كل طلباتها مجابة.. لماذا تفضل السعودية الصين لتصنيع صواريخ باليستية؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع إيراني أن السعودية تعمل على تصنيع صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية على أراضيها، بمساعدة الصين، على الرغم من مخاوف أميركا والدول الأوروبية إزاء هذه الخطوة التي تحمل تهديدات كبيرة على مستقبل المنطقة.

وذكر موقع "إيران الدبلوماسي"، في مقال للباحث في شؤون الشرق الأوسط "حامد حسيني"، أن السعودية فضلت الصين لمساعدتها في هذا البرنامج، نظرا لأنها لا تفرض قيودا حقوقية أو تكنولوجية، كما تفعل أميركا والدول الأوروبية وحتى روسيا.

تعاون خطير

وأوضح الموقع أن وكالات الاستخبارات الأميركية كشفت أن السعودية تعمل بنشاط على تصنيع صواريخها الباليستية بمساعدة الصين، بحسب ما أعلنته شبكة "سي إن إن" في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2021.

ومن المعروف أن السعودية اشترت صواريخ باليستية من الصين في الماضي لكنها لم تكن قادرة على بناء صواريخها، لكن تشير صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها "سي إن إن" إلى أن المملكة تقوم حاليا بتصنيع الأسلحة في موقع واحد على الأقل قرب العاصمة الرياض.

وذكر الموقع الإيراني أن الصين والسعودية طورتا التعاون الثنائي بينهما بصورة كبيرة منذ بداية العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1990.

وزار الرئيس الصيني الرياض عام 2016، وقام الطرفان حينذاك بتوقيع اتفاقية إستراتيجية شاملة، كما زار محمد بن سلمان بكين عام 2019، وأبرم البلدان في هذه الزيارة 35 معاهدة بقيمة 28 مليار دولار.

وحولت هذه المعاهدات بالتدريج العلاقات بين البلدين من مجرد تعاون تجاري إلى شراكة إستراتيجية شاملة.

وبذلت السعودية جهودا كبيرة خلال السنوات الأخيرة لشراء وإنتاج الصواريخ الباليستية. وقبل ذلك كانت تنفق دخولها البترولية في شراء معدات للقوات الجوية.

لكن أظهرت حرب اليمن نقاط ضعف كبيرة بالجيش السعودي، وأدركت الرياض أن القوات الجوية المتطورة لا تحدد مصير الحرب وحدها، بل للصواريخ تأثير جدير بالاهتمام في سير الحرب.

بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة النفوذ الإيراني تسبب في قلق السعودية تجاه تغير ميزان القوى في المنطقة، لا سيما مع وجود إيران في بعض من الدول العربية، ما زاد من القلاقل بشأن قوة البلاد العسكرية.

وادعى الموقع أنه على الرغم من أن القوات الجوية والمعدات العسكرية السعودية أكثر تطورا من نظيرتها في إيران؛ إلا أن طهران يمكنها استخدام صواريخها مثل: سجيل، وذوالفقار، وشهاب، وفاتح، وسفير، ورعد، وخرمشهر، لاستهداف الأصول الإستراتيجية السعودية.

وأضاف أن تهديد إيران السبب الرئيس في البدء في إنتاج الصواريخ الباليستية من قبل السعودية.

وأشار الموقع إلى أن معارضة أميركا لشراء السعودية الصواريخ البالستية، وإخراج بطاريات الباتريوت الدفاعية من السعودية، ونقلها إلى شرق آسيا، كانت بين الأمور التي جعلت السعودية تصمم بشكل أكبر على اتباع هذه الإستراتيجية.

وجود ناعم

ولفت الموقع الإيراني إلى أن تحالف الصين مع السعودية في إنتاج الصواريخ الباليستية يبرز النهج العسكري الصيني الناعم في الشرق الأوسط.

فامتنعت الصين عن إثارة التوتر مع القوى العسكرية المهيمنة في الشرق الأوسط مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا، وسعت إلى وجود عسكري ناعم في المنطقة، ودعم ممالك الخليج العربي.

ويقصد بالوجود العسكري الناعم المشاركة في عمليات السلام العسكرية المؤقتة، والمشاركة في المناورات، وقوات حفظ السلام، والخدمات التقنية العسكرية، ومؤسسات التعليم العسكري، والاستثمارات العسكرية في الدول الحليفة بدلا من إحداث قواعد عسكرية مادية.

وفي الحقيقة توسيع الوجود العسكري الصيني الناعم خارج المحيط الإقليمي ضروري من أجل الحفاظ على الاستثمار التجاري الصيني المتزايد بالمنطقة.

لذا ساعدت الصين عن طريق العمليات متعددة الجوانب على الحفاظ على الأمن في الشرق الأوسط. فعلى سبيل المثال، كانت الصين في عام 2006 من أوائل الدول التي دعمت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان.

وفي عام 2008 أرسلت الصين سفن قواتها البحرية للمشاركة في عمليات مكافحة القرصنة عملا بقرار الأمم المتحدة في خليج عدن.

ومن هذا المنطلق، فإن الوجود العسكري الناعم الأعمق، مثل الاستثمار في الإنتاج العسكري التكنولوجي المشترك، ربما يكون أفضل من تحفيز المنافسين في الدولة المضيفة عن طريق إنشاء قواعد عسكرية.

وتعاون السعودية مع الصين في إنتاج الصواريخ البالستية ليس مجرد نقل للخبرات. فوفقا لتقرير المؤسسة الدولية لبحوث السلام (SIPRI) الذي يؤكد أن الرياض أكبر مستورد للأسلحة بقيمة تبلغ 13 مليارا و130 مليون دولار بين عامي 2017 - 2020.

واستوردت السعودية في هذه الفترة أغلب الأسلحة من 11 دولة، هي بالترتيب، الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، كندا، ألمانيا، الصين، بلجيكا، أسبانيا، إيطاليا، بلغاريا، وتركيا.

وتعد الصين سادس مصدر سلاح للسعودية. ومن المرجح أن تكون هناك خمس دول عليا عرضت دعمها في إنتاج السلاح في ظروف معينة، لكن الرياض اختارت الصين للتعاون بسبب ظروف خاصة.

مخاوف دولية

وأوضح الموقع الإيراني أن الولايات المتحدة هي أهم الداعمين الرئيسين للسعودية، لكنها رفضت مطالبها المتكررة لشراء الصواريخ الباليستية.

فالولايات المتحدة قلقة بشأن سباق التسلح في المنطقة؛ لأن مثل هذه الصواريخ قادرة على حمل السلاح النووي.

بالإضافة إلى ذلك تتعهد واشنطن بأمن إسرائيل وتفوقها العسكري. علاوة على أنها عضو مؤسس لنظام تحكم تكنولوجيا القذائف (MTCR)، الذي منع عام 1978 تصدير أي صاروخ يقوى على حمل 500 كجم لمسافة تبلغ 300 كم على الأقل.

وتعد أوروبا، وبالأخص بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، وبلجيكا ثاني مورد كبير للسلاح للسعودية، لكنهم غير كرماء في توفير الحاجات التقنية التكنولوجية المتطورة.

والدول الأوروبية بصرف النظر عن قلقها بشأن التطور في سباق التسلح في الشرق الأوسط، فإنها تربط صادرات التقنيات العسكرية وغير العسكرية المتطورة بمراعاة حقوق الإنسان والتدخل في الشؤون السياسية للدول.

فالمجتمع المدني في دول الغرب نشط وقوي للغاية، ويرفض الصفقات العسكرية للدول التي لها سابقة سيئة متعلقة بحقوق الإنسان مثل السعودية.

وعارضت المؤسسات والمنظمات غير الحكومية الحقوقية وخاصة في بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، والدنمارك، وفنلندا، وألمانيا العديد من الصفقات لتصدير السلاح للسعودية لاستخدامه في حرب اليمن.

المستوى التكنولوجي عامل آخر لا يسمح للسعودية أن تتعامل ببساطة مع سائر الدول تعاملا عسكريا.

فالسعودية ليس لها خبرة في إنتاج أو اختبار الصواريخ الباليستية، وتحتاج إلى دولة تستطيع أن تتولى أمر هذه الصواريخ بشكل كامل للرياض في داخلها.

والصين أفضل اختيار لدى السعودية لإنتاج الصواريخ الباليستية، وهي شريك جدير بالثقة؛ لأنها تضع قيودا أقل للمشاركة التكنولوجية، على عكس روسيا التي تعتبر الأهداف الجيوسياسية والسياسية المرشدة لسياستها ونفوذها في الشرق الأوسط.