غير مستدامة.. لهذا تمثل الأموال الساخنة تهديدا كبيرا للاقتصاد المصري

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع المونيتور الأميركي، الضوء على معضلة "الأموال الساخنة" التي، مقارنة بفوائدها غير المستدامة، تفرض على الاقتصاد المصري ضغوطا كبيرة تجبره أحيانا لاتخاذ قرارات قاسية مثل خفض قيمة الجنيه.

وتسبب الغزو الروسي لأوكرانيا المتواصل منذ 24 فبراير/ شباط 2022 الذي تزامن مع أزمات متتالية بالقطاع المصرفي العالمي، في خروج كميات كبيرة من سندات الأجانب التي تعرف بـ"الأموال الساخنة" من الاقتصاد المصري.

ما تسبب في أزمة سيولة بالدولار الأميركي في مصر، رافقها موجة شديدة من تضخم الأسعار، ما أجبر النظام المصري في النهاية على رفع معدل الفائدة 100 نقطة أساس، وخفض قيمة الجنيه في 21 مارس/ آذار 2022، ليفقد أكثر من 12 بالمئة من قيمته.

عوائد قصيرة الأجل

وأوضح الموقع الأميركي أنه يقصد عادة بالأموال الساخنة، الأموال التي يسيطر عليها المستثمرون الذين يسعون إلى تحقيق عوائد قصيرة الأجل، وغالبا ما تنقل هذه الأموال بين البلدان للاستفادة من معدلات الفائدة المتغيرة.

وعلى خلفية الصراع بين روسيا وأوكرانيا، أدت التدفقات الخارجة من الأموال الساخنة إلى زيادة الطلب على العملة الأميركية في مصر، ما دفع إلى تراجع قيمة الجنيه.

وعلى الرغم من أن التدفقات الخارجة للأموال الساخنة لا ينبغي أن تكون مفاجئة، حيث يختار مديرو الصناديق الملاذ الآمن في أوقات الأزمات، إلا أن هناك مخاوف بشأن خروج جماعي من الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر ، التي تواجه بالفعل عديدا من التحديات المالية والاقتصادية على المدى القصير والمتوسط.

ونقل الموقع عن حنان رمسيس، المحللة في شركة الحرية للسمسرة ومقرها القاهرة، قولها: "ينسحب المستثمرون من الأسواق الناشئة ويحولون أموالهم إلى مكان آخر".

وتشكل عمليات البيع هذه مخاطر على الاحتياطيات الأجنبية وكذلك العملة المحلية، ويتعين على البنك المركزي والبورصة المصرية اتخاذ خطوات للتخفيف من تأثيرها.

وقبل الأزمة الأوكرانية ، كانت هناك مخاوف من عمليات البيع الخارجية لسندات الخزانة المصرية ، خاصة بعد أن كشف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن إمكانية رفع سعر الفائدة.

وقال وزير المالية محمد معيط في 6 مارس/ آذار 2022، إن نزوح الأجانب الجماعي من أدوات الدين السيادية كان متوقعا.

وأفادت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في تقرير بتاريخ 7 مارس بأن الأسواق الناشئة تواجه مجموعة متنوعة من مخاطر الائتمان الإضافية الناجمة عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا، مشيرة إلى ضغوط الأسعار وتقلص تحمل المستثمرين للمخاطر.

وأضافت: "قلنا إن بوادر ضغوط التمويل الخارجي يمكن أن تكون حافزا لاتخاذ إجراءات تصنيف سلبية للعديد من الدول السيادية في الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر وتركيا".

وفي 2 مارس، نقل تقرير لوكالة رويترز البريطانية عن مصادر لم يسمها، قولها إن تدفقات رأس المال الأجنبي الخارجة بلغت 3 مليارات دولار منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

وباع المستثمرون الأجانب ما قيمته 196 مليون دولار من الأسهم منذ بداية عام 2022 ، وفقا لبيانات من البورصة المصرية.

سيناريوهات مفتوحة

وقد يكون الانخفاض الحالي مؤقتا، حيث جاء في تقرير لوكالة "إس آند بي غلوبال" للتصنيفات الائتمانية صادر في 5 سبتمبر/ أيلول 2021، أن حيازات غير المقيمين من سندات الحكومة بالعملة المحلية ارتفعت إلى 33 مليار دولار (13 بالمئة من إجمالي الأوراق المالية).

وتبدو تدفقات رأس المال المفاجئة إلى الخارج أمرا مألوفا حيث حدث شيء من هذا القبيل في أعقاب تفشي وباء كورونا في مارس/ آذار 2020، وفقا لرمسيس.

وانخفض احتياطي النقد الأجنبي في مصر مباشرة بعد اندلاع الوباء والإغلاق الذي أعقب ذلك بين مارس ويونيو 2020.

كما انخفض صافي الاحتياطيات الأجنبية إلى 36 مليار دولار في مايو/ أيار 2020 بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 45.5 مليار دولار في يناير/ كانون الثاني وفبراير 2020، حسب بيانات البنك المركزي.

وحذرت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية في سبتمبر 2021 من أن تدفقات رأس المال الخارجة قد "تؤدي إلى انخفاض كبير في احتياطيات النقد الأجنبي".

وبينت أن "تدفقات رأس المال الخارجة من الأسواق الناشئة مرجحة للعودة عندما تبدأ السياسات النقدية في البلدان المتقدمة في العودة إلى وضعها الطبيعي".

ومع ذلك، لفت الموقع إلى أنه من المرجح أن تشهد مصر مخاطر مرتفعة في ميزان المدفوعات إذا كان هناك سحب حاد للأموال في حين ظلت إيرادات الحساب الجاري ضعيفة بسبب الأضرار المرتبطة بالوباء التي تلحق بعائدات السياحة والتصدير.

وأوضحت رمسيس أن تدفقات الأموال الساخنة هي نوع من الاستثمار غير المباشر والمتداول، وتنطوي على التعرض لأسواق الأوراق المالية وتداول العملات الأجنبية والأدوات الأخرى قصيرة الأجل.

وكان تعويم الجنيه المصري في 2016 علامة فارقة في الجهود المبذولة لجذب تدفقات رأس المال الأجنبي.

وكان بنك "جيه بي مورغان" الاستثماري ومقره نيويورك قد أكد في 8 مارس 2022، أن تخفيض قيمة العملة مطلوب، في ظل الضغوط المتزايدة على الجنيه المصري.

حلول المعضلة

وادعت رمسيس أن تخفيض قيمة العملة مهم حتى لا يكون هناك سوق موازية. ومع ذلك، من الضروري تعزيز مناخ الاستثمار للأموال الأجنبية والأفراد لضخ العملة الصعبة مباشرة في سوق رأس المال. ومددت مصر  بالفعل آجال استحقاق الودائع الدولارية من دول الخليج".

وفي 9 مارس، مددت السعودية وديعة بقيمة 2.3 مليار دولار في البنك المركزي حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2026. وتشمل الودائع الدولارية الأخرى في البنك المركزي من الخليج العربي 5.7 مليارات دولار من الإمارات و 4 مليارات دولار من الكويت.

وأكد الموقع الأميركي أنه من الضروري أن يكون هناك وسائل أخرى لجذب تدفقات العملة الصعبة بالإضافة إلى الموارد الأربعة التقليدية: إيرادات قناة السويس، والسياحة، وتحويلات المغتربين المصريين، والصادرات.

 وفي هذا السياق، قالت رمسيس إن سوق الأسهم يمكن أن يكون قناة موثوقة لجذب التدفقات الدولارية، داعية إلى إصلاح سوق رأس المال لضخ المزيد من السيولة في الأسهم المحلية.

والأهم من ذلك، يجب أن يثق المستثمرون الأجانب والمحليون في سوق الأوراق المالية (البورصة).

ولفتت في هذا الإطار إلى أن مصر يجب أن تقتدي بالسعودية، التي استفادت من الاكتتاب العام الأولي لشركة النفط العملاقة "أرامكو"، وسجل سهم الشركة أعلى مستوى له على الإطلاق عند 45 ريالا (12 دولارا).

وباتت القيمة السوقية لأرامكو تبلغ حاليا 2.4 تريليون دولار، أي ما يعادل إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لعشر دول عربية.