"تحالف معادٍ لأميركا".. هل يعزز فرص التقارب بين الاتحاد الأوروبي والصين؟

"الصين ستجني فوائد عديدة من وراء فرض أميركا الرسوم الجمركية على حلفائها"
أدى "التدخل المتهور" للرئيس الأميركي دونالد ترامب في المشهد السياسي والاقتصادي الدولي مرة أخرى، إلى جعل العالم الغربي يشعر بعدم الارتياح.
وتناولت كبريات الصحف الغربية هذا الملف، ومن بينها صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية التي نشرت مقالا بعنوان: "ترامب يزرع بذور تحالف معادٍ لأميركا".
في هذا السياق، تحدث موقع "سوهو" الصيني عن العواقب الاقتصادية والإستراتيجية "الكارثية" للتعريفات الجمركية الأميركية، وتأثيرها "المدمر" على واشنطن والتحالف الغربي.
كما تطرق إلى فرص اتجاه الاتحاد الأوروبي للتحالف مع الصين عوضا عن الولايات المتحدة، بعد أن "باتت تمثل تهديدا له".

ولادة تحالف
ويشدد الموقع الصيني على أن الصين "ستجني فوائد عديدة، من وراء فرض الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على حلفائها والدول المجاورة".
ورأى أن هذا "التكتيك الجمركي المتهور لن يشكل مخاطر اقتصادية محتملة على واشنطن فحسب، بل قد يكون له أيضا عواقب إستراتيجية خطيرة ودائمة".
وهو ما سيؤدي -وفق اعتقاده- إلى "تقويض وحدة التحالف الغربي، وإلى ولادة تحالف معادٍ للولايات المتحدة بين الدول الغربية، ويدفع الحلفاء إلى التوجه نحو الصين".
وبحسب الموقع، فإن أحد كبار صناع السياسة الاقتصادية في إدارة ترامب قاله له: إن سياسة التعريفات الجمركية الأميركية هي بمثابة "إطلاق النار أولا، ثم السؤال لماذا لاحقا".
ويقول: إن "هذا النوع من الغطرسة الذكورية بات يحظى بشعبية كبيرة في واشنطن اليوم".
مع ذلك، يشير إلى أن "إستراتيجية ترامب (إطلاق النار أولا) خطيرة للغاية، ليس فقط بالنسبة للدول التي تفرض عليها الضرائب، ولكن بالنسبة للولايات المتحدة نفسها أيضا".
ويوضح مقصده قائلا: "لقد أصبح من المعروف أن ارتفاع التضخم والصناعات الفوضوية، تشكل مخاطر اقتصادية محتملة على الولايات المتحدة".
وتابع: "العواقب الإستراتيجية لسياسة التعريفات الجمركية على الولايات المتحدة، على الرغم من أنها ليست فورية، قد تكون بنفس الخطورة، وحتى أكثر استمرارية".
حلم يتحقق
ورأى أن "سياسة ترامب الجمركية تهدد بتقويض التحالف الغربي، وهو يدفع عدة دول تعرضت أخيرا لتهديد الولايات المتحدة إلى دائرة أخرى".
وأضاف: "في البداية، قد يكون هذا التعاون غير رسمي، ولكن كلما طالت فترة حرب الرسوم الجمركية، أصبح تعاونهما أقرب".
ويعتقد الموقع أن انهيار التحالف الغربي سيكون بمثابة "حلم يتحقق" بالنسبة لروسيا والصين.
وقد أعلن وزير خارجية أميركا ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز، أن احتواء قوة الصين هو التحدي الإستراتيجي الأساسي لواشنطن.
"ومن هذا المنظور، فإن تحرك ترامب لفرض رسوم جمركية على الصين وكندا والمكسيك يمثل خطوة غبية للغاية"، يقول الموقع.
"وربما تدفع أفعاله هذه الدول الثلاث والاتحاد الأوروبي، الذي قد يصبح هدف الرسوم الجمركية التالي، إلى التوصل إلى إجماع حول مصالحها".
واستطرد: "كان الاتحاد الأوروبي على الجانب الآخر من المحيط، يشعر بعدم الارتياح في الأيام الأخيرة".
إذ "حذر العديد من وسائل الإعلام الأوروبية، من أنه في حالة استخدام عصا التعريفة الجمركية، فإن الاتحاد الأوروبي سيتخذ إجراءات انتقامية".
وصرح مسؤولون أوروبيون بأنه "إذا كان ترامب جادا، فإن الدول الأوروبية ستكون أقل استعدادا للقتال إلى جانب أميركا بشأن سياساتها تجاه الصين".
فعندما وصلت إدارة جو بايدن إلى السلطة عام 2021، كان الاتحاد الأوروبي يستعد للدفع نحو اتفاقية استثمارية جديدة مع الصين، لكن ذلك لم يحدث تحت ضغط واشنطن.
وأضاف الموقع: "وبحلول نهاية ولاية بايدن، عملت الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية معا بشكل وثيق من أجل تقليص المخاطر في التجارة مع الصين وتقييد صادرات التقنيات الرئيسة".
وعقب بالقول: "إن الفهم الأساسي لإدارة بايدن، هو أنه إذا كانت أميركا ستنخرط في منافسة عالمية مع الصين، فمن المرجح أن تنتصر إذا تمكنت من إقناع الدول المتقدمة الأخرى بالقتال إلى جانبها".

تهديد أميركي
في المقابل، قدّر أن “ضربات ترامب ضد حلفائه، كانت أشد بكثير من ضرباته ضد خصومه”، مضيفا: "من الممكن أن يؤدي هذا إلى دفع هؤلاء الحلفاء نحو الصين".
وأوضح أن "صناع القرار الأوروبيين أصبحوا يدركون أنه بدون السيارات الكهربائية والبطاريات والألواح الشمسية من الصين، فإن الأهداف الطموحة التي حددوها للتحول الأخضر لن تتحقق".
وأشار إلى أن "التهديد بخسارة السوق الأميركية، من شأنه أن يجعل السوق الصينية تبدو أكثر أهمية".
وينقل الموقع عن أحد كبار صناع القرار السياسي في أوروبا قوله: إن "الاتحاد الأوروبي يناقش الآن، تعميق العلاقات مع الصين مرة أخرى".
في الوقت نفسه، يتساءل بعض الأوروبيين المؤثرين عمّن يمثل التهديد المباشر الأكبر بالنسبة لهم حاليا؛ الولايات المتحدة أم الصين؟
وأردف أنه: "حتى قبل شهرين فقط، كان هذا السؤال يبدو سخيفا، لكن بعد كل شيء، فإن ترامب، وليس الصين، هو الذي يطالب بضم دولة عضو في حلف شمال الأطلسي مثل كندا".
واستطرد: "إدارة ترامب وإيلون ماسك (وزير الكفاءات في الحكومة الأميركية والرجل الأغنى في العالم)، وليس الصين، هي التي تدفع القوى اليمينية المتطرفة في أوروبا".

نتائج عكسية
ويعتقد الموقع أن “أوروبا ستميل أكثر نحو بكين على الرغم من وجود بعض العقبات الرئيسة بين الطرفين”.
ولفت إلى أن ذلك سيحدث "بمجرد تخلي إدارة ترامب عن أوكرانيا واتخاذ الصين موقفا أكثر صرامة تجاه روسيا ".
وعلاوة على ذلك، "ستشعر الصين بفرص جديدة في دول أميركا اللاتينية، في ظل تصاعد الغضب إزاء التهديدات الأميركية ضد بنما والمكسيك".
ونظرا لإصرار ترامب على استعادة السيطرة على قناة بنما والقضاء على عصابات المخدرات المكسيكية، فإن العمل العدواني الأميركي ضد هذه البلدان، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية، ليس مستحيلا بأي حال من الأحوال، وفق الموقع
ورجح أن "يأتي النهج الصارم الذي يتبعه ترامب تجاه المكسيك بنتائج عكسية".
فقد تدفع الرسوم الجمركية المكسيك إلى الدخول في ركود عميق، مما يعني أن تدفق الأشخاص إلى الولايات المتحدة سيزداد، وستصبح عصابات المخدرات أكثر قوة.
مع ذلك، يشير إلى أن كندا والمكسيك "تدركان بشكل مؤلم أن فرصهما بالفوز في حربهما التجارية مع الولايات المتحدة ضئيلة، ولكن كان عليهما أن تردا".
وذلك لأنه “لا يمكن لأي زعيم وطني أن يسمح لنفسه بالظهور بمظهر الضعيف في مواجهة الترهيب الأميركي، وربما يكون التصدي لترامب هو الخطوة الإستراتيجية الصحيحة”.
أهداف جديدة
في السياق، ذكّر الموقع بتصريحات لوزراء خارجية أوروبيين؛ إذ قالوا إنه "إذا ضربك ترامب في وجهك ولم ترد عليه، فسيضربك مرة أخرى".
وحذر من أن "دولا مثل المملكة المتحدة واليابان التي لم تستهدفها الرسوم الجمركية بعد، قد تشعر بالارتياح".
واستدرك: "ولكن إذا كانت تعتقد أنها تستطيع تجنب الاستهداف من خلال البقاء بعيدا عن الأضواء، فإنها تخدع نفسها".
فإذا قرر ترامب أن جولته الأولى من الرسوم الجمركية ناجحة، فمن المؤكد أنه سيبحث عن أهداف جديدة.
وانتقد الموقع مجتمع الأعمال الأميركي، ناصحا إياه بـ "ضرورة الاستفاقة والتوقف عن التملق لفكرة عودة الروح الحيوانية إلى الاقتصاد الأميركي".
وأكد أن "ما يجلبه ترامب إلى الولايات المتحدة أساسا، هو تدمير الاكتفاء الذاتي الاقتصادي والتحالف الغربي".
وشدد على أن خطط ترامب "ستكون بمثابة كارثة اقتصادية وإستراتيجية للشركات الأميركية والولايات المتحدة ككل".