خالد البلشي.. صوت "ثورة يناير" الذي هزم مرشح السيسي في نقابة الصحفيين

داود علي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

نتيجة هزت أركان النظام المصري، بعد إعلان فوز "خالد البلشي" بمنصب نقيب الصحفيين عقب تاريخ من صدامه القوي مع السلطات، جراء دفاعه المستميت عن حرية الصحافة والتعبير في "أرض الكنانة".

وعُدّت نتائج انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين المصريين التي جرت في 17 مارس/ آذار 2023، رسالة مهمة وقوية للتغيير النقابي في البلاد.

وأفرزت معركة الانتخابات القوية، سيطرة تيار الاستقلال (محسوب على المعارضة) على نصف مقاعد مجلس النقابة، بعد فوزه بـ4 من أصل 6 جرت عليهم هذه الانتخابات.

وحسم منصب النقيب، البلشي (51 عاما)، رئيس تحرير موقع درب (محجوب من قبل النظام)، حسبما أعلنت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات.

وبحسب اللجنة، فقد بلغ إجمالي الأصوات التي حصل عليها البلشي 2450 صوتا، مقابل 2211 لرئيس تحرير صحيفة "الأخبار" القومية، خالد ميري.

وبفوز البلشي وزملائه، زاد تيار "الاستقلال" تمثيله في مجلس النقابة بعدما كان أقلية في المجلس المنتهية ولايته، لكن الدلالة الأهم أن النقيب الجديد من أبناء الفريق المحسوب على "ثورة 25 يناير 2011" في أوساط الجماعة الصحفية المصرية.

السيرة الذاتية 

ولد خالد البلشي في 6 يوليو/ تموز 1972 بمحافظة دمياط في "الدلتا المصرية".

وعام 1995 تخرج في كلية الإعلام بجامعة القاهرة حاصلا على بكالوريوس الإعلام قسم الصحافة.

في بداية عمله الصحفي التحق كمحرر بمجلة "روزاليوسف" في أغسطس/ آب 1998 وحتى مارس/ آذار 2005.

ومن عام 2005 التحق للعمل بجريدة "الدستور" نائبا لرئيس التحرير، وكانت الجريدة آنذاك من أشد صحف المعارضة. 

وفي 2007 عمل بموقع "البداية" رئيسا للتحرير حتى سبتمبر/ أيلول 2012، لينتقل في العام التالي لرئاسة تحرير جريدة "البداية".

عام 2014 أصبح رئيسا لتحرير موقع "بوابة الوادي نيوز" لمدة 5 شهور، وفي 2018 عمل رئيس تحرير موقع "كاتب".

ومنذ فبراير/ شباط 2020 يرأس خالد البلشي رئاسة تحرير موقع "درب"، وللمفارقة هذا الموقع ضمن قائمة المواقع الصحفية المحجوبة من قبل نظام عبدالفتاح السيسي. 

وبهذا فإن البلشي ترأس 3 صحف محجوبة بأمر من النظام، فإلى جانب "درب"، كان موقعي "كاتب" و"البداية" من المواقع المحظورة أيضا.

وعلى المستوى الفكري، يصنف البلشي صحفيا يساريا ويوصف بأنه مدافع شرس عن "الحريات الصحفية" كما أنه عضو في حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي".

"تيار يناير" 

يعرف البلشي في الوسط الصحفي بأنه من تيار أنصار "ثورة 25 يناير 2011" التي غيّرت نظام حسني مبارك، كما اشتهر بدفاعه عن حرية التعبير ودعم قضايا الحريات والدفاع عن حقوق الصحفيين، ودائما ما ينظر إليه على أنه مرشح المعارضة التي لا تروق للنظام.

لم يكتف البلشي بذلك، بل انخرط في معارك شرسة ضد السلطة القائمة دفاعا عن الصحفيين، ومن أشهر تلك المعارك، عندما كان عضوا بمجلس نقابة الصحفيين عام 2016، ورئيسا للجنة الحريات بالنقابة، إذ أطلق حملة بعنوان "الصحافة ليست جريمة"، طالب من خلالها بإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين.

لكن لا ينسى دور البلشي في ما يعرف بـ"الأحد الأسود" الموافق 1 مايو/ آيار 2016، عندما اقتحمت قوات الشرطة مقر نقابة الصحفيين لإلقاء القبض على اثنين من الصحفيين.

الصحفيان هما "عمرو بدر"، و"محمود السقا" اللذان كانا معتصمين هناك، احتجاجا على مداهمة قوات الأمن لمنزليهما بعد إصدار نيابة أمن الدولة العليا قرارا بضبطهما وإحضارهما، بتهمة "التحريض على التظاهر" في الاحتجاجات المتعلقة بجزيرتي "تيران وصنافير".

وقتها حاول البلشي حماية زملائه واعترض على إجراءات الاقتحام والاعتقال، وقاد تظاهرات تضم مئات الصحفيين للمطالبة بإقالة وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، والتنديد بما وصفوه بأنه "حرب على الإعلام".

تحركت السلطات بشراسة وتم وضع رئيس النقابة آنذاك، يحيى قلاش، واثنين من زملائه، أحدهما عضو المجلس البلشي، رهن الاحتجاز، تحت دعوى "إيوائهم صحفيين مطلوبين للأمن". 

وفي 25 فبراير/ شباط 2017، قضت محكمة قصر النيل في جلستها بمعاقبة قلاش والبلشي بتهمة "إيواء مطلوبين أمنيا" (صحفيين معتقلين) بالحبس عامين مع الشغل وكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهما.

لكن في 25 مارس 2017، عادت محكمة الاستئناف وقضت بتخفيف العقوبة إلى حبس قلاش والبلشي عاما مع وقف التنفيذ، مع تأكيد دفع الكفالة. 

وقتها خرج البلشي معلقا على الحكم بغضب: "هذه الدولة تكره حرية الصحافة".

وأوضح أن "الحكم بحبسه وقلاش وجمال عبد الرحيم عاما مع إيقاف التنفيذ، هو انتهاك من ضمن 800 انتهاك للصحفيين والصحافة، تضمنها تقرير لجنة الحريات بالنقابة، الذى صدر خلال عام 2017".

وأضاف أن "نقابة الصحفيين لن تلتفت إلى أى قضايا سوى القضايا والمعارك الأهم، وهى قضايا الحريات الصحفية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحفيين".

تلك المعركة التي خاضها البلشي، أهلته عام 2017 للفوز بجائزة "نيلسون مانديلا" الدولية للمدافعين عن حقوق الإنسان، وذلك من بين 300 مرشح على مستوى العالم.

نقيب الصحفيين 

توجهات البلشي ومواقفه جعلت من الصعوبة فوزه في انتخابات نقابة الصحفيين، خاصة وأنه قبيل انطلاق الانتخابات لم يكن تيار "الاستقلال" ينتوي الدفع بمرشح، وأطلقوا ما يعرف بـ"الخيار زيرو" أي عدم الدفع بمرشح، باعتبار أن الأمر محسوم للمرشح المحسوب على النظام، وهو "خالد ميري". 

لكن البلشي فضل عدم الاستسلام لذلك الخيار، وقرر اقتحام الحاجز الصعب، ليقوم تيار "الاستقلال" وعدد كبير من الصحفيين بالتضامن معه وتأييده، لا سيما وأن وضع الصحافة في مصر خلال الأعوام الماضية يرثى له.

وفي مايو 2022، حلت مصر في المرتبة 168 من 180، في المؤشر السنوي لحرية الصحافة العالمي، الذي تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود".

وفي 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 وثق فريق "المرصد العربي لحرية الإعلام" وجود 46 صحفيا وإعلاميا مصريا خلف القضبان، على ذمة قضايا تشمل اتهامات نشر، بالإضافة إلى اتهامات أخرى نمطية مثل الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين.

ومن الأزمات الأخرى المعاناة الاقتصادية لعدد كبير من الصحفيين، على خلفية التضييقات الأمنية، وحجب الكثير من المواقع والصحف، فبحسب موقع "المنصة" الإخباري، فإنه حتى نهاية عام 2022 وصل عدد المواقع المحجوبة إلى أكثر من 600، منها أكثر من 100 موقع صحفي وإخباري.

تلك المعضلات جعلت من طريق البلشي إلى اعتلاء رئاسة واحدة من أعرق النقابات في مصر، والتي بدأ تدشينها عام 1912، وتأسيسها رسميا عام 1941، صعبا وشاقا وغير مأمون العواقب.

لكن في النهاية استطاعت الجماعة الصحفية المصرية أن تفرض كلمتها، وحقق البلشي انتصارا صعبا، وأصبح نقيبا للصحفيين، مولودا من رحم المعارضة، وهو الوضع الذي كانت له ردود فعل واسعة، ما بين مرحب ومتطلع للتغيير. 

ودون الصحفي المصري، عادل صبري: "فعلها الصحفيون، وبدأت مرحلة التغيير، البلشي نقيبا بإرادة الجمعية العمومية للصحفيين".

وكتب الصحفي المعارض، مصطفى الأعصر: "مبروك أستاذنا خالد البلشي نقيب الصحفيين، نزلتنا الجاية على مقعد رئاسة الجمهورية". 

فيما قال الصحفي أنور الهواري: "خالد البلشي نقيبا للصحفيين.. زلزال حقيقي يضرب جدران النظام".