قاعدة عسكرية أميركية باليونان.. لماذا افتتحت في هذا التوقيت؟

12

طباعة

مشاركة

افتتحت اليونان والولايات المتحدة في 28 يوليو/تموز، قاعدة عسكرية بحرية وجوية أميركية جديدة، بعد توقيع واشنطن وأثينا في أكتوبر/تشرين الأول 2019 اتفاقية دفاع جديدة مفتوحة، لتحديث اتفاقية عام 1990 بين البلدين.

ونصت الاتفاقية الجديدة على إقامة ثلاث قواعد عسكرية أميركية جديدة في مدن لاريسا، وألكسندروبوليس، وستيفانوفيكيو. 

بدوره، طرح مركز سيتا التركي للأبحاث والدراسات، عدة أسئلة، في محاولة لتوضيح تفاصيل الاتفاقية وأبعادها. 

ما هي نوعية القاعدة العسكرية التي أقامتها الولايات المتحدة في أليكساندروبولي (اليونان)؟

من المعروف أن الولايات المتحدة لديها أكثر من 800 قاعدة عسكرية منتشرة في جميع أنحاء العالم خارج حدودها وهذه القواعد لديها مهمات حساسة نيابة من حيث حماية الدول المتحالفة وردع الدول المعادية من خلال التدخل في الأحداث بسرعة وفعالية مع التقنيات العسكرية التي تم تطويرها وما زال.

ومن المعروف أيضا أن القواعد العسكرية نفسها تخلق أحيانا مشاكل مع الدول الحليفة بل إنها تؤدي دور "الردع" ضد الحلفاء.

تقع مدينة ألكسندروبوليس اليونانية على الحدود مع تركيا، على بعد حوالي 40 كيلومترا، وعلى الرغم من عدم وجود تفسير واضح حول تفاصيل القاعدة التي تم إنشاؤها، فمن المفهوم أن بعض العناصر العسكرية الأميركية والمروحيات، قد تم جلبها بالفعل إلى القاعدة.

ويُلاحظ أن الولايات المتحدة مهتمة بشكل خاص بميناء ألكسندروبوليس لاستخدام المنشآت العسكرية والمروحيات البحرية، وبالتالي تُبذل الجهود لزيادة سعة الميناء.

ما هي التطورات التي جرت قبل إنشاء قاعدة ألكسندروبوليس؟

تم توقيع بروتوكول إضافي بين الولايات المتحدة واليونان في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2019 لمعاهدة الدفاع والتعاون المتبادل، التي تم التوقيع عليها في عام 1990.

يهدف هذا البروتوكول إلى تحديث وتطوير المعاهدة المعنية ويقدم بعض الأحكام الجديدة في هذا السياق.

يحتوي البروتوكول على تفاصيل مهمة، منها ما يتعلق بتحديث قاعدة سودا العسكرية في جزيرة كريت في اليونان، وتجديد مطار لاريسا وتعزيز قاعدة ستيفانوفيكيو الجوية الواقعة بين فالوس ولاريسا من حيث التحصين العسكري.

النقطة المهمة في ألكسندروبوليس هي أنه من المتوقع أيضا توسيع وتحديث الميناء الرابض في المدينة. وبالتالي، من الواضح أن القاعدة العسكرية هذه لم تكن وليدة اللحظة بل عبر مفاوضات استغرقت زمنا مكن الولايات المتحدة من استخدام منشآت اليونان ومرافقها العسكرية.

ما هي خلفية تأسيس القاعدة سياسيا؟

يبدو أن العديد من القضايا برزت إلى الواجهة في الخلفية السياسية لإنشاء قاعدة عسكرية أميركية في ألكسندروبوليس، الأول هو أنها تتطلب منافسة عالمية مع روسيا.

في عالم اليوم، هناك بعض نقاط القوة التي تتنافس فيها الولايات المتحدة في مختلف المجالات من الاقتصاد إلى القضايا العسكرية، ومن التكنولوجيا إلى التحالفات السياسية.

ومن المعروف أن روسيا واحدة من الدول التي تتنافس معها الولايات المتحدة في هذا المجال خاصة بعد عام 2018، حيث تهدف واشنطن إلى السيطرة على الأحداث في المنطقة بشكل أكثر فعالية.

في هذا السياق، تحاول الولايات المتحدة زيادة وجودها في منطقة الشرق المتوسط ​​وخاصة في بحر إيجة.

النقطة الثانية هي أن اليونان فشلت بالحصول على ما تريده من تركيا عبر الاتحاد الأوروبي، وبالتالي كان لا بد من التقارب مع الولايات المتحدة لتحقيق هذه الرغبات خاصة فيما يتعلق بأنشطة أنقرة في شرق المتوسط من حفريات وعمليات تنقيب عن الغاز والنفط وخلافهما فتح المجال وبقوة إلى البحث ومن ثم إيجاد بديل.

خاصة وأنه بين الفترة والأخرى تتوتر العلاقات بين واشنطن وأنقرة ما عزز من هكذا فرصة بين أثينا والولايات المتحدة.

وهذه النقطة بالتحديد سهلت هذه المسألة بالنسبة للولايات المتحدة التي تعترض في حقيقة الأمر على أنشطة تركيا في المتوسط، ومن ذلك الاتفاق البحري بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني الليبية، حيث حظرت واشنطن على شركات تتخذ من أميركا مقرا لها، أنشطة البحث عن الموارد الطبيعية في جميع أنحاء جزيرة قبرص.

ما هو الوضع القانوني لإنشاء القاعدة؟

وفقا لقواعد القانون الدولي، فإن هذا الأمر متاح ولا مشكلة في أن تمتلك الدولة جنودا أو قوات مسلحة مؤقتة أو دائمة أو تنشئ قواعد عسكرية مؤقتة أو دائمة على أراضي دولة أخرى بموافقة صريحة من تلك الدولة.

حتى المعاهدة التأسيسية لحلف شمال الأطلسي، التي أنشئت لأغراض الدفاع، تشجع مثل هذا التعاون العسكري بين الدول الأعضاء.

ومع ذلك، فإن نزع سلاح بعض المناطق بترتيب أكثر تحديدا قد يخلق استثناءات لهذه القاعدة العامة، ما يدفعنا للحديث عن محادثات معاهدة لوزان وما يتعلق بمدينة ألكسندروبوليس، التي نوقشت مسألة تجريدها من السلاح بشكل مكثف، وهي مسألة أمن قومي لتركيا نظرا لقربها الجغرافي الشديد من حدود الأخيرة. 

ولوحظت هذه الحساسية أيضا في اللوائح الصادرة في عامي 1913 و1914 فيما يتعلق بجزر بحر إيجة الشرقية، حيث اشترطت (تركيا) نزع سلاح هذه الجزر وفقا المادة 12 من اتفاق لوزان. 

بالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 13 من معاهدة لوزان ما يلي فيما يتعلق بنزع السلاح: "من أجل الحفاظ على السلام، لن تنشئ الحكومة اليونانية أي قاعدة بحرية ولن يتم تحصينها في ليسبوس وخيوس وساموس وجزر نيكاريا واليونانية والطائرات الحربية وغيرها من الطائرات.

وتابعت: "سيتم حظر الطيران على الأراضي الواقعة على الساحل الرئيسي وسينتشر عدد مناسب من عناصر الدرك والشرطة في أراضي اليونان".

وأخيرا، مع المادة الخامسة عشر من معاهدة لوزان، تُركت جزر جنوب شرق بحر إيجة المعروفة بجزر أونيكسا تحت السيادة الإيطالية، وينبغي افتراض أن هذه الجزر ستبقى غير مسلحة على النحو المنصوص عليه في لوائح 1913-1914.

ما هي الآثار المترتبة على تركيا جراء الإقدام على هذه الخطوة؟ 

من الواضح أن أنقرة منزعجة لحدوث مثل هذا التعاون الثنائي بين واشنطن واليونان سيما وأن الولايات المتحدة عضو في حلف شمال الأطلسي بالإضافة إلى تركيا على عكس اليونان المنسحبة من الحلف.

ومع ذلك، أقامت الولايات المتحدة قواعد عسكرية في ألكسندروبوليس، وفي الحقيقة تركيا ليست منزعجة من القاعدة بقدر ما هي منزعجة من الموقف الأميركي ذاته.

ومن الطبيعي أن التوترات في بحر إيجة وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​بين تركيا واليونان، تشي بأن علاقة الولايات المتحدة مع أثينا، وخاصة تطوير التعاون العسكري لها مدلول واحد وهو أن هذا التحرك قد يشير إلى أن لدى أنقرة حقوق من المهم أن تصغي إليها اليونان.

ولا شك أن تجربة تركيا مع إسرائيل وعلاقات الأخيرة مع الولايات المتحدة والقرارات الدولية المتخذة وإصرار أنقرة على التمسك بحقوقها يصب في هذا الاتجاه.