دعا إليها الصدر وتبناها حلفاء إيران.. ماذا تعني "حكومة الخدمات" بالعراق؟

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

على وقع استقالة نواب الكتلة الصدرية الأكبر بالبرلمان العراقي (73 مقعدا)، تسعى القوى الشيعية المناوئة لمقتدى الصدر، المتمثلة بـ"الإطار التنسيقي" (56 مقعدا) إلى تشكيل حكومة مع باقي الكتل البرلمانية من السنة والأكراد.

وفي 12 يونيو/ حزيران 2022، قدم نواب الكتلة الصدرية استقالاتهم إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بطلب من الصدر، وذلك سيتيح للكتل السياسية تقاسم مقاعدهم، إذ سيعوضهم البرلمان بآخرين من مختلف القوى السياسية حتى يكتمل عدد نوابه البالغ 329 نائبا.

وينص قانون الانتخابات أن "الخاسرين (الذين حصلوا على العدد) الأعلى (من الأصوات) في كل دائرة انتخابية سيعوضون بدلا من نواب الكتلة الصدرية الذين استقالوا"، حسبما أفاد الحلبوسي خلال مؤتمر صحفي في 13 يونيو.

وأثارت تصريحات سياسيين من قوى الإطار التنسيقي بشأن شكل الحكومة المقبلة، تساؤلات عديدة عن أبرز المهام التي تنوي القيام بها في ظل أزمات كثيرة تشهدها البلاد، لا سيما نقص الخدمات والبطالة واستشراء الفساد، إضافة إلى التدخلات الخارجية.

حكومة خدمات

في بيانات أصدرها "الإطار التنسيقي" بعد اجتماعات أجراها مع أطراف أخرى، يومي 13 و14 يونيو، قال إن الحديث جرى عن "حكومة تقدم الخدمات"، مشيرا إلى "استكمال الاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة خدمية وطنية".

وعلى الصعيد ذاته، قال النائب عن تحالف "الإطار التنسيقي"، عارف الحمامي، إن "الإطار التنسيقي ومن معه من حلفاء يسعون إلى تشكيل (حكومة خدمية)، قادرة على إنهاء المعاناة التي يعاني منها الشعب العراقي منذ فترة طويلة، من نقص الخدمات وغيرها من متطلبات الحياة الأساسية".

وأضاف لصحيفة "الوثيقة" العراقية، أن "العراق خلال المرحلة المقبلة يحتاج إلى حكومة خدمية، مهامها الرئيسة تكون توفير الخدمات والكهرباء والماء والإعمار وغيرها من الملفات التي لم تستطع الحكومة الحالية تطويرها رغم وجود كافة التسهيلات لها".

فيما تحدثت النائب عن التحالف ذاته، مديحة الموسوي، في 15 يونيو، عن الحاجة لحكومة "تلبي حاجيات المواطن"، بحسب تصريحات أوردتها قناة تلفزيون عراقية.

وانسجاما مع ذلك، أكد النائب محمد الصيهود عن التحالف ذاته أن الحكومة المقبلة ستكون خدمية وبمشاركة القوى السياسية وبحسب استحقاقها الانتخابي، مؤكدا أن "الإطار والقوى السياسية الأخرى عاكفون في حوارات مستمرة للإسراع بتشكيل الحكومة بعد العطلة التشريعية للبرلمان".

وأوضح الصيهود خلال تصريحات نقلها موقع "آي نيوز" العراقي في 18 يونيو، أن "المرحلة التي تمر بها البلاد صعبة وتحتاج إلى حكومة خدمية على الأقل، للاستفادة من الوفرة المالية جراء ارتفاع أسعار النفط".

وادعى أن "قوى الإطار بكونها الكتلة النيابية الأكثر عددا، ستسمي رئيس الوزراء وتحدد البرنامج الحكومي، وسيشرك جميع القوى السياسية لأنه لا يؤمن بسياسة التهميش".

"إنهاء الاحتلال"

وعلى صعيد آخر، كشف القيادي في تحالف "الفتح" المنضوي ضمن قوى الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، عن أول مهام الحكومة العراقية الجديدة خلال المرحلة المقبلة.

وقال الفتلاوي، خلال تصريح نقلته وكالة "بغداد اليوم" المحلية في 17 يونيو، إن "أولى مهام الحكومة خلال المرحلة المقبلة، سيكون تطبيق قرار البرلمان القاضي بإخراج كافة القوات الأجنبية من جميع الأراضي العراقية، فهذا القرار لم يطبق من قبل حكومة مصطفى الكاظمي، بل هي عملت على تسويفه".

وفي 5 يناير/ كانون الثاني 2020، صادق البرلمان العراقي على قرار يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأرض العراقية، خلال جلسة استثنائية بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي بعد يومين من قصف أميركي أودى بحياة الجنرال الإيراني قاسم سليماني.

وأشار النائب عن التحالف إلى أن "القوات الأميركية لا تزال توجد في عدد من القواعد في مختلف المدن العراقية، وهذا الأمر لن نسمح به، ولهذا، الحكومة الجديدة ستكون مهامها الأولى إخراج تلك القوات المحتلة، وهذا الأمر يشمل القوات التركية، التي توجد شمالي العراق".

وتأسس معسكر "زليكان" التركي عام 2014 عقب اجتياح تنظيم الدولة للأراضي العراقية وسيطرته على محافظة نينوى (مركزها الموصل)، حيث طلب الجانب العراقي من أنقرة إرسال قوات تركية (لا يعرف تعدادها) مهمتها تدريب متطوعين من أبناء الموصل لاستعادة المدينة من التنظيم.

وكثيرا ما يتعرض معسكر زليكان لهجمات صاروخية، تتهم بتنفيذها مليشيات شيعية، وقد كان آخر هذه الهجمات استهدافه بـ5 صواريخ في 17 يونيو 2022، انطلقت من موقع خلف أكاديمية شرطة نينوى يسيطر عليه لواء تابع لقوات الحشد الشعبي الذي يضم مليشيات موالية لإيران.

ويأتي القصف بعد تغريدة أطلقها في اليوم ذاته زعيم مليشيا "كتائب الإمام علي" شبل الزيدي، عد فيها تركيا ومصالحها بأنها "أصبحت أهدافا معادية"، وذلك على خلفية هجمات تنفذها أنقرة ضد حزب العمال الكردستاني في العراق الذي تصنفه "إرهابيا"، لا سيما في مناطق سنجار وإقليم كردستان.

وفي 1 فبراير/ شباط 2022، توعد زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" الموالية لإيران، قيس الخزعلي بما وصفه "الرد على الاحتلال التركي، وإجباره على الخروج من أرض العراق"، منتقدا "الصمت الحكومي والسياسي المؤسف إزاء مسلسل الانتهاكات التركية الواضحة للسيادة العراقية".

بينما تؤكد تركيا أن عملياتها لا تهدف إلى انتهاك سيادة العراق وسلامة أراضيه، بل تستهدف عبرها أوكار تنظيم العمال الكردستاني التي يقصف أراضيها بصورة دورية، متسببا في سقوط قتلى وجرحى.

وأشارت تقارير دولية عديدة في الآونة الأخيرة، أن إيران تقف وراء زيادة حدة تصريحات المليشيات الشيعية ضد تركيا، خوفا من تصاعد نفوذ الأخيرة بالمنطقة.

مخاطبة الشارع

وتعليقا على هذا المشهد، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي عدنان الناصري لـ"الاستقلال" إنه "من الناحية النظرية، فإن ترويج قوى الإطار التنسيقي لحكومة الخدمات هي إحدى المقترحات كي ينجح الإطار ويتجاوز مقتدى الصدر".

وأضاف الباحث، قائلا: "لكن من الناحية العملية، فإن الإطار التنسيقي يطرح موضوع حكومة الخدمات محاكاة لشعارات الصدر، ولذلك لن ينجحوا في أغلب الظن، والأيام القريبة ستكشف ذلك حتما".

وسبق أن نادى زعيم التيار الصدري بتشكيل حكومة خدمات، ضمن شعار "الإصلاح" الذي يرفعه لإيقاف الفساد المالي والإداري الذي عطل الخدمات طيلة 20 عاما، رافضا في الوقت نفسه اتهامه بأنه جزء من القوى السياسية الممسكة بالسلطة منذ عام 2003، وكان سببا بكل الأزمات التي يعاني منها البلد.

من جهته، رأى المحلل السياسي العراقي أحمد النعيمي أن "مصطلح (حكومة الخدمات) هدفه مخاطبة الشارع العراقي بالدرجة الأولى، ومحاولة اللعب بالمفردات، لإقناع الجماهير أن الصدريين هم من يعرقلون وجود حكومة خدمية لهم".

وأشار النعيمي خلال تصريحات لصحيفة "العربي الجديد" في 15 يونيو، إلى "خمس حكومات سابقة شكلها حزب الدعوة والمجلس الأعلى الذين هم من أركان الإطار التنسيقي، بلغ حجم موازناتها أكثر من ألف مليار دولار على مدار نحو 16 عاما، ولم تتمكن من توفير خدمات الكهرباء أو المياه للمواطنين".

وفي 14 يونيو 2022، ذكر "الإطار التنسيقي" في بيان أنه "عقد اجتماعا مع تحالف العزم (السني) برئاسة النائب مثنى السامرائي وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني وحركة بابليون المسيحية برئاسة ريان الكلداني.

وأوضح أنه جرى خلال اللقاء بحث تطورات الوضع السياسي الراهن وسبل الإسراع في استكمال الاستحقاقات الدستورية بمشاركة كل القوى الوطنية".  

وأكد المجتمعون أن "المرحلة المقبلة مهمة وتستدعي الإسراع في بدء الخطوات العملية لاستكمال الاستحقاقات الدستورية وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة منسجمة قادرة على تلبية مطالب العراقيين وتؤمن الحياة الكريمة وتحفظ الأمن والاستقرار للجميع".   

ودعا الإطار التنسيقي "جميع القوى الفاعلة في المشهد السياسي إلى المشاركة في الحوارات معربا عن استعداده لمفاتحة جميع الأطراف لإيمانه بأن الحكومة القادمة يجب أن تكون حكومة قوية ومقتدرة وتقدم الخدمات وتحافظ على وحدة وسيادة البلاد وتسهم في حفظ مكانة ودور العراق في المنطقة والإقليم".

بينما يخشى الإطار من الضغوط المتولدة من انسحاب الصدر من البرلمان ولجوئه إلى الشارع بعدما كان يملك الكتلة الأكبر بالبرلمان ولم يسمح له بتشكيل حكومة أغلبية، ما قد يسفر عن اندلاع حراك شعبي جديد.