سؤال وجواب.. كيف أصبح شكل الإنفاق العسكري حول العالم؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

كشف معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI)، أن الدول التي حققت أكبر إنفاق عسكري في عام 2019، هي الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا والمملكة العربية السعودية على التوالي.

ونقل مركز دراسات تركي عن تقارير حديثة للمعهد أن النفقات التي حققتها هذه البلدان الخمسة تعادل 62 في المائة من الإجمالي العالمي. 

وينشر المعهد السويدي تقارير "اتجاهات الإنفاق العسكري العالمية" سنويا، ويقدم فيها أدلة حول القضايا الأمنية الرئيسية مثل موازين القوى الدولية والمسابقات الإقليمية وسياسات الدفاع.

وتطرق مركز "سيتا" التركي للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى 5 أسئلة يمكن أن تلقي النظر على آخر اتجاهات الإنفاق العسكري الجديدة.

  • ما هي القضايا التي تلفت الانتباه في الإنفاق العسكري العالمي؟

في التقرير، جرى التأكيد على أن الإنفاق العسكري العالمي قد انخفض منذ 2011-2014، بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عام 2008، ومع ذلك وصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 1988، في ظل زيادة مطردة منذ عام 2015.

كذلك ارتفع الإنفاق العسكري العالمي في عام 2019 بنسبة 3.6 ٪ مقارنة بالعام السابق وبنسبة 7.2 ٪ مقارنة بعام 2010. في نفس الفترة، بلغت نسبة الإنفاق من الناتج المحلي الإجمالي 2.2 ٪ على نطاق عالمي. 

إن زيادة القدرات العسكرية، وتصورات التهديد الإقليمي، وتحديثات الأسلحة التقليدية والنووية واسعة النطاق، والمشاركة في بيئات الصراع، تجعل الدول الخمس الأولى الجهات الفاعلة المهيمنة في الإنفاق العسكري العالمي.

من وجهة نظر جغرافية، يذكر أن مبلغ الإنفاق ارتفع ما بين 1.5-5 ٪ في جميع المناطق باستثناء الشرق الأوسط، في حين أن هناك انخفاضا بنسبة 7.5 ٪ في المنطقة.

مع ذلك، ينبغي الإشارة إلى أن الإمارات العربية المتحدة التي أنفقت على ميزانيات التسليح أكثر من تركيا في السنوات السابقة في الشرق الأوسط لا يمكن إدراجها في الحسابات، نظرا لعدم وجود بيانات حول حجم الإنفاق لها وللدول التي تعاني من حروب أهلية كسوريا واليمن.

  • كيف يمكن مراقبة الإنفاق العسكري في تركيا؟

تركيا تقع في المرتبة الـ16 وفقا للدول الأكثر إنفاقا على الصعيد العسكري وهي لسنوات بين المرتبة الـ15-20 في هذا السياق، وهي قريبة من الإمارات وإسرائيل وكندا في حجم هذا الإنفاق، وظلت لسنوات كذلك.

ولكن كان هناك لتركيا كما ورد في تقرير معهد ستوكهولم زيادة في الإنفاق العسكري بنسبة 5.8 في عام 2019 مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث ارتفع المبلغ إلى 20.4 مليار دولار وهذا يعني زيادة قدرها 27 ٪ في حجم الإنفاق العسكري.

في الوقت نفسه، يمكن ملاحظة أن الإنفاق العسكري في تركيا منذ العام 2010 زاد بنسبة 86%. 

هذا فيما كان معدل الإنفاق في تركيا ثابتا خلال المدة الزمنية المتراوحة بين 1988-2014، حيث كانت المبالغ تتراوح في حدود 13 مليار دولار، ولكن بعد العام 2014 وخاصة بعد 2017 كان هناك زيادة حقيقية في معدل الإنفاق العسكري.

في المقابل فإن هذه الأرقام تعني أن أنقرة تنفق 2.7 من الناتج المحلي على التسليح وهذا بمعايير حلف شمال الأطلسي (تركيا عضو فيه) تعد قليلة في وقت كانت فيه النفقات في العام 2010 ما يعادل 2.3 من إجمالي الناتج المحلي العام.

  • ماذا عن الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط؟

في الشرق الأوسط، تظل المملكة العربية السعودية إلى حد بعيد الدولة الأكثر إنفاقا عسكريا. في العام الماضي، هذا البلد أنفق 61.9 مليار دولار، تلتها إسرائيل بـ 20.5 مليار دولار، أما تركيا 20.4 وأخيرا إيران 12.6 مليار دولار. 

مقارنة بالعام السابق، انخفض إنفاق السعودية بنسبة 16٪ بينما زاد إنفاق إسرائيل بنسبة 1.7 ٪، كذلك انخفض إنفاق إيران بنسبة 15 في المائة. كما انخفض إنفاق طهران بنسبة 23٪ في 2018 مقارنة بالعام السابق.

وتأتي هذه الأرقام بسبب التورط في صراعات في اليمن والهجمات على مصافي النفط، حيث يعتبر انخفاض الإنفاق العسكري السعودي بسبب التوتر المتزايد مع إيران تطورا غير متوقع لكن قد تكون العقوبات الاقتصادية التي أصبحت سارية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو 2018 السبب في انخفاض نفقات إدارة طهران العسكرية.

وبحسب التقرير، تبلغ حصة الإنفاق العسكري في الناتج المحلي الإجمالي 8 في المائة للمملكة العربية السعودية، و5.3 ٪ لإسرائيل و2.3 ٪ لإيران.

عندما يتم تحليل قاعدة البيانات السابقة، يظهر أن حصة الإنفاق العسكري السعودي في الناتج المحلي الإجمالي بين أواخر الثمانينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تراوحت من 9 إلى 15 ٪، وبقيت عموم في نطاق 8-9 ٪، على الرغم من أنها لم تنخفض أبدا إلى أقل من 7 ٪ في الفترة التالية.

يمكن القول: إن حصة نفقات "الدفاع" الإسرائيلية في الناتج المحلي الإجمالي كانت حوالي 8-9 ٪ في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بينما حققت استقرارا بنسبة 5 ٪ اليوم، ولكن في المقابل كانت تركيا وإيران ثابتة في معدل الإنفاق وتراوح بين 2-3 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.

من الواضح أن المعهد لم يتمكن من إجراء حسابات فيما يتعلق بالنفقات العسكرية لقطر وسوريا والإمارات واليمن بسبب غياب بيانات دقيقة عن الحكومات ذات الصلة.

كما لا يمكن التنبؤ بالنفقات العسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتزود بكمية كبيرة من الأسلحة التكنولوجية وتشارك في الصراعات الإقليمية، منذ عام 2014. 

ومع ذلك، على الرغم من العمليات العسكرية التي بدأت في اليمن وليبيا مع إنفاق عسكري بقيمة 22.8 مليار دولار في عام 2014، إلا أن الجهود المبذولة لتطوير أنظمة الأسلحة الحديثة والبنية التحتية لصناعة الدفاع للقوات الجوية والدفاع الجوي والبحرية - على الرغم من نقص البيانات - يشير إلى زيادة واضحة في معدلات الإنفاق العسكري.

وبالمثل، فإن حصة النفقات العسكرية لدولة الإمارات من الناتج المحلي الإجمالي في قاعدة بيانات معهد ستولكوهم لم تنخفض أبدا إلى أقل من 3 ٪ في سنوات الألفين، وظلت في نطاق 5-6 بالمائة منذ عام 2010.

مصر هي الدولة الأخرى التي يجب التعامل معها بحذر في بيانات المعهد، فبعد الحرب الباردة، كانت حصة الإنفاق العسكري المصري في الناتج المحلي الإجمالي حوالي 3 ٪، ثم انخفض هذا المعدل إلى 2 ٪ منذ عام 2003 وانخفض تدريجيا إلى ما يقرب من 1 في المائة اليوم.

في الوقت نفسه، وفقا لبيانات معهد الأبحاث السياسية والاقتصادية، فقد شهد الإنفاق العسكري لإدارة القاهرة حوالي 3 مليارات دولار في السنوات الأخيرة.

ومع ذلك، من المعروف أن مشتريات الدفاع التي قامت بها مصر ترجع إلى حد كبير إلى التمويل الجاد الذي قدمته السعودية والإمارات.

في الوقت نفسه، هناك 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأميركية المقدمة سنويا خارج بيانات المعهد، بالنظر إلى شراء الطائرات الحربية والمنصات البحرية الألمانية والفرنسية  من روسيا وفرنسا، يمكن اعتبار أن الإنفاق العسكري في مصر أعلى بكثير مما ورد في تقرير معهد ستوكهولم.

  • هل عادت منافسة القوى الكبرى؟

يعد النمو الاقتصادي السريع وزيادة القدرة العسكرية المستقرة للصين واحدة من أهم المناقشات في السنوات الأخيرة.

وفقا لتقرير معهد ستوكهولم، زادت الصين من إنفاقها العسكري إلى 261 مليار دولار في 2019 من خلال زيادة مستمرة مدة خمسة وعشرين عاما منذ عام 1984 وتشكل بكين 14 في المائة فقط من الإنفاق العالمي على التسليح. 

ومن الملاحظ أن نمو النفقات العسكرية لإدارة بكين يسير جنبا إلى جنب مع نموها الاقتصادي، لكن حصة النفقات العسكرية للصين في الناتج المحلي الإجمالي ظلت دون تغيير منذ عام 2010 ، وبقيت عند 1.9 في المائة.

من ناحية أخرى، مع زيادة الإنفاق في الصين، فإن الإنفاق المتزايد للهند واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا بسبب المعضلة الأمنية التي أوجدتها هذه النفقات هي أيضا مذهلة.

ويذكر في هذا السياق أن الإنفاق العسكري في منطقة آسيا لم ينخفض منذ عام 1989.

وعلى الرغم من برامج التحديث العسكرية الرئيسية للصين، والالتزامات الأمنية الأميركية لحلفائها الإقليميين لفترة طويلة، سيتعين على كل دولة الاعتماد بشكل أو بآخر على قدرتها الخاصة في صراع محتمل وسيظهر الوقت فقط كيف سيكون لعلاقات بكين المتوترة مع الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، تأثير بسبب تفشي الفيروس التاجي.

  • ما هي الديناميكيات بين المناطق التي تؤثر على الإنفاق العسكري؟

هناك عدد من العوامل وخاصة التنافس الجيوسياسي، وعدم الاستقرار الداخلي والإرهاب، تلعب دورا في ظهور التمييز بين الإنفاق العسكري بين المناطق.

على سبيل المثال، يُلاحظ أن المنافسة الإقليمية بين الجزائر والمغرب في شمال إفريقيا لا تؤثر فقط على الإنفاق العسكري لهذه البلدان ولكن أيضا على تزويد المصادر عن كثب. وبالمثل (كما ذكر أعلاه) نفس الشيء في المثلث الصيني - الهندي - الباكستاني في آسيا.

من ناحية أخرى، أدى الدور المتزايد للجيش في مكافحة عصابات المخدرات في المكسيك والأميركتين إلى زيادة الإنفاق العسكري.

في أوروبا، يظهر أن فرنسا زادت إنفاقها العسكري إلى 2 ٪، وهو هدف منظمة حلف شمال الأطلسي، مع "قانون التخطيط العسكري 2019-2025".

لذلك، إلى جانب المشاكل الخارجية التي تفرضها الجغرافيا، يمكن القول: إن قضايا مهمة مثل علاقات التحالف والولاءات المؤسسية وحماية الاستقرار الداخلي هي التي تقود النفقات العسكرية.