زارت إسرائيل.. من هي ملكة جمال العراق المثيرة للجدل؟

يوسف العلي | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

طالما أثارت ملكة جمال العراق لعام 2017 سارة عيدان، الجدل بتصريحاتها ولقاءاتها وزياراتها ومواقفها التي تتنافى مع توجهات وسياسات بلدها، خصوصا فيما يتعلق بتشجيعها المتكرر على التطبيع مع إسرائيل، ووصفها للمقاومة الفلسطينية بأنها "إرهابية".

المجندة السابقة في الجيش الأمريكي، والمقيمة حاليا في الولايات المتحدة التي تحمل جنسيتها، ناشدت قبل أيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإسرائيل، بالوقوف معها لمنع إسقاط جنسيتها العراقية.

تاريخ مريب

لم تكن سارة عيدان التي تبلغ من العمر 29 عاما، معروفة في المجتمع العراقي قبل عام 2017، حين سحبت "مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون العراقية" -منظمة غير حكومية تنظم مسابقة كل عام لملكة جمال العراق- اللقب من العراقية فيان السليماني، بعدما تبين أنها متزوجة سابقا، ليمنح إلى وصيفتها سارة.

وأكدت منظمة "المرأة والمستقبل العراقية" -إنسانية غير حكومية غير ربحية- أنها لا تعرف سارة عيدان، ولا المسابقة التي فازت بها، فيما أشارت إلى أن عيدان لا تعرف التاريخ الحديث للمنطقة.

وقالت رئيسة المنظمة ندى الجبوري: إنه "على صعيد العمل النسوي والعمل بالمجتمع المدني لا أحد يعرف من هي سارة عيدان، وعن كونها ملكة جمال العراق أيضا، لا أحد يعرف أين كانت هذه المسابقة؟".

وأضافت: إن "ثقافة عيدان تجعل ما صرّحت به لا يمثل سوى وجهة نظرها الخاصة، وهي قليلة الخبرة والمعرفة. وإنني أجزم بأنها لا تعرف التاريخ الحديث للمنطقة".

لكن أبناء محافظة بابل وسط العراق، التي تنحدر منها عائلة عيدان كانوا على معرفة بها، فقد سبق لها أن عملت مجنّدة لدى قوات الاحتلال الأمريكي بعد غزو العراق عام 2003، وخرجت من البلد في 2009.

سارة عيدان، أعلنت في تصريحات سابقة أنها خدمت العراق عندما كانت مجندة في الجيش الأمريكي، وكتبت أنها "قاتلت بجانب الولايات المتحدة لإنهاء الاستبداد وتحقيق الديمقراطية في العراق، إن حرية التعبير هي أساس الديمقراطية ويجب أن تتم حمايتها".

وكانت سارة عيدان تعمل بصفتها مترجمة مع الجيش الأمريكي، ووصلت للولايات المتحدة في 2009، لكنها كانت تزور بلدها الأم وآخرها في 2017 أثناء تنافسها في مسابقة ملكة الجمال.

وقالت في تصريحات لها: "لم أستطع زيارة العراق منذئذ بسبب تهديدات كثيرة وصلتني بسبب صورتي مع ملكة جمال إسرائيل"، مشيرة إلى أن "أحد الوزراء طلب من المنظمة المسؤولة عن المسابقة أن يطلبوا مني إزالة الصورة".

وخلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف يوم 7 يوليو/تموز الجاري، انتقدت عيدان الحكومة العراقية لعدم دعمها بعد تلقيها تهديدات بالقتل بسبب صورة جمعتها مع ملكة جمال إسرائيل لعام 2017 أدار جاندلسمان.

هروب عائلتها

أثارت ملكة جمال العراق لعام 2017، غضب وانتقاد العراقيين، بعد نشر صورة لها مع نظيرتها الإسرائيلية، خلال مشاركتهما في مسابقة ملكة جمال الكون، التي أقيمت بمدينة لوس أنجلس الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.

رفضت سارة عيدان حذف صورة السيلفي، لكنها وبعد يوم من نشرها، وافقت على نشر تدوينة تشرح فيها أنها لا تؤيد الحكومة الاسرائيلية أو سياساتها في الشرق الأوسط، واعتذرت من "كل من يعتقد أنه هجوم على القضية الفلسطينية".

لكن تراجعها على ما يبدو كان مؤقتا، فلم تتحدث عيدان إلى وسائل الإعلام بعدها حتى تمكن والداها وأفراد أسرتها من مغادرة العراق بهدوء، قائلة: إن "الناس هناك عرفوا عائلتها مباشرة، وكانوا يتلقون تهديدات بالقتل".

وأفادت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية بأن عائلة عيدان واجهت ضغوطًا واسعة وسلسلة من الانتقادات، عقب ظهور سارة رفقة جاندلسمان في صورة شاركتها الأخيرة عبر حسابها على موقع "إنستجرام".

وقبل ذلك، أثارت ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب ظهورها، في مسابقة ملكة جمال الكون، بملابس البحر. وذكرت تقارير أن، سارة عيدان سارت على منصة ملكة جمال الكون، بقطعتي ملابس سباحة، كشفت عن تفاصيل جسدها.

وتصف عيدان نفسها، وهي من مواليد 1990 ببغداد، بأنها مطربة وكاتبة للأغاني، وتحمل شهادة في فنون الأداء، ومن خلال عملها مجنّدة مع قوات الاحتلال الأمريكي بالعراق، حصلت على فرصة للسفر إلى الولايات المتحدة.

وكانت المتسابقة الإسرائيلية قد ذكرت، في حديثها لصحيفة "التايمز" الإسرائيلية، أن أسرة عيدان غادرت البلاد بعد تلقيها تهديدات على خلفية الصورة.

وتعتبر هذه المرة الأولى منذ 45 عاما التي تشارك فيها مواطنة عراقية في مسابقة ملكة جمال الكون، التي أقيمت في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 بمدينة لاس فيجاس.

زيارة إسرائيل

وعلى الإثر، اضطُر الغضب الذي أثاره نشر الصورة في بلدها العراق الذي لا يعترف بإسرائيل وهو رسمياً في حالة حرب معها، أسرة عيدان إلى الانتقال للعيش في الولايات المتحدة.

وفي يونيو/حزيران 2018، فاجأت سارة عيدان الجميع بزيارة إلى إسرائيل، والتقت مجددا بجاندلسمان، ونشرت صورا ومقاطع فيديو لهما على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي.

وأظهر تقرير على "القناة الثانية" للتلفزيون الإسرائيلي عيدان وهي تتجول في سوق محانيه يهودا في القدس حيث رحّب بها السكان ومن بينهم يهود من أصل عربي تحدثوا معها بالعربية.

وخلال مؤتمر صحفي في القدس نظمه "منتدى اللجنة الأمريكية اليهودية العالمية"، دعت عيدان إلى السلام بين العراق وإسرائيل. وقالت: "سافرت لآلاف الأميال وعرّضت حياتي للخطر ليس للتعبير فقط عن مدى شعورنا بالسأم من هذه الحرب التي لا نهاية لها بين بلدينا".

وأضافت، أن زيارتها إلى إسرائيل كانت تهدف إلى الدعوة إلى "نهج جديد" لتحقيق السلام الذي يسعى إلى "إحكام العقل، والتسوية المتبادلة، والوحدة" بدلا من "التأكيد على خلافاتنا وزرع الكراهية".

وفي معرض تناولها الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، قالت عيدان إنها تعتقد أن الشعبين "لهما الحق في التعايش على هذه الأرض الجميلة"، مضيفة أنها تأمل في رؤية اليهود والعرب يسافرون في المنطقة بحرّية وبدون خوف.

وقالت خلال مؤتمر اللجنة الأمريكية اليهودية، إنها تأمل في "فصل جديد لإسرائيل وفلسطين، يجلب قدرا أقل من الدماء ومزيدا من الصداقة".

إسقاط الجنسية

ووصل الجدل الكبير والغضب بين العراقيين من زيارة سارة عيدان، لإسرائيل، إلى أروقة البرلمان العراقي فقد تلقت لجنة الأمن والدفاع، طلبات من نواب لإسقاط الجنسية العراقية عنها، وخصوصا عقب تصريحاتها الأخيرة بخصوص إسرائيل وحركة "حماس".

وكتبت سارة عبر حسابها على "تويتر"، قبل أسبوعين، أن "الحكومة العراقية استنكرت تصريحاتي في الأمم المتحدة، على أساس أنني لا أملك حق حرية التحدث عن إسرائيل، الآن يحاولون إسقاط جنسيتي، هذا غير إنساني، أنا عاجزة عن التعبير".

وتساءلت: "هل يعقل هذا الكلام؟ هناك إرهابيون عراقيون مثل أبو بكر البغدادي لم يسحبوا جنسيتهم وأنا تسحب مني جنسيتي بسبب تعبيري عن رأيي"، وجددت في تصريحات صحيفة حديثة دعوتها لبلدها الأم لتحقيق السلام مع إسرائيل، كما جددت وصفها لحركة حماس بـ"الإرهابية".

وقالت: "إذا كان هناك دول عربية مثل الإمارات والسعودية تصنف حركة حماس إرهابية، فما المشكلة في وصفي لها بالإرهابية؟"، مطالبة الحكومة ببيان موقفها من التهديدات التي تصلها والمطالبة بسحب جنسيتها.

وتلقت لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي دعوات تطالب بإسقاط الجنسية العراقية عن عيدان، بسبب دفاعها عن إسرائيل ومهاجمتها حركة حماس.

العضو باللجنة علي الغانمي، قال: إن "ما فعلته عيدان جريمة، يحاسب عليها القانون"، مؤكدا أن "عقوبة ما تقوله وتفعله سارة عيدان، إذا كان يصل إلى إسقاط الجنسية العراقية عنها، فنحن ندعم ذلك".

وقالت سارة عيدان: "مستحيل أن أتخلى عن جنسيتي العراقية وهي هويتي الأولى، وليس معنى أنني جئت لأميركا أنني أتخلى عن هويتي".

وحول ما إذا دعتها إسرائيل لزيارتها هل ستقبل أم لا؟ قالت: "أنا بالفعل زرت إسرائيل العام الماضي بالتحديد في منتصف يونيو/حزيان 2018، وليس لدي مانع من زيارة إسرائيل مرة أخرى، حتى لو سحبوا مني الجنسية، أنا إنسانة حرة وهذه حياتي ولا أقبل أن يملي علي أي شخص أوامره".

وترى سارة أن العراق نفسه ليس لديه مشكلة مع إسرائيل "لكن الذيول والعمائم الإيرانية التي تتحكم في العراق هي التي لديها مشكلة مع إسرائيل"، مشيرة إلى أن "الفساد المتفشي في البلاد أدى لتغلغل إيران في الدولة". وتناست أن موقف العراق ثابت من القضية الفلسطينية حتى إبان نظام صدام حسين، وفقا لمراقبين.

صفقة القرن

وبخصوص صفقة القرن، قالت خلال مقابلة صحفية: "لم أندم على ما قلته في دعم صفقة القرن، ولا أعلم لماذا هذه الحساسية تجاه القضية، أنا لم أقل سوى إنني أدعم صفقة القرن ويتعين أن يكون هناك حل سلمي بين إسرائيل وفلسطين".

وأضافت: "هل ترضى تلك الجهات السياسية العراقية التي تنتقدني أن تكون هناك حرب بين إسرائيل وفلسطين للأبد؟ وهل هذا هو الحل؟".

وادعت أنها "تحصّلت على دعم من الشارعين العراقي والفلسطيني تجاه تأييدها للصفقة"، مبينة أن "العراقيين يشكون من الفصائل المسلحة (الحشد الشعبي) ويقولون إن تلك الفصائل هي التي دمرت البلد".

وذكرت سارة: "أتمنى زيارة العراق لكن عندي شك في أنهم سوف يتركونني أخرج من المطار". وقالت: "ياريت يرحلوني، لكن هؤلاء ليس لديهم مانع في قتلي، الفاسدون خلقوا الطائفية وإيران أصبحت تحتل العراق".

وأكدت أنها ستستمر في التعبير عن رأيها بحرية "وحقي في جنسيتي، لأنهم إذا سحبوها فإن هذا سيشجعهم على فعل المزيد وستكون رسالة تهديد لغيري"، مطالبة بدولة ديمقراطية وقانون عادل يحكم الجميع في سلام.

استنجدت ملكة جمال العراق، الأسبوع الماضي، عبر عدد من تغريدات على "تويتر" بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد حكومة بلادها التي تدرس سحب الجنسية عنها بسبب دعمها العلني لإسرائيل.

 

وأكدت في تغريدة أخرى: "يجب أن أناضل للحفاظ على الجنسية؛ لأن هذه معركة ليست فقط من أجل حقوقي ولكن أيضا ضد معاداة السامية"، معربة عن أملها أن "تتدخل كل من إسرائيل والولايات المتحدة لمواجهة هذا القرار".

من جهته، دعمها يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أحد تعليقاته على منشوراتها قائلا: إن "الإسرائيليين يحبونها".