رغم قسوة الأزمة الاقتصادية.. كيف زاد أردوغان شعبيته قبل الانتخابات؟

رامي صباحي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بينما كان يتوقع كثيرون داخل تركيا وخارجها، أن فرص الرئيس رجب طيب أردوغان في الحفاظ على منصبه لولاية ثانية، أشبه بالمستحيلة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها القاسية على البلاد، إلا أن رجل تركيا القوي كان له رأي آخر.

ففي صورة مفاجئة، بدأت شعبية أردوغان على عكس التوقعات تتصاعد بوتيرة مستقرة في الشهور الأخيرة، كما تزايدت نسبة الرضا الشعبي عن أدائه الرئاسي، ليصبح أخيرا المرشح الأول للفوز في انتخابات يونيو/حزيران 2023.

وتربك هذه التغييرات السريعة رؤى المراقبين المحليين والدوليين بشأن طبيعة الناخب التركي وقدرات أردوغان المثيرة في استمالته حتى في أصعب الأوقات، كما تزيد في الوقت ذاته من حالة الغموض بشأن ما حدث والمتوقع حدوثه في الثمانية أشهر المتبقية.

تغير ملحوظ

وخلال الأسابيع الأخيرة كشفت مراكز الاستطلاع التركية، بغض النظر عن توجهاتها، عن زيادة ملحوظة في شعبية الرئيس أردوغان بدأت بنمط بطيء نسبيا نهاية الشتاء الماضي وزادت نسقها في نهاية الصيف.

وفي أحدث استطلاع، كشف مركز "ميتروبول" للأبحاث المحسوب على المعارضة التركية، أن نسبة الرضا عن قيادة أردوغان وأدائه الرئاسي تشهد زيادة ملحوظة، فيما تنخفض نسبة منتقديه.

وأوضح في بيان مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2022 أن نسبة مؤيدي أردوغان بلغت نهاية سبتمبر/أيلول 2022 نحو 47 بالمئة، بزيادة نحو 3 بالمئة عن الشهر السابق له.

كما كشف المركز أنه إذا نظمت الانتخابات البرلمانية مطلع أكتوبر 2022، سيتصدر العدالة والتنمية النتائج بنسبة 29 بالمئة، وسترتفع إلى 33.6 بالمئة، عند توزيع الأصوات المترددة.

وحل ثانيا حزب الشعب الجمهوري بنسبة 21.4، وترتفع أصواته إلى 24.8 عند توزيع الأصوات المترددة.

وفي منشور آخر منتصف سبتمبر، غرد المركز قائلا: "انظروا بعناية إلى الأشهر الأربعة الأخيرة نسبة الأصوات الرمادية تنخفض إلى 14 بالمئة، والنظام الحاكم رغم كل ما حدث زادت أصواته 4 بالمئة بينما تتقلص أصوات المعارضة.

واتفقت مع أرقام "متروبول"، سبعة مراكز استطلاع رأي تركية أخرى نشرت نتائجها منصة "هبرلر" الإخبارية المحلية في 5 أكتوبر، هي آريا، وأورج، وبيار، وأقصوي، وبولغو، وألف، ويون أيلام.

وأظهرت المراكز في المجمل تقدم حزب العدالة والتنمية على أقرب منافسيه، حزب الشعب الجمهوري، بفارق يتراوح بين 1-6 بالمئة.

ولمعرفة كيف حقق أردوغان هذه الطفرة، رصدت "الاستقلال" مجموعة خطوات دبلوماسية واقتصادية واجتماعية نالت استحسان الناخبين بصورة لافتة.

لعل السياسة الخارجية والعلاقات الدبلوماسية هي أبرز الملفات التي يجرى الحديث عنها داخل تركيا وخارجها في الوقت الحالي، مع سطوع نجم قيادة أردوغان في عدة ملفات حساسة وهو ما تؤكده وسائل إعلام دولية.

وأكد موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي في 20 سبتمبر، أن القوة الناعمة التركية باتت لا يستهان بها، وتلعب بنجاح دورا معقدا حاليا على الساحة الدولية، لدرجة أنها باتت السلطة الدولية الوحيدة التي تتوسط في صراع روسيا وأوكرانيا.

فيما نشرت وكالة رويترز البريطانية منتصف أغسطس/آب 2022، تحليلا أكدت فيه أن أردوغان سيستخدم نجاحات سياسته الخارجية وعلاقاته الدبلوماسية التي طورها أخيرا، في سباق الرئاسة المرتقب صيف ذات العام.

أردوغان نفسه تحدث عن هذا الأمر في كلمة بافتتاح السنة التشريعية الجديدة بالبرلمان التركي مطلع أكتوبر، مؤكدا أن الدبلوماسية التركية تشهد أكثر مراحلها نجاحا، وموقفها إزاء الحرب الروسية الأوكرانية أحدث مثال على ذلك.

وقال إن تركيا اختارت خيار السلام والحوار والحكم العادل في الحرب التي نشبت بين جارتيها، وإنها تسعى لإنهاء الحرب بدلا من تأجيجها، واتفاقية شحن الحبوب الأوكرانية المبرمة نتيجة جهودنا تعد أحد أكبر النجاحات التي حققتها الأمم المتحدة ذات السمعة المتزعزعة".

وأضاف: "أقولها وبفخر كبير، أصبحت تركيا قوة دبلوماسية تُؤخذ أفكارها وتوصياتها في الحسبان على الساحة الدولية وتقدم حلولا للمشاكل كوسيط وميسر".

وفي 22 يوليو/ تموز 2022، شهدت إسطنبول توقيع "وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية" بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.

وتضمن الاتفاق تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود (شرق أوروبا) إلى العالم، لمعالجة أزمة نقص الغذاء العالمي التي كانت تهدد بكارثة إنسانية.

كما تطرق أردوغان إلى عملية تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا في 20 سبتمبر، بوساطة أنقرة، مؤكدا أن العملية نقلت الدبلوماسية التركية إلى مستوى مختلف كثيرا.

وأعرب عن سروره برؤية المستوى الذي حققته السياسة الخارجية التركية خلال المباحثات التي أجراها على هامش الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ عقد هناك مباحثات مع نحو 10 زعماء دول، مثل اليابان وإسبانيا وفنلندا وكوريا الجنوبية وقطر.

كما أشار إلى أن مناخ التطبيع بدأ يكتسب أرضية في محيط تركيا بالشرق الأوسط، مضيفا: "علاقاتنا مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل تتطور على أساس المصالح المشتركة، وعملية مماثلة تجرى مع مصر، مؤكدا في الوقت ذاته الأهمية التي يوليها للقضية الفلسطينية".

صمود الاقتصاد

ورغم الظروف الاقتصادية القاسية التي خلفتها جائحة كورونا، وفي مقدمتها أزمة الطاقة وشلل سلاسل التوريد العالمية، أظهرت حكومة أردوغان صمودا بارزا سواء على مستوى القطاع الصحي أو من جهة توفير الخدمات والسلع الأساسية للمواطن، على عكس المشاكل الكبيرة التي واجهتها دول أوروبية في هذا الإطار.

ومع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، وتضاعف هذه التحديات الاقتصادية، فاجأ أردوغان العالم بتبنيه رؤية اقتصادية مغايرة عرفت بـ"النموذج الاقتصادي التركي الجديد".

ويقوم النموذج الاقتصادي التركي الجديد، على أسس خفض الفائدة، وزيادة الإنتاج والصادرات، وتقليص عجز الحساب الجاري، وجذب الاستثمارات المباشرة مقابل الأموال الساخنة، وضمان انعكاس مستوى الرفاهية على المجتمع بأسره، لا أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة فقط.

وفي إطار هذا النموذج، وعلى الرغم من تذبذب سعر الليرة وارتفاع نسبة التضخم بسبب التطورات السلبية التي شهدها الاقتصاد العالمي؛ حققت تركيا أعلى معدل شهري للصادرات في تاريخها، خلال أبريل/نيسان 2022.

ووفق بيانات رسمية، سجلت صادرات تركيا في ذلك الشهر 23.4 مليار دولار، محققة زيادة 24.6 بالمئة مقارنة مع الشهر نفسه من العام السابق، وأعلى مستوى شهري في التاريخ، كما انخفضت البطالة في يوليو 2022 إلى 10.1 بالمئة على أساس سنوي.

كما حقق الاقتصاد التركي خلال الربع الأول من عام 2022، نموا بنسبة 7.3 بالمئة، وفي الربع الثاني حقق نموا 7.6 بالمئة، وفق معطيات هيئة الإحصاء التركية.

وفي يوليو 2022، رفع أردوغان الحد الأدنى للأجور بنسبة 30 بالمئة، ما أثر إيجابيا على ما يقرب من نصف القوة العاملة في البلاد البالغ عددها 30 مليونا.

وتبع ذلك قرار بزيادة رواتب الموظفين العموميين بنحو 42 بالمئة، ليستفيد منه حوالي 5 ملايين موظف عام، ثم ما لبث أن حذا القطاع الخاص حذو الحكومة.

وبعد ذلك، شرعت حكومة أردوغان في تحسين رواتب العاملين بالقطاع الصحي، وأسقطت الفوائد على قروض الطلاب، وأطلقت مخططا أكبر مشروع للإسكان الاجتماعي في تاريخ الجمهورية بأسعار مناسبة، كما أنشأت نظاما يوفر قروضا رخيصة للشركات.

ولم تُخرج أزمة التضخم العالمية، الاقتصاد التركي عن مساره حتى الآن، حيث إن الارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي والسياحة يدفعان النمو في تركيا إلى أن يكون من بين الأسرع في مجموعة العشرين.

وذكرت وكالة بلومبيرغ الأميركية نهاية أغسطس 2022، أن القروض بالفوائد المنخفضة أعطت دفعة إضافية إلى الاقتصاد التركي الذي تبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي له 800 مليار دولار سنويا.

وأضافت أن الاقتصاد التركي توسع بمعدل يزيد عن 6 بالمئة كل ربع سنة، منذ أن عاد إلى الحياة مع تخفيف عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا عام 2020.

وعن هذه الجزئية، قال موقع ميدل إيست آي البريطاني، إن أردوغان معروف بتصرفه فائق المهارة في أحلك الأزمات، وبقدرته على التألق في فترات الانتخابات.

وأضاف أن إصرار أردوغان على خفض نسبة الفائدة كلفه ثمنا باهظا، لكنه في المقابل تمكن من تأمين ما بين 7 إلى 10 مليارات دولار من روسيا عبر العلاقات البراغماتية معها، لتضاف لاحتياطيات البنك المركزي.

ولم يتوقف أردوغان عند هذا الحد، إذ أعلن عن حزمة مساعدات أخرى لمحدودي الدخل، ستدفع بموجبها الحكومة 30 مليار ليرة تركية (1.6 مليار دولار) لسداد قروض نحو خمسة ملايين مواطن.

كذلك، ستواصل وزارة الطاقة دعم فواتير الكهرباء والغاز، الأمر الذي سيكلف الدولة على الأرجح 200 مليار ليرة (11 مليار دولار) هذا العام. علاوة على ذلك، ستزيد وزارة المرأة والمجتمع مساعداتها لغير القادرين على سداد فواتيرهم.

وسيُصَدَّق على قانون جديد يسمح لذوي "سن التقاعد المبكر" بالتقاعد، ما يرضي شريحة قوية تطالب بالأمر منذ سنوات. هذا بجانب تحويل الحكومة لمئات الآلاف من الوظائف التعاقدية إلى أخرى دائمة.

فضلا عن الإيرادات الكبيرة التي حققها قطاع السياحة. وكشف معهد الإحصاء التركي أن عوائد السياحة بلغت في الربع الأول من عام 2022 نحو 5.4 مليارات دولار، وفي الربع الثاني 8.7 مليارات دولار، أي 14.1 مليار دولار في 6 أشهر فقط.

فيما قفز عدد الزائرين الأجانب في أول ثمانية أشهر من العام 2022 إلى نحو 108.5 بالمئة بمقدار 29.3 مليونا، وهي وتيرة تقترب من مستويات ما قبل الجائحة، وهناك توقعات بزيادة الإقبال السياحي على البلاد ولا سيما من أوروبا، في ظل أزمة شح الغاز نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.

كما تتداول وسائل إعلام تركية نقلا عن مصادر مقربة من الحكومة أن حزب العدالة والتنمية الحاكم سيواصل زيادة الحد الأدنى للأجور ورواتب الموظفين في عام 2023.

وصرح مصدر مسؤول لموقع "ميدل إيست آي" أن الناس "اعتادوا على التضخم الذي سيتباطأ بدوره في فصل الشتاء. وبمرور الوقت سيقل تأثيره تدريجيا، ومع كل هذه الخطوات، سيشعر المواطنون بتحسن أوضاعهم المالية".

نبض الشعب

وإلى جانب هذه الإنجازات الدبلوماسية والاقتصادية، لا شك أن الانخراط مع المطالب والأهواء الشعبية من أبرز النجاحات التي حققها أردوغان في الفترة الأخيرة، واضعا حائلا بذلك وسط أي طريق يمكن للمعارضة المناورة عبره.

فعندما لاحظ تركيز أحزاب المعارضة على ملف اللاجئين ومبالغاتها العديدة في هذا السياق، من قبيل أنهم السبب في انخفاض قيمة العملة وارتفاع التضخم، بدأ حزب العدالة والتنمية في مراجعة سياسات الباب المفتوح في هذا الملف استجابة للضغط الشعبي.

ففي أحدث تصريحاته في هذا الشأن، قال أردوغان: "نعلم أننا نستضيف نحو 4 ملايين سوري في بلدنا، ومنحنا الجنسية التركية للعديد منهم، لكن الآن شرعنا في خطوة جديدة".

وأضاف في تصريحات في 20 سبتمبر: "تتمثل هذه الخطوة في إنشاء مئة ألف عقار في الشمال السوري لإعادة اللاجئين إلى هناك بشكل تدريجي، وها هم السوريون بدأوا بالفعل في الرجوع ونستهدف إعادة نحو مليون منهم كمرحلة أولى".

كما أن وزارة الداخلية التركية شرعت منذ بداية 2022، في فرض قيود جديدة على إصدار الإقامات السياحية للأجانب، فضلا عن غلق عشرات الأحياء أمام تسجيل الأجانب إقامتهم بها، في غالبية المدن الكبرى، وأهمها إسطنبول وأنقرة وإزمير، ما أحدث مردودا إيجابيا من قبل المواطنين.

وفي سياق منفصل، عندما أحدثت مغنية البوب غولشان الشهيرة بـ"مادونا تركيا"، ضجة في البلاد في أغسطس 2022، إثر استهدافها خريجي مدارس الأئمة والخطباء المهتمة بالقيم والأخلاق، ونعتهم بـ"الرجعية والانحراف"، لم يفوت أردوغان فرصة إظهار التضامن اللازم مع الشريحة المحافظة.

وهذه الشريحة تعرضت لمظالم كثيرة من قبل الطغمة العسكرية والعلمانية في البلاد منذ تأسيس الجمهورية عام 1923.

وعلى خلفية الاحتقان الشعبي والمطالب المتزايدة بالتحقيق معها، أطلق مكتب المدعي العام في إسطنبول تحقيقا ضد غولشان بتهمة "تحريض الناس على الكراهية والعداء والإذلال"، بموجب المادة 216 من قانون العقوبات التركي، وجرى القبض عليها في 25 أغسطس قبل أن يجرى الإفراج عنها بعد عدة أيام.

وأعرب أردوغان الذي يعد نفسه من خريجي مدارس الأئمة والخطباء، عن تضامنه مع المنزعجين من تصريحات المطربة المعروفة بدعمها الكبير لمظاهر العلمانية والشذوذ الجنسي.

وقال في خطاب شعبي في 29 أغسطس، دون ذكر اسم غولشان، "أرى أن الاستفزازات ضد أخوتنا ووحدتنا، قد بلغت أبعادا خطيرة لدرجة استهداف أماكن عبادتنا ومدارس الأئمة والخطباء".

وأضاف أن "أولئك الذين يهينون القيم المقدسة لأمتنا لن يتمكنوا من الإفلات من المحاسبة سواء أمام ضمير شعبنا أو أمام القانون".

كما فوت الفرصة على زعيم المعارضة المرشح الأقرب لمنافسته بالرئاسيات، كمال كليتشدار أوغلو الذي يحاول منذ شهور استقطاب الشريحة المحافظة الكبيرة الداعمة لأردوغان، لكنها في نفس الوقت الأكثر تضررا من الظروف الاقتصادية الراهنة.

ويعد غالبية العلمانيين في تركيا ارتداء الحجاب رمزا للمحافظة الدينية، لكن مع اقتراب الانتخابات، أعلن كليشدار أوغلو في 3 أكتوبر اعتزامه تقديم مشروع قانون إلى البرلمان من "أجل ضمان حق ارتداء النساء الحجاب وحمايته قانونيا".

وذلك من أجل منع "استغلال قضية الحجاب سياسيا في البلاد" على حد تعبيره، كما قدم اعتذارا عما وصفها بـ"أخطاء الماضي" التي ارتكبها هو وحزبه في العقود الأخيرة.

ومنذ عقود طويلة يمثل الحجاب في تركيا قضية حساسة، ويرجع الفضل لحزب العدالة والتنمية في رفع الحظر عن ارتدائه بشكل تدريجي منذ تسلم أردوغان كرسي رئاسة الوزراء مطلع الألفية الثالثة.

ولم يتأخر رد أردوغان على كليتشدار أوغلو، إذ قال في خطاب أمام كتلة حزبه النيابية بالبرلمان: "يجب العمل على إدراج القضية في دستور البلاد، بدلا من الاكتفاء باقتراح قانون يضمن عدم المساس بحرية ارتداء الحجاب".

وأضاف أن "حكومات حزب العدالة والتنمية أزالت مسألة حظر ارتداء الحجاب التي وصلت إلى مستوى الظلم ذات يوم من أجندة تركيا"، وأن مشروع "حزب الشعب الجمهوري بعيد كل البعد عن حل المشكلة بالطريقة المرغوبة".

كما نشر مقطعا مصورا مدته 5 دقائق شاهده الملايين عبر تويتر، جمّع فيه انتهاكات وإهانات حزب الشعب الجمهوري وزعيمه منذ 2010 كليتشدار أوغلو، ضد المحجبات، لدرجة اتهامهن بـ"الرجعية ومعاداة الدولة".

وفي سياق متصل، أدهش أردوغان الجميع عبر لقاء حمل دلالات كبيرة مع الطائفة العلوية التي تقدر عدد منتسبيها بـ5 ملايين فرد، وهم في عمومهم معارضون له، ويميلون لحزب الشعب الجمهوري والأحزاب اليسارية.

لكن ولأول مرة منذ 20 عاما، زار أردوغان في أغسطس 2022 "بيت جمع"، وهو المكان الذي يتعبد فيه العلويون في جماعات، والتقى بمخاتيرهم، ثم حضر مهرجانا لتكريم أحد أبطال طائفتهم. وفي الوقت نفسه، منحت وزارة الداخلية ترقيات لبعضهم.

وعلق موقع ميدل إيست آي على هذه الخطوة بالقول إنه لطالما كانت لـ"أردوغان السني المتدين" مشكلات مع العلويين، لكنه كان يسعى أيضا لتلبية مطالبهم.

وأشار إلى أن الكثيرين فسروا خطوات أردوغان الأخيرة على أنها محاولة لتفكيك المعارضة، ولتخفيف حدة معارضة العلويين له، وهي بالطبع شهادة على براغماتية الرئيس.

وفي الصراعات الإقليمية، يتبنى أردوغان وقفة حاسمة مع أذربيجان ضد اعتداءات أرمينيا المتكررة، ويبيع لها مع أوكرانيا مسيرات بيرقدار ذائعة الصيت، والتي زاد عليها الإقبال أخيرا من عشرات البلدان.

كما فتح جبهة ضد العدو التاريخي اليونان، التي تواصل بدورها استفزازاتها لتركيا في بحر إيجة، للتغطية على نجاحات تركيا الدبلوماسية وصعود نفوذها إقليميا ودوليا.

وإلى جانب كل نجاحاته ووقفاته الخاصة في لقاءاته مع زعماء العالم وآخرها مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعاه للانضمام إلى مجلس الدول التركية، يحرص أردوغان على النزول إلى الشارع والجلوس مع المواطنين في المقاهي والمطاعم وإيقاف موكبه لالتقاط صور مع الصغار والكبار، ما يلقى استحسان الجماهير.

وأكد الموقع البريطاني في هذا السياق أنه من الصعب التنبؤ بقدرة أردوغان على الفوز بالانتخابات وسط كل التحديات الاقتصادية والسياسية الكبيرة في البلاد.

لكن هناك شيئا واحدا مؤكدا وهو أن أردوغان قادر على الإبداع، ومستعد لأن يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، بينما لا تزال المعارضة تفتقر إلى التوحد والإستراتيجية.