Thursday 23 March, 2023

صحيفة الاستقلال

العين على قطر.. ماذا وراء لقاء وزير دفاع طالبان مع ابن زايد في أبوظبي؟

منذ 2022/12/12 12:12:00 | تقارير
"لا يخفى وجود تنافس إماراتي ضد قطر وتركيا على النفوذ بأفغانستان"
حجم الخط

بصورة لافتة، تمد الإمارات ذراعيها لتعويم حركة طالبان الأفغانية؛ رغبة في إخراجها من العزلة الدولية المفروضة عليها، منذ سيطرتها على البلاد عقب الانسحاب الأميركي نهاية أغسطس/ آب 2021.

وتدرك الإمارات أن حركة طالبان منذ تسلمها السلطة في أفغانستان منتصف عام 2021، كانت تتعامل بحذر فيما يتعلق بتسليم الخط الجوي الرئيس لهذا البلد غير الساحلي إلى جهة دولية.

وتسعى طالبان التي تعاني من نقص الاعتراف الدولي بشرعيتها، للحصول على ضمانات اقتصادية وسياسية بالدرجة الأولى بعد تسليم الإمارات الخدمات الجوية لمطارات أفغانستان.

لكن احتكار الإمارات عقد الخدمات الجوية لأفغانستان ليس سوى جسر، وفق مراقبين، للنفوذ الذي تأمله هناك أسوة بجارتها الخليجية قطر.

وفازت الهيئة العامة للطيران المدني الإماراتية على منافسين من قطر وتركيا في سبتمبر/ أيلول 2022، بعقد تقديم خدمات للمسافرين بالإضافة إلى الخدمات الفنية لـ4 مطارات دولية في أفغانستان، بما في ذلك كابل.

زيارة لافتة

وفي إطار التعاون بين البلدين، بحث رئيس الإمارات محمد بن زايد مع وزير الدفاع الأفغاني بالإنابة الملا محمد يعقوب، علاقات التعاون والقضايا ذات الاهتمام المشترك، خلال زيارة الأخير إلى أبوظبي في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2022.

ونقلت وكالة "أنباء الصوت الأفغاني" عن وزارة دفاع حركة طالبان، أن الهدف من زيارة يعقوب، وهو نجل زعيم طالبان الراحل الملا عمر، لقاء قادة الإمارات والمواطنين الأفغان المقيمين في هذا البلد وتعزيز علاقات الحكومة مع الدول العربية الخليجية.

وأضافت أن زيارة الملا يعقوب هي الخارجية الثانية لوزير الدفاع بالوكالة إلى الدول العربية، وسبق له أن سافر إلى قطر في 6 يوليو/ تموز 2022، وبحث مع المسؤولين هناك التعاون العسكري والأمني.

ونشرت وكالة أنباء الإمارات صورا، أظهرت حضور أنس حقاني، وهو شخصية بارزة أخرى في طالبان، في المحادثات مع قادة الإمارات.

من جهتها، ذكرت وزارة الدفاع في حركة طالبان على تويتر، أن الملا يعقوب، التقى بالمبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان توماس ويست في أبو ظبي.

وأكد الملا يعقوب في الاجتماع مع مبعوث واشنطن، أن "أفغانستان وحدودها آمنة ولا توجد تهديدات من الأراضي الأفغانية لأي دولة".

كما التقى المبعوث الأميركي التجار الأفغان في الإمارات، وتحدث معهم عن مشاكلهم، وفق وسائل إعلام أفغانية.

كما التقى الملا يعقوب حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، وبحثا تعزيز العلاقات بين أفغانستان والإمارات، وتعزيز التجارة بين رجال الأعمال في البلدين.

خطوط عريضة

وحددت قناة "تولو نيوز" الأفغانية الخطوط العريضة، لزيارة الملا يعقوب إلى الإمارات، موضحة أنها تأتي في إطار تحسين العلاقات بين كابل وأبو ظبي والمشاكل التي تواجه المهاجرين الأفغان الذين يعيشون بالإمارات.

ونقلت القناة عن خبراء سياسيين، قولهم، إن اجتماع الملا يعقوب بالمبعوث الأميركي سيساعد في حل القضايا الحالية في أفغانستان.

إذ قال المستشار السياسي الأفغاني طارق فرهادي، إن زيارة الملا يعقوب إلى أبو ظبي ودبي لا علاقة لها بوجود مسؤولين سياسيين أفغان آخرين (من النظام السابق) هناك. ولقاء الملا يعقوب مع توماس وست مهم للغاية.

فيما قال رئيس مجلس الأعمال الأفغاني في الإمارات  حاج عبيد الله صدر خيل للقناة نفسها: "طلبنا من المبعوث الأميركي إيجاد حل للعقوبات المفروضة على البنوك بما في ذلك البنك المركزي لرفع هذه العقوبات".

بدوره قال المحلل السياسي عبدالجميل الشيراني: "على الحكومة الأفغانية التمثيلية التي تتولى السلطة حاليا أن تحل مشاكلها مع أميركا والعالم عبر التفاهم والحوار، وستكون هذه خطوة جيدة وإنجازا جيدا للاعتراف بأفغانستان".

وبالتزامن مع زيارة الملا يعقوب، قام رئيس أفغانستان السابق حامد كرزاي، بزيارة الإمارات، أيضا بعد عام من قيود طالبان المفروضة عليه، والتقى بتوماس ويست هناك.

وتواجه طالبان التي عادت للحكم بعد 20 عاما من الإطاحة بنظامها السابق، أزمة مالية خانقة راهنا، جزء منها بسبب تجميد أميركا أصولا وأموالا أفغانية كانت تحت تصرف الحكومة السابقة التي أطاحت بها الحركة.

وأمام تلك المعطيات، فإن الإمارات راغبة في تكرار التجربة السابقة لها مع النفوذ في أفغانستان، إذ تعد من الدول التي اعترفت بحكومة طالبان السابقة في تسعينيات القرن العشرين.

كما أن تجديد حركة طالبان العلاقات مع الإماراتيين، هو نتيجة لفشل الحركة طوال عام في الحصول على دعم دولي للاعتراف بها.

وفي هذا الاتجاه، تواجه طالبان تحديات مثل الحكومة الشاملة، ووضع المهاجرين الأفغان، والارتباط بالجماعات المسلحة والإنتاج العشوائي للمخدرات وقلة التجارة مع الخارج.

ولذلك، يمكن لعلاقة طالبان مع الإمارات، التي تتمتع بعلاقات واسعة مع الدول الغربية والمؤسسات الدولية، أن تساعدها في هذا التوقيت على حل مشاكلها، وبالمقابل تكسب أبوظبي نفوذا دبلوماسيا في أكثر من صعيد بأفغانستان.

من بوابة المطار

من جانبها نقلت وكالة رويترز الدولية في 5 ديسمبر 2022، عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، أن الإمارات حريصة على مواجهة النفوذ الدبلوماسي القطري في أفغانستان عبر إدارة المطارات الأفغانية.

علما أن لدى أفغانستان ستة ممرات جوية تربط جنوب آسيا بآسيا الوسطى.

وفي هذا الإطار، تنقل صحيفة Hasht-e Subh Daily الأفغانية عن خبراء قولهم إن "رحلة الملا محمد يعقوب تهدف إلى التفاوض على تشكيل حكومة شاملة وتقريب طالبان من الإمارات التي لم تعترف بها بعد، فيما تريد أبوظبي زيادة نفوذها في صفوف طالبان أسوة بقطر".

وتدير طالبان منذ سنوات مكتبا سياسيا في قطر حيث يلتقي كبار زعماء الحركة في كثير من الأحيان مع المسؤولين الأجانب، خاصة أن الدوحة هي التي رعت الملف الأفغاني منذ عام 2013 ولا تزال.

ورغم أن مطار كابل فتح أبوابه مجددا وينظم رحلات محلية ودولية إلا أنه بحاجة إلى أشغال واسعة النطاق لكي تتمكن شركات الطيران الرئيسية من العودة إليه.

وكلفت الهيئة العامة للطيران المدني الإماراتية بالكشف الأمني عن الركاب والأمتعة في مطارات كابل وهرات (غرب) وقندهار (جنوب) ومزار شريف (شمال)، بحسب بيان مشترك للشركة مع وزارة النقل والطيران المدني الأفغانيّة، في 3 يونيو/ حزيران 2022.

وقال المدير الإقليمي للهيئة إبراهيم معرفي لوكالة فرانس برس، إن من شأن العقد الموقع لثلاث سنوات "أن يعيد ثقة شركات الطيران الأجنبيّة لإعادة تسيير رحلاتها".

وسبق أن وقعت الهيئة الإماراتية نهاية مايو/ أيار 2022 عقدا يمتد 18 شهرا مع وزارة النقل والطيران المدني الأفغانية لتوفير خدمات أرضية في مطارات كابل وقندهار وهرات.

وتمر ستين إلى سبعين طائرة عبر المجال الجوي لأفغانستان يوميا، وتكسب أفغانستان 700 دولار لكل طائرة تمر عبرها، وفق ما نقلت قناة تولو نيوز عن مسؤولين بوزارة النقل والطيران المدني الأفغانية.

ويكتسب مطار "حامد كرزاي" الدولي (كابل) أهمية، كونه الرابط الجوي الرئيس لأفغانستان، في وقت يواجه فيه ملايين من سكان البلاد أخطارا إنسانية عديدة، خاصة في فصل الشتاء.

وضمن هذه الجزئية، رأى رئيس مجلس التجار الأفغان في الإمارات حاجي عبيد الله صادرخيل، أن هذا العقد سيحل أيضا مشكلة إصدار التأشيرات الإماراتية للمواطنين ورجال الأعمال الأفغان.

وبحسب الأرقام التي قدمها المجلس، يعمل 300 رجل أعمال أفغاني حاليا في الإمارات.

ويؤكد جمال ناصر عبادي، وهو تاجر أفغاني، لموقع "خاما برس" المحلي، أن قيمة العقد لتشغيل مطار كابل تبلغ ما يقرب من 400 مليون دولار أميركي.

ومضى يقول: "بمساعدة هذا العقد، سيكون لكل من شبابنا وموظفينا التقنيين والمهنيين وظائف، وسترتفع التجارة والاستثمار بين أفغانستان والإمارات نتيجة لهذه الاتفاقية".

زوايا مهمة

وأمام تلك الخلفية، فإن أي تعاون يمكن أن يحدث بين الإمارات وحركة طالبان على ضوء التقارب الجديد، خاصة فيما يتعلق بتشغيل المطارات، فإنه يمكن النظر إليه من الزاوية الأمنية والسياسية بالدرجة الأولى.

ولهذا بدا أن الإمارات وضعت قدمها بأفغانستان مجددا عقب الانسحاب الأميركي عبر عقود الهيئة العامة للطيران المدني الإماراتية.

كما أن نفوذ أبوظبي الدبلوماسي بأفغانستان، سيدعمه وجود استثمارات كبيرة لأفغانيين في الإمارات.

وربما تقدم الإمارات مزيدا من التسهيلات لهم في هذا الشأن بما يفتح خط اقتصادي بين البلدين، بما يضمن تغلغلا إماراتيا في وسط آسيا من بوابة أفغانستان الذي يعد بأمس الحاجة لتحريك اقتصاده وتجارته في هذا التوقيت، وفق مراقبين.

كما لا يخفى وجود تنافس إماراتي ضد قطر وتركيا على النفوذ بأفغانستان، إذ تحاول أبو ظبي الدخول هناك من مقاربة تعزيز الأمن الإقليمي والدولي.

ولا سيما أنه قبل الانسحاب الأميركي كنت توجد قوة إماراتية مكونة من 250 جنديا في أفغانستان.

وبالتالي تجد أبوظبي راهنا "الفرصة سانحة" للعب أدوار أمنية وسياسية أكثر من كونها اقتصادية بأفغانستان، وفق مهتمين بالشأن الأفغاني.

وقيام الإمارات بخطوات دبلوماسية إيجابية تجاه طالبان أخيرا، ربما يشير إلى تفكير أبو ظبي بتكرار التجربة السابقة لوجودها بأفغانستان عبر مواصلة دورها كوكيل استخباراتي لحلفائها هناك، وخاصة في ظل رغبة طالبان في التقارب مع دول الخليج الثرية.

وكانت الإمارات شاركت عام 2001 في الاحتلال الأميركي لأفغانستان، ولعبت دورا فعالا طوال فترة الاحتلال، كما وفرت لحلفائها العديد من مقاتلات إف16.

كما سبق أن شاركت الإمارات مع السعودية وباكستان، الرؤية في أن حركة طالبان هي الممثل الشرعي لأفغانستان طوال الفترة من 1996 إلى لحظة سقوط "إمارة أفغانستان الإسلامية" عام 2001.

وبالمحصلة، فإن الإمارات تدرك الفراغ الاقتصادي والثقافي الحالي في أفغانستان، ولذا تسعى لاستغلال ذلك الفراغ لتعزيز نفوذها في البلاد من جديد، مستندة إلى سنوات وجودها السابق هناك.

وخاصة أنها عندما أعادت أبوظبي فتح سفارتها في كابل في فبراير/ شباط 2018، واصلت إنشاء مدارس دينية ووحدات سكنية بقيمة 180 مليون دولار في الولايات الغربية من أفغانستان لتعزيز تأثيرها ونفوذها في البلاد، وفق وكالة الأناضول التركية في 4 ديسمبر 2020.


تحميل

المصادر:

1

رئيس الإمارات يستقبل وزير الدفاع في حكومة طالبان الأفغانية

2

Acting Defense Minister Meets With US Envoy For Afghanistan

3

Taliban negotiating with UAE over airspace control

4

الإمارات.. جسر لإسرائيل ووكيل استخباراتي لأمريكا بأفغانستان (تحليل)

5

Taliban acting defence minister holds talks with UAE president

كلمات مفتاحية :

أفغانستان الإمارات الولايات المتحدة الأميركية تركيا حركة طالبان قطر محمد بن زايد