لماذا طلب زعيم المعارضة التركية من أردوغان مصافحة السيسي وبشار؟ 

أحمد يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

"عليك أن تتصالح مع مصر التي نتشارك معها التاريخ والثقافة. يجب على تركيا أن ترسل سفيرا إلى مصر، وبذل الجهود الدبلوماسية لتتحول مصر إلى بلد ديمقراطية، وإيقاف الإعدامات السياسية".

ما سبق جزء من كلمة زعيم المعارضة التركية، ورئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، أمام الكتلة البرلمانية لحزبه في البرلمان

في 16 يوليو/ تموز 2019، شن خلالها هجوما على السياسة الخارجية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

كليجدار قال "إذا كنا نريد أن تكتسب تركيا اعتبارا في سياستها الخارجية فعلى أردوغان أن يتخلى أولا عن الإخوان المسلمين.. من هم الإخوان؟، إن مصالح الدولة التركية فوق كل شيء".

كليجدار أعلن وقوفه ضد محاولة الانقلاب العسكري التي جرت في تركيا 15 يوليو/ تموز 2016، وقبلها بثلاث سنوات أعلن أيضا رفضه الانقلاب العسكري في مصر 3 يوليو/تموز 2013، عندما أطاح الجيش بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر، واستولى الجنرالات على السلطة.

كليغدار هو نفسه الذي يطلب الآن من أردوغان إنهاء مشهد العلاقة المتوترة بين أنقرة والقاهرة مطالبا في كلمته بـ "تغيير السياسية الخارجية لتركيا 180 درجة، قائلا "على تركيا ترميم علاقتها مع مصر من أجل تحقيق السلام في المنطقة".

انقلاب 15 تموز

في العام 2010، انتخبت الهيئة العامة لحزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو رئيسا للحزب بعد استقالة سلفه دينيز بايكال، ومنذ ذلك الحين وهو يقود أكبر أحزاب المعارضة في مواجهة حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يتزعمه رئيس البلاد رجب طيب أردوغان.

في 15 يوليو/تموز 2016 وقف كليجدار أوغلو ضد الانقلاب العسكري وانتقد المشاركين فيه. وفي صبيحة اليوم التالي للمحاولة كان حاضرا بين زملائه في البرلمان لإعلان وقوفهم إلى جانب الشرعية الديمقراطية.

لكنه عاد وقال إن "محاولة الانقلاب سيناريو مدبر" كما تساءل في أكثر من مناسبة عن "الذراع السياسي" خلال الانقلاب، في إشارة منه أن هذا الذراع ينتمي لحزب العدالة والتنمية. 

وفي 21 أبريل/ نيسان تعرض كليجدار أوغلو لهجوم من جانب محتجين، خلال جنازة عسكرية في العاصمة أنقرة. وأظهرت لقطات الرجل وهو يتلقى دَفَعات خلال المشاجرة، بينما حاول بعض الأشخاص في الحشد توجيه ضربات له.

لجأ كليجدار أوغلو، برفقة قوات الأمن، إلى منزل مجاور، حتى تفرق الحشد، والسبب هو تحالفه مع حزب الشعوب الديمقراطي "الكردي"، الذي يعتبره البعض على علاقة وثيقة بتنظيم "بي كا كا" المصنف إرهابيا من قبل الدولة التركية.

التصالح مع بشار

التصالح مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، يمثل عقيدة راسخة في عقلية كليجدار أوغلو، حيث دعا أردوغان، إلى عقد محادثات على المستوى الرسمي مع سوريا بأسرع وقت ممكن.

كليجدار قال: "على تركيا أن تعقد محادثات على المستوى الرسمي مع سوريا بأسرع وقت ممكن". متسائلا "لماذا لا يوجد لدينا سفير في دمشق؟ ولماذا نعقد محادثات غير مباشرة عبر روسيا؟ فوحدة الأراضي السورية من مصلحة تركيا، والحل الوحيد للأزمة السورية يكمن في التفاوض مع نظام الأسد والجلوس معه إلى طاولة الحوار. الأسد ربح الحرب الداخلية في بلاده، والحديث معه سيحقق منافع كبيرة لتركيا".

كلام كليجدر يأتي متعارضا تماما مع موقف الرئيس أردوغان الذي دأب على مهاجمة الأسد ووصفه بـ"الطاغية والإرهابي والجزار. لا يمكن أبدا مواصلة الطريق مع بشار الأسد في سوريا. لماذا؟ لأنه لا يمكن المُضي مع شخص قتل قرابة مليون مواطن من شعبه".

الرئيس التركي طالما قال عن بشار إنه "إرهابي، مارس إرهاب الدولة. هل يرضى الشعب السوري رؤية هذا الشخص على رأس هرم السلطة في البلاد؟ الأسد دمر سوريا، وعليه أن ينسحب من اللعبة ونقوم اليوم بإتمام محادثات أستانا وجنيف، ونريد أن يبني الشعب السوري على أساسها قراره حول مستقبله".

اللاجئون السوريون

في 18 يونيو/ حزيران 2019، وصف زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، وجود اللاجئين السوريين في بلاده "بالكارثة"، محمّلا حكومته مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع.

واستغرب كليجدار أوغلو تحوّل سوريا بالنسبة إلى تركيا، من دولة صديقة إلى عدوة بين ليلة وضحاها، قائلا "في السابق كان رجال الأعمال الأتراك ينشئون الشركات في سوريا، وفجأة تحوّلت سوريا إلى عدوة، ووصل أعداد السوريين في تركيا إلى ما يزيد عن 3 ملايين و600 ألف".

وأفاد بأن "أعداد السوريين في بعض الولايات التركية فاقت تعداد السكّان المحليين"، مدعيا: "لو رشح السوريون أنفسهم في الولايات التي يوجدون فيها بأعداد كبيرة لرئاسة البلدية لفازوا بها".

وانتقد كليجدار أوغلو وجود السوريين، لافتا إلى أن الشباب السوريين يستجمون ويقومون برحلات سياحية داخل تركيا، بينما الشباب الأتراك يستشهدون في سوريا. محذرا من توافد المزيد من اللاجئين السوريين باتجاه تركيا، نتيجة الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة إدلب. 

بسبب تصريحات كليجدار أوغلو التي وصفت بالعنصرية، مطلع يوليو/ تموز الحالي، وبعد أيام قليلة من إعلان نتيجة انتخابات بلدية إسطنبول، تجمّع مئات المواطنين الأتراك في تظاهرات، وهاجموا محال السوريين التجارية، وحطموها في منطقة "إكي تلي" في الجانب الأوروبي من إسطنبول، بالإضافة إلى مضايقات واشتباكات شهدتها عموم تركيا في الفترة الماضية. 

عاشق الطغاة

علق الدكتور ياسين أقطاي مستشار رئيس حزب "العدالة والتنمية" على تصريحات كمال كليجدار أوغلو، قائلا "ينادي كليجدار أوغلو بضرورة التصالح مع الطاغية السيسي الذي استولى على السلطة بانقلاب مشين وقتل 3 آلاف مدني أعزل احتجوا على انقلابه في يوم واحد في مجزرة جماعية، ثم حول مصر إلى سجن كبير، ليموت الناس في السجون تحت تأثير التعذيب الذي يتعرضون له".

ويضيف أقطاي في مقاله بصحيفة يني شفق "كما يقول (كليجدار) علينا التخلي عن علاقتنا الأخوية مع جماعة الإخوان المسلمين التي يعاني كل أعضائها اليوم الأمرّين إما في المنفى أو داخل السجون تحت تأثير التعذيب. كما يقول علينا التفاوض المباشر مع مجرم الإنسانية بشار الأسد الذي قتل من شعبه مليون شخص دون أن تهتز له شعرة".

مضيفا "ماذا علينا أن نقول للرد على هذه العروض التي يقدمها السيد كليجدار أوغلو الذي لم تفتح 15 تموز عينيه؟ فليزرقه الله ما يستحق".

وأردف مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية قائلا "يبدو أن قلب كليجدار أوغلو الذي ينعت أردوغان ليل نهار بالدكتاتور يسكنه الكثير من الطغاة! ولا يمكن أن نفهم شيئا من هذه العروض سوى أن ذلك السياسي الذي يستطيع الحديث اليوم عن التصالح مع السيسي وبشار يرى أنه من الممكن أن يكون هناك ديكتاتورا مشابها لهما في تركيا".

وتابع "أما شكواه من أردوغان فليست بسبب استبداده أو اضطهاده، بل  في الغالب لأنه لا يتولى منصبه. وهكذا يكون كليجدار أوغلو يعدنا جميعا بأنه لو صار مكان أردوغان، لا قدر الله، فإنه سيكون نسخة جديدة من السيسي وبشار".

ويختتم أقطاي مقاله "لم نسمع حتى الآن كليجدار أوغلو ينبس ببنت شفة بشأن الذين قضوا نحبهم تحت التعذيب في السجون المصرية، كما لم نسمع له تصريحا عن إعدام الشباب الأبرياء بمحاكمات تعسفية أو مئات الأشخاص الذين ينظرون حاليا تنفيذ حكم الإعدام، ويا ليته كان قد ذكر هذا الأمر بذكره مصر في ظل انقلابها الناجح (النسخة المصرية من 15 تموز) في يوم أحيينا فيه الذكرى الثالثة لأحداث تحولت خلالها الديمقراطية والإرادة الشعبية إلى ملحمة تاريخية خالدة".

أبعاد طائفية

وُلد كمال كليجدار أوغلو يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 1948 في بلدة ناظمية بولاية تونغلي (شرقي الأناضول) في تركيا، لعائلة من "الطائفة العلوية" تعود أصولها إلى خراسان في إيران. 

وكان اسم والده "قمر خان" لكنه في العام 1950 غير كنيته من "خان" إلى كليجدار أوغلو، وهو الرابع بين أبناء العائلة السبعة، وأب لابنتين.

ويتزعم كليجدار المعارضة التركية منذ عام 2010، باعتباره رئيس أكبر أحزابها، وهو معروف داخليا بمواقفه المناهضة بشدة لحزب العدالة والتنمية وحكوماته المتعاقبة، كما يعارض بقوة سياسات الحزب الخارجية لا سيما في موضوع الانفتاح على الشرق الأوسط والعالم العربي.

وعلى المستوى الخارجي، يوصف بأنه صديق للنظام السوري برئاسة بشار الأسد، وهو ما يرده مراقبون لخلفيته الطائفية العلوية الشيعية، كما تجمعه علاقة قوية بنظام الحكم في العراق وإيران.

وصرح حزب الشعب الجمهوري، الذي يتميز بتوجهه اليساري، بمعارضته للثورة السورية منذ اندلاعها عام 2011، وأكد في بدايتها دعمه للنظام في سوريا، حيث انتشرت صور عدة لنواب من الحزب، قاموا في مهد الثورة بزيارة رأس النظام بشار الأسد، والتقاط صور إلى جانبه، في إشارة منهم إلى وقوف الحزب معه.

وتعالت صيحات مسؤولي حزب الشعب الجمهوري بضرورة الحوار مع الأسد وفتح قنوات اتصال مباشر معه من أجل حل في سوريا. وينتقد حزب الشعب سياسة تركيا وأردوغان في استقبال السوريين في تركيا، وكذلك قرار تجنيس السوريين.

وسبق أن تعهد "كمال كليجدار أوغلو" ومسؤولي حزبه مراراً بإعادة السوريين إلى بلادهم في حال فوز حزبهم في الانتخابات المقبلة. وفي انتخابات الرئاسة التركية عام 2018، قال مرشح حزب الشعب الجمهوري "محرم إنجه" عن وجود السوريين في بلاده "سنعيد السوريين إلى بلادهم بالطبل والزمر".