أنظمة صحية سيئة.. صحيفة إسبانية ترصد أسباب تفشي "الكوليرا" في سوريا ولبنان

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على الأزمات التي تتوالى على بلدان مثل سوريا ولبنان، آخرها مرض "الكوليرا" الذي يمكن أن يفتك بكثير من الأرواح.

وقالت صحيفة "الباييس" إن "الكوليرا، التي كانت غائبة عن لبنان منذ ثلاثة عقود وعقد واحد عن سوريا، تسللت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 إلى منازل الكثيرين، خاصة في عرسال".

وعرسال هي بلدة في منطقة البقاع اللبناني على بعد 15 كيلومترا من الحدود مع سوريا.

أوقات صعبة

ورجحت الصحيفة أن "وباء الكوليرا وصل إلى هذه المناطق عبر مياه الآبار التي يدفع السكان مقابلها 800 ألف ليرة في الشهر، أي ما يعادل نحو 11 يورو، بسعر الصرف المتقلب في البلاد".

وكشفت أن "هذه المياه لم يجر معالجتها ولم يتحقق أحد من جودتها، غير أن السكان يثقون فيمن يبيعونها إياهم".

وأضافت أنه "وفي هذه المنطقة الفقيرة التي تعجز فيها الدولة اللبنانية، المنغمسة منذ عام 2019 في أزمة اقتصادية طاحنة، عن ضمان تطهير المياه لتكون صالحة للشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي؛ يشرب السكان المحليون ويغسلون ويطبخون بمياه قادمة مما يصل إلى ستة آلاف بئر، بين عامة وخاصة".

ونوهت الباييس بأن "الكوليرا هي واحدة من اللعنات التي لا تحصى ولا تعد في هذين البلدين اللذين يمران بأوقات صعبة، خاصة سوريا، التي تتالت فيها الأزمات دون انقطاع".

وذكرت أنه "من المحتمل جدا أن الزلزال الأخير (في 6 فبراير/شباط 2023)، الذي قتل في اليوم السادس حوالي ستة آلاف شخص في البلاد، قد أدى إلى تفاقم تفشي المرض". 

وكشفت منظمة الصحة العالمية، عبر البريد الإلكتروني، لـ"الباييس" أن المنظمات الصحية "قامت بمراجعة توقعاتها حول انتقال الكوليرا في سوريا، بافتراض معدل أعلى في الأشهر المقبلة"، خاصة في المناطق المتضررة من الزلزال.

في الوقت الراهن، تساعد درجات الحرارة المنخفضة في فصل الشتاء على إبطاء التدهور، لكن المشاكل التي سببها الزلزال -مثل الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للصرف الصحي، والاكتظاظ والصعوبة التي يجدها النازحون في الاستحمام والحصول على مياه الشرب- تشير إلى الاتجاه المعاكس، خاصة وأن درجات الحرارة تميل إلى الارتفاع.

بالإضافة إلى ذلك، دمر الزلزال 37 مركزا طبيا في تلك المنطقة وأجبر 20 مركزا على تعليق العمليات، وفقا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.

المياه الجوفية

وقالت الصحيفة: "عموما، في البلدان التي تمتلك أنظمة صحية سيئة ومشاكل في الحصول على المياه، غالبا ما تؤدي الكوارث الطبيعية إلى عودة ظهور المرض؛ على غرار ما حدث في هايتي بعد زلزال عام 2010".

أما في سوريا، فالوضع أسوأ بكثير، حيث يسجل في الجزء الأكثر تضررا، الشمال الغربي، نصف أكثر من 88 ألف حالة محتملة و101 حالة وفاة سجلتها سوريا بين بداية الوباء وحتى 28 يناير/ كانون الثاني 2023.

وتجدر الإشارة إلى أن الحالات كانت تتجه نحو الانخفاض، ويرجع ذلك جزئيا إلى مليوني جرعة من اللقاح الفموي التي تم إعطاؤها في المقاطعات الأربع الأكثر تضررا.

لكن، بمجرد أن بدأت جهود التطعيم الجديدة تظهر إيجابا، ضرب الزلزال، تؤكد الصحيفة الإسبانية.

وبعد حوالي 12 عاما من الحرب التي أدت إلى مقتل نصف مليون شخص في سوريا، وتركت 90 بالمئة في حالة فقر ودفعت أكثر من نصف السكان إلى ترك ديارهم، بين مهاجر ونازح داخل البلاد، يعتمد الغالبية على المياه المشتراة من شاحنات الصهاريج أو التي تأتي عادة من مصادر غير معالجة.

علاوة على ذلك، تضرر بالفعل ثلثا محطات معالجة المياه ونصف محطات الضخ وثلث أبراج المياه جراء الصراع.

وأشارت الصحيفة إلى أن "الكوليرا ظهرت في لبنان المجاور في أكتوبر/تشرين الثاني 2022".

وفي منطقة عرسال الحدودية، تشير التقديرات إلى أن ما بين 70 و80 بالمئة من الآبار الخاصة ملوثة، ونظرا لعدم معالجة هذه المياه، ينتهي الأمر بالبكتيريا في باطن الأرض.

وقالت الباييس: "في الحقيقة، يبدو أن الكوليرا جاءت إلى لبنان من سوريا، ويعتقد مسؤولون أنها جاءت من خلال المياه الجوفية التي تغذي الآبار على جانبي الحدود".

وأضافت "عموما، لم تتعاف البنية التحتية للمياه تماما منذ 15 عاما من الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990)، كما لا تملك الدولة ما يكفي من الوقود لتشغيل محطات معالجة المياه، والتي توقف معظمها عن العمل".

تحديات رئيسة

وحول هذه المسألة، أكد وزير الصحة اللبناني، فراس الأبيض، أن "المتضررين الرئيسين من تفشي المرض هم من اللاجئين السوريين، حيث يأوي لبنان 1.5 مليون نسمة، يعيشون في مخيمات لا تتوفر فيها الظروف الصحية، حوّلتها إلى بؤرة لتفشي الوباء".

من جانب آخر، تعاني هذه المجتمعات من مشاكل في الحصول على المياه.

وأوضحت الصحيفة أنه "قبل تفشي المرض، كان السوريون في المخيم يتلقون 7.5 لترات من المياه للفرد يوميا، وبعد تفشي المرض، ارتفع هذا الرقم إلى 35 لترا، أي ما يعادل 40 بالمئة من احتياجات الأسر".

واستطردت: "في ظل هذه الظروف، يبدأ السكان في إظهار ممارسات النظافة والصرف الصحي غير الكافية أو الملائمة، مما يغذي الانتشار المحتمل للمرض". 

وذكرت أنه "بين صفوف هذه الفئات السكانية الضعيفة والسياقات التي يصعب فيها تلقي العلاج الطبي المناسب، تصبح الكوليرا مميتة، خاصة للأطفال".

ونقلت الصحيفة أن أحد التحديات الرئيسة تتمثل في التوعية. 

وتابعت: "في الواقع، عند سؤالهم عن الاحتياطات التي يتخذونها لتجنب العدوى، أجاب بعض اللاجئين كما لو كانت الكوليرا مرضا باطنيا أو مصدر قلق بسيط مقارنة بالمعاناة التي تثقل كاهلهم: وغالبا ما يقر غالبية اللاجئين بأنهم لا يعرفون من أين يأتي الماء الذي يشربونه".

من جانب آخر، رغم الصعوبات، نجح لبنان في احتواء تفشي المرض وحصره عند 23 حالة وفاة.

كما تظهر البيانات الصادرة عن وزارة الصحة في 22 فبراير/ شباط 2023 تحسنا كبيرا، يُعزى على ما يبدو إلى التطعيم الفموي المكثف.