مناورات أميركية إماراتية.. لهذا أزعجت حلفاء إيران في العراق

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

ضجت وسائل الإعلام العراقية المملوكة لأحزاب ومليشيات موالية لإيران، بأخبار المناورات العسكرية بين الجيش الأميركي ونظيره الإماراتي، في 24 مارس/ آذار المنصرم- أطلق عليها "نايتف فيوري 20"- والتي تقيمها الدولتان بشكل دوري كل عامين بالإمارات.

تلك الأحزاب اعتبرت المناورات بأنها تمهيد لانقلاب عسكري تهيئه الولايات المتحدة في العراق، وأن التمرينات بين الجيشين كانت في منطقة حاكت مدنا عراقية بتفاصيلها وتقسيماتها، حيث كان فيها مصفاة نفط ومسجد كبير أشبه بمرقد ديني، وحوله أزقة ضيقة شبيهة إلى حد كبير بالعاصمة بغداد.

القصة هذه أخذت حيزا كبيرا في وسائل الإعلام العراقية، وفي تصريحات وبيانات القوى الموالية لإيران، وسط صمت مطبق من الجهات الرسمية الحكومية، ما أثار علامات استفهام حول مدى صحتها، ومن يقف وراءها، وما الهدف من إطلاقها؟

من وراءها؟

البداية كانت من تقرير نشرته صحيفة "الجريدة" الكويتية، في 22 مارس/ آذار 2020، نقلت فيه عن مصدر قالت إنه في "فيلق القدس" الإيراني، والذي تحدث عن إعلان الحرس الثوري وفصائل عراقية موالية له، حالة التأهب، تحسبا لانقلاب عسكري يدبره الأميركيون في العراق.

وأشارت إلى أن أجهزة إيران الأمنية حصلت على معلومات استخباراتية بأن الأميركيين أبلغوا حلفاءهم في بغداد أن الاعتماد على منظمات المجتمع المدني لم يعد مُجديا، ولن ينجح، دون تحرك مواز للقوات المسلحة الموالية لواشنطن للإجهاز على طهران وحلفائها بالعراق.

بعد ذلك، قالت "كتائب حزب الله" العراقي: إن بحوزتها "معطيات ترقى إلى مستوى المعلومة" عن رصد تحركات أميركية مريبة لتحقيق أهداف مشبوهة، بمشاركة جهاز أمني عراقي.

ونبّهت الكتائب القريبة من إيران في بيان لها إلى "موجة الحملات النفسية الأميركية الممهدة لمخطط جديد في العراق"، موضحة أنه "يرتكز على إنزال جوي على مواقع للجيش والأمن والحشد بدعم أرضي وإسناد جوي".

الخبير بالشأن العراقي جسام الشمري، قال في مقال نشرته صحيفة "عربي21" في 27 مارس/ آذار 2020: إن الذهاب إلى فكرة "انقلاب عسكري" أمامها الكثير من العقبات، وفي مقدمتها أن القوى الشيعية، الدينية والسياسية والمليشياوية، ربما ستنظر للموضوع على أنه انقلاب "سُني" بمساعدة أميركية لاستعادة السُنة لحكم العراق.

وأعرب الشمري عن اعتقاده بأن السياسيّين الشيعة والمليشيات وزعماء إيران وأنصارها لن يقبلوا بمثل هذه الحلول التي ينظرون إليها على أنها ضربة مباشرة لهم، وحينها يمكن أن يكون مجرد الحديث عن "انقلاب" مناسبة لتوحيد صفوف القوى الشيعية المُتناحرة الآن.

ونوه إلى أن "خيار الانقلاب، وإن كان ممكنا، إلا أن المعطيات على أرض الواقع لا تدفعنا لترجيحه، وذلك بسبب عدم وجود رغبة أميركية أو أوروبية جادة في بناء حكم عسكري إنقاذي في العراق".

وتابع الشمري: "حتى لو فرضنا إمكانية وقوع الانقلاب واستبعاد فكرة قائد أجنبي لحكم العراق في مرحلة الانقلاب، فمن هو القائد العسكري العراقي المؤهل لهذه المهمة الدقيقة والعسيرة؟ في تقديري ليس من السهولة تحديد شخصية وطنية عسكرية عراقية يمكن الاتفاق عليها".

"مخطط خطير"

وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة عراقية، تحدث أمير موسوي مدير "مركز الدراسات الإستراتيجية" في طهران، عن تفاصيل مخطط "الانقلاب العسكري" المزعوم، والعراقيين الذين شاركوا في المناورات العسكرية، التي جرت في دولة الإمارات.

وقال موسوي: إنه "يمتلك معلومات مسندة بوثائق وتسجيلات صوتية ومقاطع فيديو ربما سينشرها لاحقا، تفيد بأن المناورات بين الولايات المتحدة والإمارات، قبل أيام تهدف إلى مخطط خطير بالعراق".

ولفت إلى أن "المناورات جرت بعد انسحاب القوات الأميركية من ثلاثة قوات لها في العراق، بما في ذلك الفرقة التي كانت في قاعدة القائم غرب البلاد، وهي قوات مهمة وتمتلك معلومات تفصيلية عن جميع الشخصيات السياسية العراقية".

وأفاد موسوي بأن "ثلاث جهات عراقية يصل مجوع عددهم إلى 180 شخصا، شاركوا في المناورات، وهم من المدنيين والعسكريين المتعاونين مع الولايات المتحدة ومدربين على حرب الشوارع".

وزعم أن "أغلب الشخصيات العراقية المشاركة كانت من العسكريين المحالين إلى التقاعد أو الذين سُرحوا من الخدمة بعد استعادة الموصل من تنظيم الدولة، وربما يكونون من أصحاب التوجهات البعثية".

ولفت موسوي إلى أن "الولايات المتحدة دفعت للعراقيين المشاركين في المناورات، أموالا جيدة ووعدوا بقضايا مهمة في المستقبل، ومنهم سياسيون وصحفيون وأربعة دبلوماسيين سابقين. هناك مخطط خطير".

لكن المتحدث الإيراني، ادعى أن "المناورات ليس هدفها التدخل الأميركي المباشر بانقلاب عسكري وإنما تهيئة هذه الكوادر حتى تنفذ هي مخططهم"، مبينا أن "الموساد الإسرائيلي كان مشاركا بنحو 22 شخصا".

"إسقاط الزرفي"

سياسيون ومحللون عراقيون ربطوا بين توقيت الحديث عن انقلاب عسكري، وتكليف الرئيس العراقي برهم صالح، للنائب في البرلمان عدنان الزرفي بتشكيل حكومة جديدة، وصفته القوى والمليشيات الشيعية بأنه "أميركي الهوى والهوية"، وتعهدت بإسقاطه.

وقال الكاتب العراقي ماجد السامرائي خلال مقال نشره موقع "العربية نت" في 28 مارس/ آذار 2020: إن "الأحزاب الموالية لإيران قلقة من احتمالات فتح رئيس الحكومة المكلّف عدنان الزرفي الذي اختاره رئيس الجمهورية دون رضاهم لملف المليشيات والحشد الشعبي.

ويتخوف هؤلاء من أن الزرفي سيعمل إذا ما تم المصادقة عليه في البرلمان وفق خطة هادئة على تفكيك المليشيات، وهو ما صرح به في 27 مارس/آذار 2020، في اجتماعه ببغداد مع سفراء الدول الخمس الكبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وروسيا).

ورأى أن "هذا السبب وراء استنفار القيادات الشيعية ومليشياتها المسلحة لإمكانياتها السياسية والإعلامية لمنع هذا التكليف باستحضار نظرية المؤامرة الإيرانية وتسويقها بسذاجة لمنع وصول الزرفي إلى رئاسة الوزراء، متوهمين بأن شعب العراق هو أولئك القلة من البسطاء الذين لعبوا بعقولهم في تمرير الخرافات والطقوس المتخلفة".

الكاتب وصف الحديث عن الانقلاب العسكري بأنه "كذبة إيرانية سمجة"، تتكرر اليوم، ونتذكر قبل أشهر كيف تم ترويج مثل هذه الحكاية بخبر تحضير الجنرال طالب شغاتي رئيس جهاز مكافحة الإرهاب لمحاولة انقلابية تم تكذيبها منه مباشرة، مشيرا إلى اختراق تعرض له موقع الجهاز المذكور على مواقع التواصل.

بحسب السامرائي، فإن مهمة الحديث عن الانقلاب أوكلتها إيران إلى أمير موسوي مدير "مركز الدراسات الإستراتيجية"، واصفا إياه بأنه موظف علاقات صغير في الحرس الثوري الإيراني، تحدث عن الموضوع "بطريقة كارتونية".

وأردف: "إخراج كذبة الانقلاب العسكري كان يتطلب استثمار حدث ذي جانب عسكري، فاستغل المدعو المذكور (أمير موسوي) المناورات العسكرية الأميركية الإماراتية الأخيرة التي جرت في الإمارات ضمن سياق دوري كل سنتين، فأشاع كذبته بأنها مناورة لسيناريو الانقلاب العسكري الأميركي المقبل في العراق".

وأشار إلى أن "قوى المليشيات تحاول استباق أي محاولة لفك اختطاف البلد السياسي بعد التحرك الضاغط لقوى برلمانية ذات نسبة عددية اجتمعت داعمة لتكليف عدنان الزرفي متحالفة مع قوى الحراك الشعبي المنتفض قابلتها لجنة الأحزاب الخمسة الرافضة لهذا التكليف. فالمعركة الحالية تدور بين شيعة اللادولة وشيعة الدولة".

وفي السياق ذاته، قال السياسي العراقي أثيل النجيفي في تغريدة على "تويتر": إن "أقاويل الانقلاب العسكري والإقليم السني، مجرد شائعات تطلقها الأحزاب الدينية الشيعية لتأجيج التعصب الطائفي المنحسر.. فبعد فشل تجربتها في الحكم لم يعد بيدها سوى العودة لمربعها الأول وتهديد مجتمعها بزوال حكم المذهب".

وحذر المتحدث الرسمي باسم "كتاب حزب الله" بالعراق محمد محيي، الثلاثاء 31 مارس/ آذار الماضي، القوات الأميركية من القيام بأي عدوان على الشعب وفصائله أو أي محاولة "انقلاب عسكري" ضد العملية السياسية أو النيل من قيادات الحشد الشعبي أو اغتيال شخصيات عراقية وطنية مؤثرة.

وشدد محيي في تصريحات صحفية على أن موقف الحزب من "ضرب القوات الأميركية واضح، ومن حق الشعب أن يتصدى لها، لكن يختلف مع الآخرين في نوعيتها وتوقيتها غير المناسب".