وسط رفض شعبي.. هكذا تشرعن السعودية التطبيع مع إسرائيل

الرياض - الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في مؤشر على تنامي العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل ووصولها حد التطبيع العلني، أعلنت تل أبيب قبل يومين أنها ستسمح للإسرائيليين بزيارة السعودية لأداء مناسك الحج والعمرة ولحضور اجتماعات مع رجال أعمال.

ذلك الخبر الذي نشره الجانب الإسرائيلي دون تعقيب من السعودية على المستوى الرسمي، حظي بحالة رفض شعبي واسعة برزت من خلال تغريدات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، ومشاركتهم في وسوم #التطبيع_خيانة، #السعودية، #إسرائيل، لافتين إلى أن تلك الخطوات مقدمة لتمرير صفقة القرن.

وأكد الناشطون أن إسرائيل ستبقى عدو المسلمين الأول دائما وأبدا مهما حاولت الأنظمة العربية والخليجية تلميع صورتها أو التطبيع معها كليا أو جزئيا، سرا أو علنا، مشيرين إلى أن حكام العرب والخليج لا يمثلون شعوبهم.

ورأى رواد "تويتر" أن تحضير النظام السعودي لاستقبال الإسرائيليين على أراضيهم بدأ بإقامة الحفلات بالبقاع المقدسة وفتح البارات التي تسوّق "النبيذ الحلال" وذلك منذ وصول من وصفوه بـ"المولع بالمغامرات الماجنة" إلى السلطة، في إشارة إلى ولي العهد السعودي.

وتعد الحقيقة الثابتة أن "ابن سلمان" يقود التطبيع العربي مع إسرائيل منذ وصوله لولاية العهد، إذ بات الاحتلال الإسرائيلي يبرز علاقاته مع الدول العربية ويمدح تطبيع العلاقات ويثني على التعاون السري والعلني معها وعلى رأسها المملكة السعودية، وذلك في مجالات عدة منها التعاون الاستخباراتي والتكنولوجي وغيره.

فالعقد الأخير من تاريخ المملكة اتسم بالسعي الدائم للتقرب من إسرائيل برزت في تصريحات رسمية تبنى بعضها ولي العهد السعودي وشخصيات بارزة في النظام السعودي، تحمل مغازلة لإسرائيل عبر برامج ولقاءات حظيت بنسب مشاهدة عالية، وغيرها من الخطوات التطبيعية الأخرى، وذلك لضمان الرضا الأمريكي.

ورأى الداعية السعودي الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي أن "قرار إسرائيل الأخير بالسماح لمواطنيها بزيارة السعودية، تتويج لمجموعة من الخطوات السابقة التي قام بها الديوان الملكي ومهدت لهذه المرحلة من التطبيع".

وسبق لمجلة "فوربن بوليسي" أن قالت في تقرير لها قبل عامين: إن "القضية الفلسطينية لم تعد أولوية لدى الزعماء والقادة العرب، وأنهم باتوا منشغلين أكثر بأمورهم المحلية وقضاياهم"، مؤكدة أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ألقى بالقضية الفلسطينية "من الحافلة".

ولفتت إلى أن الإدارة الفلسطينية نظرت إلى العلاقات الوثيقة بين إدارة ترامب وبعض الدول الخليجية، نظرة ازدراء، وتحديدا بعدما بدأت العلاقات السعودية مع "إسرائيل" تشهد مزيدا من التقارب والدفء الذي لم يسبق له مثيل.

وغردت الإعلامية في قناة "الجزيرة" القطرية خديجة بن قنة، قائلة: "إلى غاية، أمس، كنت أعتقد أن السعودية كانت هي من يمنع الإسرائيليين من دخول المملكة من منطلق النخوة والشهامة والغيرة على الإسلام و المقدسات ومعارضة الاحتلال و نصرة فلسطين، حتى جاء القرار الإسرائيلي برفع الحظر عن زيارة الإسرائيليين إلى السعودية ووادي خيبر وقلعة خيبر".

ما يثبت أن السعودية لا تأبه للفلسطينيين وهي تهتم في المقام الأول بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وفق ما سبق وأكده ياكوف نيغل، المستشار السابق للأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيل في تصريحات صحفية له.

الدور الأمريكي

وبرز الدور الأمريكي في تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، إذ كشف فيلم وثائقي قدمه مارتن سميث في شبكة "PBS"، أن "ابن سلمان أراد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضمان مساعدة بلاده له في هزيمة إيران مع دعم طموحات الأمير في أن يصبح اللاعب الرئيسي والمتحكم الأول في الشرق الأوسط".

وأوضح الفيلم أنه في مقابل ذلك تعهد ابن سلمان بمساعدة ترامب وصهره، جاريد كوشنير، على حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، على حد تعبير سميث، الذي كان نواة لما شكل لاحقا الخطة الأمريكية لتسوية القضية الفلسطينية، والمعروفة باسم "صفقة القرن".

وفي هذا الشأن نشر فهد الغفيلي، الباحث السعودي والناشط المهتم في شؤون الخليج السياسية، مقطع فيديو للدكتور عبدالله النفيسي أستاذ العلوم السياسية بالكويت يؤكد فيه أن "الأمريكان حريصون على شيئين في الخليج، تفكيك الحالة الإسلامية في الجزيرة العربية تماما، وإعادة صياغة المجتمعات الخليجية".

وأكد أن حرصهم على ذلك لأنهم ينوون المكوث، وهذا المكوث مقدمة لمجئ الإسرائيليين، مشيرا إلى أن "الحالة الإسلامية هي المعيق الأساسي أمام الأمريكان وغيرهم".

وقال الناشط فيصل عبدالستار: إن "المتابع لخطوات التطبيع والتحالف القائم بين الطرفين -السعودي والإسرائيلي- يدرك تماما أن الأمر يتعدى الشكل"، مضيفا أن "الخطوة في سياق مواقف ترامب ولكف يد الأردن، ولاحقا سيعتذر ابن سلمان عما فعله النبي باليهود ويدفع لهم".

رفض وسخرية

وتناول بعض الناشطين الخبر بسخرية وتهكم، إذ تساءل ابن فيصل قائلا: "والصهاينة اللي جايين ورايحين طول هالوقت كانوا ممنوعين من زيارة السعودية؟ حتى السعودية كانت ولا تزال مانعة مواطنيها من زيارة (الكيان الصهيوني) ورغم هذا يزوروها على أعلى وأحط مستويات الشخصيات المحسوبة على النظام بدون محاسبة. سبحان الله تقول النظامين تربوا في حضن نفس الحاخام".

وتهكم صاحب حساب "طبيب الفلاسفة" قائلا: "بعد سماح الحكومة السعودية لليهود في إسرائيل بزيارة المملكة، توقع قريبا وأنت تطوف بالبيت العتيق أن ترى بجانبك حاخام يهودي يشاهد ما تفعله ويصوره بكاميرته ستصبح سياحة للجميع.  والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل ولعنة الله على المنافقين الكاذبين".

خطوات التطبيع

وحرص ناشطون على مواجهة النظام السعودي بكل خطواته التطبيعية التي انتهجها منذ وصول ابن سلمان لولاية العهد، إذ نشرت صفحة "خط البلدة" تحت عنوان "ابن سلمان.. الأمير اللاهث نحو إسرائيل"، مقطع فيديو يشير إلى إرسال ولي العهد السعودي، الأمين العالم لرابطة العالم الإسلامي ووزير العدل السعودي السابق محمد العيسى، للصلاة في معسكر الهولوكوست اليهودي، لافتا إلى احتفاء وتطبيل الإعلام الصهيوني بتلك الخطوة.

وأوضح المقطع أن تلك الخطوة التطبيعية سبقتها عدة خطوات قام بها ابن سلمان، منها: "اعترافه بحق الشعب اليهودي في أن يكون له دولة قومية في فلسطين، والاعتراف بوجود الكثير من المصالح التي يتقاسمها مع إسرائيل، وتعيين أربعة مستشارين صهاينة في الديوان الملكي، وإنشاء مجموعة إعلامية خاصة لتجميل إسرائيل".

وأكدت الصفحة عبر المقطع أن "ابن سلمان لا يهدف فقط للتطبيع السياسي بل يخطط للتطبيع الوجداني والعقدي إلى أن يتشرب المجتمع لفكرة أن إسرائيل دولة طبيعية يتم التعامل معها كدولة صديقة".

"مرتع للصهيانية"

وجزم الناشطون بأن النظام السعودي الذي يقوده ولي العهد محمد بن سلمان، يحول بلادهم إلى "مرتع للصهاينة"، في الوقت الذي يتعسف فيه مع جارتهم الخليجية قطر ويصر على تصعيد الأزمة الخليجية بمزاعم غير مقبولة، متبرئين من النظام والمؤيدين له.

وأشار صاحب حساب "صمصام قطر" إلى أن إعلام دول الحصار يُهاجم قطر وتركيا بأنهما على علاقات مع اسرائيل، قائلا: "طيب يا المُستحمر السعودي وش تسمي الإعلان الإسرائيلي على منح تصريح زيارات سياحية لليهود للسعودية".

وحذر ناشطون من خطورة تصعيد الخطوات التطبيعية التي ينتهجها ابن سلمان في بلاد الحرمين، وأكد صاحب حساب "أمير الخليج" أن "اتفاق ابن سلمان مع إسرائيل على اتفاقية عدم الاعتداء بين البلدين والسماح بتبادل الزيارات وزيارة الإسرائيليين لأي مكان في المملكة، تطبيع شديد الخطورة وعار يجب القضاء عليه".

صفقة القرن

واعتبر ناشطون كل خطوات التطبيع المنتهجة من النظام السعودي بأنها خطوات استباقية لتمرير "صفقة القرن"، إذ قال الناشط فهد المالكي: إن "زيارة وفد رابطة العالم الإسلامي لمعسكرات الاعتقال النازية في بولندا ولقاء أقطاب الحركة الصهيونية.. وإعلان إسرائيل السماح للإسرائيليين للعمل في السعودية هي مؤشرات لتمرير صفقة القرن واقتراب تطبيع السعودية مع إسرائيل".