"ضربة بالخاصرة".. دلالات استهداف المقاومة الفلسطينية جنود الاحتلال في الضفة

لندن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

خلال الساعات الأخيرة شهدت مدن الضفة الغربية عمليتين نوعيتين للمقاومة الفلسطينية، أبرزها إطلاق نار على حافلة تقل جنودا إسرائيليين في غور الأردن، أسفرت عن إصابة السائق وأربعة جنود، وتبع ذلك إصابة 4 جنود آخرين بانفجار عبوة ناسفة قرب مستوطنة “أريئيل”.

ويأتي تصعيد العمليات الفلسطينية ضد الاحتلال في وقت يتأهب فيه الكيان لخوض انتخابات برلمانية مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، بعد حل الكنيست في 30 يونيو/ حزيران 2022 إثر انهيار الائتلاف الحكومي. 

ولاقت تلك العمليات المتصاعدة بالضفة الغربية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين المتطرفين حفاوة واستحسانا وثناء بصورة كبيرة بين الناشطين على تويتر.

وأكدوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #عملية_الأغوار، أن العمليات الأخيرة تؤشر إلى تغيير معادلة قواعد الاشتباك مع الاحتلال الغاشم وتبشر بمواجهات جديدة معه وتوسع دائرة استهدافه.

ورأى ناشطون أن مزيدا من هذه العمليات النوعية كفيل بإحياء نبض الشارع العربي الإسلامي تجاه فلسطين من جديد، مشيرين إلى أن استهداف جنود في طريقهم لقواعدهم العسكرية، له صدى كبير في المنظومة الأمنية للكيان.

وأشاروا إلى أن العمليات الأخيرة تظهر توسع رقعة المقاومة، وتفضح الفشل الأمني والاستخباراتي للمحتل الإسرائيلي، وذكاء المنفذين في تركيز استهداف جيش الاحتلال مباشرة وتجنيب المدنيين.

وتحدث ناشطون عن دلالات استهداف مناطق الأغوار الشمالية التي يعدها الاحتلال بؤرا آمنة له، ونادرا ما تشهد أعمال مقاومة، ووجهوا التحية للمقاومين الذين لا تخطئ بوصلتهم الاتجاه أبدا، مشيدين بأن الضفة باتت تشتعل تحت أقدام الاحتلال. 

دلالات العملية

وتعليقا على عملية الأغوار، قال رئيس الدائرة الإعلامية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" -إقليم الخارج- هشام قاسم، إنها تشكل استمرارا لمسيرة طويلة من المقاومة المسلحة، وإثباتا على فشل كل إجراءات الاحتلال الهادفة إلى استئصالها في الضفة، من خلال اقتحاماته واغتيالاته الأخيرة.

من جانبه، أوضح الباحث في الشأن الإسرائيلي الدكتور صالح النعامي، أن استهداف حافلة تقل عناصر لواء النخبة في جيش الاحتلال المعروف بـ"جفعاتي" يشي بأهمية الضفة الغربية الهائلة كساحة مقاومة رئيسة.

وأضاف أن الضفة تجمع بين وجود عدد كبير من الأهداف الصهيونية الحيوية ومواطن احتكاك كثيرة مع هذه الأهداف وجغرافيا واسعة نسبيا تمنح خيارات متعددة مقارنة بأية ساحة مواجهة أخرى.

بدوره، قال الناشط أدهم أبو سلمية، إن عملية الأغوار نوعية شكلا ومضمونا، ولا تعكس تطور المقاومة في الضفة فقط، بل تؤكد حجم الجهد المبذول من المقاومة لضرب العدو في خاصرته.

وتابع: فشارع 90 ليس كأي شارع من جهة الأهمية الإستراتيجية له عند العدو، وحافلة جنود ليست كغيرها، وفوق كل ذلك في أغوار الأردن حيث يعتقد الاحتلال أنه آمن.

وأشار مستشار العلاقات الدولية والدبلوماسية قاسم حدرج، إلى أن عملية غور الأردن جاءت بتوقيت شديد الأهمية أعاد خلط كل الأوراق الإسرائيلية.

وأوضح: "لكونها أتت من خاصرة كانت تظنها مستأنسة ومنضبطة ولا تشكل أي مصدر خطر أو حتى قلق على أمن الكيان ولكونها منطقة شبه مغلقة أمنيا، وبالتالي فإن هذه العملية المعقدة أمنيا تعد بمثابة جبهة جديدة فتحت بوجهه".

المسار الصحيح

أما الناطق باسم حركة حماس الدكتور عبد اللطيف القانوع، فرأى أن تصاعد عمليات المقاومة في الضفة الغربية يؤكد أن أهلها الثائرين دشنوا مرحلة جديدة في مواجهة الاحتلال والتصدي لجرائمه بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى.

وتابع: أن المواجهات والعمليات ستتمدد وتنتقل لمختلف أرجاء الضفة وكل محاولات الاحتلال لكسرها ستفشل ولن تمر.

وقال المحلل السياسي والكاتب أيمن الحنيطي، إن المقاومة الفلسطينية بدأت تأخذ مسارها الصحيح نحو الطريق الوحيد للتحرر من الاحتلال بعد تفسخ الفصائل وفساد القيادات.

وكتب الباحث الفلسطيني عزت جمال، إن عملية الأغوار تأكيد مستمر على قدرة المقاوم الفلسطيني، على الوصول لكل مكان في فلسطين، متجاوزا كل إجراءات أمن الاحتلال، ليضرب أمنه وجنوده وقطعان مستوطنيه، الذين يعتدون على شعبنا ويسرقون أرضه وينتهكون مقدساته.

وأكد أن المقاومة هي خيار الشعوب الوحيد للتحرر من الظلم والانعتاق من الاحتلال.

ولفت الباحث في الشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر إلى أن تقديرات أمنية إسرائيلية تفيد بوجود تحولات عميقة جارية في الضفة الغربية، تتمثل بتعزيز قوة حركات المقاومة، مما يقلق الاحتلال أكثر بكثير من تهديدات أخرى.

فشل إسرائيلي

وعد ناشطون أن العمليات التي تستهدف الاحتلال تؤكد الفشل الكبير لمنظومته الأمنية والعسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، إذ جاءت رغم حالة الاستنفار القصوى لكل أجهزته، وتهديده بتعميق حملات الاعتقال بالضفة.

وأشارت الناشطة مايا رحال، إلى أن العمليات النوعية تقود إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة مختلفة وتثبت فشل المنظومة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية للاحتلال في ردع المقاومة، مؤكدة أن الطوفان الفلسطيني يتغلب على حملة كاسر الأمواج.

وأكد الصحفي مليك القاضي أن عملية غور الأردن تؤكد من جديد مدى وهن وضعف المنظومة الأمنية الإسرائيلية التي يفاخر بها قادة الكيان المؤقت على مستوى المنطقة والعالم.

وأشار إلى أن العملية هذه المرة لم تكن تستهدف المستوطنين، وإنما وحدة بارزة في جيش الاحتلال وهي "جيفعاتي".

وكتب مؤمن أبو زعيتر: "عملية الأغوار البطولية أثبتت فشل وضعف المنظومة الأمنية الصهيونية أمام إرادة الفلسطيني الثائر، وهي امتداد لسلسلة طويلة من العمليات البطولية التي لن تتوقف وستبقى كابوسا يلاحق قادة الاحتلال المجرمين". وعد ياسين زين الدين العملية بمثابة صفعة جديدة للاحتلال وعملائه، حيث تأتي رغم الحملة الأمنية التي شنتها أجهزة أمن السلطة في جنين في محاولة فاشلة لإجهاض المقاومة، فجاءتهم الضربة من حيث لم يحتسبوا، ونقلة نوعية للمقاومة.

ولفت إلى أنها نفذت داخل منطقة عسكرية في الأغوار الشمالية عانت من التهويد المستمر، وهي منطقة صحراوية مكشوفة ويسيطر عليها جيش الاحتلال بقوة، وتؤشر لبدء خروج المقاومين من معاقلهم داخل جنين وطوباس ومبادرتهم بالهجوم وعدم الاكتفاء بالدفاع.

إسقاط السلطة

في السياق، برزت دعوة ناشطين إلى إسقاط السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، مستنكرين استمرار تنسيقها الأمني مع الكيان الإسرائيلي وعدم اصطفافها مع المقاومة.

وقال الباحث في الشؤون الإسرائيلية سلطان العلجوني، إن تحرك الضفة واشتداد المقاومة فيها هو أكثر سيناريو يثير الرعب لدى الاحتلال، ولذا نجده متمسكا بسلطة الخيانة والعار الفتحاوية بزعامة عباس وشلة العملاء، داعيا إلى إسقاط هذه السلطة العميلة للتفرغ لمقارعة الاحتلال.

ورأى المحلل السياسي ياسر الزعاترة أن الشعب الفلسطيني لا ينقصه غير قيادة شجاعة، مشيرا إلى أن الغزاة في حالة رعب، رغم أن الأمر لم يتطور على النحو المأمول حتى الآن، لأنه مجتمع مرعوب يقابله مجتمع مدجج بروح البطولة.

وأوضح محمد أحمد أن تصاعد العمليات في الضفة الغربية يثبت من جديد فشل كل خيارات العدو في وقف جذوة الصراع في الأرض المحتلة.

ولفت إلى أن إسرائيل راهنت على نجاح سياسة الاقتصاد مقابل السلام التي عملت عليها خلال السنوات الماضية، لكنها لم تتعلم من دروس الماضي أن الشعب الفلسطيني متقدم على كل التوقعات والإستراتيجيات.