التدخل السريع و"G.I.S".. لماذا شكّل السيسي وحدات قتالية خاصة؟

أحمد يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"G.I.S" وحدات قتالية خاصة تابعة لجهاز الاستخبارات العامة ظهرت لأول مرة، برجالها الملثمين، وزيهم الموحد خلال عملية تسليم هشام عشماوى ضابط الصاعقة المصري الذي فصل من الجيش، وأسس تنظيم "المرابطون"، وقبض عليه في ليبيا، وتم ترحيله إلى مصر مؤخرا.

رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي لم تنقطع مناقلاته الأمنية بين جيش عريض، من أكبر الجيوش في منطقة الشرق الأوسط، وبين الحرص على تكوين وحدات قتالية خاصة داخل أجهزة الأمن والاستخبارات، تدين له بالولاء المطلق، بعيدا عن مواءمات عموم القوات، انتصارا لمخيلته المخابراتية التي لا تعطي الأمان لأحد.

تلك القوات الخاصة "G.I.S" ليست الأولى التي يشكلها السيسي كجيوب أمنية منفصلة تحت إمرته مباشرة، أو إمرة رجاله، فقبل إقدامه على خطوة الاستقالة من الجيش، وترشحه لرئاسة الجمهورية، أسس السيسي "قوات التدخل السريع" التي تتبع له مباشرة بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.

قوات G.I.S

في 29 مايو/ آيار 2019، بث الإعلام المصري بحفاوة بالغة مشاهد عملية تسلم ضابط الصاعقة السابق في الجيش المصري هشام عشماوي، الذي تُوجه له أجهزة الأمن اتهامات بالتورط في عمليات إرهابية.

وفي سياق الحدث كُشف للمرة الأولى عن قوات خاصة جديدة تم تشكيلها بشكل غير معلن، تتبع جهاز الاستخبارات العامة، الذي يتبع بدوره لرئاسة الجمهورية، ويقوده الرجل المقرب من السيسي اللواء عباس كامل.

ظهر أفراد ملثمون يرتدون زيا عسكريا، كتب عليه "G.I.S"، وهي عبارة عن الأحرف الأولى لـ "General Intelligence Security"، أي قوات أمن الاستخبارات العامة.

وبحسب مصادر عسكرية تتخصص هذه القوات في مكافحة الإرهاب، ويتم استخدامها في العمليات الكبرى، التي تهدف لتأمين وصول شخصيات رسمية أو مطلوبين للأمن المصري بجرائم إرهابية. وتندرج هذه القوات ضمن فرق النخبة في أجهزة الأمن، التي تعزز القوات البرية بها، وتشتبك ميدانيا، وتضرب معاقل الخصوم.

ولم يتم الإعلان عن طبيعة هذه القوات، ولا تاريخ تشكيلها، ولا المهام التفصيلية التي تقوم بها، في إحاطتها بسياج من السرية، فيما تحدثت مصادر عسكرية في فترات سابقة عن تشكيل السيسي جهازا أمنيا جديدا، معنيا بأمنه الشخصي، ومنع أي محاولة للانقلاب عليه، أو استهدافه.

كان يشرف على إدارة هذا الجهاز وتشكيله اللواء عباس كامل حين كان مديرا لمكتب السيسي في رئاسة الجمهورية، قبل أن ينتقل إلى رئاسة جهاز الاستخبارات العامة، وتواترت المصادر أن الجهاز الجديد يضم نخبة من الضباط الأكفاء من القوات المسلحة والشرطة.

رجل المخابرات

كان يُعتقد أن عمل المخابرات العامة يقتصر على العمل الاستخباراتي ذي الطابع السري، وليس لديها قوات خاصة منفصلة على غرار الجيش والشرطة، قادرة على التدخل المسلح، والاشتباك، حتى ظهرت قوات أمن الاستخبارات العامة، في الآونة الأخيرة.

برز بقوة دور المخابرات العامة في عملية تسليم عشماوي (ألقي القبض عليه قبل 8 أشهر في درنة)، بعد زيارة رئيسها عباس كامل لليبيا، ولقائه بالجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وأكدت مصادر عسكرية أن قوات "G.I.S" تتمتع بصلاحيات واسعة على أجهزة الأمن المختلفة، حيث تتولى مهام رقابية على عدد من تلك الأجهزة ونشاطها.

وفي 28 يونيو/حزيران 2018، كلف السيسي، رجله المقرب ومدير مكتبه وذراعه اليمنى اللواء عباس كامل بإدارة جهاز المخابرات العامة، خلفا للواء خالد فوزي الذي أطيح به في ظروف غامضة قبل أشهر قليلة.

وجاءت هذه الخطوة كعامل حاسم في محاولات السيسي الحثيثة للسيطرة الكاملة على جهاز المخابرات العامة، الذي يمثل مسارا مختلفا للإدارة المشكلة في هيكل المجلس العسكري بعد ثورة يناير، والتي ورثها السيسي الذي كان مديرا لجهاز المخابرات الحربية في ذلك الوقت.

التدخل السريع

في 25 مارس/ آذار 2014، أعلن المشير عبد الفتاح السيسي، نائب رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، عن تشكيل قوات خاصة من الجيش لمواجهة الإرهاب، وقال حينها: "تشكيل هذه القوات يعد الأول من نوعه في تاريخ الجيش المصري، وأن قوات التدخل السريع تمتاز بالقدرة العالية على المناورة".

وجاء تشكيل قوات التدخل السريع "Rapid Deployment Forces"، بعد أشهر قليلة من الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013، وفي ظل استعداد السيسي للانتخابات الرئاسية التي وصل من خلالها إلى سدة الحكم في 26 مايو/ آيار 2014.

وتحدث السيسي عن القوة الجديدة، من زاوية الإنجاز التاريخي الذي وصفه بـ "العظيم"، وقال: "إن هناك دولا تستغرق سنوات لتجهيز وحدات مماثلة".

فهذه الوحدة القتالية تحتوي على مجموعة كتائب من فروع الجيش، بداية من فرق الصاعقة المزودة بمركبات "هامفي"، ثم كتائب مشاة ميكانيكية مزودة بالمركبات المدرعة المقاتلة والدبابات، بالإضافة إلى كتيبة مدفعية ميدانية مزودة بمدافع الهاوتزر عيار 155 وغيره.

وكذلك كتيبة مدفعية مسلحة بعناصر المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات والمزودة بمركبات "هامفي" محمول عليها قواذف صواريخ "تاو"، وكتيبة شرطة عسكرية مزودة بمركبات "بانثيرا"، المجهزة بتدريب خاص مضاد للألغام الأرضية، وكتيبة دفاع جوي مزودة بمنظومة "شاباريل" المضادة للطائرات، وفصائل الاستطلاع والإشارة والملحقة على كامل القوة، وأخيرا قوات جوية مكونة من مروحيات "شينوك" للنقل العسكري، ومروحيات "مي-17" لنقل الأفراد.

رسائل الردع

الصحفي المصري أحمد عطوان أكد "أن جهاز المخابرات العامة المصرية يمتلك وحدات قتالية خاصة من قبل ظهور (G.I.S)، وساهمت في كثير من العمليات داخل وخارج البلاد خلال عهود الرؤساء السابقين".

وقال عطوان لـ "الاستقلال": "الجديد هو خروج تلك القوات للعلن في هذا التوقيت تحديدا، فمن المعروف أن عمليات المخابرات محاطة دائما بسياج من السرية، وغير قابلة للإفشاء، ولكن ظهورها بهذا الشكل، دلالته توجيه مجموعة من الرسائل تتجاوز الشارع المصري، إلى القيادات الداخلية في المؤسسات السيادية، بهدف الردع".

ودلل الصحفي المصري على حديثه موضحا "أن السيسي لا يثق في أقرب المقربين منه، وسبق له الإطاحة بصهره محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق، ثم وزير الدفاع صدقي صبحي الذي شاركه الانقلاب العسكري، وديدن السيسي هذا نابع من توجسه الدائم من المحيطين به، فهو الرئيس المصري الوحيد الذي لا يُعرف مكان إقامته، بعكس جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وحسني مبارك، ومحمد مرسي".

وقال عطوان "سبق للسيسي أن أنشأ قوات التدخل السريع، بمعزل عن العديد من الوحدات القتالية داخل الجيش مثل الصاعقة، و777، والحرس الجمهوري، ويرجع ذلك إلى المنظومة الإقليمية المتأثرة بالإمارات ومحمد بن زايد، أول من حرص على تكوين وحدات خاصة منفصلة عن الأجهزة السيادية في إمارة أبوظبي".

مضيفا: "بن زايد أنشأ قوات خاصة تخضع لتدريب شركة (بلاك ووتر) الأمنية سيئة السمعة التي تتخذ من الإمارات مقرا عالميا لها، وكذلك مضى ولي عهد السعودية محمد بن سلمان على نفس النهج، وأولى لقوات التدخل السريع السعودية اهتماما خاصا، وحجم نفوذ الحرس الوطني الذي كان يقوم بحماية الملوك في السابق".