تستعد لاستئناف زيارات المراقد.. كيف نقلت إيران كورونا إلى المنطقة؟

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رغم استمرار تفشي جائحة فيروس كورونا في إيران واعتبارها من بين الدول المتصدرة بأعداد المصابين والوفيات وتحولها إلى بؤرة للفيروس بمنطقة الشرق الأوسط، فإنها أعلنت التخطيط لاستئناف الزيارات الدينية إلى المراقد الشيعية في العراق وسوريا.

الإعلان جاء على لسان رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية، علي رضا رشيديان، الذي أكد أنهم "قاموا بإعداد بروتوكولات حول إيفاد الزوار إلى العتبات المقدسة في العراق وسوريا".

وأضاف: "سنشهد استئناف السفر المتبادل بين إيران وهذين البلدين مع مراعاة الشروط الصحية"، حسبما نقلت وكالة "فارس" في 14 أبريل/ نيسان.

على وقع التصريحات الإيرانية اللافتة، برزت تساؤلات عن مدى إمكانية استجابة بغداد ودمشق لرغبات طهران في استئناف السياحة الدينية، وكيف أن الزيارات الإيرانية إلى المراقد الشيعية في بداية الأزمة كانت سببا رئيسيا في انتقال فيروس كورونا إلى بلدان المنطقة، رغم التحذيرات الكثيرة من خطورته وسرعة انتشاره.

زيارة العتبات

لم يتأخر كثيرا الرد العراقي على تصريحات المسؤول الإيراني، عبر بيان أصدرته هيئة المنافذ الحدودية، في 14 أبريل/ نيسان 2020 قالت فيه: "رغم قرار الإغلاق الذي يعم معظم دول العالم تفاديا لانتشار كورونا، فإن وكالة (فارس) نشرت خبرا مفاده بأن إيران تخطط لاستئناف زيارة العتبات بالعراق".

وقالت الهيئة في بيانها الذي تناقلته وسائل إعلام محلية: إن "منافذنا الحدودية البرية مع الجارتين إيران والكويت مغلقة بشكل كامل أمام حركة المسافرين والتبادل التجاري وإلى إشعار آخر".

وأوضحت: "سيتم العمل بإعادة افتتاح المنافذ المشار إليها وفق المعطيات والمستجدات الصحية ليتسنى إلى اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية اتخاذ قرارات جديدة بشأن فتح المنافذ".

وأكدت الهيئة العراقية: "حتى الآن لم يتخذ أي قرار من اللجنة العليا باستئناف العمل بالمنافذ، وهذا الموضوع يخضع لتقدير وبيانات وزارة الصحة، ونحن حريصون على سلامة البلاد والمواطن".

وفي السياق ذاته، قال محافظ كربلاء نصيف الخطابي: "لا يزايد علينا أحد في موضوع الشعائر الدينية، وإذا لم تعلن منظمة الصحة العالمية خلو الدول بشكل كامل من فيروس كورونا، فبالتأكيد لن نسمح لمواطني هذه الدول من الدخول إلى محافظة كربلاء".

وشدد الخطابي خلال مقابلة تلفزيونية في 14 أبريل/ نيسان 2020، قائلا: "لا نجامل على حساب صحة وحياة الناس، في ظروف تتعرض فيها حياة المواطنين إلى الخطر، ونحاول فيه الحفاظ على المدينة من تفشي الفيروس".

وبخصوص الأنباء التي ترددت عن دخول إيرانيين إلى كربلاء في ظل غلق الحدود بين البلدين، قال الخطابي: "لم نسمح لأي شخص من أي دولة بالدخول إلى كربلاء، والأمر لا يخضع للمجاملات السياسية، لأنه يتعلق بحياة الناس".

وعن قرار إيران باستئناف الزيارات إلى العراق، قال الخطابي: "لن نسمح بدخول أي مواطن من هذه الدولة، إلا بعد إعلان الجهات الصحية بتقارير رصينة (وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية) خلوها من فيروس كورونا".

أما على الجانب السوري، فلم يصدر عن سلطات النظام، التي تعتبر طهران من أشد حلفائها، تصريحات للتعليق على القرار الإيراني.

"ممارسات غريبة"

التصريحات الإيرانية الرسمية، أعادت إلى الأذهان مساهمة الدولة التي تعتبر بمثابة "فاتيكان الشيعة" بالعالم في انتقال الفيروس إلى بلدان المنطقة، لا سيما العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج العربي، بعدما "أنكرت في بادئ الأمر وجود الفيروس.

منذ بداية الأزمة، أصبحت مدينة قم، بؤرة لفيروس كورونا، لكن إيران لم تعترف بذلك، إلا في 25 مارس /آذار 2020، إذ كشف مساعد وزير الصحة، علي رضا رئيسي، قائلا: "وجود كورونا في قم كان نتيجة وجود صينيين في هذه المدينة بعدما تنقل عدد من العمال والطلبة الصينيين في يناير/ كانون الثاني 2020".

وبعد إعلان حالات وفاة إيرانيين بكورونا أواخر فبراير/ شباط 2020، نصحت السلطات المواطنين بتجنب التجمعات غير الضرورية، كما طلبت منهم عدم السفر إلى "قم"، لكنها لم تغلق المواقع الدينية بالمدينة بشكل تام، في الوقت الذي قال فيه الوصي على ضريح (المعصومة بنت الكاظم): "الناس يرون الضريح كمصدر للتعافي والشفاء، لذلك لا يمكن إغلاقه"، بحسب "بي بي سي".

ورغم تعليق إيران الدراسة في المدارس والجامعات وإغلاق المتاحف والأماكن السياحية التراثية، ومنع الشيشة في المقاهي والمطاعم كإجراءات احترازية، ومع ذلك ما زالت المزارات مفتوحة أمام مريديها، وهو ما يراه كثيرون أحد الأسباب لانتشار كورونا.

ونقلت شبكة "بي بي سي" فارسي البريطانية عن الصحفية رنا رحيمبور، قولها: إن "إغلاق الأضرحة خطوة كبيرة بالنسبة لرجال الدين، لكنه من غير المحتمل أنهم سيتخذونها ما لم يتعرضوا لضغوط دولية".

وفي فبراير/ شباط 2020، أظهر مقطع فيديو أحد الرجال الإيرانيين يقول: "لا آبه بكورونا، يقولون إن هذا الضريح قد ينقل لنا الفيروس بسبب احتمال أن يكون مصاب ما قد لمسه في وقت سابق، لكنني لا أكترث، أريد أن أصاب إذن".

ويبدو أن هذه التصرفات لها انتشار كبير لدى زائري العتبات الشيعية، حيث ظهرت مقاطع أخرى لأشخاص يقومون بلعق وتقبيل بوابات مرقد "الصحن الرضوي" في مشهد، وآخرين في "قم".

وباعتراف النائب في البرلمان، شهاب الدين بي‌ مقدار، في مقابلة أجراها مع وكالة "إيلنا" شبه الرسمية في 4 مارس/ آذار 2020، فإن "التأخير في البدء بالإجراءات الوقائية كان أحد الأخطاء التي ارتكبها المسؤولون. لو تم فرض الحجر الصحي على مدينة قم، لما انتشرت العدوى بهذا الشكل".

وشدد بي مقدار على أن "فيروس كورونا انتشر في المحافظات الإيرانية ودول الجوار انطلاقا من مدينة قم".

"تصدير الوباء"

"المدينة المقدسة" لدى الشيعة كانت سببا في انطلاق الفيروس إلى دول المنطقة، إذ أعلن العراق في 27 فبراير/ شباط 2020، اكتشاف أولى حالات الإصابة من طالب إيراني بإحدى المدارس الشيعية في مدينة النجف ومنه انتشر الفيروس بالمدينة، ووصل إلى محافظة السليمانية بإقليم كردستان.

وعلى نحو مماثل، أعلنت الكويت، في 24 فبراير/ شباط 2020، اكتشاف 3 إصابات بالفيروس بين العائدين من إيران، فيما قالت البحرين إنها سجلت أول إصابة بكورونا لمواطن كان في إيران.

واتهمت البحرين إيران في 12 مارس/آذار 2020 "بالعدوان البيولوجي" عن طريق التستر على انتشار فيروس كورونا وعدم ختم جوازات سفر المسافرين البحرينيين.

وزير الداخلية البحريني راشد بن عبد الله آل خليفة قال على "تويتر": "إيران، وبهذا التصرف، سمحت بانتقال فيروس خطير للخارج، في تقديري هذا الأمر يعد من أشكال العدوان البيولوجي المحرم دوليا حيث عرضت السلامة والصحة للخطر عندنا وعند الآخرين".

وفيما يبدو كرد على تصريحات آل خليفة، قال أمير عبد اللهيان وهو مساعد خاص لرئيس البرلمان على "تويتر": "أميركا، التي تحكم البحرين بوجود أسطولها الخامس، سبب رئيسي للحرب البيولوجية وأنكرت في بادئ الأمر وجود فيروس كورونا".

وفي 24 فبراير/ شباط 2020، أعلنت وزارة الصحة العُمانية، عن تسجيل أول حالتي إصابة بفيروس كورونا، لمواطنتين عمانيتين قادمتين من إيران، لتعلن بعدها منع سفر مواطنيها إلى الدول المنتشر فيها الوباء.

وسجلت قطر في 29 فبراير/ شباط 2020، تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بالفيروس، وقالت الوزارة: إن حالة الإصابة المؤكدة تعود لمواطن قطري يبلغ من العمر 36 عاما كان قد عاد من إيران مؤخرا.

جوازات السفر

ونددت السعودية، التي توجد بها أقلية شيعية وتحظر السفر لإيران، بطهران لسماحها بدخول مواطنين سعوديين، يأتي هذا التصريح بعد تسجيل 5 حالات إصابة بفيروس كورونا لمواطنين قدموا من إيران عبر البحرين والكويت، حيث تبين أنهم لم يفصحوا للجهات المختصة بسفرهم إلى إيران عند عودتهم للمملكة.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مسؤول سعودي (لم تكشف هويته) قوله: إن التصرف الإيراني، يحملها "المسؤولية المباشرة في التسبب في تفشي الإصابة بالفيروس وانتشاره عبر العالم، وتشكيل خطر صحي يهدد سلامة البشرية، ويعد تقويضا للجهود الدولية لمكافحة فيروس كورونا".

وردت طهران في 7 مارس/ آذار 2020، على ما أثير من تقارير بأن إيران لا تقوم بختم أو وضع علامات على جوازات السفر بالنسبة للمسافرين القادمين أو المغادرين منها، وربط ذلك بانتشار فيروس كورونا في عدد من الدول بالمنطقة ومنها السعودية.

وقال عباس موسوي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: إن "قواعد إصدار التأشيرات الإلكترونية في إيران لرعايا جميع الدول هي نفسها باستثناء حاملي جوازات السفر البريطانية والأميركية والكندية تتوافق مع نظام التأشيرات في العديد من البلدان المتقدمة، والذي لا حاجة بموجبه إلى وضع العلامات وختم الدخول والمغادرة بهدف تسريع إجراءات السفر وعدم أخذ حيز في صفحات جواز السفر وأن هذه السياسة لا تقتصر على رعايا بلد معين فحسب".

وفي آخر إحصائية رسمية نشرتها إيران في 16 أبريل/نيسان 2020، أظهرت إصابة 77 ألفا و995، ووفاة 4869، وتعافي 52 ألفا و229، منذ بداية إعلان تفشي كورونا بالبلاد في شهر فبراير/ شباط 2020.