حرق القرآن في شوارع السويد.. استفزاز متعمد أم حرية تعبير؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة لوموند الفرنسية الضوء على الجدل الجديد في الدول الإسكندنافية بسبب تصاعد الإسلاموفوبيا والهجوم على القرآن الكريم.

وتحدثت الصحيفة عن "متطرف" دنماركي الذي قدم طلبا من أجل التظاهر في أحياء ستوكهولم في 12 سبتمبر/أيلول 2020، ضد ماوصفه بـ "أسلمة المجتمع". 

في هذا السياق، تساءلت أنه: هل يُصرح برسم القرآن الكريم على الطريق العام باسم احترام حرية التظاهر والتعبير؟ أم يجري حظر الأمر لعدم نشوء اضطرابات بالأمن والنظام العام؟ 

وتذكر أن هذه هي الأسئلة التي وجدت أجهزة إنفاذ القانون والعدالة السويدية نفسها تواجهها منذ أن قرر المتطرف الدنماركي، راسموس بالودان، تصدير معركته إلى السويد ضد ما يسميه "أسلمة" المجتمع.

تقول الصحيفة: إنه بعد محاولته القدوم إلى مالمو في نهاية شهر أغسطس/آب، يخطط بالودان، المحامي السابق وزعيم الحزب اليميني المتطرف الدنماركي المعروف باسم "سترام كورس (الخط الصلب)" لحرق القرآن في خمسة أحياء في ستوكهولم في 12 سبتمبر/ أيلول.

وتذكر أنه في طلبه الإذن بالتظاهر، المقدم إلى الشرطة في العاصمة السويدية، والمنشور على حسابه في فيسبوك، حدد المتطرف أن "الغرض من التظاهرة كما يقول هو السخرية من الإسلام وإهانة النبي محمد" الذي وصفه بـ"الكاذب، والمستغل الجنسي للأطفال"، وفق تعبيره.

حسب الصحيفة الفرنسية لم يتم اختيار الأحياء التي تم تسميتها "غيتوهات" أو أحياء منعزلة بشكل عشوائي. وهي من بين أكثر الأماكن حرمانا في ستوكهولم، مع وجود نسبة عالية من الأصول الأجنبية والديانة الإسلامية.

استفزاز متعمد

تقول الصحيفة: إن راسموس بالودان البالغ من العمر 38 عاما قد ترك بصمته في الدنمارك من خلال نشر مقاطع فيديو على موقع يوتيوب، فهو غالبا ما يحرق المصحف تحت إهانات شبان من الأحياء الدنماركية.

بين عامي 2017 و 2019، تمت مشاهدة مقاطع الفيديو الموسيقية الخاصة به أكثر من 24 مليون مرة.

يشير التقرير أن راسموس قد أوضح لصحيفة إكسترا بلاديت مايقوم به بقوله: "نحن نفعل ذلك بشكل طبيعي للاستفزاز ولخلق صراع يظهر مدى عنف المسلمين".

كان هناك تحول دراماتيكي لما يقوم به في ربيع 2019 عندما جمع المتطرف 20 ألف توقيع وقدم قائمة للانتخابات التشريعية في 5 يونيو/حزيران.

تشير لوموند لفشله في دخول البرلمان، لكنه حصل على أكثر من 60 ألف صوت. منذ ذلك الحين، تم الحديث عن راسموس بالودان في الغالب على الجبهة القانونية. 

في يوليو/تموز من العام 2020، حُكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر، أحدها وصفته الصحيفة الفرنسية بالقاسي، بتهمة الإساءة العنصرية وتعريض حياة الآخرين للخطر.

أدان نفسه في عدة مناسبات للتحريض على الكراهية العنصرية، فدعاه الفنان السويدي دان بارك إلى مالمو. 

وكان من المقرر أن تجري المظاهرة يوم 19 أغسطس/آب بالقرب من المسج، ليس بعيدا عن منطقة روزنجارد ، التي اعتبرت لفترة طويلة رمزا لفشل سياسة الاندماج في السويد كما تقول لوموند.

لكن الهدوء عاد إلى هناك في السنوات الأخيرة ، بفضل التعبئة الهائلة في مجلس المدينة والشرطة. 

النظام العام

تقول الصحيفة: إن الشرطة نظرت بداية في السماح بالاحتجاج في مكان آخر، قبل حظره، بحجة أن التجمع "لم يكن من الممكن أن يتم بطريقة آمنة". 

وأيدت المحكمة الإدارية القرار في 28 أغسطس/آب، ووجدت أن تهديد النظام العام والأمن "خطير للغاية " لدرجة أنه تم فرض "تقييد" على حرية التجمع والتظاهر.

تذكر لوموند كذلك أنه في 29 أغسطس/آب، عبر زعيم حزب الخط الصلب، بالدوان، جسر أوريسند بين كوبنهاغن ومالمو.

رحب به ضباط الشرطة على الحدود، وأعيد إلى الدنمارك وحُظر لمدة عامين من دخول السويد، وهو قرار استؤنف حينذاك. ومع ذلك، فإن بعض مساعديه تمكنوا من الوصول. 

في منتصف النهار، أُلقي القبض على رجل في وسط المدينة بسائل قابل للاشتعال وولاعة، وقبض على آخرين وهم يركلون القرآن ويصرخون "اللعنة على الإسلام".

 بعد ذلك بقليل، حرق أفراد - مجهولون - نسخة ثانية على حافة منطقة روزنجارد.

تشير لوموند أنه في اليوم السابق، دعا القادة السياسيون والدينيون في المدينة معا، سكان مالمو إلى عدم الوقوع في فخ الاستفزاز.

وكان الإمام رمضان البوسعيدي قد حث المسلمين على "تجاهل الاحتجاج والسماح للشرطة بمعالجة القضايا القانونية".

 ولكن في وقت متأخر من بعد الظهر، اندلعت أعمال عنف في روزنجارد، حيث قالت الشرطة: إن حوالي 300 شخص كانوا موجودين. واشتعلت النيران في الإطارات ورشق رجال الشرطة بالحجارة.

حسب الصحيفة كان الحشد يهتف بشعارات معادية للسامية وقد تم اعتقال 14 شخصا، أربعة منهم فقط جاؤوا من الأحياء المنعزلة.

يشير التقرير لما قالته عمدة الحزب الاشتراكي الديمقراطي كاترين ستجيرنفيدلت جمّاح في اليوم التالي: "حصل المحرضون والكارهون على ما يريدون".

حرية التعبير

وفي السويد، يثير هذا الحادث الغضب خاصة أنه يأتي في سياق متوتر مع تفشي فيروس كورونا، والجريمة التي ارتكبتها العصابات بحق فتاة تبلغ من العمر 12 عاما، قُتلت في 3 أغسطس/آب خلال إطلاق نار في منطقة بوتكيركا بالقرب من ستوكهولم.

تشير لوموند إلى أنهم في مجال الصحافة، ينقسم المحررون حول مسألة القانون، حيث يجادل البعض بأن قرار محكمة مالمو الإدارية يشكل سابقة خطيرة تهدد بتقويض الحريات الأساسية. 

واعترض دانيال بول محرر المجلة المناهضة للعنصرية اكسبو على ما حصل وذكر بأن نهج راسموس بالودان "ليس عملا فنيا مثيرا للجدل، أو طريقة لاختبار حدود حرية التعبير، ولكنه عمل سياسي تغذيه أيديولوجية الإبادة الجماعية". 

ولفتت لوموند إلى أن المتطرف الدنماركي قد أعلن بالفعل أن القرآن سيحرق في ستوكهولم في 12 سبتمبر/أيلول، سواء حصل على تصريح أم لا.

في العاصمة السويدية ، يخشى المسؤولون المحليون والمسؤولون عن تطبيق القانون من تكرار الأحداث في مالمو.

وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين اعترف في 3 آب/أغسطس، أثناء زيارته لبرلين بما يحصل قائلا: إنه "يجد صعوبة بالغة في فهم أولئك الذين يضطرون باستمرار إلى استفزاز وإهانة وتقليل شأن الآخرين".

وأضاف متحدثا عن قرار الموافقة على التظاهرة المسيئة للإسلام، بقوله: "لسنا بحاجة إليها في بلدنا".