إمداد أوروبا بالغاز.. هل يدق أول مسمار في نعش علاقات الجزائر وروسيا؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع إيراني الضوء على تقارير تحدثت عن توجه أوروبا نحو الجزائر، على أنها  بديل آخر لغاز روسيا، بعد فرض العقوبات على موسكو جراء غزوها أوكرانيا في 24 يناير/كانون الثاني 2022.

وتوقف موقع "راديو فردا" عند الاتفاقية المبرمة بين إيطاليا والجزائر لاستيراد الغاز الطبيعي، وموقف موسكو من هذه التطورات، والدلالات والإشارات الدبلوماسية التي يتم توجيهها إلى روسيا.

تغيرات جديدة

وقال موقع "راديو فردا" إن "إيطاليا وبعضا من الدول الأوروبية الأخرى تسعى نحو تقليل الارتباط بروسيا في مجال الطاقة، منذ الهجوم على أوكرانيا، ومن ثم توجهوا نحو الجزائر".

وبسبب موقع الجزائر شمالي قارة إفريقيا، فإنها تجاور أوروبا عن طريق البحر المتوسط، ولديها نحو 2.2 تريليون متر مكعب من مخزون الغاز الطبيعي، فيما تورد حوالي 11 بالمئة من الغاز المستهلك في أوروبا.

وتعد الجزائر أولى الدول المصدرة للغاز الطبيعي في قارة إفريقيا، وسابع الدول على مستوى العالم.

وللسبب نفسه، كانت الجزائر حليفا لموسكو على مر التاريخ، ولكنها ترى نفسها تحتل موقعا إستراتيجيا في التغيرات العالمية الجديدة، والتي تأثرت بشدة من غزو أوكرانيا، وفق "راديو فردا".

ووفقا لاعتقاد المحللين، لم تكن دبلوماسية الجزائر منذ وقوع هجوم روسيا على أوكرانيا ديناميكية بهذا القدر على الإطلاق، وفي الوقت نفسه لم تكن حذرة.

وأفاد الموقع بأن "الجزائر في الأسابيع الأخيرة، بالتزامن مع سعيها في اتخاذ موقف محايد بخصوص الهجوم الروسي على أوكرانيا، إلا أنها كانت مضيفة لمسؤولين رفيعي المستوى من الحكومات الأجنبية".

وأشار إلى أنه "بعد سفر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، للجزائر منذ ثلاثة أسابيع، سافر إليها أيضا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، وكانت مسألة الحرب الأوكرانية من أهم المحاور الرئيسة لتلك الرحلتين".

وتابع الموقع: "كذلك سافر رئيس وزراء إيطاليا، ماريو دراغي، إلى الجزائر لإعداد اتفاقية الغاز، وتتلخص أهمية هذه الرحلة في أن إيطاليا تستورد حوالي 95 بالمئة من الغاز المستهلك، بالإضافة إلى ذلك أنها تعد أحد العملاء الأوروبيين الكبار للغاز الروسي، كما أنها تعد عميلا لغاز الجزائر أيضا".

وأوضح أنه "تم الاتفاق خلال هذه الرحلة، أن حجم صادرات غاز الجزائر إلى إيطاليا ستزداد بالتدريج، ولكن دراغي، والمصادر الجزائرية لم يفصحوا عن محتوى الاتفاق المبرم، ولم يعطوا أي معلومات".

وتحول بحث زيادة صادرات الغاز إلى أوروبا في الجزائر، إلى "موضوع محرم"، ومنعت وسائل الإعلام الحديث عنه.

حلول أخرى

من جانبها، أعلنت الشركة الإيطالية المعنية بمجال البترول والغاز "إني"، في بيان صحفي، أن "هناك دولتين (لم تسمهما) تنويان نقل الغاز بينها يصل إلى 9 مليارات متر مكعب من الغاز عامي 2023-2024".

وأوضحت أن "صادرات غاز الجزائر ستتم عن طريق خط غاز ترانس ميد الذي يعبر من تونس إلى إيطاليا".

من جهته، قال الموقع إن "روما سعت قبل وقوع الهجوم الروسي على أوكرانيا أن تزيد واردات الغاز من الجزائر، وبحسب تقرير وكالة الجزائر الرسمية، كان لإيطاليا خلال الثلاثة أشهر الأولى لعام 2021 واردات غاز من الجزائر بمجموع 6.4 مليارات متر مكعب، ولقد زادت ضعفين بالمقارنة مع نفس المدة خلال العام الذي سبقه".

وكذلك تم تمديد معاهدة بيع غاز الجزائر السابقة إلى إيطاليا عام 2019 لثماني سنوات أخرى، وتستطيع إيطاليا أن تضيف عامين آخرين إلى هذه المعاهدة.

لكن مع وجود مخزون جدير بالاهتمام من الغاز الطبيعي في الجزائر، يعتقد الخبراء أن سعة صادرات الغاز فيها "مشبع".

وقال الباحث في مؤسسة "البحث الاقتصادي في الشرق الأوسط"، أيدين جاليك، نقلا عن وكالة أنباء فرنسا، "هناك تساؤلات حول حجم زيادة صادرات الجزائر".

وفي الواقع، البنيات التحتية القديمة لصناعة البترول والغاز في الجزائر، وكذلك زيادة الحاجة إلى الطاقة داخل الدولة نفسها، استمدت قوة العمل ذاته من رجال الدولة لأجل زيادة صادرات الغاز، بحسب ما ذكره الموقع.

وعلى أساس تقدير مؤسسة "البحث الاقتصادي في الشرق الأوسط"، أن السعة غير المستخدمة لخط الغاز ترانس ميد تعادل 7.8 مليارات متر مكعب، وهذا الرقم أقل من 9 مليارات متر مكعب، حيث من المقرر أن يزداد نقل الغاز بين إيطاليا والجزائر وفقا للاتفاق الأخير بينهما.

والإحصائية نفسها توضح أن سعة هذا الخط التي تصل إلى 22 مليار متر مكعب على الأقل في العام، "غير كافية لتنفيذ الاتفاق، وينبغي على البلدين التفكير في حلول أخرى".

من جهتها، أوضحت الشركة الحكومية الكبيرة "سوناطراك" الفعالة في مجال البترول والغاز في الجزائر، في بيان، أن "شروط الاتفاق مع (إني) تسمح للشركتين أن تحددا مستويات سعر بيع الغاز الطبيعي مع أخذ أوضاع السوق بالنسبة للسنة المالية في عين الاعتبار".

وكتبت وكالة أنباء فرنسا نقلا عن الخبير في مجلس العلاقات الدولية الأوروبية، أنتوني دوركين، أن "الجزائر تسعى للاستفادة من الوضع الحالي للحرب في أوكرانيا لزيادة دخلها الناتج عن صادراتها إلى أوروبا". 

وأكد دوركين أن "الجزائر تريد كذلك أن تظهر كشريك طاقة محل ثقة بالنسبة لأوروبا".

حذر متبادل

وأشار الموقع إلى أن "المسؤولين في الجزائر يكررون دائما أن أغلب صادرات غاز الجزائر إلى أوروبا لن تحل محل الغاز الروسي، لأن هذه الصادرات محدودة للغاية".

ويعتقد خبير مجلس العلاقات الدولية الأوروبية، دوركين، أن الجزائر "من المحتمل أن تلتزم بسياسة متوازنة للحفاظ على علاقاتها مع روسيا وأوروبا".

وتشتري الجزائر الأسلحة من روسيا، وكذلك بعض الدول الأوروبية، مثل إيطاليا وألمانيا بشكل تقليدي.

كما امتنعت الجزائر عن التصويت على القرار المعتمد في منظمة الأمم المتحدة لإدانة هجوم روسيا على أوكرانيا.

وأكد دوركين أن "الحفاظ على العلاقات مع روسيا لا يعني أن الجزائر ستفقد فرصها التجارية الرابحة لصادرات الغاز خاصتها".

من جانبه، قال السفير الروسي في الجزائر، خلال تصريح صحفي: "فيما يخص غاز الجزائر، نعتقد أن المسألة متعلقة بالدولة نفسها وبالدول المستوردة، وإذا كان لدى الجزائر نية زيادة صادراتها إلى إسبانيا وإيطاليا، فلن نتدخل في هذا الأمر".

وعد الموقع أن "الاتصال الهاتفي بين رئيس روسيا، فلاديمير بوتين، ونظيره الجزائري، عبدالمجيد تبون، في 19 أبريل/نيسان 2022، وبالضبط بعد اتفاقية الجزائر وروما، ذات مغزى".

وأعلن قصر الكرملين أن "الرئيسين اتفقا على التعاون في مجمع الدول المصدرة للغاز على استكمال حفظ استقرار الطاقة في الأسواق العالمية للطاقة، وذلك بالتأكيد على تواصل أكبر لبلادهما في إطار مجموعة أوبك بلس".

واختتم الموقع مقالته قائلا "على أية حال، لن تنتهي المواقف الحذرة في العلاقات بين روسيا والجزائر على موضوع الطاقة فقط، وتعاني الدولتان من الخلافات على وجود مواضع مشتركة بينهما في ليبيا".