاكمة؟ أم سيصمد هو والمملكة أمام العاصفة ويعبرها دون أضرار كبيرة؟.

لكن بعد سنوات خفتت بعض الأسماء وظهرت أخرى، ولكن القطاع الأهم في الأسماء المطروحة كبدائل لمحمد بن سلمان في حالة تأزم الأوضاع كانت من بيت الملك سلمان نفسه وأسرته. 

وبخلاف خالد، يأتي تركي الابن الثاني في ترتيب أبناء فهدة بنت فلاح بن سلطان آل حثلين، الزوجة الثالثة للملك سلمان، ويتميز بنشاطه الواسع في الأعمال التجارية، ويتشارك في ذلك مع أخيه سعود، الابن الوحيد للملك من زوجته الثانية سارة بنت فيصل السبيعي.

كذلك يأتي سلطان وعبد العزيز وفيصل، أبناء زوجة الملك الأولى سلطانة بنت تركي السديري، وهم مقربون أيضا من القصر الملكي كون أمهم من السديريين النافذين داخل آل سعود.

وينشغل عبد العزيز بالمصدر الرئيسي لإيرادات البلاد من واقع عمله كوزير للنفط، أما فيصل، فأسس شركة "جدوى للاستثمار" و"المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق"، ويشغل حاليا منصب أمير منطقة المدينة المنورة.

تلك قائمة من الأسماء المحتمل أن تلعب دورا مهما في مستقبل النظام السياسي السعودي الذي هو طور التشكيل منذ صعود الأمير محمد إلى منصب ولي العهد وهو يمثل الجيل القادم بعد شبه انتهاء جيل أبناء مؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود، مع ترجيح أن آخر من سيحكم من أبناء الملك الراحل عبد العزيز بشكل مباشر هو الملك الحالي سلمان، وبعده سيبدأ حكم الأحفاد.