أسوأ من جائحة كورونا وحرب أوكرانيا.. هكذا تؤثر "أزمة الأسمدة" على العالم

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

منذ الحرب بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، تأثرت العديد من السلع حول العالم، لا سيما في قطاع الحبوب والأسمدة.

وحذرت صحيفة إيطالية من أن "ارتفاع أسعار الأسمدة وقلة توافرها، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء حول العالم، جراء انخفاض الإمدادات من القمح والحبوب الأخرى بشكل أساسي". 

وأشارت صحيفة "إيل بوست" إلى أن "تكلفة الأسمدة ارتفعت بشكل كبير عام 2021 بسبب آثار تفشي جائحة كورونا، قبل أن تخلق أزمة الطاقة والغزو الروسي لأوكرانيا المستمر منذ 24 فبراير/شباط 2022 الظروف لمزيد من تدهور الوضع".

ارتفاع التكاليف

وقالت الصحيفة إن "الأسمدة لعبت خلال السنوات الستين الماضية دورا أساسيا فيما يسمى بـ(الثورة الخضراء) التي ساهمت في زيادة محصول الحقول الزراعية بشكل كبير، مما سمح بتوفير الغذاء لأعداد إضافية من الأشخاص في جميع أنحاء العالم". 

كما بينت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية في تحليل حديث، أن الحقول المزروعة بدون أسمدة كانت تغذي حوالي 87 بالمئة من سكان العالم عام 1960. 

وفي عام 2015، انخفضت النسبة إلى 52 بالمئة بفضل انتشار استخدام الأسمدة بشكل أكبر وإدخال تحسينات في تركيباتها، من أجل استخدام أكثر مسؤولية من قبل المزارعين.

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن "أكثر الأسمدة استخداما هي النيتروجينية وأسمدة البوتاس (كربونات البوتاسيوم)، وكذلك تلك المشتقة من مادة الفوسفات".

وأوضحت أن "الأسمدة النيتروجينية تتطلب الكثير من الإنتاج من الناحية الطاقية، لأنها تنتج باستخدام الغاز الطبيعي، ولهذا السبب بالتحديد، ظل إنتاجها محدودا في أوروبا منذ نهاية صيف 2021 بسبب الانخفاض المسجل في الغاز المتوفر وارتفاع سعره".

وأشارت "إيل بوست" إلى أن "سعر الأسمدة بدأ في الارتفاع بشكل كبير عام 2021 خصوصا بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل والشحن، ويرجع ذلك أساسا إلى آثار تفشي جائحة فيروس كورونا". 

وشددت على أن "الأمور ساءت مع نهاية عام 2021 بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على بيلاروسيا، على خلفية أزمة موجة المهاجرين على الحدود مع بولندا". 

ويذكر أن بيلاروسيا تنتج وحدها ما يقل قليلا عن 20 بالمئة من إجمالي البوتاس المستخدم في الأسمدة الزراعية، وبذلك زادت العقوبات من صعوبة شراء وبيع الأسمدة في العديد من البلدان الأوروبية وغيرها من البلدان.

وفي بداية عام 2022، زاد الغزو الروسي لأوكرانيا "الطين بلة"، لا سيما وأن جزءا كبيرا من الأسمدة المستخدمة في جميع أنحاء العالم يتم إنتاجها داخل مصانع الكيماويات الروسية. 

وعام 2021، على سبيل المثال، حصلت 25 دولة ​​على معدل في حدود أكثر من 30 بالمئة من الأسمدة من روسيا.

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن "بعض البلدان في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، التي اعتمدت بشكل كبير تاريخيا على الأسمدة الروسية، كانت تستخدمها في أكثر من 50 بالمئة من أنشطتها الزراعية".

تحد كبير

من جانبه، أكد ماكسيمو توريرو، كبير اقتصاديي منظمة الأغذية والزراعة الأممية (الفاو)، أن "العالم سيواجه تحديا خطيرا بسبب تعليق صادرات الأسمدة من الدول الرئيسة، مما سيؤثر على محاصيل عام 2023".

وفي تصريح  صدر مؤخرا لشبكة "روسيا اليوم"، قال توريرو :"إذا لم نتمكن الشهر المقبل أو في غضون شهرين من الحصول على كل الأسمدة من المصدرين الرئيسين، سنواجه تحديا كبيرا"،

وأوضح أن "المصدرين الرئيسيين لأسمدة البوتاس هما روسيا وبيلاروسيا".

وشدد على أن المشكلة "تتعلق بالحصاد المقبل في عام 2023، ولذا فإن همنا الرئيس هو عام 2023".

على جانب آخر، بينت الصحيفة الإيطالية أن "بعض البلدان تتحرك للاستفادة من أزمة الأسمدة لتوسيع حضورها في القطاع".

وذكرت في هذا الصدد إعلان كل من قطر ونيجيريا، الغنيتين بمورد الغاز الطبيعي، عن افتتاح مصانع جديدة لإنتاج الأسمدة النيتروجينية، بينما تخطط كندا لزيادة إنتاج البوتاس. 

ولاحظت الصحيفة أن "بناء مصانع جديدة أو تعزيز قدرات الإنتاج بالمصانع الحالية سيستغرق وقتا، وبالتالي لا يتوقع المحللون أي تغييرات محتملة في الوضع على المدى القصير".

وحذرت من أنه "نتيجة لذلك، سيجبر الكثير من المزراعين إلى استخدام كميات أقل من الأسمدة، مما يقلل من حجم حصاد حقولهم ونوعية المحاصيل، وقد يؤدي هذا الظرف إلى تفاقم أزمة الغذاء، خاصة فيما يتعلق بالقمح والحبوب الأخرى".

وأردفت أن "الإنتاج في أوكرانيا تباطأ بشكل كبير بسبب العمليات القتالية، كما أن الحصار البحري الروسي لجزء كبير من البحر الأسود يمنع تصدير الحبوب التي تم حصادها". 

بدورها، تتسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة ضد روسيا في تباطؤ شراء القمح الروسي، خاصة في الغرب.

تفاقم الأزمة

وتوفر أوكرانيا وروسيا معا حوالي 28 بالمئة من صادرات القمح في العالم، و29 بالمئة من الشعير المستخدم بشكل رئيس في تربية المواشي، و15 بالمئة من الذرة، و75 بالمئة من زيت بذور عباد الشمس.

وأوضحت الصحيفة الإيطالية أن "إنتاج جميع المحاصيل السابق ذكرها يتطلب استخدام الأسمدة لتعويض التأثير القوي لها على التربة من حيث استهلاك المعادن والمواد الأخرى التي تحتويها".

ولفتت إلى أنه "في مواجهة احتمالية انخفاض المحاصيل بسبب قلة توافر الأسمدة، يفكر العديد من المزارعين في التعويل على زراعة المحاصيل التي تتطلب استخداما أقل للأسمدة، مثل فول الصويا". 

وبذلك، قد يؤدي التخلي عن زراعة القمح والذرة إلى تفاقم أزمة الغذاء، "مما يؤدي إلى زيادة أسعار هذه المواد الأساسية التي باتت تدريجيا غير متوفرة".

وفي الولايات المتحدة، سيزرع المنتجون حوالي 370 ألف كيلومتر مربع من فول الصويا عام 2022، بزيادة قدرها 4 بالمئة مقارنة بعام 2021، بحسب "إيل بوست".

في المقابل، ستتراجع المساحة المخصصة لمزارع الذرة بنسبة 4 بالمئة، بينما لا توجد في الوقت الحالي توقعات بحدوث تغييرات معينة للقمح.

وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى "وجود بدائل لتقليل استهلاك الأسمدة تم اكتشاف أنواع مختلفة منها في السنوات الأخيرة".

وقالت إن "أحدها يتمثل في إجراء تحليلات أكثر دقة للتربة، من أجل تحديد المواد التي تفتقرها وبالتالي استخدام الأسمدة الضرورية فقط لتعويضها". 

وأضافت أن "الأساليب الأخرى تتضمن إجراء تناوب أكثر في زراعة المحاصيل على قطع أرض معينة حتى لا يؤدي تكرر استخدامها إلى إفقار التربة بسرعة".

وخلصت الصحيفة الإيطالية إلى أن "هذه الطريقة تستغرق مدة زمنية طويلة، وقد لا تضمن دائما عوائد اقتصادية كافية للمزارعين، خاصة تجاه المنافسين الذين يستخدمون الأسمدة بدلا من ذلك".