لوبوان: ما الثمن الذي يدفعه حفتر لإشراك مرتزقة روس بغزو طرابلس؟

12

طباعة

مشاركة

تتجنب روسيا الانحياز العلني إلى أحد أطراف النزاع العسكري الدائر في ليبيا حفاظا على مصالحها، إلا أنها تراهن وراء الكواليس على اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي أمدته بمرتزقة تم الكشف مؤخرا عن مقتل العشرات منهم بالقرب من العاصمة طرابلس، الأمر الذي أحرج الرئيس فلاديمير بوتين.

وقالت مجلة "لوبوان" الفرنسية: "الشهر الماضي، قتل 35 من المرتزقة الروس بليبيا، في غارة جوية على أطراف طرابلس". ووفقا لموقع "ميدوزا" الناطق باللغة الروسية، فإن الجنود ينتمون إلى مليشيا فاغنر الخاصة.

وأشار الموقع، الذي يبث من لاتفيا، إلى أن هذه المليشيا تقاتل جنبا إلى جنب مع قوات خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، والمنخرط في صراع ضد حكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.

مليشيا فاغنر

و"بي دابليو سي فاغنر"، هي شركة مملوكة لـ "يفجينى بريجوزين"، وهو رجل أعمال مقرب من السلطة، وأيضا يملك وكالة أبحاث للإنترنت، معروف مساندتها للكرملين بمجموعة من الحسابات الوهمية على الشبكات الاجتماعية والمنتديات.

وبحسب المجلة الفرنسية، أصيب أثناء القتال، أحد قادة هذه المليشيا بجروح خطيرة وأُعيد إلى وطنه على وجه السرعة إلى مستشفى في سانت بطرسبرغ، موضحة أن ألكساندر كوزنتسوف، المعروف أيضا باسم "راتيبور"، الرجل الذي سجن سابقا بتهمة السطو والاختطاف، ظهر في عام 2016 على صورة للكرملين إلى يمين بوتين، حيث تلقى في ذلك اليوم، للمرة الرابعة وسام الشجاعة.

وأشارت إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تقاتل فيها فاغنر في الخارج، فهذه الشركة أرسلت بالفعل مرتزقة إلى 13 دولة إفريقية، ففي جمهورية إفريقيا الوسطى، توفر الأمن للسلطات المحلية أثناء العمل في مناجم الذهب والماس. 

وتصدرت فاغنر تقارير وسائل الإعلام منذ أعلنت واشنطن في السابع من فبراير/شباط 2018، أنها قتلت ما لا يقل عن مائة مقاتل موال للنظام في منطقة دير الزور، ردا على هجوم استهدف المقر العام لقوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة.

وبعد صمت استمر أيام، أقرت موسكو بمقتل خمسة من مواطنيها في تلك الهجمات وسقوط عشرات الجرحى، موضحة أنهم جميعا "توجهوا إلى سوريا بمبادرة منهم".

وإضافة إلى وجودهم في سوريا، ظهر مرتزقة فاغنر في بداية العام الجاري، بالسودان، لمساعدة الرئيس السابق عمر البشير، لكنهم لم يتمكنوا من منع الإطاحة به من قبل الشارع، تقول "لوبوان"، وفي الأسابيع الأخيرة، هبط 200 منهم في موزمبيق مع 3 طائرات هليكوبتر هجومية، ومهمتهم مساعدة الحكومة في التعامل مع "التمرد الجهادي".

وأكدت أنه في عام 2018، دخل المرتزقة الأوائل في فاغنر التراب الليبي، بعد أن رآهم خليفة حفتر في سوريا، حيث شاركوا في "تحرير تدمر وحلب"، منوهة إلى أن اللواء الليبي مقتنع أن بإمكانهم مساعدته في غزو طرابلس. 

وبينت أن حفتر، الذي كان في السابق في خدمة العقيد معمر القذافي، ذهب إلى موسكو، والتقى وزير الدفاع سيرجي شويجو ورجل أصلع يدعى إيفجيني بريجوزين، الملقب بـ "بالطاهي الرئيسي" لبوتين،  مؤسس فاغنر، الذي يدير عشرات المطاعم الفاخرة ومقاصف الجيش وشركة للإنترنت متهمة بالتدخل في الحملة الرئاسية الأمريكية. 

أهداف بوتين

وأشارت المجلة إلى أن حفتر يحتاج إلى هذا الرجل، ومقابل المساعدات العسكرية، يعد اللواء المتقاعد، الروس بـ"البنزين والاستثمار في السكك الحديدية والطرق السريعة، وكل ما يريدون".

وتأمل روسيا عبر حذرها النسبي بالمحافظة على مصالحها الاقتصادية في البلد الغني بالنفط والذي انزلق إلى الفوضى بعد سقوط العقيد القذافي نهاية 2011.

وكانت موسكو ظفرت قبل 2011 بعقود واعدة تبلغ قيمتها عدة مليارات دولار، تتعلق ببيع أسلحة ومشاريع نفطية في ليبيا التي كانت في حينه أحد زبائنها العرب الرئيسيين.

وتقول "لوبوان": "في مارس/أذار، عشية هجوم حفتر على العاصمة الليبية، كان هناك 300 مرتزق روسي يعملون بجانب قوات "الجيش الوطني الليبي"، حيث عملوا في سوريا وأيضا دونباس، المنطقة الشرقية من أوكرانيا وهي في حالة حرب مع كييف". 

وتابعت: "وفيما باتوا يحرزون تقدما مع قوات حفتر، تقطعت بهم السبل على مشارف المدينة، فالهجوم الجوي قطع صفوفهم، ومن بين الفرضيات المطروحة، وجود طائرات مقاتلة للقوات الجوية التركية إلى جانب قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا".

ولفتت المجلة الفرنسية إلى أن هذه الحادثة تذكرنا بالخسائر التي تكبدتها فاغنر في سوريا، ففي فبراير/شباط 2018، في منطقة دير الزور، أوقفت الطائرات الأمريكية هجوما نفذته قوات النظام السوري المدعومة بفاغنر وقتل العشرات من المرتزقة الروس هناك.

وأكدت أنه في مواجهة هذه النكسة الجديدة، تظل موسكو صامتة، وتشير إلى أن المبادرات العسكرية الخاصة لا ترتبط بالسلطة. وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية: "هناك القليل الذي يمكننا القيام به قانونيا لمنع المواطن الروسي من أن يصبح حارسا شخصيا في الخارج".

أما بالنسبة لظهور بريجوزين في شريط فيديو إلى جانب حفتر وسيرجي شويجو، فيقول المسؤولون الروس إنه ظهر من أجل التأكد من وجبات الطعام المقدمة لحفتر ووزير الدفاع الروسي.

وخلصت المجلة إلى أنه بغض النظر عن وجودهم، في القارة الإفريقية وأماكن أخرى، يظهر فاغنر الآن كأداة لاستعادة عظمة روسيا وهي أولوية بالنسبة للرئيس بوتين. 

فخلال القمة الروسية - الإفريقية التي ستعقد يومي 23 و24 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري في سوتشي، سيستقبل زعيم الكرملين حوالي 40 من القادة الأفارقة، ومن المؤكد أن "الطاهي الرئيسي" بريجوزين، سيتابعه عن كثب.

ويشير محللون إلى رغبة موسكو في "إظهار حضورها" بليبيا بعد منجزاتها في سوريا وعودتها التدريجية إلى عدة دول إفريقية، إذ أن الأزمة الليبية من شأنها أن تمثل فرصة لروسيا لتتحرك خطوة جديدة في وجه واشنطن.