خلافات متصاعدة.. هل يخلف الجبالي الغنوشي في قيادة النهضة التونسية؟

زياد المزغني | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تعيش حركة النهضة، أكبر الأحزاب التونسية والفائزة في آخر انتخابات تشريعية شهدتها البلاد في العام 2019، حراكا داخليا غير مسبوق، في وقت يستعد فيه الحزب لعقد مؤتمره الحادي عشر، والذي من المتوقع أن يشهد لأول مرة منذ تأسيسها تداولا على منصب الرئاسة.

بعد أيام من الكشف عن عريضة وقعها 100 قيادي في الحركة تطالب زعيمها راشد الغنوشي بالالتزام بموعد المؤتمر وعدم تعديل قانونها الأساسي، أعلن القيادي المستقيل من الحركة عام 2013 رياض الشعيبي عودته للنهضة.

بعدها بدأ الحديث في أروقة الحزب عن عودة الأمين العام الأسبق للحركة ورئيس الحكومة الأسبق أيضا حمادي الجبالي، الذي غادر الحركة فعليا بعد مغادرته لرئاسة الحكومة إثر اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير/ شباط 2013.

هذه العودة في هذا الوقت، تفتح الباب أمام تساؤلات عن الدور الذي قد يلعبه الجبالي في هذه المرحلة الهامة من تاريخ حركة النهضة.

عودة الجبالي

رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني، أعلن أن رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام السابق لحركة النهضة حمادي الجبالي، سيعود إلى الحركة.

وأضاف في حوار تلفزيوني مساء يوم 15 أيلول/سبتمبر 2020: "حمادي الجبالي سيعود إلى بيته الذي كان من بين مؤسسيه طيلة سنوات، لا نريد الحديث عن تفاصيل المشاورات مع الجبالي للعودة إلى النهضة، لكنها موجودة".

ويعتبر حمادي الجبالي من أبرز مؤسسي النهضة، وتولى رئاسة الحكومة في كانون الأول/ديسمبر 2011 بعد فوز الحركة في الانتخابات البرلمانية، لكنه قدم استقالته في مارس/آذار 2013، عقب رفض الأغلبية الحاكمة مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط، كما استقال من حركة النهضة عام 2014 بسبب خلافات مع قيادة الحركة.

رئيس الحركة راشد الغنوشي عبر في وقت سبق عن أمله في عودة الجبالي إلى الصف الأول بالنهضة، مشيرا إلى أنه "قائد كبير من قادة النهضة وزعيم تونسي وقاد البلاد في فترة حساسة وترك أثرا طيبا. والنهضة تتشرف بعودته إليها".

وخاض الجبالي الانتخابات الرئاسية الأخيرة لكنه لم ينجح سوى في تحصيل 7364 من الأصوات أي 0.2 في المائة فقط.

الحديث عن عودة الجبالي للحركة سبقه عودة السياسي رياض الشعيبي، المستقيل في وقت سابق من النهضة والمؤسس سابقا لحزب البناء الوطني (قام بحل نفسه في أغسطس/آب 2019).

وفي بيان وجهه للرأي العام يوم 24 سبتمبر/ أيلول 2020 على صفحته الرسمية بفيسبوك، أعلن الشعيبي التحاقه من جديد بحركة النهضة و"العمل من داخلها على ما آمنت به من مبادئ وقيم وطنية أصيلة"، وفق تعبيره.

وفسر الشعيبي، في البيان، أن قراره يأتي "بعد النداء الذي توجه به رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى قدامى المناضلين في الحركة، ممن استقالوا منها في مراحل سابقة وبعد اجتماعات عديدة جمعته به قبل هذا النداء وبعده"، مضيفا أنه لمس خلال هذه اللقاءات رغبة حقيقية في الانفتاح على كل الكفاءات الوطنية".

الفصل 31

لا يزال موعد المؤتمر العام الحادي عشر لحركة النهضة مجهولا، في ظل خلاف متصاعد داخل أروقة الحزب حول تعديل الفصل 31 من القانون الأساسي، والذي يحدد حق ترشح رئيس الحزب لمنصبه مرة واحدة فقط قابلة للتجديد.

اقتراب المؤتمر أظهر من جديد مجموعة من الخلافات المتراكمة داخل الحزب، حيث لا يزال منصب الأمين العام في الحزب شاغرا بعد استقالة الوزير السابق زياد العذاري من الأمانة العامة يوم  28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إثر خلاف حول تشكيل الحكومة بعد الانتخابات الأخيرة.

العذاري قال حينها: إنه وجد نفسه "مضطرا للتخلي عن كل مسؤولية حزبية أو حكومية لأنه غير مرتاح البتة للمسار الذي أخذته البلاد منذ مدة وخاصة عدد من القرارات الكبرى للحزب في الفترة الأخيرة".

وأضاف أنه غير مقتنع بخيارات أخذتها مؤسسات الحزب آخرها كان ملف تشكيل الحكومة معتبرا أنها "لا ترتقي إلى انتظارات التونسيين ولا إلى مستوى الرسالة التي عبروا عنها في الانتخابات الأخيرة" متحدثا أيضا عن "استعادة نفس أخطاء الماضي".

وفي 12 أيار/مايو 2020، أعلن الغنوشي حل المكتب التنفيذي الحالي للحزب، وعزمه على إدخال تحويرات على تركيبة المكتب التنفيذي استجابة لمتطلبات واستحقاقات المرحلة، إلا أنه لم يتم تشكيل مكتب جدبد إلى الآن.

وينص النظام الداخلي للنهضة على أن يقترح رئيس الحزب على مجلس الشورى أعضاء المكتب التنفيذي، بما في ذلك أمين عام ونائب أو نواب له، من بين الأعضاء الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها من هذا النظام.

الأمانة العامة

يرى محللون أن استعادة الحركة لقيادات مستقيلة منذ مدة طويلة تأتي في سياق مساعي الضغط على قائمة المئة قيادي الذين عبروا عن رفضهم التمديد للغنوشي، وأن رسالة رئيس النهضة من وراء ذلك تفيد بأن من يُرِد الخروج من القيادات، فإن هناك من يشغل منصبه.

إلا أن رأيا آخر يرى أن هناك مساعي من داخل النهضة تبحث لتقريب وجهات النظر في داخل الحزب والتوصل إلى رأي ينهي الخلاف الحاصل حاليا.

وأكدت مصادر للاستقلال مفضلة عدم الإفصاح عن نفسها، أن لقاءات متكررة جمعت حمادي الجبالي بعدد من قيادات النهضة حاملة لآراء مختلفة، وأكد المصدر نفسه أنه تم عرض منصب الأمين العام لحمادي الجبالي، مع إعطاء صلاحيات واسعة قد تمكنه من تشكيل مكتب تنفيذي يضم عددا من القيادات التي كان لها خلافات مع رئيس الحركة راشد الغنوشي.

ويضيف المصدر، من المقترحات المقدمة أن يتم تأجيل المؤتمر المزمع انعقاده  سنتين، يتم خلالها التمهيد لما بات يعرف داخل النهضة بـ"استحقاق الانتقال القيادي"، كما يتم إدخال إصلاحات داخل هياكل الحركة لتجاوز جميع المشاكل السابقة. 

وذهبت العديد من التحليلات لما يجري داخل النهضة إلى وجود محاولات للوصول إلى حلول وسطى، وأن بعض القيادات مستعدة للقبول بالغنوشي كرئيس شرفي، أي أن الغنوشي لن يخرج من الواجهة القيادية للنهضة، لكن لن يبقى رئيسا أيضا، وقد يخلفه الجبالي في منصبه، وذلك لوجود قناعات داخل النهضة بأنها قد تفقد إشعاعها الإقليمي والدولي جراء خروج الغنوشي.