وسط دعوات مقاطعة فرنسا.. لماذا قادت أبوظبي والرياض حملة لإنقاذ ماكرون؟

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ردا على الحملة التي يتزعمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضد الإسلام والمسلمين والنبي محمد، أعلنت أنظمة وشعوب عربية مقاطعة المنتجات الفرنسية، فيما أعلنت أنظمة عربية أخرى دعم ماكرون والوقوف إلى جانبه.

كانت الإمارات على رأس الأنظمة الداعمة لماكرون، حيث أعلن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد دعمه للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ودعمه للاقتصاد الفرنسي.

ونقل مركز الإمارات للدراسات والإعلام في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2020 على حسابه بتويتر أن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد أكد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه لاقتصاد فرنسا ضد الحرب الممنهجة التي يقودها تنظيم الإخوان المسلمين العالمي بمقاطعة المنتجات الفرنسية.

لم تكن الإمارات وحدها من أعلنت دعمها وتأييدها لماكرون وللاقتصاد الفرنسي، بل كانت السعودية ممن دعموا ماكرون، وحسب صحيفة لوبينيون الفرنسية فإن الرئيس ماكرون تلقى حليفا غير منتظر في الحرب على "الإسلاميين"، بعد حصوله على دعم من الرياض في إطار حملته الجارية.

وأضافت الصحيفة في عددها الصادر 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أن إعلان ذلك الدعم قد تم عبر الرئيس الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي والمستشار الديني لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

يأتي ذلك الدعم والتأييد في ظل إعلان ماكرون بأنه لن يتراجع عن نشر الرسوم المسيئة للنبي عليه السلام، ونشرت صحيفة فرانس 24 في تغريدة عبر تويتر أن ماكرون ألقى خطابا قال فيه: "لن نتخلى عن الرسوم الساخرة".

وفي تغريدته التي كتبها باللغة العربية على حسابه بتويتر قال ماكرون: "لا شيء يجعلنا نتراجع، أبدا. نحترم كل أوجه الاختلاف بروح السلام. لا نقبل أبدا خطاب الحقد وندافع عن النقاش العقلاني. سنقف دوما إلى جانب كرامة الإنسان والقيم العالمية".

أوجه الدعم

تعددت أشكال الدعم لماكرون وللاقتصاد الفرنسي، وكان أحد أشكال الدعم هو محاولة كسر حملة المقاطعة وإفساد الحملات الشعبية والرسمية لمقاطعة المنتجات الفرنسية، بغية الحفاظ على اقتصاد فرنسا من التهاوي أو حتى التراجع، وأعلن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بأنه يدعم الاقتصاد الفرنسي.

ورغم الغضب الشعبي الذي ساد العالم العربي والإسلامي تجاه الحملة الفرنسية على الإسلام، إلا أن النظام الإماراتي لم يسمح لمواطنيه حتى الآن بإعلان مقاطعة منتجات فرنسا، على خلاف عدد من الدول العريبة التي أعلنت مقاطعتها للمنتجات الفرنسية، من بينها الكويت والعراق.

أحد أشكال الدعم أيضا لماكرون هو محاولة حرف المعركة عن مسارها، وتصوير الصراع بين ماكرون والمسلمين على أنه صراع بين ماكرون وتنظيم الإخوان المسلمين، أو صراع سياسي بين فرنسا وتركيا، رغم إصرار ماكرون على دعم الرسومات التي تسيء إلى نبي الإسلام محمد عليه السلام، وفي تصريحات ماكرون ذاته الذي قال: إن "الإسلام يعيش أزمة في كل أنحاء العالم".

كان حرف مسار المعركة واضحا من قبل ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد الذي أكد لماكرون دعمه للاقتصاد الفرنسي ضد الحملة الممنهجة التي يقودها تنظيم الإخوان المسلمين العالمي.

من ذلك الدعم، الدور الذي يقوم المستشار الديني لولي عهد السعودية والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى في تأييد ماكرون وإلقاء اللائمة على المسلمين في ما آل إليه الحال من احتقان الموقف بين المسلمين وماكرون.

صحيفة لوبينيون الفرنسية، قالت: إن العيسى دعا المسلمين في فرنسا "للتقيد بقوانين الدولة"، مستنكرا في ذات الوقت "تصرفات المسلمين أو الذين يدعون أنهم مسلمون ويعطون في ذات الوقت صورة سيئة عن الدين الإسلامي عبر التطرف والتعصب والأعمال الإرهابية".

وأضافت الصحيفة أن العيسى أعرب عن معارضته لـ"استقدام الأئمة من خارج فرنسا"، مشددا على ضرورة "تدريب الأئمة داخل التراب الفرنسي، وشريطة أن تكون الخطب متوافقة مع البيئة المحلية (الفرنسية)، لأن أئمة الخارج يأتون بثقافتهم وحياتهم وفي بعض الحالات يعتبرون العادات والتقاليد جزءا من الدين وهي ليست كذلك".

حملة مسعورة

في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2020، دعت الخارجية الفرنسية الدول الإسلامية إلى عدم مقاطعة المنتجات التي تتم صناعتها في فرنسا، وقالت الوزارة في بيانها: إن "هذه الدعوات للمقاطعة لا أساس لها ويجب إيقافها فورا، وهي مثل كل الهجمات التي تستهدف بلادنا والتي تدفع إليها الأقلية المتطرفة".

 أحد أشكال دعم ماكرون من قبل أنظمة عربية تمثل في تجنيد كتاب وناشطين سعوديين وإماراتيين لثني الناس عن مقاطعة المنتجات الفرنسية، تحت مبرر أن ماكرون لم يقصد الإساءة للإسلام، أو التقليل من أهمية تلك المقاطعة.

وشن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة مضادة لدعوات المقاطعة للمنتجات الفرنسية، فقال الكاتب السعودي تركي الحمد: "نعم.. ماكرون شن حملة على الإسلام السياسي وليس الإسلام، لكن الإخوان يريدونها حملة على الإسلام ككل، في خلط واضح بين الإسلام وفكر البنا وقطب، وهذا غير صحيح.. الإخوان يريدون احتكار الإسلام ففرنسا فتحت لهم أبواب الهجرة، فكيف تتنكر لهم.. قليل من العقل".

أما الكاتب والصحفي السعودي عضوان الأحمري رئيس تحرير صحيفة إندبندنت عربية فغرد على تويتر قائلا: "تركيا هي العدو الأول للسعودية وأمنها وليست فرنسا. الرسوم المسيئة تصرف فردي إدانته هو ما يمكن فعله، وهجوم ماكرون وتصريحاته رد فعل طبيعي على جريمة وحشية ارتكبها إرهابي أهوج. مقاطعة تركيا مستمرة والذين يحاولون صرف النظر عنها وتخفيف أثرها بحرف البوصلة نحو باريس لن ينجحوا".

أما الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله فغرد قائلا: "الحملة أطلقت من قبل الإخوان المسلمين، والهدف منها المتاجرة بالدين، وليست دفاعا عنه".

في حين كتب رئيس مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة، الدكتور علي بن تميم، قائلا: "لا بل ألف لا لحملة مقاطعة المنتجات الفرنسية، لأن فرنسا سعت دون كلل ولا ملل إلى عدم الارتهان للجماعات الإسلاموية المتطرفة التي تريد احتكار الصواب ونشر الاحتراب بالزيف والسراب وفتاوى الإرهاب".

مضيفا أنه يدعم مقاطعة تركيا "التي أساءت إلى إرث الرسالة المحمدية وتراث العرب والمسلمين".

في ذلك السياق، ومحاولة منها لتقليل حجم الإساءة للمسلمين، نقلت صفحة أخبار السعودية في صفحتها على تويتر عن هيئة كبار العلماء أن الإساءة لمقامات الأنبياء والرسل لن يضرهم شيئا، وإنما يخدم أصحاب الدعوات المتطرفة الذين يريدون نشر أجواء الكراهية بين المجتمعات الإنسانية.

سر النصرة

يتساءل كثيرون ما هو سر الدعم والتأييد لماكرون رغم الحملات الشعبية الغاضبة ورغم أن هذه الأنظمة محسوبة على الإسلام.

تجيب صحيفة لوبينون الفرنسية بالقول: بأن "السعودية وقادتها مهووسون بتحسين صورتهم في الغرب، عبر إثبات تنفيذهم لإصلاحات تقدمية للحصول على دعم".

الصحيفة أضافت: "السعودية، وفي سبيل تحسين صورتها، ذهبت أبعد من ذلك، فقد أعلنت السعودية أنها ستقوم بمراجعة كتبها المدرسية، لاستبدال المحتويات المعادية للسامية، بأخرى حول التسامح الديني، والابتعاد عن تحقير اليهود في الخطب، وهو ما ظهر في خطبة المسجد الحرام بمكة، حين تحدث الإمام عن علاقات ودية للنبي مع اليهود، وهي تصريحات استغربها الكثيرون"، حسب الصحيفة.

من ناحية أخرى، فإن هذه الأنظمة التي أعلنت تأييدها لماكرون، تأخذ خطا معاكسا للموقف التركي، أي أنها أعلنت تأييدها لماكرون، نكاية في تركيا والرئيس رجب طيب أردوغان الذي يعد عدوا تقليديا للرئيس ماكرون.

تركيا تزعمت الحملة المضادة لتصريحات ماكرون، ودعا أردوغان، ماكرون إلى احترام الإسلام كدين وعدم الإساءة للمسلمين أو ربط الإرهاب بالدين الإسلامي.

وأظهر الرئيس التركي انزعاجه من تصرفات ماكرون، وشن عليه هجوما ضاريا، واتهمه بـ"الخلل العقلي"، ما أزعج ماكرون، ودفعه لاستدعاء سفير فرنسا في أنقرة.