موقع إيراني: مصالح اقتصادية تجمع السعودية وروسيا.. لكن قد تفرقهما قريبا

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

بينما تتسع فجوة الخلافات بين السعودية وأميركا على خلفية قرار تحالف "أوبك بلس" الأخير بشأن خفض إنتاج النفط، لفت موقع إيراني إلى أن علاقات المملكة الجيدة حاليا مع روسيا قد لا تدوم طويلا.

وأوضح موقع "راهبرد معاصر"، أن انحراف التدفق النفطي الروسي بعد الحرب الأوكرانية من أوروبا وأميركا نحو آسيا التي تعد السوق الرئيسة للنفط السعودي قد يضع علاقات البلدين على المحك قريبا.

شراكة جديدة

وأشار الموقع الإيراني إلى أن السعودية وروسيا تسعيان منذ عام 2016 إلى تحالف عالي المستوى في أسواق البترول من خلال تحالف "أوبك بلس".

وأدى هذا التحالف إلى زيادة سعر البترول، وكان محاولة ناجحة لتقليص الساحة في وقت انخفض فيه الطلب على البترول بسبب جائحة فيروس كورونا.

ووحدت المصالح الاقتصادية قصيرة الأمد بين الرياض وموسكو، بالتزامن مع ظهور فجوات عميقة في العلاقات بين السعودية وأميركا.

والانسجام بشأن سياسات الطاقة مع دول مثل السعودية والإمارات بالنسبة لروسيا تسبب في تخفيف حدة العقوبات الدولية ومواجهة جهود أميركا لعزل روسيا عن الاقتصاد العالمي.

وكان للعلاقات بين السعودية وروسيا بداية إيجابية. إذ كان الاتحاد السوفيتي أول دولة تعترف رسميا بمملكة الحجاز ونجد عام 1926.

ومن ثم توسعت إلى أن صارت المملكة العربية السعودية عام 1932؛ لكن بعد دعم موسكو لبعض الجماعات الثورية في الرياض منذ عام 1950 أصاب هذه العلاقات الفتور.

وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حتى عام 1990.

وفي الفترة المعاصرة تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن التعاون الروسي في برنامج الطاقة النووية السعودي المحتمل خلال زيارته إلى الرياض عام 2007.

وفي عام 2015 أبرمت المملكة العربية السعودية اتفاقية تحالف نووي مع الشركة الحكومية الروسية والتي بالطبع لم تبدأ في بناء أي محطات نووية حتى الآن.

وظهور محمد بن سلمان كولي عهد السعودية خلال السنوات الأخيرة كان السبب الرئيس في تعزيز العلاقات بين السعودية وروسيا.

وكذلك الملك سلمان بن عبد العزيز كونه أول ملك سعودي يزور موسكو ويوقع عددا من الاتفاقيات مع بوتين عام 2017. إذ شملت إنشاء صندوق استثمار مشترك للطاقة بقيمة تبلغ مليار دولار.

ويستمر التعاون بأعلى مستوى حتى اليوم بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) وصندوق الاستثمار الروسي المباشر (RDIF). كما تم إنشاء منصة خاصة بالاستثمار في الطاقة بين روسيا والسعودية.

ومجالات التعاون بين الصندوقين الحكوميين تشمل البنى التحتية، والتكنولوجيا، والرعاية الصحية، والأدوية، والزراعة، والسلع، وخدمات المستهلك.

أزمة مؤثرة

وأشار الموقع الإيراني إلى أن هناك عوامل مختلفة أثرت في تحسين العلاقات بين موسكو والرياض، أهمها زيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي، وانخفاض القدرة السوقية لمجموعة "أوبك".

ومن ثم هيأت الفرصة للسعودية كي تتجه نحو التحالف مع روسيا. واستمرار جودة العلاقات بين الرياض وموسكو من الممكن أن ينتج عنه تداعيات خطيرة بالنسبة لواشنطن.

والأهم من كل ذلك قلة رغبة السعودية في الاهتمام بمطالب أميركا في تعديل الأسعار العالمية للبترول، والتي تتطابق مع الاحتياجات السياسية للحكومة الحالية.

وعلى عكس تصور الشعب الأميركي، فإن رؤساء أميركا لديهم خيارات قليلة للتأثير على سعر البترول والذي يؤثر بشكل مباشر على سعر البنزين.

ومن هذا المنطلق قرار خفض إنتاج البترول من قبل تحالف أوبك بلس الذي تقوده الرياض وموسكو في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 تسبب في توتر عالي المستوى بين حكومة جو بايدن والسعودية.

وتطور العلاقات بين الرياض وموسكو عزز مكانة بوتين في "أوبك بلس"، كما أضعف جهود أميركا وحلفائها لعزل روسيا عن المجتمع الدولي.

وحقا ظهرت قيمة العلاقة المتطورة بين روسيا والسعودية في فبراير/ شباط 2022، حين كانت تواجه روسيا موجة من العقوبات من قبل التحالف الغربي.

لكن السعودية خففت من تأثير العقوبات عن طريق الحفاظ على تحالفها مع روسيا في أوبك بلس، وذلك بدلا من دعم العقوبات المفروضة من قبل شركائها التقليديين.

كما حافظت السعودية وسائر دول المنطقة على قنواتها الدبلوماسية والتجارية مع موسكو؛ لدرجة أنها مهدت الباب الاقتصادي أمام بوتين للانتقام من الغرب.

وقرار أوبك بلس المبني على تقليل الإنتاج اليومي بمعدل 2 مليون برميل بترول كان أكبر ضربة لدول الغرب.

لذا وصف الكرملين اتفاق أوبك بلس بأنه يشمل "العمل المتوازن، والحكيم، والمخطط له، والموقف المسؤول".

ظروف متغيرة

ولفت الموقع الإيراني إلى أن التغيرات الأخيرة تنم عن تطور العلاقات بين السعودية وروسيا على الرغم من ضغط واشنطن الدبلوماسي وانخفاض نفوذ رؤساء أميركا على أسواق النفط.

وحال تواصل هذا السيناريو الصارم ستجعل أميركا السعودية تتقرب من روسيا والصين بشكل أكبر؛ لأن الرياض في حاجة إلى التحالف مع بكين لكي تصل إلى أهدافها الاقتصادية على هامش رؤية 2030.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه على الدوام هل تحسين العلاقات بين موسكو والرياض دائم؟

في اعتقاد الكثير من المحللين، كل من البلدين تتنافسان بشكل مرتفع في أسواق البترول، وخاصة من أجل الاستفادة من النمو الاقتصادي في آسيا.

وتركز السعودية وسائر الدول المنتجة في الخليج العربي منذ عقود على هذه الأسواق، وتوفر بترولها الخام لها.

وكذلك بدأت البلدان بالاستثمار المشترك في التكرير والبتروكيماويات في الصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وإندونيسيا، وفيتنام، والهند.

وذلك بالشكل الذي جعل السعودية أكبر موفر للنفط في الصين، وكذلك احتلت المرتبة الثانية لأكبر موفر بترول في الهند بعد العراق عام 2019.

لكن ثمة انحراف بالتدفق الكبير للنفط الروسي بعد الحرب الأوكرانية من أوروبا وأميركا نحو آسيا. وفي المقابل توجهت صادرات السعودية وجيرانها نحو أوروبا.

ولم تتنازع السعودية مع روسيا حتى الآن على فقدانها نصيبها في سوق آسيا، لكن التركيز السعودي طويل الأمد على الوصول إلى هذه الأسواق من الممكن أن يجعل العلاقات بين البلدين على المحك.