يايا ديلو دجيرو.. معارض تشادي دخل الحكومة ثم تمرد عليها فقتل برصاص الأمن

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

"زلزال" في المشهد السياسي التشادي، بعد تأكيد المدعي العام في 29 فبراير/ شباط 2024، وفاة المعارض للنظام يايا ديلو دجيرو، والذي قتلته الشرطة أثناء مداهمة مقر حزبه. 

وذكر موقع "فرانس 24" أن ابن عم الرئيس الانتقالي محمد إدريس ديبي، هذا المتمرد السابق، الذي أصبح شخصية بارزة في المعارضة، يعد المنافس الرئيس للزعيم الحالي في الانتخابات الرئاسية عام 2024.

مداهمة قاتلة

وأوضح الموقع أن السياسي المعارض ديلو دجيرو، تُوفي في 28 فبراير 2024، بعد أن قتلته قوات الأمن خلال عملية في مقر حزبه.

وبحسب تصريحات الحكومة، فإن رئيس "الحزب الاشتراكي بلا حدود" (PSF) لم يرغب في الاستسلام وأطلق النار على الشرطة بالمقابل خلال هذه العملية. 

ووفق ما ذكره الموقع، فقد اتُّهم ديلو دجيرو بقيادة هجوم استهدف مكاتب جهاز الأمن الداخلي، ليل 26 و27 فبراير 2024.

وجاء ذلك بعد توقيف عضو في الحزب اتُّهم بالتورط في "محاولة اغتيال تستهدف رئيس المحكمة العليا".

وفي تصريحات أدلى بها، في 27 فبراير، نفى ديلو أي علاقة له بالحادثة، منددا بما وصفها بأنها "كذبة مدفوعة سياسيا". 

وفي إطار هذه الأحداث، تتبع الموقع الفرنسي رحلة هذا الزعيم المتمرد السابق الذي انضم إلى الحكومة برئاسة إدريس ديبي، قبل أن يصبح أحد أشد منتقدي النظام.

وقال  "فرانس 24" إن "الصراع المأساوي بين ديلو دجيرو والنظام التشادي هو قصة سياسية وعائلية في نفس الوقت". 

ولفت إلى أنه ابن شقيق زعيم تشاد الراحل إدريس ديبي، وهو ينحدر من نفس جماعة الزغاوة التي تأسست شمال شرق تشاد وغرب السودان.

ووفق الموقع، كان ديلو دجيرو يُعرف في البداية كزعيم للمتمردين، على رأس قاعدة التغيير والوحدة والديمقراطية (سكود) التي أُنشئت عام 2005، والتي تضم الفارين من القوات المسلحة والحكومة التشادية، الذين حملوا السلاح ضد نظام إدريس ديبي.

وفي عام 2008، ترك ديلو دجيرو التمرد وانضم إلى الحكومة، وذلك بعد عقده اتفاقا مع النظام.

وتقلد تباعا مناصب وزير الدولة ووزير المناجم والطاقة ومستشار رئاسة الجمهورية.

ومن عام 2018 إلى عام 2020، تقلد ديلو دجيرو منصب ممثل تشاد لدى الجماعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا (Cemac).

بعدما كان ديلو دجيرو في صف الحكومة، لفت "فرانس 24" إلى أنه خلال عام 2020، تحولت علاقته بالسلطة فجأة إلى عاصفة. 

ففي مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، اتهم ديلو دجيرو السيدة الأولى، هندا ديبي إتنو، بتضارب المصالح من خلال مؤسسة "القلب الكبير" التابعة لها. 

ومن جانبها، قدمت زوجة رئيس الدولة شكوى بتهمة "التشهير والإهانة" ضد ديلو دجيرو. 

وفي 28 فبراير 2021، توجهت القوات المسلحة التشادية إلى منزله، حيث تحولت محاولة الاعتقال، بعد رفضه الاستجابة لاستدعاء المحكمة بحسب السلطات، إلى حمام دم.

وذكر الموقع الفرنسي أن والدته وابنه وعددا من المتعاطفين معه قُتلوا بالرصاص.

وبعد هروبه من منزله واختفائه، ندد ديلو جيرو في وسائل الإعلام بمحاولة الاغتيال التي نفذها رئيس الدولة.

في المقابل، ادعت الحكومة أن الشرطة دافعت عن نفسها ببساطة بعد "تعرضها لإطلاق النار"، مما تسبب في مقتل العديد من أفرادها.

وفي ذلك الوقت، أدى تفجر أعمال العنف قبل شهر واحد من الانتخابات الرئاسية إلى إثارة غضب عارم في تشاد، حيث انسحب العديد من المرشحين وطالبوا بالمقاطعة.

ومع ذلك، قال الموقع إن "الانتخابات تمت في موعدها المقرر في 11 أبريل/ نيسان 2021".

تهديد للنظام

وبعد الوفاة المفاجئة لإدريس ديبي، الذي قُتل على الجبهة بينما كان يستعد لبدء ولايته السادسة، تولى السلطة نجله محمد إدريس ديبي.

ونتيجة لذلك، عاد ديلو دجيرو، المنفي في بلجيكا منذ الأحداث المأساوية التي وقعت في فبراير 2021، إلى البلاد.

وفي محادثة مع "فرانس 24"، أوضح خبير تشادي، طالبا عدم الكشف عن هويته، أنه "تم التوصل إلى اتفاق داخل الأسرة يقضي بدفع الدية"، موضحا أن "الصراعات العشائرية في الشمال تُحل بهذا الشكل لتجنب خطر الانتقام".

وبعد استقراره مرة أخرى في البلاد، وعلى رأس "الحزب الاشتراكي بلا حدود"، بدأ ديلو دجيرو بتوحيد قوى المعارضة تحت راية اتحاد المعارضة ذات المصداقية (FOC)، الذي انطلق في فبراير 2023. 

وبحسب الموقع، فقد تزايد التوتر قليلا بين المعارضة في الأسابيع الأخيرة.

وعزا الموقع ذلك التوتر إلى تقدم النظام قليلا بعد انضمام حزبه، في يناير/ كانون الثاني 2024، إلى صالح ديبي، شقيق الرئيس الراحل وعم محمد إدريس ديبي.

وفي المداهمة الأخيرة القاتلة، والتي أودت بحياة ديلو دجيرو، ألقت الشرطة القبض على صالح ديبي في 28 فبراير 2024.

وفي هذا الصدد، قال الخبير التشادي، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، إن "تجمع صالح ديبي يشكل تهديدا حقيقيا للسلطة".

وأوضح الخبير، لـ"فرانس 24"، أن "ديبي شخصية ذات أهمية في العشيرة، كما كان ملتزما بتمويل قوات الأمن في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية".

وتابع: "منذ ضم المعارض سوسيس ماسرا إلى الحكومة، ظهر ديلو دجيرو بوصفه المعارض الحقيقي الوحيد للنظام، وبالإضافة إلى المصداقية الشعبية التي استفاد منها، فقد التحق بالجيش ونال الإعجاب لشجاعته، وهو أمر مهم للغاية في تشاد".

وأبرز الموقع أن "الوفاة العنيفة لديلو دجيرو أتت قبل أيام قليلة من بدء تقديم الترشيحات للانتخابات الرئاسية في 6 مايو/ أيار 2024". 

كما أوضح أن الحزب الاشتراكي بلا حدود قد أعلن أخيرا عن مشاركة محمد إدريس ديبي في الاقتراع، لافتا إلى أنه كان ملتزما بإعادة السلطة إلى المدنيين في نهاية الفترة الانتقالية.