أفكار جديدة.. ما قدرات روسيا "التجارية" لإزاحة الغرب من إفريقيا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة روسية الضوء على العلاقات الإفريقية الروسية وإمكانية الحصول على فرصة للتوصل إلى اتفاق في المستقبل القريب بين موسكو والغرب.

وقالت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" في مقال للكاتب سيرغي كاراجانوف إنه "كثيرا ما ألقي اللوم على موسكو أكثر من مرة بسبب حماسها المفرط تجاه السياسة الخارجية".

وأوضح كاراجانوف أن "الحجة الرئيسة للانتقاد هي أن السياسة الخارجية تصرف انتباه قادة البلاد عن الشؤون الداخلية، وهذه الحجة لا تزال صالحة حتى الآن".

وأشار إلى أنه "مؤخرا قد تلاشت الآمال في الحصول على فرصة للتوصل إلى اتفاق في المستقبل القريب مع الغرب، الذي يدافع بشكل كبير ومخيف عن الهيمنة المتداعية في السياسة والاقتصاد والثقافة العالمية".

أفكار جديدة

وذكر الكاتب كاراجانوف أن "الغرب استند بعمق إلى التفوق العسكري الذي حققته أوروبا آنذاك مع الولايات المتحدة، قبل نصف قرن، ولضمان سلامتنا نحن الروس قوضنا هذا التفوق، والآن الصين، التي أصبحت قوة عسكرية عظيمة، ستقضي عليها أيضا أمام أعيننا".

واعتبر أنه "لا ينبغي لأحد أن ينسى أن السياسة الخارجية والدفاعية الذكية يمكن أن تكون مفيدة للغاية من الناحية الاقتصادية، فمعظم الأشخاص المهتمين بها والذين نشؤوا على تجربة الاتحاد السوفييتي يعتبرون هذه السياسة مكلفة للغاية سواء بنسبة أكبر أو أقل".

وفي الواقع، كان الحفاظ على الإمبراطورية السوفييتية مع الأممية الشيوعية آنذاك، وعدم القدرة على عد النقود وعدم الرغبة في عدها، وموقف ازدراء تجاه مفهوم (الربح) مكلفا للغاية، كما "فشل الهوس الأمني الناجم عن التجربة الكارثية للخسائر في الحرب العالمية الأولى"، يقول الكاتب الروسي.

نتيجة لذلك، لم يحتفظ الاتحاد السوفييتي بآلة عسكرية وحشية فحسب، بل دعم أيضا عشرات البلدان في إفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، وذلك بسبب الرغبة في دعم المثل العليا للاشتراكية، حيث تم دعم بلدان المعسكر الاشتراكي بشكل كبير.

بالإضافة إلى ذلك، كانت جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفييتية تملك السلطة من بين الجمهوريات السوفييتية، فعلى وجه الخصوص، "هذا هو أحد أسباب فقرهم الحاد مقارنة مع روسيا التي لا تزال فقيرة"، بحسب كاراجانوف. 

وأشار الكاتب إلى أنه "في العقدين الماضيين بدأت روسيا في العودة إلى أجزاء كثيرة من الإمبراطورية السابقة، ولكن هذه المرة بأفكار جديدة تتميز بالحكمة، وبالتالي، أكثر استقرارا على المدى الطويل".

ولفت كاراجانوف إلى أنه "قد حان الوقت لعودة متأخرة، ولكن متأخرة أفضل من عدم وجودها، لعودة مربحة ومفيدة للطرفين إلى إفريقيا"

وقال "بدون التدخل في مسألة الأيديولوجية، ولكن على أساس نهج قريب جدا من العالم، تسعى كل من روسيا ومعظم الدول الإفريقية لتقليل اعتمادها على القوى الاستعمارية القديمة أو الاستعمارية الجديدة (الولايات المتحدة)، وبدأت تخشى الاعتماد المفرط على الجزء الأكبر من الاستثمارات والسلع الصينية".

ووفقا للكاتب كاراجانوف، فإن تقرير "آفاق التنمية والتوصيات للسياسة الروسية"، مخصص لمقترحات ملء التفاعل الروسي الإفريقي بمحتوى ملموس مفيد للطرفين.

وأوضح أن "المحتوى الاقتصادي للتقرير تم إعداده بناء على نتائج عدد من الدراسات وتحليل الموقف، من سلسلة نظمتها كلية الصحة والسلامة المهنية للاقتصاد العالمي والسياسة العالمية تحت رعاية الخارجية الروسية، وبمشاركة مجلس السياسة الخارجية والدفاعية، ومجلة (روسيا في الشؤون العالمية) واللجنة التابعة لمجلس الدوما للأعمال التجارية الدولية".

إستراتيجية مشتركة

واعتبر كاراجانوف أن "التقرير المذكور يستند تقريبا ودائما على نتائج تحليلات الدولة، وكان مشرقا، ويوسع آفاق السياسة الرسمية، والأعمال التجارية".

ومن المتوقع أن يشارك خبراء أفارقة بارزون في وضع اللمسات الأخيرة عليه، حتى تكون النتيجة "إستراتيجية روسية إفريقية مشتركة"، من أجل إثارة اهتمام الخبراء ورجال الأعمال الذين يفكرون في القارة الإفريقية أو في طرق دخول أسواقها.

وذكر الكاتب أن "الإمبراطورية الروسية واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية لم يكونا من بين المستعمرين في قارة آسيا، وأن هذا بدوره ساعد الأفارقة بجدية في الحصول على الاستقلال وتحرير أنفسهم من الاستعمار".

وشدد على أنه "مع زيادة وعي الأفارقة، أصبحوا أقل رضا عن طرق التنمية التي اقترحتها البلاد مسبقا، حيث يبحثون عن فرص لتحقيق التوازن بين تنوع روابطهم الاقتصادية والسياسية".

وقال كاراجانوف: "في الوقت نفسه، تتمتع روسيا بموارد مالية محدودة نسبيا، ولكن تملك أيضا مزايا التنافسية، والتي ما زلنا بعيدين عن الاستفادة الكاملة منها".

 وأضاف أن "روسيا قادرة على تعزيز أمن البلدان الإفريقية من الجهة التجارية بشكل كامل، ليس فقط من خلال التعاون العسكري التقني، ولكن أيضا من خلال تحديث قطاع الطاقة، وإنشاء أنظمة اتصالات آمنة، وتوفير اللقاحات والمعدات اللازمة لإنتاجها، ومرافق البنية التحتية". 

ولفت كاراجانوف إلى أنه "يمكن أيضا لروسيا تقديم المساعدة الاقتصادية بشكل مباشر بهدف التنمية، ولكن فقط إذا ابتعدت عن الممارسة الموروثة من عام 1990، والتي لا تحقق  فوائد ملموسة، لذا هناك حاجة إلى تجديد برامج المساعدات".