مجلة فرنسية: قيس سعيد يعتزم توقيف 20 ألف مسؤول ومصادرة أملاكهم

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية الضوء على تدهور الأوضاع في تونس، في ظل عزم الرئيس قيس سعيد على توقيف الآلاف ممن شغلوا مناصب في الدولة في السنوات العشرين الماضية.

وتعيش تونس منذ 25 يوليو/ تموز 2021 مرحلة حرجة، على خلفية انقلاب سعيد على السلطات المنتخبة، ولجوئه إلى مقاربات أمنية للتعامل مع المعارضين لقرارته، والمطالبين بعودة دولة القانون والحريات.

قائمة جاهزة

وقالت المجلة إن سعيد أعد قائمة بالفعل تضم 20 ألفا من الشخصيات التونسية ممن شغلوا مناصب إدارية عليا في الدولة على مدى السنوات العشرين الماضية، وعليهم إثبات أنهم لم يقوموا بإثراء أنفسهم بشكل غير قانوني.

ونقلت عن مصادر بقصر قرطاج لم تسمها أن سعيد يستعد لمحاسبة 20 ألف مسؤول في القطاعين العام والخاص، ممن كانوا في مناصب عليا خلال العقد الأخير من نظام زين العابدين بن علي (2001-2011) وعشرية الثورة منذ 2011.

وسوف تشمل هذه القائمة أيضا رجال الأعمال الذين لديهم ديون غير مدفوعة للبنوك، وسيتعين على الجميع إثبات أنهم لم يرتكبوا انتهاكات مالية أو إثراء غير مشروع.

وتضم قائمة سعيد الرؤساء التنفيذيين للبنوك العمومية والخاصة، والمسؤولين الحكوميين في القطاع العام، بما في ذلك الوزراء، والولاة، إضافة إلى جميع الأسماء الكبيرة في القطاع الخاص. 

ووفقا للإجراءات التي وضعها قيس سعيد، ستتم مصادرة ممتلكاتهم حتى يتم فحص كل حالة على حدة ويقدم كل شخص دليلا على براءته.

وأشارت المجلة أنه لعدة أشهر كان الرئيس التونسي يقف جاثما يهدد كل من ينشط في المجال الاقتصادي بحجز الممتلكات.

وهذه القائمة ستكون عبارة عن مرسوم يعتزم سعيد تنفيذه باسم الإجراءات الانتقالية التي فرضها استيلاؤه على السلطة في 25 يوليو 2021.

ومن خلال استهداف أكبر عدد ممكن من الشخصيات، يهدف سعيد إلى أن يكون قادرا على تنفيذ برنامجه الذي يتمثل في مطالبة كل مجرم، اعتمادا على الفوائد أو المبالغ التي تم الحصول عليها منذ عام 2001، على الاستثمار في مشروع تنموي لمنطقة محرومة.

وهذه الفكرة ليست جديدة، بل سبق أن اقترحها قيس سعيد في عام 2011، ثم استشار أساتذة قانون بانتظام للحصول على آرائهم، لكنها لم تثر الاهتمام بعد ذلك في أوساط الأحزاب، ومجلس النواب، والحكومة. 

ومع بروز الشعبوية التي دافع عنها قيس سعيد، اكتسبت فكرة أن الأغنياء سلبوا الفقراء أموالهم وأنهم نهبوا ثروة البلاد على السواء- زخما بين التونسيين.

وتسببت هذه الفكرة في حدوث انقسامات اجتماعية في صفوف الشعب التونسي.

معركة مفتوحة

وقد يجد قيس سعيد صعوبة في تنفيذ خطته للمساءلة، وانخرط بالفعل في مواجهة تحولت إلى حرب مفتوحة مع القضاة، الذين يرفضون التعامل مع القضايا دون أدلة أو إعادة النظر في القضايا التي تم البت فيها بالفعل.

ويعود هذا الخلاف بشكل ملحوظ إلى التهديدات بحل المجلس الأعلى للقضاء، وهي تهديدات يزيد سعيد من حدتها يوما بعد يوم.

وفي كلتا الحالتين، فإن قيس سعيد مصمم على اتخاذ الإجراء، وكان سيقبل حوارا وطنيا، يرفضه حتى الآن، بشرط أن يتمكن من تنفيذ مشروعه.

ويحكم قيس سعيد، رغم تعيينه حكومة بقيادة نجلاء بودن في 11 أكتوبر / تشرين الأول 2021، بشكل شبه فردي في كل ما يتعلق بالقرارات المهمة منذ استيلائه على السلطة في 25 يوليو.

وأكملت بودن، التي تنفذ أوامر قصر قرطاج، مرحلة المئة يوم، وتبدو الإنجازات التي تحققت في فترة حكمها ضعيفة للغاية.

وفوق كل شيء، تعمل رئيسة الوزراء هذه في ظل رئيس يحتكر صنع القرار في البلاد. وكانت بودن، وهي أول امرأة تُعين على رأس حكومة عربية، استفادت من التحيز الإيجابي عند تعيينها.

بعد ذلك، كان يُنظر إلى حياتها المهنية الأكاديمية، بعيدا عن الألغاز الاقتصادية والسياسية، على أنها مصدر قوة، حيث توقع الرأي العام منها أن تعطي دفعة إيجابية للسلطة التنفيذية.

وبعد مئة يوم، تتحدث الأرقام عن نفسها، ففي نهاية ديسمبر 2021، تقول مؤسسة "إمرود كونسلتينغ" التونسية لاستطلاعات الرأي، إن 26 بالمئة فقط من التونسيين راضون عن أداء بودن، و58 بالمئة ليس لديهم رأي عنها، ما يشير إلى ارتباك تُحدثه بودن داخل المجتمع التونسي.

وعن حقيقة أن بودن لم تتوجه أبدا للتونسيين في أي خطاب، يقول برلماني سابق ساخط إن "سعيد يركز كل شيء حوله، وصارت وظيفة رئيس الحكومة في تونس مجرد لقب فارغ من أي صلاحيات".

وقانون المالية 2022 (الموازنة) الذي أعلنته الحكومة التونسية في 28 ديسمبر 2021، تسبب في خلافات كبيرة في تونس.

كما يخيم الغموض على مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بـ4 مليارات دولار، بسبب عدم الوضوح السياسي.

وتشعر ريم محجوب، نائبة رئيس حزب آفاق تونس، بالقلق من ضعف المحادثات وسير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وتقول: "كان من الحكمة لنجلاء بودن أن تتحدث بمناسبة قانون المالية لتسليط الضوء على الإصلاحات، والتوجهات، ورؤيتها للدولة، لكنها صامتة مثل حكومتها، إنه لأمر مخز، كنا نتوقع منها شيئا آخر".

من جانبها، تقول خديجة محسن فينان رئيسة جمعية أصوات نساء التونسية إنه "يجب على بودن أن تستشير الرئيس قبل الشروع في أي محادثات مع النقابات".