صحيفة إسبانية: مكاسب أزمة الطاقة تشجع الجزائر لإبراز أنيابها العسكرية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

عقب ساعات من إنهاء الجيش الجزائري، في 7 يونيو/ حزيران 2022، مناورات ليلية بالذخيرة الحية في منطقة تندوف الحدودية مع المغرب وإقليم الصحراء المتنازع عليه، أعلنت الجزائر تعليق اتفاقية الصداقة مع إسبانيا.

وأكدت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية، أن هذه الدلائل التي لم تمر مرور الكرام بالنسبة لدول المنطقة، تشير إلى نية الجزائر إظهار أنيابها في ظل خلافاتها المتصاعدة مع الرباط ومدريد.

وأشارت الصحيفة إلى أن المكاسب الكبيرة التي تحققها نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي على خلفية أزمة الطاقة الراهنة المتفاقمة في أوروبا خصوصا، تشجع الجزائر للتمادي في هذا المنحى.

توتر متصاعد

وذكرت الصحيفة أنه في الحقيقة، أظهرت الجزائر عبر هذه التدريبات عضلاتها العسكرية، من خلال دبابات ومركبات للطرق الوعرة وعربات مدرعة وطائرات هليكوبتر وطائرات مقاتلة وناقلات.

كما استخدمت ذخائر قتالية "في ظروف شبه حقيقية" تحت إشراف رئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة. 

وتأتي هذه المناورات التي حملت اسم "صمود 2020"، عقب أيام قليلة من تنفيذ البحرية الجزائرية في نهاية مايو/ آيار 2022، تدريبات تكتيكية تحت اسم "إعصار 2022" في المياه الحدودية مع المغرب وإسبانيا. 

عموما، يتمثل الهدف المعلن لهذه التدريبات - التي تم نشرها بتفصيل كبير على التلفزيون الجزائري - في إعداد القوات المسلحة الجزائرية "لمواجهة أي حالة طارئة وفي أي ظرف من الظروف"، بحسب شنقريحة.

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن الصحفي الجزائري محسن عبد المؤمن ذهب أبعد من ذلك، وأشار إلى أن المناورات تعد كذلك بمثابة "رسالة لأعداء الجزائر" في مقال نشرته صحيفة "الجزائر الوطنية".

وكتب عبد المؤمن بعد اتهامه المغرب باستفزاز الجزائر وزعزعة استقرارها بأوامر من إسرائيل والولايات المتحدة، أن كل من "يسعى لإيذاء الجزائر سيتلقى ردا فوريا ومدمرا". 

فيما يستعد المغرب للرد على هذا التصعيد بمناورات مع الولايات المتحدة؛ تحمل اسم "الأسد الإفريقي 2022"، ومقرر إجراؤها بين 20 يونيو إلى غرة يوليو/ تموز. 

وفي ظل هذا الوضع، رفضت إسبانيا المشاركة في المناورات للعام الثاني على التوالي، بعد غيابها عام 2021، لاحتمال وقوع جزء من العمليات في إقليم الصحراء.

وأوردت الصحيفة أنه على الرغم من التحول التاريخي في موقف حكومة بيدرو سانشيز الإسبانية، والمتمثل في دعمها الصريح لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، إلا أن الجيش الإسباني لن يكون جزءا من مناورات "الأسد الإفريقي" في وقت وصل التوتر أعلى المستويات مع الجزائر. 

تغييرات كبيرة

وأوضحت الصحيفة أن التغيير في الموقف الإسباني خلال مارس/ آذار 2022 فاجأ الجزائر التي استدعت على الفور سفيرها للتشاور في الغرض. 

من جهته، حذر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بالفعل في أبريل/ نيسان 2022 من أن هذا القرار "غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا"، وذلك قبل خرق معاهدة الصداقة الثنائية وتجميد التجارة الخارجية مع مدريد.

وذكرت الصحيفة أن العلاقات بين إسبانيا والمغرب والجزائر تمرّ بأسوأ لحظات لها منذ عقود. وإزاء هذا الوضع، أبدى الخبراء قلقهم من خطر اندلاع مواجهة بين الجارتين في شمال إفريقيا.

وأبقت الجزائر حدودها مغلقة مع المغرب لما يقارب 30 عاما. وأعلنت بالفعل قطع العلاقات الدبلوماسية مع جارتها في أغسطس/ آب 2022. ومنذ ذلك الحين، اندلعت مناوشات بين الجارتين، كان بعض نتائجها مقتل ثلاثة مواطنين جزائريين في قصف مغربي.

ونقلت الصحيفة عن مراقب من المنطقة أن "هذه المناورات تهدف إلى إظهار القوة الجزائرية وإرسال رسالة مفادها أنها لن تسمح بتهديدها من قبل المغرب، حتى لو كان ذلك يحظى بدعم إسرائيل والولايات المتحدة".

وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات المتوترة تاريخيا بين الجارتين- التي أغلقت حدودها المشتركة منذ 1994- دخلت في دوامة هبوط منذ الصيف الماضي، عندما قطعت الجزائر العلاقات مع المغرب. 

وأصبحت الخلافات بين الطرفين "في تصعيد" متواصل منذ كسر وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو، بدعم من الجزائريين، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. 

وزاد الأمر سوءا بعد شهر عندما اعترف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء.

وفي مارس 2022، اتهمت الجزائر الرباط بقتل ثلاثة من مواطنيها في تفجير على ما يبدو ضد جبهة البوليساريو الصحراوية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وأكدت أن "هذه الجريمة لن تمر دون عقاب".

عموما، أثار احتمال الانتقام مخاوف من أن يؤدي مثل هذا الحادث إلى تأجيج توترات الحرب بين دولتين كانتا على خلاف بالفعل في "حرب الرمال" عام 1963.

سياق دولي

وأوضحت الصحيفة أن الجزائر كانت واحدة من الدول القليلة التي امتنعت عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في تصويت جمعية الأمم المتحدة.

 كما صوتت ضد قرار تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. 

وبين عامي 2016 و2020، باعت موسكو أسلحة بقيمة 4.2 مليارات دولار للجزائر، أي ما يعادل 15 بالمائة من إجمالي صادرات الأسلحة الروسية في تلك الفترة.

علاوة على ذلك، في 10  مايو/ أيار 2022، زار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الجزائر للاحتفال بالذكرى الستين للعلاقات الثنائية، والتي بدأت عندما أصبح الاتحاد السوفيتي أول دولة تعترف باستقلال الجزائر في عام 1962.

بالإضافة إلى ذلك، زار المسؤول السامي فيكتور بونداريف، أيضا الدولة الإفريقية أخيرا للتحضير للمناورات العسكرية المشتركة المقرر إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، بالقرب من الحدود مع المغرب.

وأشارت الصحيفة إلى أن السياق الاقتصادي الحالي، مع الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة، منح المجلس العسكري الجزائري نفسا منعشا يسمح له باتخاذ موقف دبلوماسي أكثر صرامة ضد المغرب وإسبانيا. 

إذ ارتفعت تكلفة الغاز في أوروبا، التي تستورد 11 بالمائة من غازها من الجزائر، بنحو 6.9 بالمائة بعد التصعيد التجاري في الجزائر العاصمة وانقطاع الإمدادات الأمريكية بسبب حريق في مصنع للغاز الطبيعي المسال في تكساس أخيرا.

عموما، إذا كان الانهيار في الأسعار في عام 2014 قد ألقى بثقله على الاقتصاد الجزائري على مدى السنوات الخمس الماضية.

فإن الانتعاش الذي حدث بفضل التعافي بعد الوباء وأيضا بسبب الحرب في أوكرانيا قد وضع الجزائر في موقع قوة عندما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى التنويع في مصادر طاقتها لتقليل استهلاك الغاز الروسي.