خضر طاهر.. "بائع فروج" حولته حرب الأسد إلى ملياردير معاقب دوليا

مصعب المجبل | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يسير الواجهة الاقتصادية الجديدة والصاعدة للنظام السوري خضر علي طاهر، والمعروف بـ"أبو علي خضر"، في خطى تعويم نفسه ضمن القاعدة الشعبية للمعدمين من الطائفة العلوية في الساحل السوري معقل ثقل الموالين لرأس النظام بشار الأسد.

وفي أواخر أغسطس/آب 2021، لجأ "خضر" إلى القيام بمبادرة تربوية داعمة لما يقارب 20 ألف تلميذ في طرطوس، لتزويدهم بلوازم مدرسية.

وهو ما أثار حفيظة الأهالي واعتبروا أن وراءها غايات أخرى، يسعى لها هذا الطامح في مراكمة ثروة مالية هائلة من جيوب السوريين.

أمير المعابر

خضر طاهر هو رجل أعمال سوري أفرزته سنوات الحرب المتواصلة في البلاد، ولد عام 1976 في مدينة "صافيتا" بريف طرطوس، وتؤكد وسائل إعلام محلية، أنه كان يعمل بائع دجاج في سوق المدينة قبل أن يصبح أحد الحيتان الاقتصادية في سوريا.

ورغم أن خضر مدني وليس له صفة عسكرية، فإنه أصبح مسؤولا عن حواجز مليشيا الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق بشار.

تنحصر مهمة تلك الحواجز في جبي الإتاوات بالقوة والترهيب من المدنيين المتنقلين بين المحافظات السورية، وخاصة من الداخلين إلى سوريا، وكذلك من الشاحنات التي تنقل البضائع والمواد الغذائية بين مناطق نفوذ النظام السوري.

ولا تعرف ثروة "أبو علي خضر" الحقيقية، إلا أن صفحات محلية تتبع للطائفة العلوية، وتهتم بنشر فضائح وممارسات "أمراء الحرب"، تقدرها بنحو 12 مليار دولار، جمعها بوصفه "أمير حرب" ناشئ، وتشمل استثمارات وعقارات في سوريا ودولة الإمارات، وكذلك أرصدة سرية في أوروبا.

عرف الشارع السوري "أبو علي" بعد أن ذاع صيته كمهرب أول على الحدود السورية اللبنانية، ولا سيما للتبغ والهواتف المحمولة الحديثة.

ولقبه ذاك الشارع بـ "أمير المعابر"، لنشاطه البارز في عمليات التهريب من سوريا إلى لبنان، كما لقب بـ "الغوار"، لكونه يتزعم مليشيا تتبع الفرقة الرابعة وتدير المعابر التجارية و"الإنسانية" في محافظة حلب عاصمة الاقتصاد السوري.

لم يكن لخضر أن يغوص في عمق الاقتصاد السوري ويتمدد بهذا الشكل، ويأخذ مساحة كبيرة في بلد تتحكم أجهزة المخابرات بأدق تفاصيله، لولا الدعم المطلق والمفتوح من الدائرة الضيقة لرأس النظام السوري.

واجهة أسماء

ودلت كثر من الوقائع على أن "أبو علي خضر"، هو الواجهة الاقتصادية لأسماء الأخرس زوجة رأس النظام بشار الأسد.

وبدا ذلك حينما أعلن أبو علي خضر افتتاح شركة "إيما تيل" للاتصالات بالعاصمة دمشق في فبراير/شباط 2019.

وتختص هذه الشركة والتي تعتبر "أسماء" المسؤولة الفعلية عنها باستيراد وتصدير وتجارة أجهزة الهواتف المحمولة بجميع أنواعها وتوزيعها، وكذلك الحواسيب والأجهزة الإلكترونية، كما أسس "أبو علي" شركة "إيما تيل بلس" في يوليو/تموز 2019 في نفس الاختصاص.

وفور الإعلان عن تأسيس تلك الشركة، ربط السوريون صلة زوجة رأس النظام بها، إذ إن "أسماء" التي كانت تعيش في لندن وتعمل في أحد البنوك هناك قبل أن تتزوج بشار عام 2000، كانت تسمى "إيما الأخرس".

وأسس "أبو علي خضر" خلال العقد الأخير في سوريا، شركات عديدة بعضها معلوم وكثير منها مجهول، وأخرى له أسهم محددة فيها.

ويملك اليوم شركة القلعة للحماية والحراسة والخدمات الأمنية، التي أسست عام 2017، وتختص في حماية وتأمين المنشآت الحيوية، وشركة "العلي والحمزة" التي تعمل في تجارة مواد البناء والإكساء.

كما يملك شركة "إيلا للخدمات الإعلامية"، وله نسب متفاوتة في حصص عدد من الشركات السورية وهي: الياسمين للتعهدات - الشركة السورية للإدارة الفندقية - شركة السورية للمعادن والاستثمار - النجم الذهبي التجارية - الضامن لإنتاج الحليب والأجبان ومشتقاته - شركة كربونات الكالسيوم.

جنى "أبو علي" أموالا طائلة من ما يسمى محليا عمليات "الترفيق"، وهي قيام مليشيا خاصة له بمرافقة شاحنات البضائع التي تحمل المواد الغذائية لتوزيعها بين المحافظات السورية، مقابل فرض مبالغ مالية على التجار لتمرير تجارتهم وإلا تبقى مكدسة بمخازنها.

لكن المشهد الأكثر جدلا في الشارع السوري حول هذا الرجل هو وقوفه خلف صفقات أجهزة تكنولوجية وإلكترونية ممنوع دخولها إلى سوريا بموجب العقوبات الدولية.

وفي فبراير/شباط 2021، تمكنت شركة "إيماتيل" للاتصالات المملوكة لـ "أبو علي"، من طرح هاتف سامسونج غالكسي "إس 21 ألترا" للبيع في صالاتها بدمشق، وذلك كأول شركة عربية تطرح هذا الهاتف.

وضخ "إس 21 ألترا"، وقتها في السوق السورية بمبلغ (1187 دولارا) أي نحو 4 ملايين ليرة سورية، وذلك بما يعادل راتب موظف حكومي سوري لـ 5 سنوات.

ذراع إيرانية

أول من فضح اسم "أبو علي خضر"، كان رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية "فارس الشهابي"، خلال مداخلة على قناة "الإخبارية السورية" التابعة للنظام السوري في فبراير/شباط 2019.

اتهمه حينها شخصيا، بأنه واحد من الذين يفرضون الإتاوات على المعامل، ويحاربون الصناعة الوطنية ويدخلون البضائع عبر معابر التهريب من مناطق سيطرة المعارضة السورية.

لم يكتف الشهابي الذي كان عضوا سابقا في برلمان الأسد، بذلك، بل قال خلال المداخلة: إن أبو علي خضر هو من خرب بيوت أصحاب معامل البلاستيك في مدينة حلب.

إلا أن كلام "الشهابي" كان له وقع لدى خضر المرتبط بدوائر السلطة الحاكمة، حيث نجح في دفع قناة "الإخبارية" لحذف اللقاء من كافة معرفاتها الرسمية على الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي لأسباب غير معروفة، فيما احتفظت به باقي المنصات السورية.

ومما يدل على قوة نفوذ خضر هو تراجع وزير داخلية النظام السوري، اللواء محمد الرحمون، في مارس/آذار 2019 عن منع وحدات الشرطة من التعامل معه واستقباله في مقراتها.

وأخضع خضر طاهر لعقوبات اقتصادية فرضها الاتحاد الأوروبي في 17 فبراير/شباط 2020، على جملة من رجال أعمال وكيانات سورية، قال: إنهم حققوا أرباحا هائلة بسبب علاقاتهم مع النظام السوري، واستفادوا من تعاملهم معه، إلى جانب مصادرة ممتلكات عقارية لمهجرين خارج البلاد.

كما فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات اقتصادية على "خضر"، في أواخر سبتمبر/أيلول 2020، وذلك بموجب قانون "قيصر" الذي يعاقب المتعاونين مع النظام السوري.

وفي يونيو/حزيران 2020 تداولت صفحات موالية للنظام السوري صورة جوية قيل: إنها لـ "قصر العراب" المملوك لـ "أبو علي"، والذي يقع على جبل بين قريتي مجدلون البستان والفطاسية بريف طرطوس.

وأشارت الصفحات إلى حالة البذخ التي يتمتع بها "بائع الفروج" الذي تحول بين ليلة وضحاها إلى إمبراطور اقتصادي، حيث ضم القصر مهبط طائرات مروحية وملاعب تنس وغولف ومسابح ومرافق ترفيهية أخرى.

ويؤكد موقع "مع العدالة" الذي يعنى بإحقاق مبدأ المساءلة ومنع الإفلات من العقاب لمجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان، أن "أبو علي خضر"، هو من رجال الظل الذين يخدمون النظام السوري، عبر الشركات والأعمال التجارية، وهو ذراع العميد غسان بلال مدير مكتب ماهر الأسد.

ولفت الموقع إلى أن خضر يتلقى دعما من إيران؛ نتيجة علاقته الوطيدة مع ماهر الأسد، كما يتلقى عناصر مليشياته البالغ عددهم نحو ألفي عنصر ويحملون بطاقات أمنية، تدريبا ودعما لوجستيا إيرانيا وتدريبا قتاليا من حزب الله اللبناني.