فشل في تمديد حظر السلاح على إيران.. هل يلجأ ترامب لـ"سناب باك"؟

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

إخفاق الولايات المتحدة الأميركية في تمديد الحظر الأممي على إيرادات السلاح إلى إيران، شكل سابقة في دبلوماسيتها الخارجية التي طالما عرفت بقوة تأثيرها على العديد من الدول الأعضاء أو دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.

الخطوة هذه أغضبت الولايات المتحدة، لا سيما بعدما خذلها أبرز حلفائها وامتناعهم عن التصويت لصالح القرار، وهم بريطانيا وفرنسا وألمانيا، فضلا عن روسيا والصين مع 8 أعضاء آخرين، ووصفت عدم تأييد الدول الصديقة بأنه "مخيب للآمال".

رفض مشروع القرار الأميركي الذي كان ينص على تمديد حظر السلاح المفروض على إيران إلى أجل غير مسمى، يعني تخفيف الحظر الأممي على بيع الأسلحة إلى إيران تدريجيا اعتبارا من أكتوبر/تشرين الأول 2020 بموجب قرار المجلس (2231) الذي اعتمد فيه الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرم في 2015.

"انتصار إيراني"

وبخصوص ما يعنيه عدم تمرير المشروع الأميركي في مجلس الأمن، قال الخبير في القانون الدولي علي التميمي، في حديث لـ"الاستقلال": إن "إخفاق الولايات المتحدة في الخروج بقرار من مجلس الأمن يمدد الحظر، يعتبر بمثابة انتصار لإيران".

وأوضح التميمي أن "إيران بعد فشل خصمها الولايات المتحدة في إصدار قانون دولي يمدد معاقبتها، بالتأكيد ستستغل ذلك ليس فقط إعلاميا، بل حتى دبلوماسيا في علاقاتها الدولية".

وأشار الخبير القانوني إلى أن "الولايات المتحدة أرادت من خلال سعيها تمديد الحظر على إيران أن تعطي العقوبات صبغة دولية كما حصل مع العراق عام 1991، لأنه حتى الآن العقوبات الموجهة لإيران هي عقوبات فردية من أميركا".

من جهته، اعتبر الدكتور عبد الله الشايجي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الكويت، إسقاط مجلس الأمن لمشروع القرار الأميركي، يمثل انتصارا لإيران وروسيا والصين، وخسارة لدول الخليج وأميركا.

وأضاف في سلسلة تغريدات على "تويتر" قائلا: "المفارقة أن دول مجلس التعاون الخليجي اصطفت مع أميركا ضد إيران مع علمهم أن روسيا والصين تعارضان موقف إدارة ترامب تمديد حظر السلاح على إيران".

في 15 أغسطس/ آب 2020 صرح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بأن "فشل مجلس الأمن في التصرف بشكل حاسم للدفاع عن السلام والأمن الدوليين لا يمكن تبريره".

وأكد بومبيو في بيانه أن "الولايات المتحدة لن تتخلى أبدا عن أصدقائنا في المنطقة الذين توقعوا المزيد من مجلس الأمن. سنواصل العمل لضمان عدم تمتع النظام الثيوقراطي الإرهابي بالحرية في شراء وبيع أسلحة تهدد قلب أوروبا والشرق الأوسط وما وراءهما".

وأضاف: أن مجلس الأمن رفض "قرارا معقولا لتمديد حظر الأسلحة المفروض منذ 13 عاما على إيران ومهد الطريق أمام الدولة الأولى في العالم في دعم الإرهاب لأن تشتري وتبيع أسلحة تقليدية، من دون قيود من الأمم المتحدة، للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن"، مشددا على أن هذا الأمر يتعارض مع رغبات عدد من الدول العربية وإسرائيل.

الرئيس الإيراني حسن روحاني، رد على بومبيو بتصريحات في اليوم التالي مباشرة بقوله: "الولايات المتحدة تلقت هزيمة غير مسبوقة في مجلس الأمن الدولي، بتعثر محاولتها تمديد حظر الأسلحة الأممي على طهران".

وأضاف روحاني في خطاب متلفز: "لأول مرة تتقدم الولايات المتحدة بمشروع قرار إلى مجلس الأمن ولا تحصل إلا على تأييد دولة واحدة هي عبارة عن جزيرة صغيرة"، في إشارة إلى الدومينيكان. بفشل مشروع القرار الأميركي ضد إيران في مجلس الأمن تكون الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد حققت نجاحا كبيرا آخر".

"سناب باك"

الرئيس الأميركي دونالد ترامب توعد في 16 أغسطس/ آب 2020 بالرد على رفض مشروع القرار بآلية أخرى. وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي: "سنلجأ إلى سناب باك". وتتيح هذه الآلية إعادة فرض كل العقوبات الأممية على إيران بدعوى أن طهران انتهكت التعهدات المنصوص عليها في الاتفاق النووي.

من جهته، رأى الخبير القانوني علي التميمي أن العقوبات المفروضة على إيران سواء على النفط والمواد والأسلحة مصدرها أميركا، أما تهديد رئيس الولايات المتحدة باللجوء إلى آلية "سناب باك" فهذه ليست من حق واشنطن بعد انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران.

وتابع التميمي قائلا: "لا بد أن نميز بين قرارات مجلس الأمن، وقرارات المنظمة الدولية للطاقة الذرية، فهناك أيضا مجموعة الـ 5+1 والالتزامات المترتبة على إيران، لكن القرارات الصادرة من الولايات المتحدة هي عقوبات منفردة ضد إيران".

ويعتقد دبلوماسيون أن المعركة الأهم ستبدأ في خلال المرحلة المقبلة، إذ إن واشنطن تؤكد أنه "من حقها تفعيل آلية (سناب باك) لإعادة فرض العقوبات".

وفي 15 أغسطس/ آب 2020 نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن مصدر دبلوماسي (لم تسمه) قوله: "هناك مسعى أوروبي يقضي بإعداد مشروع قرار منفصل لفرض عقوبات دولية على إيران فيما يتعلق بالأسلحة، ولا سيما الصواريخ الباليستية، وتصرفات إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، في محاولة لتجنب خلاف عميق بين الجانبين الأميركي والأوروبي على مبدأ سناب باك".

ويعتقد الأوروبيون أن "انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018، أفقدها امتيازات هذا الاتفاق، ومنها تحريك آلية إعادة فرض العقوبات بصورة تلقائية".

وأشار الدبلوماسي إلى أن "الجانب الأوروبي يخشى أيضا أن تؤدي الخطوة الأميركية، في حال نجاحها، إلى القضاء تماما على الاتفاق النووي، وبالتالي تحرير النظام الإيراني من التزاماته بموجب القرار 2231".

وفي السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن آلية "سناب باك" التي تطرحها أميركا غير قانونية ولا يمكن قبولها، والأميركيون يعلمون أنهم لا يستطيعون استخدامها".

وأضاف ظريف في 17 أغسطس/ أب 2020: أن "الضجيج الذي يثيره الأميركان لا يعني أنهم على حق"، مشيرا إلى أن مستشار ترامب السابق للأمن القومي جون بولتون، الذي أعلن في 8 أيار/مايو 2018 وفي ذروة الغرور، أنه دمر الاتفاق النووي وسيدمر إيران في غضون 3 أشهر، أقر بأن أميركا لم تعد عضوا في الاتفاق، وبالتالي هي لا تستطيع استخدام آلية "سناب باك".

خذلان الحلفاء

لم يكن رفض المشروع الأميركي في مجلس الأمن مجرد أمر عابر، وإنما يحمل دلالات عدة، ولا سيما بعد خذلانها من حلفائها المقربين: فرنسا، بريطانيا، ألمانيا. فلماذا خرجت هذه الدول عن الإرادة الأميركية هذه المرة، خصوصا وأن الموضوع يتعلق بخصمها اللدود إيران؟.

في هذه النقطة تحديدا، رأى الخبير في القانون الدولي علي التميمي خلال حديثه لـ"الاستقلال" أن "عدم حصول الولايات المتحدة على تأييد لمشروعها في مجلس الأمن يمثل فشلا لدبلوماسيتها الخارجية".

وتوقع التميمي أن "عصر القطب الواحد انتهى، فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تمول منظمة الأمم المتحدة بنسبة 75 بالمئة من ميزانيتها، لكن قراراتها باتت اليوم يُعترض عليها بعدما كانت سابقا لديها القدرة على فرض قراراتها السياسية".

ولفت إلى أن "فشل أميركا في إقناع بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ينبئ بالقرارات المستقبلية في مجلس الأمن، فلم تعد واشنطن كما كانت في السابق ضامنة رأي هذه البلدان، وبالتالي تكون القرارات في صالحها".

وأعرب التميمي عن اعتقاده بأن "قرارات مجلس الأمن خلال المرحلة المقبلة ستكون للأقطاب الأخرى الخاضعة للمصالح المشتركة الاقتصادية، مثل مجموعة الثمانية أو الدول العشرين الاقتصادية، كل هذه الدول سيظهر دورها مستقبلا".

من جهته اعتبر الدكتور عبد الله الشايجي في تغريداته على "تويتر" في 15 أغسطس/ آب 2020، رفض أصدقاء الولايات المتحدة تمديد الحظر على إيران، بأنه "إهانة لمكانة أميركا". 

وقال الشايجي: "مكانة أميركا تعرضت لإهانة، بعد رفض دعمها حلفاؤها من الدول العظمى الغربية في مجلس الأمن وفي حلف الناتو، (بريطانيا فرنسا وألمانيا)".

ورأى الشايجي أن معارضة روسيا والصين، وخذلانها من 13 دولة أخرى من أصل 15 دولة، يمثل رسالة مدوية ضد تمديد حظر تزويد إيران بالسلاح، مشيرة إلى أن اقتصار تصويت دولة الدومينكان مع أميركا لصالح القرار يبين "حصاد" إدارة ترامب.