ترامب والخليج.. كيف يرى الكونجرس صفقات السلاح بينهما؟

12

طباعة

مشاركة

صرح مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية، آر. كلارك كوبر، يوم الأربعاء الماضي، للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب بأن قرار إدارة ترامب بتسريع مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات ضروري لمواجهة "التهديد الإقليمي الملح" الذي تمثله إيران لضمان عدم شراء حلفاء الولايات المتحدة أسلحتهم من المنافسين لها مثل الصين وروسيا.

وكان دونالد ترامب قد قرر في 24 مايو/ أيار إعلان حالة الطوارئ بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة من أجل تمرير 22 صفقة من مبيعات الأسلحة المختلفة، التي بلغ مجموعها أكثر من 8 مليارات دولار، للدول التالية: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن. وقد قام ترامب بقراره، بالتحايل عمدا على عملية المراجعة العادية للكونجرس لمثل هذه الصفقات.

وأفاد الباحث والكاتب في الشؤون الدولية والسياسة الأمريكية في واشنطن، ديريك دافيسون، في مقال له على صحيفة "لوب لوج" الأمريكية، أنه في سبيل الدفاع عن الدور التقليدي للكونجرس في تقويم صفقات الأسلحة والاحتياط في بيع الأسلحة للسعوديين في الوقت الذي تخوض فيه المملكة حربها التدميرية في اليمن، قاوم العديد من أعضاء الكونجرس إعلان الطوارئ الصادر عن ترامب، مثل السيناتور الديمقراطي من كونيتيكت كريس مورفي، والجمهوري من ولاية إنديانا تود يونغ، اللذان طالبا بتشريع جديد، بموجب قانون المساعدات الخارجية، يطالبون فيه الإدارة الأمريكية بإصدار تقرير في 30 يومًا عن سجل حقوق الإنسان في المملكة، في حين يمكن للكونجرس التصويت لمنع مبيعات الأسلحة على الرغم من حالة الطوارئ المزعومة من ترامب.

لا وجود لحالة طوارئ

وبدأ رئيس اللجنة الديمقراطية، إليوت إنجل، الجلسة بانتقاد حاد لإعلان الطوارئ الذي وصفه بأنه "فشل" و"إساءة استخدام للسلطة"، إذ اعتبر أن قدرة الكونجرس على مراجعة صادرات الأسلحة حقٌ يكفله القانون والتقاليد القديمة. وأنه في ظل القلق الذي ينتاب أعضاء الكونجرس من هذه الصفقة، لم تأت الإدارة للتفاوض معهم من أجل إيجاد حل.

واتهم إنجل الإدارة الأمريكية، بأنها لم تستمع  إلى أعضاء الكونجرس المطالبين بضمانات أكبر بأن الأسلحة الأمريكية لن تستخدم في ذبح المدنيين في اليمن، وأنها لم تقدم  أقل قدر من الاحترام لفرع الحكومة الموازي الذي له دوره التشريعي والحيوي. بل على العكس؛ يقول المقال نقلا عن رئيس اللجنة الديمقراطية، "استخدموا بندًا غامضًا ونادراً بإعلانهم حالة طوارئ مزيفة، لتمرير هذه الصفقات، وللتقليل من الدور الرقابي للكونجرس، في حين لا توجد حالة طوارئ".

واستغل الجمهوريون في المجلس، لا سيما العضو البارز مايكل مكول من تكساس وسكوت بيري من ولاية بنسلفانيا، تأخيرات سابقة فرضها الكونجرس في بعض الصفقات الأخيرة كمبرر لقرار وزارة الخارجية بتجاوز الرقابة. وزعم كوبر أن فترة المراجعة العادية لمبيعات الأسلحة هي 30 يومًا، لكن بعض الصفقات كانت قيد المراجعة لمدة 18 شهرًا وربما وصلت إلى عامين، وضرب مثالًا بما  قام به السيناتور روبرت مينينديز من نيوجيرسي، وهو ديمقراطي بارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، إذ علّق بيع الأسلحة الموجّهة عالية الدقة للسعوديين والإماراتيين بسبب المخاوف من الإصابات في صفوف المدنيين في اليمن.

الحرص على الزبون

وقال دافيسون، المتخصص في التاريخ والسياسة الإيرانيين، إن الكثير من الأسئلة تركزت على التدمير الذي أحدثه التحالف السعودي-الإماراتي في اليمن باستخدام الأسلحة الأمريكية وأشاروا إلى التقارير التي تفيد بأن التحالف نقل أسلحة أمريكية الصنع إلى القوات المحلية المتحالفة مع تنظيم القاعدة.

كثيراً ما دافعت الإدارة الأمريكية عن تزويدها السعوديين بالذخائر عالية الدقة، بأنها تقلل من الإصابات في صفوف المدنيين، على الرغم من أن السعوديين استخدموها مرارًا لضرب أهداف مدنية. وقد أنتجت جهودهم العسكرية  بشكل إجمالي إلى ما أسمته الأمم المتحدة: بأسوأ أزمة إنسانية في العالم. ويقدر مشروع النزاع المسلح (ACLED) أن أكثر من 70 ألف مدني يمني قد قتلوا في الحرب منذ يناير/ كانون الثاني 2016، حيث قتل التحالف الذي تقوده السعودية أكثر من 7 آلاف يمني في هجمات مباشرة استهدفت مدنيين.

وأشارت إحصائيات، استند إليها المقال، إلى إن أكثر من 100 ألف طفل يمني أصيبوا بالكوليرا في عام 2019 فقط. وقد اعترف كوبر بأن "هناك مجالًا لتحسين نزاهة عمليات الاستهداف" لكنه قال إن هذا "لا يمنع من الاستمرار في تسليح التحالف بهذه الأسلحة".

وفي غياب تام لأي نقاش محدد حول "التهديدات" الإيرانية الجديدة المزعومة والإلحاح الذي من المفترض أنه اقتضى مبيعات الأسلحة الأخيرة، اعتمدت محاججة كوبر اعتمادًا كبيرًا على فكرة أن إعلان الطوارئ كان ضروريًا لتسريع مبيعات الأسلحة ومنع السعوديين والإماراتيين -وهما من أكبر مشتري الأسلحة في العالم- من التوجه إلى مكان آخر لشراء أسلحتهم.

وفي دفاعه عن صفقات الأسلحة من إدارته للسعوديين، أشار ترامب مرارًا إلى احتمال أن يلجأ السعوديون إلى الصين للحصول على أسلحة إذا أوقفت الولايات المتحدة تلك المبيعات أو قامت بتحديدها، وقد يكون هذا التخوّف قد اكتسب أثرًا أكبر في ضوء التقرير الذي أعدته شبكة "سي إن إن" في وقت سابق من هذا الشهر يحتوي على أن السعودية قد وسعت بشكل كبير برنامجها للصواريخ الباليستية بمساعدة من الصين.

"علاقة غير أخلاقية"

لكن مع ذلك، يبالغ ترامب بشكل كبير في التأثير الاقتصادي الذي تحدثه صفقات الأسلحة على الاقتصاد الأمريكي والدرجة التي يمكن للسعوديين من خلالها تحويل الجزء الأكبر من مشترياتهم من الأسلحة إلى الصين أو روسيا بسرعة أو بسهولة.

فقد اعتمدت القوات المسلحة في المملكة طوال عقود بشكل كامل تقريبًا على أنظمة الأسلحة الأمريكية والبريطانية وذخيرتها، بحسب "لوب لوج". ثم إن التحول إلى أنظمة الأسلحة الصينية سيكون قرارًا  طويلا جدا ومكلفًا للغاية بالنسبة للرياض. علاوة على ذلك، فإن الادعاء المتكرر، والذي ردده كوبر مِرارًا يوم الأربعاء، بأن الولايات المتحدة تطالب بحماية أكبر للمدنيين في مبيعاتها من الأسلحة من غيرهم من المصدرين للأسلحة مثل الصين وروسيا.

وخلال الجلسة، تحول التركيز إلى العلاقة الأمريكية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بشكل أوسع. ولعل أقوى الانتقادات لتلك العلاقة جاءت من عضو الكونجرس الجديد إلهان عمر من مينيسوتا، التي وصفت الحكومتين السعودية والإماراتية بأنها "أنظمة وحشية" وبأنها "تسحق الحركات الديمقراطية في الخارج" وبأنها "كانت تمول الإرهابيين".

ومع تقويض القوتين الخليجيتين للمصالح الأمريكية طويلة الأجل في المنطقة، قالت العضو الصومالية-الأمريكية: إن "علاقة أمريكا بالسعودية والإمارات، بشكلها الحالي، علاقة غير أخلاقية". وزادت مشددة: "ليست غير أخلاقية فحسب، بل تؤدي إلى نتائج عكسية لأمننا القومي. وأعتقد أن الوثوق بهم لحماية احتياجاتنا وحمايتنا من التهديدات الإرهابية يشبه ثقتك بلص لحماية متجرك. وبيع الإدارة الحالية الأسلحة لهم بمليارات الدولارات أمر خطير وشائن". واعتبرت إلهان عمر أن القيام بذلك يظهر تجاهلًا صريحًا لإرادة الكونجرس والشعب الأمريكي، وهو بمثابة صفعة على وجه الديمقراطية والقيم الأمريكية.