أزمة اقتصادية خطيرة في البحرين.. هل التطبيع مع إسرائيل هو الحل؟
.jpg)
منذ سنوات، تعاني ميزانية البحرين عجزا مزمنا، تفاقم هذا العام مع تفشي فيروس كورونا ليضيف مزيدا من الأعباء على أصغر اقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي.
وبسبب كورونا، تضاعف العجز في موازنة 2021 بنسبة 99.8 بالمئة عن المقدر بالعام 2020 للسنة العاشرة على التوالي.
واعتمدت الحكومة البحرينية، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، الموازنة العامة للسنة المالية 2021، بعجز كلي 1.276 مليار دينار (3.4 مليارات دولار)، وبذلك يرتفع العجز الكلي بموازنة البلاد خلال العام المقبل بعد أن بلغ في عام 2020 نحو 708 ملايين دينار (1.88 مليار دولار).
وفي 27 سبتمبر/ أيلول 2020، أظهرت البيانات انكماش الاقتصاد البحريني 8.9 بالمئة على أساس سنوي في الربع الثاني من العام وتراجع أنشطة الفنادق والمطاعم 61.3 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بينما توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد البحرين 4.9 بالمئة خلال عام 2020.
كما أظهرت البيانات تراجع الاقتصاد غير النفطي 11.5 بالمئة، رغم نمو قطاع النفط 3.2 بالمئة بالأسعار الثابتة، باعتبار أن البحرين منتج صغير ولا تخضع لتخفيضات أوبك.
ولجأت الحكومة البحرينية إلى التوسع في الاقتراض الخارجي لسد عجز الموازنة العامة للدولة؛ ما أدى إلى تفاقم حجم الدين الخارجي إلى نحو 15 مليار دينار بحريني (39.76 مليار دولار).
تداعيات الأزمة
ووفقا لشركة "أرقام كابيتال"، قد تحتاج المنامة إلى جمع ما يصل إلى مليار دولار في النصف الثاني من العام 2020 لسد احتياجاتها.
ومن المتوقع أن تنخفض الإيرادات الحكومية بنسبة 8.5 بالمئة في عام 2020 مقارنة بنسبة نمو بلغت 2.5 بالمئة في عام 2019، ما سيرفع إجمالي الدين إلى 103 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.
ودفعت أزمة كورونا البحرين في 20 أبريل/ نيسان 2020 إلى تخفيض ميزانية المصروفات التشغيلية للوزارات والجهات الحكومية، الخاضعة وغير الخاضعة للأنظمة المركزية، بنسبة 30 بالمئة، لمساعدة البلاد على اجتياز تداعيات تفشي فيروس كورونا.
كما اضطرتها إلى العمل على إعادة جدولة عدد من المشاريع الإنشائية والاستشارية، لاستيعاب المصروفات الطارئة والمستجدة، للتصدي لمنع انتشار كورونا، ضمن سقف ميزانية المصروفات العامة للسنة المالية 2020.
ويرى الخبير الاقتصادي، عمر العبيدلي، أن الدين العام لدى الاقتصاد البحريني سيرتفع بشكل حاد بسبب جهود مكافحة جائحة الكورونا في المجالين الصحي والاقتصادي.
وأضاف العبيدلي، لـ"الاستقلال"، أن من أهم تداعيات هذه المؤشرات هو الحاجة لوضع خطة منهجية لخفض الدين العام، بعدما تتم السيطرة على الأزمة، وأن تكون هذه الخطة مبنية على الظروف الاقتصادية الجديدة التي تمثل الحياة ما بعد الكورونا.
وكانت البحرين أكثر دول الخليج العربي تراجعا في الاحتياطيات الأجنبية خلال الفترة منذ بداية العام حتى النصف الأول 2020، حيث تراجعت بنسبة 53.3% لتبلغ نحو 1.58 مليار دولار.
كما شهدت الشركات البحرينية خسائر ضخمة، حيث أظهرت نتائج شركة الإثمار القابضة، تسجيل صافي ربح لفترة التسعة أشهر المنتهية في 30 سبتمبر/ أيلول 2020، بلغ 8.78 ملايين دولار بنسبة انخفاض 54 بالمئة مقارنة بصافي ربح بلغ 18.89 مليون دولار سجل في الفترة نفسها من عام 2019.
في السياق ذاته أعلنت مجموعة بنك المؤسسة العربية المصرفية، والتي يقع مقرها الرئيسي في البحرين، عن النتائج المالية لفترة التسعة أشهر للعام الحالي، حيث حقق البنك صافي خسائر بلغت 56 مليون دولار خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2020 مقارنة مع أرباح صافية بلغت 161 مليون دولار عن الفترة نفسها من العام 2019.
ضغوط اقتصادية
وعلى الرغم من الحديث حول التوصل إلى لقاح لعلاج فيروس كوفيد-19، فهناك نظرة تشاؤمية خلال العام القادم 2021، حيث رجحت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" انخفاض إنتاج الخام بنحو 400 ألف برميل خلال عام 2021 من نحو 7 ملايين برميل يوميا إلى 6.62 ملايين برميل يوميا أي تراجع بنسبة 5.7 بالمئة، وهو أيضا ما أكدته وكالة الطاقة الدولية.
وتنتج البحرين نحو 200 ألف برميل من النفط الخام يوميا، التي اعتمدت ميزانيتها لعام 2021 بتقدير سعر البرميل عند 45 دولارا.
ووفقا لحسابات أجرتها صحيفة الاستقلال، فإن حجم الإيرادات النفطية يبلغ نحو 3.24 مليارات دولار من إجمالي الإيرادات المستهدفة والتي تقدر بنحو 6.24 مليارات دولار، أي أن الإيرادات النفطية تمثل نحو 53 بالمئة من إجمالي إيرادات ميزانية 2021.
وفي نهاية أغسطس/ آب 2020، خفضت "فيتش" تصنيف المملكة من BB- إلى B+ مع نظرة مستقرة، فيما عدلت "ستاندرد آند بورز" نظرتها للاقتصاد البحريني من إيجابية إلى مستقرة، وذلك عقب انهيار أسعار النفط، وثبتت التصنيف الائتماني عند B+.
وأصدرت البحرين في شهر سبتمبر/ أيلول 2020، سندات وصكوك بقيمة ملياري دولار، وهي بمثابة الإصدار الثاني لمملكة البحرين خلال العام، حيث أصدرت سندات وصكوكا بنفس القيمة أيضا في شهر مايو/ آيار من ذات العام.
وقالت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020: إن مستويات الدين في البحرين ستكون الأخطر بين دول مجلس التعاون الخليجي، إذ من المتوقع أن تصل نسبة الدَّين إلى 131 بالمئة في العام 2021.
وأشار العبيدلي، أنه منذ إطلاق الرؤية الاقتصادية 2030 في عام 2008، عملت مملكة البحرين على تنويع اقتصادها وخفض الاعتماد على النفط، مضيفا بأن البحرين تمكنت من خفض اعتمادها بشكل ملحوظ خلال آخر 15 عاما.
وأكد الخبير البحريني، على أن هذه الخطط ستستمر في السنوات القادمة سواء ارتفعت أسعار النفط أو بقيت على مستواها الحالي.
سوق العقارات
وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، توقعت الشركة العالمية الرائدة في مجال الاستشارات العقارية "سَفِلز"، تراجع سوق العقارات في مملكة البحرين خلال الأشهر الـ 12 القادمة، وذلك في تقريرها الأول حول مؤشرات أداء سوق العقارات.
من جانبه أوضح رئيس شركة سَفِلز في شمال الخليج العربي، هاري جودسون ويكز، أنه على الرغم من تطبيق المملكة خلال السنوات الماضية سلسلة الإصلاحات الإيجابية لتنويع الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص والتي شملت إطلاق إستراتيجية تنمية التخطيط الوطنية 2030، إلا أن الإيرادات الحكومية لم تُفلح في مواكبة إستراتيجية التنويع الشاملة، كما أدى انتشار مرض كوفيد-19 إلى تقويض التقدم المُحرز في إطار برنامج التوازن المالي".
وقال ويكز: "على غرار المشهد الاقتصادي في البحرين، لم يكن قطاع العقارات خلال السنوات القليلة الماضية بمنأى عن الضغوط التي من المتوقع أن تستمر مستقبلا نظرا للتحديات التي تسود المشهد الاقتصادي العالمي".
تأتي تلك المؤشرات لتؤكد على ضرورة تنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن الموارد النفطية، والعمل على خلق موارد جديدة تعمل على تحفيز الاستثمار والإنتاجية، وتقديم تسهيلات للمستثمرين المحليين.
ويرى العبيدلي، أن أهم عامل داعم للاقتصاد البحريني البعيد عن النفط هو الشراكات الدولية، مشيرا إلى أن السوق المشتركة الخليجية تمنح المملكة القدرة على الاستفادة من الاقتصادات الكبيرة المجاورة، مما يحفز المبتكرين.
وأوضح أن الشراكات تضمن التداخل بين مصالح البحرين الاقتصادية والدول الشريكة، إلا أن المنامة ارتأت أن الحل الاقتصادي يكمن في التطبيع مع الكيان الإسرائيلي للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة متجاهلة الحلول الحقيقية.
وفي هذا السياق، يرى الخبير المصرفي، حسن العطار، أن من يعتقد، سواء في دول الخليج أو الدول العربية الأخرى، أن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل سوف يعود بالفائدة العلمية والاقتصادية على الدول المطبعة حيث إن الدولة العبرية متطورة في هذين المجالين "فهو واهم".
وأشار العطار، في مقالة بجريدة إيلاف، أن "الكيان الصهيوني ليس بهذا الغباء ليسمح لأي دولة عربية أن تنافسه في هذين المجالين"، مبينا أن حادثة تدمير المفاعل النووي العراقي الذي كان قيد الإنشاء في السابع من شهر يونيو/حزيران 1981 "خير شاهد على ذلك".
كما برهن على ذلك من خلال النموذج الاقتصادي المصري المطبع منذ عام 1979، والذي وصفه بأنه "لا يزال يعاني من خلل بنيوي، والدين العام به وصل إلى ما يقارب 250 مليار دولار".
وأكد الخبير المصرفي أن "الكيان الصهيوني سوف يكون هو المستفيد من التطبيع لأنه سيتمكن من الحصول على النفط الذي يحتاجه من دول الخليج، وسيفتح الأسواق الخليجية (51 مليون نسمة) المتميزة بالاستهلاك بلا قيود أو ضوابط".
المصادر
- "كورونا" ترفع عجز موزانة البحرين إلى 3.4 مليارات دولار
- انكماش الاقتصاد البحريني 8.9 % خلال الربع الثاني
- بيانات سلبية عن اقتصاد البحرين بعد التطبيع.. وتوقعات صادمة
- البحرين.. "كورونا" تخفض الإنفاق الحكومي 30 بالمئة
- ABC يـعـلـن نتـائـجـه الـمـالـية للـربـع الثالث والـتسعة أشهر
- "الإثمار القابضة" تتحول للخسائر في 9 أشهر
- سَفِلز: توقعات بتراجع سوق العقارات في مملكة البحرين خلال الأشهر الـ 12 القادمة.
- لماذا هذا التطبيع مع إسرائيل؟
- خبر سيء للخليج.. أوبك تتوقع انخفاض الطلب على النفط في 2021