حكومة جديدة.. هل يحقق الرئيس تبون رغبة الجزائريين فور عودته؟

وهران - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان، أن الرئيس عبد المجيد تبون سيعود خلال أيام بعد إنهائه رحلة علاجية بألمانيا دامت أكثر من شهر. 

وقالت الرئاسة: إن تبون "غادر المستشفى المتخصص بألمانيا، ويطمئن السيد الرئيس الشعب الجزائري بأنه يتماثل للشفاء، وسيعود إلى أرض الوطن في الأيام المقبلة".

بيان الرئاسة لم يقدم تفاصيل أكثر بشأن المكان الذي يقضي فيه تبون فترة النقاهة، أو تاريخا محددا لعودته إلى البلاد، لكنها أججت النقاش من جديد حول مستقبل البلاد.

ومع الحديث عن العودة المرتقبة للرئيس تبون فإن كثيرين يرونها فرصة تاريخية لإصدار تبون قرارات مهمة واتخاذ إجراءات تحسن من الأداء الحكومي بشكل عام وتمس حياة المواطنين بشكل خاص.

تغيير اقتصادي

لم يرسم معهد "بروكنجز" الأميركي صورة مشرقة عن الوضع في الجزائر، وهو يشدد على ضرورة منح الأولوية للتغيير الاقتصادي في خضم جائحة كورونا والأزمة السياسية.

رأى المعهد في مقال، نشر على موقعه في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أن مع مساحة مالية محدودة لتغطية النفقات الحكومية وتمويل المشاريع الوطنية، لا خيار للدولة سوى الحد من النفقات ومراكمة دين داخلي أكبر بتمويل من مصرفها المركزي. 

وتعتقد الباحثتان نجلاء بن ميمون، وياسمينة أبو زهور، أن اقتران هذا الأمر بالأزمة السياسية الجارية، "سيؤجج على الأرجح المزيد من الاضطراب السياسي". وفي وسع النظام معالجة هذا الأمر بشكل مؤقت عبر السعي إلى الحصول على قروض طويلة الأجل من مقرضين خارجيين. 

لكن الباحثتين، جزمتا بأن الخطوة مستبعدة لأن النظام تفادى بيع الديون في الخارج منذ العام 2005 بسبب تجربتها السلبية التي عانتها عندما اقترضت من صندوق النقد الدولي في التسعينيات واضطرت إلى إعادة هيكلة ديون أجنبية بقيمة مليارات الدولارات.

ولتحقيق تغيير طويل الأمد، ينبغي على الدولة الجزائرية منح الأولوية للإصلاحات العميقة التي تعيد تأهيل الاقتصاد بعيدا عن الاتكال على النفط والغاز، وفق المقال. 

وتوازي صادرات الجزائر غير الهيدروكربونية نحو 2 في المئة من مجموع صادراتها، مما يعني أنها من أكثر الدول اتكالا على الهيدروكربون في العالم. لكن تبعا لصندوق النقد الدولي، ستستنفد الجزائر احتياطها الحالي من النفط والغاز بحلول أواسط ثلاثينيات هذا القرن وخمسينياته على التوالي.

قانون المالية

في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، صدق البرلمان على قانون المالية لعام 2021، وينتظر توقيع رئيس الجمهورية كمحطة أخيرة لدخول حيز التنفيذ في يناير/ كانون الثاني 2021، لسنة مالية تعد الأكثر صعوبة بسبب تبعات كورونا وانهيار أسعار النفط.

وحسب خبراء، فإن قانون الموازنة العامة الجزائري لعام 2021، تضمن عجزا تاريخيا فاق 22 مليار دولار، بسبب الأزمة المزدوجة لكورونا، والانهيار العالمي لأسعار النفط. ومنذ الأزمة النفطية عام 2014، راوح عجز الموازنة العامة للجزائر بين 13 إلى 17 مليار دولار.

وتوقعت موازنة الجزائر، بلوغ نسبة نمو الاقتصاد خلال 2021، بنحو 4 بالمئة، بعد توقعات بانكماش 4.6 بالمئة، وفق توقعات إقفال السنة الجارية، فيما تشير نسبة التضخم للعام المقبل 4.5 بالمئة.

ومع عودة تبون المرتقبة ينتظر المواطنون إنهاء ملف فتح الحدود وتعليق النقل الجوي، حيث تتعالى مطالب من أحزاب ومنظمات لعودة الملاحة الجوية من أجل إنهاء معاناة عالقين في الداخل والخارج.

فرصة تاريخية

عدد من وسائل الإعلام عبرت عن نبض الشارع الجزائري، وتحدثت عن تعديل حكومي وضخ دماء جديدة في مراكز صنع القرار، معتبرة أن "الوضع يستدعي إجراء تغيير حكومي بعد عودة الرئيس من ألمانيا".

ورأى مراقبون أنه من الأهمية إعادة تشكيل حكومة توافق نظرا لوجود وجوه استفزازية في الحكومة الحالية ساهمت في تنفير المواطن بتصريحات غير مسؤولة.

وذهب آخرون إلى وصف كل هذه الانتظارات التي يعلقها الجزائريون على عودة تبون، بـ"الفرصة التاريخية" التي ستتاح للرئيس لإعادة تصحيح المسار ‏واسترجاع ثقة الشارع، الذي يعتبر المسؤولين الحاليين وجها جديدا للسلطة، فهل يستغل تبون الفرصة؟.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة عنابة بالجزائر، فؤاد منصوري، قال: إن التعديل الحكومي هو عملية طبيعية فيما يخص الحكومات في أي دولة، تدخل في ديناميكية العمل الحكومي، مشددا على وجود بعض الوزراء الذين تحوم حولهم عدد من علامات الاستفهام بسبب مردوديتهم التي لا تتناسب مع الانتظارات والتطلعات.

وأكد منصوري في حديثه مع "الاستقلال"، أن الرئاسة ستنحو في هذا التوجه، إذ إن هناك إرادة تتماشى مع هذه الانتظارات، فيما يخص التغيير في بعض الوزارات. 

وذكر أستاذ العلوم السياسية، وزارتي الثقافة والرياضة، وأيضا وزارة الصناعة التي يلف إنجازاتها "المماطلة والغموض" فيما يخص الكثير من المهمات، تحدث الخبير أيضا عن وزير الطاقة الذي كان أداؤه الحكومي دون التوقعات. 

لم ينف منصوري وجود غضب بين النخب وفي الشارع الجزائري من أداء عدد من الوزراء، وهو ما يجعل التعديل مطلبا ملحا، مرجحا الاستجابة إليه فور عودة الرئيس. 

واعتبر خبير العلوم السياسية، أن الموسم الفلاحي في الجزائر، أنقذ الاقتصاد الوطني من تبعات الجائحة التي ألحقت الضرر بالدول الكبرى كما المتوسطة. 

ووصف منصوري الموسم بـ"الجيد" إذ وصلت إنتاجيتهم إلى 25 مليار دولار، وهو ما يلفت إلى ضرورة الاستثمار في هذا القطاع باعتبار الجزائر بلدا فلاحيا وزراعيا بامتياز، يمكن أن يسد الاحتياج المحلي كما يمكنه أن يكون مدرا للعملة الصعبة، وفق الخبير.