"تخفيف الاستقطاب".. كيف تنظر القوى العالمية إلى الاتفاق السعودي الإيراني؟ 

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلط إعلام صيني الضوء على التغيرات المهمة للوضع السياسي والأمني ​​في الشرق الأوسط في 10 مارس/ آذار 2023، وذلك بشكل مفاجئ وغير مسبوق.

وأوضحت صحيفة "الشعب" الحكومية أن "الصين والسعودية وإيران أصدرت بيانا ثلاثيا مشتركا في بكين، والذي أفاد بعودة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين السعودي والإيراني".

وعلى إثر هذا القرار، سيُعاد فتح السفارات والمكاتب التمثيلية للجانبين في غضون شهرين، واستكشاف سبل تعزيز العلاقات الثنائية.

وفي عام 2016، قامت السعودية وإيران بقطع علاقاتهما الدبلوماسية، ورغم المحادثات المطولة بين البلدين لتخفيف التوترات، إلا أن المفاوضات تعثرت بعد اتهام إيران للسعودية بدعم الاحتجاجات التي تشهدها الأولى منذ ديسمبر/ كانون الأول 2022.

تعزيز السلام

وبحسب تقارير إعلامية سعودية، اتفق الجانبان على إطلاق اتفاقية التعاون الأمني ​​الموقعة بين الجانبين عام 2001، وكذلك الاتفاقية العامة للتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتكنولوجيا والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، والتي وُقعت عام 1998.

ووفقا لصحيفة "الشعب"، فقد أكد الجانبان استعدادهما لبذل قصارى جهديهما لتعزيز السلام والأمن على الصعيدين الدولي والإقليمي.

وبشأن هذا التطور غير المسبوق، أشار خبراء في العلاقات الدولية، في مقابلة لهم مع "غلوبال تايمز" الصينية، إلى أن "هذه الاتفاقية تمثل انفراجة في العلاقة بين السعودية والعراق، وستلعب دورا كبيرا في تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".

وإعرابا عن تقديرها وامتنانها لجهود بكين في تعزيز العلاقات الدبلوماسية، قال مسؤولون سعوديون إن "المبادرة التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ تتمسك بمبدأ صداقة حسن الجوار، وتعزز الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي". 

بدورهم، أشاد مسؤولون إيرانيون بـ"الدور البناء الذي لعبته الصين في دعم الدول الأخرى لتوسيع التعاون وتطوير العلاقات".

وهذه الخطوة لن تقتصر على مجرد إعادة تطبيع العلاقات دبلوماسيا بين السعودية وإيران، وإنما تسعى لفتح المجال لشراكة أوسع في مجالات متعددة، دبلوماسية وأمنية واقتصادية بالأخص.

وسيسهم ذلك في تخفيف حالة الاستقطاب الدولي بين الداعمين للسعودية والموالين لإيران في المنطقة العربية، ويساعد على حلحلة الأزمات في كل من اليمن ولبنان وبدرجة أقل في سوريا.

لكن من السابق لأوانه الحديث على شراكة إستراتيجية بين البلدين في ظل تشعب وتعقد الملفات الخلافية بينهما، ما يتطلب خطوات إضافية لتعزيز الثقة المفقودة.

إشادات دولية

وفي نفس الوقت، أوضحت الصحيفة الصينية تقدير دول الشرق الأوسط لمبادرات الأمن العالمي، حيث رحبت العديد من الدول باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وعلى رأسهم العراق وعمان ولبنان والإمارات وقطر وتركيا والبحرين، إضافة إلى مصر والسودان وغيرهم من الدول.

ومن جانب المجتمع الدولي، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بيانا عبر المتحدث باسمه، أشاد فيه باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وشكر الصين على مساهمتها في تسهيل الحوار.

وأكد غوتيريش أن "صداقة حسن الجوار بين السعودية وإيران ستساعد في تعزيز الاستقرار في منطقة الخليج".

من ناحية أخرى، رحب وزير الخارجية الباكستاني، بيلاوال بوتو، بالبيان الثلاثي المشترك، كما أعرب عن تقديره للدور الإيجابي الذي تبنته بكين في تعزيز إعادة العلاقات الدبلوماسية.

وفي ذات السياق، قال الباحث المساعد في معهد الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، وين شاوبياو، إن "دبلوماسية الوساطة الصينية الناجحة لن تجعل الدولتين الرئيستين في المنطقة أصدقاء فحسب، بل ستساهم كذلك في إعادة تنظيم العلاقة بين الوجودين العسكريين المتعارضين في المنطقة".

ونتيجة لذلك، ستتأثر القضايا الإقليمية الساخنة الأخرى إيجابيا بشكل غير مباشر، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والحروب الأهلية في اليمن وسوريا وليبيا.

ونقلا عن موقع "سي إن بي سي" الأميركي، أكدت الخبيرة البارزة في شؤون منطقة الخليج، آنا جاكوب، أن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران هو "خبر إيجابي للغاية"، وسيساعد بشكل كبير على تهدئة الوضع في منطقة الشرق الأوسط بأكملها. 

ففي المنطقة الشرقية على سبيل المثال، قد يؤدي تحسين العلاقات بين الجانبين إلى تخفيف إطلاق النار ووقف الحرب في اليمن.

تزايد النفوذ

ونوهت صحيفة "الشعب" إلى "تزايد تأثير الصين في الشرق الأوسط، بعد هيمنة الولايات المتحدة على المشهد الجيوسياسي لفترة طويلة".

وأكدت أن "بكين تعتزم بالفعل تبني أدوارا بناءة في القضايا الإقليمية المهمة".

ففي 7 مارس/ آذار 2023، عند الإجابة على أسئلة الصحفيين الصينيين والأجانب حول "سياسة الصين الخارجية والعلاقات الدولية"، قال وزير الخارجية، تشين قانغ: "ندعم الاستقلال الإستراتيجي لدول الشرق الأوسط، ونعارض تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للمنطقة".

وأكد تشين قانغ أن الصين "ستواصل دعم العدالة ودعم دول الشرق الأوسط في تعزيز التسوية السياسية للقضايا الساخنة، من خلال الحوار والتشاور". 

وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية إن "الصين تحترم تماما سيادة دول الشرق الأوسط، ونحن على أتم الاستعداد لأن نكون داعما للأمن والاستقرار في المنطقة، شريكا في التنمية والازدهار، ومروجا للوحدة وتحسين الذات".

وحول سياسة الصين في منطقة الشرق الأوسط، يعتقد الباحث شاوبياو، أن الاتفاقية الأخيرة بين السعودية وإيران "هي انتصار لدبلوماسية الصين السلمية، وأكبر دليل على أن مبادرة الأمن العالمي للصين قد حظيت بتقدير كبير من قبل دول الشرق الأوسط". 

وتابع الباحث السياسي: "لطالما أكدت بكين على أن تعزيز الأمن الإقليمي هو مفتاح لحل قضية الشرق الأوسط، مما يدل على أن مساهمة الصين لحل هذه القضية له تبصر إستراتيجي وواقعية سياسية".

وختمت الصحيفة الصينية بالقول إن "المجتمع الدولي يجب أن يرى الدور النشط الذي تلعبه الصين في الشرق الأوسط، وأن يتأكد من استمرارها في تعزيز تسوية النزاعات الدولية الأخرى".