مجلة إيطالية: الصين تعزز علاقاتها مع الرياض بدل موسكو الغارقة بالحرب

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

ترى مجلة إيطالية أن جملة من المصالح، لا تقتصر على الصعيد الاقتصادي، تدفع بكين نحو الرياض، في إشارة إلى زيارة مرتقبة للرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السعودية.

وأشارت مجلة فورميكي إلى أن زيارة بينغ للرياض في ديسمبر/كانون الأول 2022 في خضم التواترات بين الدولة الخليجية والإدارة الأميركية تعد الثانية في أكثر من عامين إلى السعودية.

ويسعى بينغ من خلال لقاء ولي العهد محمد بن سلمان إلى تعزيز العلاقات بين بلدين يرغبان بقيادة عالم القوى الناشئة.

وأفادت بأنه لم يعلن بعد عن الزيارة بصفة رسمية إلا أن مصادر مطلعة على الأنشطة الصينية تتحدث عن إمكانية إجرائها في 8 و9 ديسمبر، في حين لم تصدر أي تعليقات من الجانب السعودي.

زخم العلاقات

تربط المجلة هذا الصمت "بالزخم المفرط في الإعلانات السابقة، خاصة بعد أن بدا كل شيء جاهزا خلال الصيف الماضي لاستقبال الزعيم الصيني، الذي ربما انتظر بدلا من ذلك انعقاد المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي وضمان الفوز بولاية ثالثة قبل الذهاب إلى الخارج"، وهو ما حدث بالفعل.

وتضيف أن تأجيل الزيارة يرتبط بإجراءات داخلية لاحتواء وباء كورونا، خصوصا أن الرئيس الصيني سافر مرة واحدة إلى خارج البلاد منذ تفشي الجائحة وذلك للمشاركة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون منتصف سبتمبر/أيلول 2022. 

وكانت المشاركة في القمة "جزءا من السرد الذي تنوي بكين من خلاله نشر نموذجها الخاص للحوكمة العالمية المنافس والبديل للنموذج الغربي بقيادة الولايات المتحدة".

وأوضحت أن حضوره قمة شنغهاي للتعاون في سمرقند كان له قيمة إستراتيجية بقدر أهمية زيارة محتملة إلى الخليج، خصوصا أن السعودية إلى جانب مصر وقطر والإمارات والكويت والبحرين باتوا شركاء في المنظمة هذا العام.

وبحسب المجلة، "لبناء إجماع عالمي تسعى بكين منذ فترة طويلة إلى أن تصبح القوة المرجعية للعالم النامي مع استغلال ما يمكن استغلاله في العالم الذي لا يزال غير متطور". 

وأضافت "إذا كانت مسألة إمدادات الطاقة هي الموضوع الراهن، فإن بناء شراكات اقتصادية وتجارية جديدة وتعاون عسكري مع بلدان مثل دول الخليج يندرج في إطار توطيد موقعها الدولي على حساب الولايات المتحدة".

تذكر المجلة بأن "شائعات كانت قد انتشرت على سبيل المثال في ديسمبر 2021، بشأن اتفاق محتمل بين الرياض وبكين لإنتاج الصواريخ الباليستية على الأراضي السعودية، وهي خطوة متقدمة مقارنة بالإمدادات التجارية البحتة التي تأتي من الولايات المتحدة". 

يذكر كذلك أن أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي أرسلوا عام 2020 رسالة تحذير إلى الرئيس آنذاك دونالد ترامب أبرزوا فيها أخطار برامج نووية وصاروخية سرية تجريها السعودية بمساعدة الصين.

لفتت فورميكي إلى أن "الصين استبدلت المملكة العربية السعودية بروسيا في صدارة موردي النفط، لكنها تدرك أنها مرحلة مؤقتة أملتها التخفيضات الروسية الكبيرة للتهرب من ضغوط العقوبات الغربية".

وترى أن "بكين في حاجة إلى تنويع علاقاتها لأن موسكو ليست موثوقة على الصعيدين التجاري والسياسي، لدرجة أنها أوقفت منذ بداية الحرب في أوكرانيا مشاريع جديدة في روسيا، وشرعت في اتفاقيات جديدة في السعودية بقيمة حوالي 5.5 مليارات دولار".

تنافس واضح

وقالت المجلة الإيطالية فورميكي إن "التنافس الثنائي بين واشنطن وبكين جلي في الخليج".

وأشارت إلى أن انتشار الأنباء الأولى عن زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية يأتي بعد أسابيع قليلة من اللقاء الذي جمع بين ابن سلمان والرئيس الأميركي جو بايدن في يوليو/ تموز 2022. وهو ما يظهر استغلال الرياض للتناقضات والتوترات بين الطرفين.

وذكرت بأنه خلال اللقاءات ضغط المسؤولون الأميركيون المرافقون للرئيس على السعوديين للتخلي عن استخدام التقنيات الصينية، خاصة في مجال التعاون على تطوير شبكات الجيل الخامس والسادس. 

وبحسب المجلة، السعوديون هم الآن من يعيد الحديث عن زيارة محتملة للرئيس الصيني دون تحديد موعد، وسط توترات جديدة مع واشنطن ناتجة عن قرار أوبك بلس خفض إنتاج النفط. 

واتفقت دول أوبك بلس في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022 على خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا، وهذا ضعف ما توقعه المحللون.

ويضم تحالف أوبك بلس 23 دولة (بينها أعضاء أوبك الـ13)، من بينها السعودية وروسيا، ويجتمع بصورة منتظمة لاتخاذ قرارات بشأن حجم إنتاج النفط الخام عالميا. ويمثل خفض الإنتاج حوالي 2 بالمئة من إمدادات النفط عالميا.

من جانبه، أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أخيرا أن الزيارة ستجري، وأعلن أن الرئيس الصيني سينزل ضيفا في قمتين لجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي.

كما ألمحت المجلة الإيطالية إلى إمكانية إبرام اتفاق تجارة حرة في المستقبل. 

وقالت إنه "بالنسبة إلى شي جي بينغ، يمنح التموضع داخل تلك الهيئات الإقليمية متعددة الأطراف التي لعبت فيها الولايات المتحدة حتى الآن دورا خارجيا ولكن مركزيا، قيمة". 

وتابعت "تماما كما تهدف خطة الإمارات للتحول إلى مركز لوجستي تجاري عالمي إلى ربط سلسلة الموانئ بطريق الحرير البحري الجديد، تفكر الرياض أيضا في ربط رؤية ابن سلمان 2030 بنفس مبادرة الحزام والطريق".

ونقلت عن وزير الخارجية الصيني  وانغ يي قوله في بيان للوزارة إن بلاده تعلق أهمية كبيرة على تطوير العلاقات مع المملكة العربية السعودية وتضعها ضمن أولويات دبلوماسيتها العامة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. 

وأكدت الوزارة على هامش اللجنة العليا المشتركة بين الصين والسعودية أن "بكين ستعمل مع دول البريكس الأخرى لتوسيع العضوية وجلب المزيد من الشركاء المتشابهين في التفكير إلى عائلة المجموعة". 

ومنتدى بريكس، منظمة دولية مستقلة، يقول أعضاؤها إنهم يشجعون على التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي فيما بينهم.

تشكلت النواة الأولى لما بات الآن يعرف بدول بريكس عام 2001، من طرف البرازيل وروسيا والهند والصين، وكانت تسمى حينها دول "بريك"، ثم انضمت لهم جنوب إفريقيا.

وبحسب المجلة، "تتنافس موسكو وبكين على من سيكون المرجع لهذا الجزء من العالم الناشئ، وبينما اقتصرت روسيا حتى الآن على السرد، تبدو الصين أكثر موثوقية ونظرا للمستقبل".

وتوضح "خاصة أنها  تعرض على تلك البلدان مبادرة التنمية العالمية التي تحل محل نظام الحقوق والقيم التي بنت الدول الغربية حوله الأمم المتحدة".

وهي خطة ينوي شي جين بينغ على أساسها بناء مفهوم "الحق في التنمية" في إطار مشروع حصل بالفعل على دعم الرياض بوضوح، وفق قول المجلة الإيطالية.

لفتت المجلة إلى "أن المملكة العربية السعودية تحتاج إلى الحفاظ على توازنها: فابن سلمان بعيد كل البعد عن أن يصبح بيدقا صينيا لأنه يرى مستقبلا ورديا ومستقلا لمملكته، ويريد تجنب قطيعة جذرية مع واشنطن". 

في الختام، أكدت المجلة بأنه على عكس الرؤية الثنائية للولايات المتحدة (نحن أو الصين)،  تريد الرياض ودول الخليج وكذلك دول أخرى في العالم غير الغربي بشكل خاص، أن يكون لها أياد أكثر حرية وسهولة في التحرك على جميع المستويات مع كل من واشنطن وكذلك بكين.