مساعٍ مخابراتية.. هكذا يخطط السيسي لإعادة الأسد إلى الجامعة العربية

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، وفي خضم اشتعال الربيع العربي، قرر وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقدوه في القاهرة تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، كما أعلنوا فرض عقوبات اقتصادية وسياسية ضد دمشق، وحثوا الجيش السوري على عدم استخدام العنف ضد الشعب الثائر على النظام.

بعد سنوات شهدت كثيرا من التحولات في المنطقة العربية المضطربة، وعودة الأنظمة العسكرية والاستبدادية لإرهاصات التطبيع مع نظام الأسد مرة أخرى، وتحديدا من قبل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، الذي لم يأل جهدا في تذليل العقبات أمام عودة دمشق لحظيرة جامعة الدول العربية، ودعم بشار دوليا وإقليميا.

عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، ذراع السيسي الضاربة هو المكلف بملف دعم بشار، وأوردت تقارير أن عباس بدأ سعيه في النطاق العربي لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية مرة أخرى، وهو هدف إستراتيجي لنظام بشار يسعى من خلاله إلى كسب شركاء إقليميين آخرين، وإخراج العرب نهائيا من الأزمة السورية لصالحه.

مساع خبيثة

كمحاولة خلط الزيت بالماء، تبدو محاولة رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل، صعبة لإعادة دمج سوريا مرة أخرى، داخل حظيرة جامعة الدول العربية، التي تعاني من مشكلات حادة في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد تطبيع الإمارات والبحرين مع إسرائيل، ما تسبب في احتقان كبير بين الدول الأعضاء. 

في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، نشرت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، تقريرا أفاد أن " رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، تولى مسؤولية الملف السوري، بالإضافة إلى الأجندة الليبية المزدحمة بالفعل".

وأضافت: "عباس كامل عمل في الأسابيع الأخيرة على حث الدبلوماسيين المصريين بجامعة الدول العربية، على استخدام نفوذهم لتعزيز عملية إعادة دمج سوريا في الحظيرة العربية".

وأكدت: أن "هذه المبادرة جاءت في أعقاب مذكرة أصدرها كامل في نهاية يوليو/ تموز 2020، تنص على ضرورة تعزيز العلاقات بين مصر وسوريا، الحليف المحتمل في مواجهة عدائية أنقرة".

وقالت: "لاقت مبادرة القاهرة دعما في الوقت الراهن من قبل لبنان والبحرين والإمارات وسلطنة عمان، التي عينت سفيرا لها في دمشق في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2020"، بينما "تمر جامعة الدول العربية بأزمة كبيرة عقب تطبيع المنامة وأبوظبي للعلاقات مع إسرائيل". 

في 11 فبراير/ شباط 2019، صرح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قائلا: "لا يوجد توافق بين الدول الأعضاء قد يسمح بعودة عضوية سوريا التي جرى تعليقها عام 2011". 

وأردف: "أتابع بدقة شديدة جدا هذا الموضوع، لكنني لم أرصد بعد أن هناك خُلاصات تقود إلى التوافق الذي نتحدث عنه والذي يمكن أن يؤدي إلى اجتماع لوزراء الخارجية العرب يعلنون فيه انتهاء الخلاف وبالتالي الدعوة إلى عودة سوريا لشغل المقعد".

موقف السيسي

النهج السياسي المصري لدعم الأسد على خطوط دبلوماسية واستخباراتية، لم يتوقف منذ صعود السيسي إلى سدة الحكم في قصر الاتحادية بالقاهرة، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، أدلى السيسي على هامش زيارته للبرتغال، بتصريحات أكد فيها أن "الأولوية الأولى لنا أن ندعم الجيش الوطني في سوريا (قوات الأسد)".

وفي مارس/آذار 2015، أثناء عقد القمة العربية بمدينة شرم الشيخ المصرية، أعيد وضع علم النظام السوري مرة أخرى على مقعدهم الشاغر، في خطوة ألغت أحقية المعارضة بمقعد جامعة الدول العربية، بعد أن تسلمته عام 2013.

تلك الخطوة بقيادة السيسي، أتت منسجمة مع مواقف العراق والجزائر وسلطنة عُمان ولبنان الذين رفضوا منذ البداية إلغاء عضوية النظام السوري في الجامعة العربية، بعدها توالت المواقف الداعمة لنظام الأسد.

وفي 14 فبراير/ شباط 2017، نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالا للمعلق أرون كيسلر، يتحدث فيه عن العلاقة المتطورة بين مصر وسوريا، قائلا: "السيسي هو أحد القادة العرب القلائل الذين لم يخفوا دعمهم الواضح لدمشق، التي علقت الجامعة العربية عضويتها منذ عام 2011، وكانت مصر قد أعادت العلاقات مع سوريا بعد الانقلاب على مرسي، الذي قام بقطعها، واتخذ موقفا متشددا من النظام السوري لبشار الأسد".

وذكر كيسلر: "لم يكن هذا التحول فجائيا، فمنذ وصول الجنرال عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، بعد انقلابه على نظام الإخوان، والإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013، فإنه أصدر سلسلة من التصريحات، وقام ممثلوه في الأمم المتحدة بتحركات أغضبت حلفاءه السعوديين، الذين دعموا انقلابه بأكثر من 25 مليار دولار".

وفي 28 سبتمبر/ أيلول 2019، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر لحظة لقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بوفد الحكومة السورية في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ويبدو في الشريط المصور، "أبو الغيط وهو يقترب مندهشا من الوفد السوري الذي ضم وزير الخارجية وليد المعلم، ونائبه فيصل المقداد، والمبعوث السوري إلى الأمم المتحدة بشار الجعفري".

وقال أبو الغيط مخاطبا الوفد: "قولوا لي يا أخي مساء الخير يعني مش معقول، فرد عليه وليد المعلم بكلمة ليه؟، ليتقدم أبو الغيط مصافحا وزير الخارجية السوري، ونائبه فيصل المقداد، قائلا: أنا بفرح جدا لما بشوفكم".

وفي 27 مارس/آذار 2020، أجرى ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، اتصالا هاتفيا مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، أكد فيه "دعم بلاده للشعب السوري في هذه الظروف الاستثنائية"، مشددا على أن "سوريا لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة".

السعودية و"قيصر"

السعودية من أشد أعضاء جامعة الدول العربية معارضة لنهج السيسي والإمارات في ملف سوريا، وهي العقبة الكبرى التي تمنع إعادة دمج دمشق في الجامعة لرفضها تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد.

في مارس/آذار 2019، أعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير أنه "لا تغيير في الموقف السعودي بشأن فتح السفارة في دمشق، كما أن إعادة سوريا للجامعة العربية مرهونة بالتقدم في العملية السياسية".

ليست السعودية وحدها هي من تقود محور الرفض لعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، فهناك قطر والكويت، الذين يرون أن الوقت لم يحن بعد، وأنه ثمة شروط ينبغي على النظام الأخذ بها قبل ذلك.

الأبعاد الإقليمية، لم تكن فقط هي الحائل الأوحد أمام مخطط السيسي لإعادة بشار الأسد إلى جامعة الدول، فهناك قانون "قيصر" الأميركي، الذي صدر في 17 يونيو/ حزيران 2020، ونص على معاقبة كل من يساند النظام السوري ويمارس أنشطة اقتصادية، سواء على مستوى الدول أو الشركات والأفراد.

وفرضت الولايات المتحدة، عقوبات على 39 شخصا وكيانا بينهم رئيس النظام السوري بشار الأسد وزوجته أسماء لحرمان حكومته من مصادر التمويل في محاولة لدفعها للعودة إلى المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة.

بعدها مباشرة هددت الولايات المتحدة، أبوظبي على وجه الخصوص، بفرض عقوبات عليها في إطار "قيصر". وأكدت واشنطن أنها تعارض الإجراءات التي اتخذتها أبوظبي للتقارب من النظام السوري، وكان ذلك بمثابة إنذار رادع للأنظمة العربية، وعلى رأسهم نظام السيسي.