هل يحرك "كورونا" ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي؟

12

طباعة

مشاركة

ناقشت صحيفة ميلييت التركية، فكرة انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي من عدمه في الوقت الراهن؛ خاصة بعد أن كان أداء الاتحاد باهتا في ملف أزمة كورونا.

وبعد أن تمتعت أنقرة بصلابة في محاربتها للوباء على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي بل وباشرت في إرسال شحنات من المساعدات الطبية إلى عدد من الدول منها أعضاء في الاتحاد الأوروبي، عادت للصورة مرة أخرى النقاشات المتعلقة بهذا الملف مرة أخرى. 

وأدى تفشي الفيروس التاجي إلى تقييمات جديدة للتغييرات المحتملة في السياسة الخارجية التركية، كما هو الحال في العديد من المجالات، وأحد الموضوعات التي تمت تغطيتها في بداية هذا التقييم هو مستقبل علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي.

ووافق في مايو/أيار مناسبة "اليوم الأوروبي" وكان السؤال الأكثر تكرارا خلال هذا اليوم "هل ستكون تركيا ضمن الاتحاد الأوروبي، أم ستبقى خارجه؟!".

وهذا السؤال بحسب الكاتب في "حرييت" سامي كوهين، أتى بظروف غير طبيعية هذه المرة، حيث جائحة كورونا التي ما زالت تهدد الدنيا، كما ركزت المناقشات على نوع السياسة التي يجب على أنقرة اتباعها ضد هذا الوضع الجديد.

منذ فترة طويلة تُعارض عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي لأسباب مختلفة، لكن تأثير الوباء على الاتحاد ربما يكون قد خلق فرصة لإعادة المناقشات مرة أخرى.

وسلطت بعض الأوساط في الداخل التركي الضوء على الدمار الذي لحق بالاتحاد الأوروبي في أزمة الفيروس، وتوقع البعض أن الاتحاد لن يتاح له فرصة البقاء على هذه الشاكلة وسوف يكون من الماضي.

وبالتالي، فإن هذا التقييم المتشائم يدفع تركيا لأن تفكر في البحث عن بديل خارج الاتحاد خاصة بعد أداء أوروبا السيئ تجاه أزمة كورونا، وضياع سنوات طويلة من الانتظار العبثي أملا في موافقة الاتحاد الأوروبي على أن تكون تركيا ضمن دوله الأعضاء، وفق الصحيفة.

وفي الحقيقة، فإن جزءا كبيرا من الجمهور التركي أصيب بخيبة أمل عميقة وأصبح متعبا ويائسا بسبب السلوكيات والعقبات السلبية خلال رحلة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، التي تم إطلاقها بحماس قبل سنوات.

رحلة الانضمام

ومع ذلك، تبنت تركيا حقا منذ عام 1950، "الرؤية الأوروبية" وعلى هذا المسار، أظهرت الأهمية التي توليها للتكامل مع الاتحاد الأوروبي من خلال الانضمام إلى مختلف المؤسسات الأوروبية، وخاصة مجلس أوروبا.

بالنسبة لأنقرة، لم تكن عضوية الاتحاد الأوروبي مجرد هدف قائم على المصالح التجارية والاقتصادية، فهناك أبعاد أخرى مهمة أيضا من العوامل الجيوستراتيجية إلى القيم الديمقراطية.

يقول الكاتب: "من المثير للاهتمام أن تركيا ليس فقط رجال الأعمال بل وحتى شريحة كبيرة جدا من الشعب التركي لديها الرغبة بل وترحب بشكل غامر في الانضمام للاتحاد الأوروبي وقد أظهرت الاستطلاعات قبل أزمة كورونا أن أكثر من نصف الجمهور التركي يواصل دعمه لعضوية الاتحاد".

ومع تفشي الفيروس إذن، ثمة ما يتغير سواء للأفضل أو لغيره، وعليه، يتوجب، بحسب الكاتب، مناقشة انضمام تركيا إلى الاتحاد من عدمه مرة أخرى.

في الآونة الأخيرة، تستند الأصوات من الدوائر المناهضة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو المتشائمة على أقل تقدير إلى افتراض أن الاتحاد لن يكون قادرا على البقاء بسبب هذا الوباء.

ويعلق الكاتب على ذلك بالقول: "نعم صحيح أن حالة الاتحاد الأوروبي الراهنة ليست جيدة، لكن يمكن له التعافي فهو وفي أسوأ التقديرات ليس على فراش الموت، والفرصة لنهوضه من جديد وبقوة ما زالت قائمة. هناك أغلبية كبيرة فعالة في الاتحاد يرغبون في البقاء، وإن كان ذلك بطريقة مختلفة".

في الواقع، من المهم أن تكون الافتراضات حول الفيروس صحيحة وواقعية في التقييمات المتعلقة بالاتحاد الأوروبي. وهذا ما تكشف عنه تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان بمناسبة يوم أوروبا إذ قال: إن بلاده تواصل الإصرار على الحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد، ووصف ذلك بأنه هدف إستراتيجي لتركيا.

ومما قاله أردوغان: "منذ عام 1999 حين تمت الموافقة على ترشيحنا للعضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي ونحن نحتفل في بلدنا مع الشعوب الأوروبية بيوم أوروبا في التاسع من مايو".

وتابع: "هذه المرة عدونا المشترك فيروس لا يعترف بالحدود. ذكّرنا هذا العدو الذي لا يُرى بالعين، بمعنى وحدة الصف. أتمنى أن يكون الاتحاد الأوروبي قد فهم أننا الآن في خندق واحد وهو ما كدنا ننساه في الآونة الأخيرة وأصبحنا على استعداد للتضحية به في سبيل سياسات شعبوية ومصالح قومية قصيرة الأجل".

وعليه يفهم من تصريحات أردوغان الآنفة أن فكرة الاتحاد الأوروبي بالخطوط العريضة ما زالت تستحق التفكير والسعي والمثابرة. ويمكن القول: إن مصالح تركيا الجيوستراتيجية والسياسية والاقتصادية، تتطلب ألا تبقى أنقرة خارج إطار الاتحاد الأوروبي.

ولتوضيح الأمر بشكل أكثر دقة، فإن تجاهل الاتحاد الأوروبي والانفصال عنه لن يكون أكثر فائدة من الخيارات المختلفة التي يمكن النظر فيها. لذلك، ينبغي إجراء تقييمات السياسة الخارجية في إطار آثار الفيروس مع فهم عملي وواقعي، وليس مشاعر أيديولوجية وتفاعلية.