لوفيجارو: هل تساهم الانتخابات في إنقاذ نتنياهو من تهم الفساد؟

12

طباعة

مشاركة

للمرة الثالثة في غضون عام، عاد الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع من أجل التصويت في انتخابات تشريعية، تمتع فيها بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء المنتهية ولايته، والذي تبدأ محاكمته بتهم الفساد في 17 مارس/ آذار الجاري، بتفوق طفيف يرغب من خلاله بالخلاص من العدالة.

ووفقا لمراسل صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية في "إسرائيل"، تعد المشاركة هي مفتاح الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، والتي تعتمد نتائجها بشكل كبير على قدرة التعبئة في المعسكرين المتنافسين الليكود والتحالف الوسطي "أزرق أبيض". 

ووفقا لنتائج الانتخابات، حصلت كتلة اليمين، التي يقودها نتنياهو، على 58 مقعدا بالكنيست (البرلمان)، وهو أقل بـ3 مقاعد مما هو مطلوب لتشكيل حكومة، حيث يتكون الكنيست من 120 مقعدا. 

وأشارت النتائج إلى حصول "الليكود"، على 36 مقعدا، مقابل 33 مقعدا لحزب "أزرق أبيض" بزعامة رئيس أركان الجيش السابق بيني غانتس. وتحل القائمة المشتركة، وهي تحالف من 4 أحزاب عربية، ثالثا، بحصولها على 15 مقعدا.

ثالث انتخابات

وهذه الانتخابات هي الثالثة بعد الانتخابات التي جرت في إبريل/نيسان، وسبتمبر/أيلول الماضيين، والتي أخفق نتنياهو بعدها بتشكيل حكومة بسبب عدم حصول كتلته على 61 صوتا، حيث افتقر إلى داعم محوري وهو أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" القومي المتطرف. 

فهذا الرجل، وزير الخارجية السابق، لم يكن يريد، وما زال، أن يحكم المتطرفون الأرثوذكس البلد، ولذلك أجبر رئيس الوزراء على حل البرلمان ودعا إلى انتخابات جديدة.

وفي سبتمبر/ أيلول، احتل حزب "أزرق أبيض" بزعامة بيني غانتس، الصدارة بفوزه بـ 33 مقعدا في الكنيست مقابل 32 لـ "الليكود". حاول بنيامين نتنياهو، الذي يسيطر على ائتلاف أقوى من تحالف خصمه الحصول على الأغلبية دون نجاح.

بعد ذلك، حاول غانتس القيام بالمهمة بدون جدوى أيضا، وفي مواجهة هذا المأزق، اقترح الرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين على الزعيمين التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة، لكنهما لم يرغبا في ذلك، إذ أراد كل من رئيس الحكومة المؤقت ومنافسه تولي القيادة الدورية للحكومة أولا.

ووفقا لـ"لوفيجارو" فإن التعايش بين الحزبين يبدو دائما فرضية غير محتملة على الرغم من قرب برامجهما، فلليمين ويمين الوسط آراء مشابهة حول القضايا الإسرائيلية الرئيسية مثل الأمن، الخوف من إيران، الاقتصاد الليبرالي أو المسألة الفلسطينية. 

أما الفروق الدقيقة بين الجانبين، فهي في أسلوب وإرادة حزب أزرق أبيض بشأن مراعاة تطلعات الفلسطينيين في الأراضي المحتلة (حوالي 20٪ من السكان)، والليكود حول أهمية الأقلية الأرثوذكسية المتطرفة التي يزيد وزنها الديموغرافي (أكثر من 10٪).

استفتاء دائم

بيد أن الصحيفة الفرنسية رأت أن القضية الحقيقية وراء الانتخابات الثالثة في إسرائيل، هي مستقبل بنيامين نتنياهو الذي أصبح على المحك، فكل انتخابات هي استفتاء مع أو ضد "بيبي" الاسم الذي يطلقه الإسرائيليون عليه.

وبينت أن رئيس الوزراء المنتهية ولايته تجاوز في الصيف الماضي سجل أطول رئيس وزراء في السلطة الذي كان باسم ديفيد بن جوريون مؤسس الدولة العبرية، فنتنياهو الذي كان مسؤولا في الفترة من 1996 إلى 1999، يدير البلاد بشكل مستمر منذ عام 2009، لكن مشاكله القانونية، هي كعب أخيل (نقطة ضعف)، بالنسبة له.

وتابعت الصحيفة: "أدى تحقيق مطول أجرته الشرطة إلى إدانة نتنياهو (٧٠ عاما) في ثلاث قضايا، فساد واختلاس وخيانة أمانة"، منوهة إلى أن هذا المتهم الذي يدعي براءته ويدين المؤامرة التي فجرها القضاة ووسائل الإعلام، يفعل ما بوسعه لتجنب السجن في بلد قضت فيه العدالة بسجن أحد أسلافه، إيهود أولمرت، بسبب وقائع مماثلة".

ومن غير المتوقع أن يحصل أي المتنافسين على أغلبية تتيح لهما تشكيل ائتلاف حكومي وإن حصلا على دعم حلفائهما.

لكن نتنياهو في وضع أفضل بسبب قوة ائتلافه، لكن وفقا لجميع استطلاعات الرأي، رغم أنه لا يستطيع تحقيق الأغلبية، يمكن لـ"بيبي" الاعتماد على دعم قائمة يمينية، وتجميع اليمين الديني المتطرف والتشكيلات المتطرفة الأرثوذكسية، أما بيني غانتس فلديه فرصة أقل.

ولفتت الصحيفة كذلك إلى أن حزبي العمل وميريتس اليساريين الإسرائيليين أعلنا اتحادهما قبيل الانتخابات، لتعزيز فرص نجاحهما في حصد عدد أكبر من المقاعد أمام معسكر نتنياهو، وذلك من خلال قائمة مشتركة أطلقا عليها اسم "حقيقة"، لكن اليسار في تراجع منذ سنوات عديدة. 

وشدد مراسل "لوفيجارو" على أن قائمة الأحزاب العربية الموحدة مستعدة لدعم وزير الجيش السابق، لكن الأمر أصبح مستبعد. وتراجعت فرص ذلك بسبب موقف بيني غانتس من صفقة القرن الأمريكية التي تمنح القدس عاصمة لإسرائيل.

ضربات تحت الحزام

في هذا السياق الغامض، تمكن بنيامين نتنياهو من خلق ديناميكية بسيطة لصالحه، طمأن ناخبيه على القضايا الأمنية حتى لو لم يكن لديه حل دائم لحل الأزمة في غزة. 

ورغم أنه لا يستطيع منع محاكمته، لكنه يقول لأنصاره إنه سينجح، إذا فاز بالانتخابات، في الحصول على الحصانة وتجاوز صلاحيات المحكمة العليا، وهي ركيزة النظام الديمقراطي الساري منذ إنشاء "إسرائيل".

كما ذكر المراسل أن الإعلان عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المزعومة للسلام في يناير/كانون ثاني الماضي، لم يكن لها التأثير المتوقع لقلب الموازين لصالح نتنياهو، لذلك ضاعف بيبي طاقته لانتزاع الأصوات من خلال جعل منافسه في موقف دفاعي.

وفي هذا الإطار، حاولت أوساط مقربة من حزب الليكود الحاكم في "تل أبيب" إلصاق شبهة فساد بغانتس، ضمن قضية تخص شركة "هميماد حميشي"، التي كان يتولى المرشح الحالي رئاسة مجلس إدارتها، حيث كتب نتنياهو، على "تويتر" تعليقا على فتح تحقيق: "يوم حزين لدولة إسرائيل".

كما اتهم يائير، أحد أبناء رئيس الوزراء، على حسابه بـ"تويتر"، غانتس بأنه أرسل شرائط جنسية إلى محبيه خلال عدوان إسرائيلي على غزة، إضافة إلى التسجيلات الصوتية لناتان إيشيل أحد المقربين من نتنياهو ويظهر فيها أن حزب الليكود أدار حملة كراهية توجه ضد "المزراحيم" وهم اليهود الشرقيين. 

وفي النهاية تساءلت الصحيفة الفرنسية: "هل يمكن للإستراتيجية التي يتبعها نتنياهو أن تحدث فرقا؟"، مؤكدة أن الإجابة ستحسمها صناديق الاقتراع، ومن ثم قدرة نتنياهو على تشكيل الحكومة.