اجتماع أزمات.. موقع إيطالي: هذا ما جناه العنف وتغير المناخ على حوض تشاد

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

حذر موقع إيطالي من أن تغير المناخ يهدد بشكل متزايد استقرار الدول والأمن البشري في معظم البلدان النامية.

وقال موقع "تراكاني" إنه "على الرغم من عدم وجود علاقة سببية بين تغير المناخ والصراعات، فإنه لا يمكن التقليل من تأثير التغير البيئي والتنقلات السكانية في تأجيج التوترات". 

وأوضح أنه في سياق الأمن العالمي، ينبغي فهم تغير المناخ على أنه "عامل مضاعف للتهديد" يتفاعل مع المخاطر ونقاط الضعف الموجودة ويؤدي إلى تفاقمها مما يؤدي إلى وقوع صراعات.

بحيرة تشاد

واعتبر أن منطقة حوض بحيرة تشاد تعد من الأمثلة الرئيسة على هذا الوضع، فهي إحدى أكبر البحيرات الإفريقية التي  توفر سبل العيش لأكثر من 30 مليون شخص في الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا.

وحجم هذه البحيرة التاريخية الكبيرة والحوض المغلق في إفريقيا، اختلف على مر القرون. ووفقا لقاعدة بيانات معلومات الموارد العالمية التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فقد تقلصت بنسبة تصل إلى 95 بالمئة بين عامي 1963 و1998.

 وفي عام 2007، أظهرت صور أقمار صناعية التقطت للبحيرة تحسنا كبيرا في حجمها مقارنة بالسنوات السابقة.

نوه الموقع الإيطالي أن البحيرة دعمت الإنتاج الزراعي وكانت شريان الحياة لصيد الأسماك والزراعة والثروة الحيوانية، وهي ركائز اقتصاد المنطقة. 

كما كانت بحيرة تشاد أيضا موردا مائيا ثمينا للسكان القاطنين بالقرب من الحوض. 

وأدى تقلب المناخ على مدى العقود الستة الماضية إلى انخفاض كبير في حجم البحيرة ومواردها خصوصا مع فقدانها 90 بالمئة من حجمها بشكل لافت منذ الستينيات. 

وأرجع الموقع الاستنزاف المقلق لموارد البحيرة إلى ارتفاع درجات الحرارة والتصحر وعقم التربة وغير ذلك من المظاهر البيئية. 

كما أدى تغير المناخ إلى انخفاض كبير في تربية المواشي والمحاصيل، مما فاقم انعدام الأمن الغذائي والفقر وتفشي البطالة خاصة بين النساء والشباب.

خصوصا وأن ما بين 80 إلى 90 بالمئة من السكان المحليين في حوض البحيرة يعتمدون على الزراعة والثروة الحيوانية وصيد الأسماك.

وأضاف الموقع أن آثار تعرض حوض بحيرة تشاد لتغير المناخ تتفاقم بسبب افتقار المنطقة إلى التنوع الاقتصادي ولممارساتها الزراعية القديمة، فضلا عن الصورة العامة التي تفاقمت بسبب عدم كفاية الاستثمار العام في التعليم والصحة وفرص العمل للشباب. 

نتيجة لذلك، ارتفعت معدلات بطالة الشباب ونمو القطاع غير الرسمي منخفض الإنتاجية ما أدى إلى انخفاض نسبة العاملين بأجر، وقد ساهمت هذه العوامل بدورها في تفاقم الهجرة والجريمة والتوترات الاجتماعية.

لفت الموقع إلى أن وجود مثل هذا النسيج الاقتصادي والاجتماعي المتدهور أسهم في انتشار الجريمة والعنف في المنطقة خاصة من قبل تنظيمات مثل بوكو حرام وتنظيم الدولة في غرب إفريقيا.

 كما نما الإتجار بالمخدرات والبشر وتضاعفت عمليات اختطاف النساء والفتيات والأطفال، فضلا عن تهريب البضائع غير المشروعة وهي جميعها ظواهر أسهمت في دعم النزاعات العنيفة والأنشطة الإجرامية للجماعات المسلحة في المنطقة، يشرح الموقع الإيطالي . 

تدهور الظروف

علاوة على ذلك، أدت ندرة المياه والتدهور البيئي وضعف خصوبة التربة إلى تدهور الظروف الاقتصادية بين شباب المنطقة مما دفع العديد منهم إلى العنف والجريمة المنظمة.

وأفاد تراكاني بأن "هذا الوضع الحرج دفع الشركاء الإقليميين والدوليين إلى تطوير مجموعة من الإستراتيجيات للتخفيف من التحديات المرتبطة بالأمن البشري إلا أن النتائج تظل مخيبة للآمال وغير كافية حتى الآن".

وذكر أنه فيما يتعلق بالبيئة والمناخ، قدمت هيئة حوض بحيرة تشاد، وهي منظمة حكومية دولية تشرف على استخدام المياه والموارد الطبيعية الأخرى،  برنامج العمل الإستراتيجي لحوض بحيرة تشاد في عام 2008.

وألمح إلى أن الجهود المبذولة لمواجهة التدهور والإفقار التدريجي للمنطقة يقوضها عدم الفعالية المؤسسية العميقة للمشروع، كما يتضح من عدم قدرة الهيئة على منع بناء السدود من قبل الدول والسيطرة على الأنشطة الأخرى التي تشكل خطورة على الحوض. 

علاوة على ذلك، هناك عامل حاسم آخر يتمثل في عدم إشراك السكان الأصليين في عمل الهيئة مما حال بشكل فعال دون تنفيذ تدابير مناسبة لإدارة موارد المياه، يضيف الموقع.

فيما يتعلق بالأمن، جرى إنشاء قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات (MNJTF) من قبل هيئة حوض بحيرة تشاد في عام 2012 لمواجهة بوكو حرام وغيرها من التنظيمات المسلحة النشطة في الحوض. 

وفي تحليله لإستراتيجية المنطقة في مكافحة التطرف، أكد الموقع الإيطالي أنها تهدف إلى خلق بيئة آمنة في المناطق المتضررة من النشاط المسلح وتسهيل تنفيذ برامج الاستقرار الشاملة للدول الأعضاء في الهيئة وهي تشاد والكاميرون والنيجر ونيجيريا.

وتشمل استعادة سلطة الدولة الكاملة وعودة النازحين داخليا واللاجئين وضمان المساعدة الإنسانية للسكان المتضررين في المنطقة.

 نتيجة لذلك، أشار الموقع إلى أن قوة المهام المشتركة أحرزت تقدما متواضعا في مواجهة بوكو حرام، واعتقال المسلحين وإنقاذ الرهائن واستعادة المناطق التي كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة الأخرى في النيجر والكاميرون وشمال شرق نيجيريا.

 وعلى الرغم من ذلك، تواصل الجماعات المتطرفة العنيفة التكيف مع الظروف واستغلال نقاط الضعف في المنطقة لزيادة نشر العنف في حوض بحيرة تشاد.

وأعلنت السلطات المحلية التشادية في أغسطس/آب 2021 مقتل 24 جنديا بهجوم شنته جماعة بوكو حرام في منطقة بحيرة تشاد. 

ولفت الموقع الإيطالي إلى أن الشركاء الدوليين قدموا المساعدة الإنسانية (الغذاء والمياه والدعم الطبي) للفئات السكانية الضعيفة المتضررة من النزاعات. 

وقال إنه "لسوء الحظ، أدى التنسيق غير الكافي بين هذه المنظمات الدولية وبرامجها إلى اختلال استجاباتها وأهدافها مع الاستجابات المحلية والوطنية والإقليمية مما أنتج مزيدا من الفوضى".

في الختام، يستنتج الموقع أن غياب الإرادة السياسية المنسقة لمعالجة أزمة المناخ أدى إلى عدم استقرار أكبر للوضع الاقتصادي والاجتماعي لمنطقة بحيرة تشاد.

وبالتالي سيظل سكانها عرضة للأزمات والمخاطر لأمد غير محدد بسبب الآثار المشتركة للأنشطة الدموية للجماعات المسلحة والتدخلات الإنسانية غير الفعالة، وفق تقديره.