قد لا ترى النور أبدا.. ما أسباب تعثر "صفقة القرن"؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "لوريون لو جور"، مقالا للكاتبة كارولين حايك، تحدثت فيه عن ما تسمى "صفقة القرن" التي صاغها جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرة إلى احتمالية تجميدها حتى تشكيل حكومة جديدة بإسرائيل، وقد لا ترى النور أبدا إذا رفضها الجانب الفلسطيني.

وقالت الكاتبة في الصحيفة الناطقة بالفرنسية: إنه "من الواضح أن جاريد كوشنر، ليس لديه حس التوقيت، حيث وصل برفقة المبعوث الخاص للمنطقة جيسون جرينبلات والمبعوث الأمريكي إلى إيران براين هوك، إلى القدس المحتلة لمناقشة خطته للسلام مع الإسرائيليين، في خضم أزمة سياسية كاملة تشهدها تل أبيب".

ولدت ميتة

وأضافت، أن "حل الكنيست الأربعاء بعد أقل من شهرين من انتخابه، يعرض بشكل خطير المشروع الأمريكي الذي تم تقويضه بالفعل عدة مرات في الأشهر الأخيرة"، موضحة أن صحيفة "جيروزاليم بوست" اعتبرت البارحة أن حل الكنيست هو "موت لخطة السلام"، مشيرة إلى فشل بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة، وإجراء انتخابات جديدة في 17 سبتمبر/أيلول المقبل.

وأشارت الكاتبة إلى أن "نتنياهو قال خلال لقائه مع المبعوث الأمريكي: لقد وقع حادث صغير الليلة الماضية. هذا لن يوقفنا وسنواصل العمل معا، الرئيس الأمريكي ترامب يقرب حلفاء المنطقة في مواجهة التحديات".

في المقابل، أكد كوشنر لمحاوره أنه يقدّر "جميع" جهوده لتعزيز العلاقات بين البلدين، وقال: "نثمن جميع جهودكم من أجل تعزيز العلاقات بين البلدين، إنها تعد أقوى من أي وقت مضى"، ومن جهتها أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية انعقاد مؤتمر المنامة في يونيو/حزيران، حول الجوانب الاقتصادية لخطة السلام الأمريكية المستقبلية للشرق الأوسط.

ونقلت الصحيفة عن كريم إميل بيطار، مدير معهد العلوم السياسية في جامعة جونسون: إذا كانت هذه التصريحات تحاول إخفاء الشعور بالاستياء، فإن خطة القرن التي طال انتظارها منذ شهور طويلة مهددة بشكل خطير. هذه الصفقة المزعومة على وشك أن تتحول إلى أكبر فشل دبلوماسي في هذا القرن".

وبينت "لوريون لو جور"، أنه في عام 2017، تم تكليف صهر الملياردير الأمريكي بهذه المهمة الشاقة المتمثلة في التوصل إلى "صفقة القرن"، التي فشلت فيه جميع الإدارات الأمريكية السابقة، ففي الجلسة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي أنه سيتم الكشف عن خطة السلام في يناير/كانون الثاني 2019.

وأردفت: "ومع ذلك، فإن حل الكنيست في ديسمبر/ كانون الأول 2018 دفع الأمريكيين إلى تأجيل الموعد النهائي بعد الانتخابات الإسرائيلية التي أجريت في 9 أبريل/ نيسان الماضي، ومن أجل دعم الحليف والصديق بنيامين نتنياهو، أعلن ترامب قبل خمسة عشر يوما من الانتخابات، اعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتل، التي لم يعترف المجتمع الدولي بضمها عام 1981.

وقال الرئيس الأمريكي عند إعلان النتائج: "الجميع يقولون إنه من غير الممكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأنا أعتقد أننا لدينا الآن فرصة أفضل في ظل فوز نتنياهو"، وبعد أسبوعين من الانتخابات، أعلن كوشنر أنه سيكشف عن تفاصيل "صفقة القرن"، بعد نهاية شهر رمضان، في 4 يونيو/حزيران الجاري.

وعلى تويتر، غرد ترامب الثلاثاء قائلا: إنه "يأمل أن تسير الأمور بشكل جيد مع تشكيل الائتلاف الإسرائيلي"، لأن الوقت ينفد بالنسبة لواشنطن التي تريد كشف النقاب عن خطتها قبل بدء الحملة الانتخابية للرئاسة الأمريكية عام 2020، توضح "لوريون لو جور".

تردد عمّان

وأكدت الصحيفة، أن إجراء انتخابات جديدة بإسرائيل في 17 سبتمبر/أيلول المقبل، يطرح مسألة تأجيل جديد لإعلان الخطة، خاصة وأن الأخيرة يمكن اعتبارها حساسة للغاية بحيث لا يمكن عرضها خلال حملة انتخابية جديدة.

من ناحية أخرى، فإنه من دون حكومة إسرائيلية لمناقشة الخطة، من الصعب اليوم تسويق مشروع، يرفضه منذ البداية الجانب الآخر المعني، حيث أوضح الجانب الفلسطيني أنه يرفض الخطة، قائلا: إن تصرفات الرئيس الأمريكي أظهرت تحيزا صارخا تجاه تل أبيب، مثل اعتراف الولايات المتحدة بالقدس في أواخر عام 2017 كعاصمة لإسرائيل، أو تعليق المساعدات للفلسطينيين، وقد أعلن القادة الفلسطينيون بالفعل أنهم لن يحضروا قمة تستضيفها المنامة الشهر المقبل.

وأكد كريم بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، أن هذا المأزق كان يمكن التنبؤ به بشكل تام، لأنه جاء من حقيقة محاولة التضحية بحقوق الفلسطينيين على مذبح التقارب بين إسرائيل ودول الخليج، وكذلك محاولة تأييد المنطق الاقتصادي منطق جاريد كوشنر، الذي هو منطق المصرفي الاستثماري على حساب القضية الجوهرية التي تمثل مشكلة إقليمية وحتى مسألة كرامة وطنية للفلسطينيين"، إذ يأمل كوشنر في حث بعض الفلسطينيين على الانضمام إلى خطته، من خلال وعد بتطوير اقتصادي حقيقي.

ولفتت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي أعلنت فيه الرياض وأبو ظبي والدوحة عن مشاركتها في مؤتمر المنامة، اصطدم المستشار الأمريكي، بتردد عمّان، التي لم تؤكد وجودها أو عدم حضورها في البحرين، وحث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني المسؤول الأمريكي على "ضرورة تكثيف الجهود لتحقيق سلام شامل ودائم يقوم على أساس حل الدولتين (الإسرائيلية والفلسطينية) والذي يضمن إقامة دولة فلسطينية" مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

لكن هذا الحل القائم على دولتين، قد أزيل ظاهريا من الخطاب الأمريكي الرسمي لمدة عامين، ويلخص كريم بيطار المسألة بالقول: "هناك احتمال ضئيل في أن يتحقق هذا المشروع كما هو".

وبحسب الصحيفة، فإنه في الوقت نفسه، ستواجه الولايات المتحدة، في حال التزامها بخطة الإعلان عن "صفقة القرن"، خطر خسارة كل ما تم الاتفاق عليه مع نتنياهو، إذا لم يحقق فوزا في الانتخابات المقبلة، لكن هذا السيناريو غير مرجح، وخاصة أن إدارة ترامب سبق أن غيرت خططها بشأن "صفقة القرن" كي تتوافق مع الجدول السياسي لنتنياهو و"حققت رقما قياسيا فيما يتعلق بالتدخل في السياسة الإسرائيلية" من خلال دعمها الثابت لرئيس الوزراء الحالي.

واعتبر السفير الأمريكي السابق لدى تل أبيب، دان شابيرو، أن خطة السلام (صفقة القرن) الأمريكية تم تجميدها، ربما إلى الأبد، فيما أدلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، بتعليق ساخر في "تويتر" على خبر حل الكنيست لنفسه استعدادا لانتخابات جديدة، وقال فيه: "الآن إنهاء صفقة القرن القادم".