"مخطط التهجير سقط للأبد".. عودة فلسطينية تاريخية إلى شمال غزة الأبية

"باقون هنا فهذه أرضنا وأجدادنا عاشوا وشهداؤنا ارتقوا هنا وأبطالنا هنا صمدوا وهنا انتصروا"
في زحف بشري عظيم، اتخذ آلاف النازحين الفلسطينيين طريق عودتهم إلى مدينة غزة وشمالي القطاع عبر شارع الرشيد الساحلي، تزامنا مع انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من محور نتساريم وسط القطاع الفلسطيني، في تاسع أيام الهدنة.
جاء ذلك عقب إعلان المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، أن "إسرائيل" ستسمح ابتداء من صباح 27 يناير/كانون الثاني 2025 بعودة النازحين في غزة إلى شمال القطاع، بعد التوصل لتفاهم يقضي بأن تسلم حماس الأسيرة أربيل يهود و2 آخرين قبل 31 يناير.
وفي مقابل ذلك، سيسلم الكيان الإسرائيلي “قائمة بأسماء 400 شخص ممن تم اعتقالهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كل يوم أحد في المرحلة الأولى”.
وكان مقررا أن يعود النازحون صباح 25 يناير، لكن قوات الاحتلال خرقت الاتفاق، ومنعتهم من العودة، لكنها عادت وسمحت بعودتهم بعد أن تمكن الوسطاء من حل الأزمة.
بدورها، قالت حركة المقاومة الإسلامية حماس، إن عودة النازحين انتصار لشعبنا وإعلان فشل وهزيمة الاحتلال ومخططات التهجير.
وتأتي عودة النازحين، في أعقاب تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، دعا خلالها لتهجير فلسطينيي غزة إلى الأردن ومصر، فيما أكدت القاهرة وعمّان رفضهما مشروع تهجير الشعب الفلسطيني، كما أعلنت الفصائل الفلسطينية رفضها لتصريحات الرئيس الأميركي.
أما الناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، فقد تداولوا مشاهد ترصد وتوثق بدء عودة النازحين عبر ممر نتساريم إلى شمال القطاع وما بقي من ركام منازلهم وأعربوا عن سعادتهم ووجهوا التبريكات والتهاني ورددوا التكبيرات، وعدوا العودة بمثابة أبلغ رد على ترامب وملجمة له ولمقترحاته.
وأكدوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس"، "فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #شمال_غزة، #نتساريم، #غزة_تنتصر، وغيرها أن عودة النازحين صفعة عملية لمخططات التهجير التي يتبناها حلفاء الاحتلال، وتأكيدا إضافيا بفشلها.
لجم ترامب
وتأكيدا على أن عودة الغزيين أفشلت كل مخططات تهجير أهل غزة وصفعة على وجه الرئيس الأميركي، قال رئيس المرصد الأورمتوسطي رامي عبده: "نستطيع اليوم أن نقول ثقة بالله عز وجل وثقة بشعب غزة العظيم ومقاومته الباسلة أن مخطط التهجير في غزة سقط وإلى الأبد".
من جانبه، عد محمد زكريا، المشهد المهيب لعودة النازحين إلى شمال غزة أبلغ رد على خطة ترامب، وردّ على تماهي أنظمة التصهين العربي معها، وإن أبدت للعلن غير ذلك. مشيرا إلى أن هذه الأنظمة حاصرت وجوعت.
وأوضح أن هذه الأنظمة فتحت موانيها وزودت الكيان بكل ما يمكنه من القضاء على المقاومة الفلسطينية، محذرا بالقول: "لا يغرنكم بيانات رفضهم -الأنظمة العربية- لخطة التهجير وهي مساومة على ثمن الخيانة المستمرة منذ زرع هذا الكيان".
بدوره، رأى الصحفي صبري الصاوي، أن أهل شمال غزة يردون على أوهام ترامب وأطماع نتنياهو برفض التهجير القسري ويتحركون سيرا على الأقدام عائدين إلى أنقاض وركام أرضهم مثشبثين بها.
وأشار إلى أن أهل شمال غزة يقولون بعودتهم إلى أرضهم لترامب الذي وصفه بالمجنون ونتنياهو الذي نعته بـ"المأفون"، وللعالم بأسره: "باقون هنا وسنبقي للأبد فهذه أرضنا وأجدادنا عاشوا وشهداؤنا ارتقوا هنا وأبطالنا هنا صمدوا وهنا انتصروا وهنا غزة العزة هنا غزة مقبرة الصهاينة".
وعلق أيمن جدالله، على صورة أثناء عودة أهالي غزة لشمال قطاع غزة بعد انسحاب الاحتلال من محور نتساريم، قائلا إن هذه الصورة تأتي في الوقت الذي يتحدث فيه ترامب بالأمس عن تهجير أهل غزة لسيناء.
وأوضح أن محور نتساريم الذي تم إنشاؤه بمليارات الأموال أصبح الآن هباء منثورا، قائلا: "مازلت أذكر حتى الآن هبد عشاق بيادة المحتل من خونة فتح بأن الاحتلال لن يخرج من نتساريم ولا من فيلادلفيا".
وخاطب جدالله، أصحاب هذه الرواية، قائلا: "استيقظ أيها المعتوه وشاهد : لقد خرجوا من كليهما خاوة! سقطت خطة الجنرالات خاوة! سقطت خطة الترحيل خاوة! ركع الاحتلال لشروط المقاومة مرغما وخاااوة.. وعاد شعب غزة.. لم يمروا من الشمال عبر نتساريم نحو الجنوب.. بل مروا من الجنوب عبر نتساريم نحو الشمال!".
وتابع: "اخسأ ترامب.. فالكلمة الأولى والأخيرة لشعب غزة ومقاومتها وفقط."
وقال مصعب الحراسيس: "سقط نتساريم .. سقطت خطة الجنرالات .. سقط مخطط التهجير ..
سقط التآمر الدولي .. وستسقط خطط ترامب وأحلامه!! وكما يحصل الآن في شمال غزة وفي جنوب لبنان .. يقيناً سيحصل على كامل تراب فلسطين التاريخية".
وعرض الصحفي يوسف الدموكي، صورة من شمال غزة علقت ترحيبا بعودة النازحين مكتوبا عليها باللغتين العربية والإنجليزية: "غزة ترحب بكم.. تقبل الله رباطكم.. تقلقش حنعمرها".
وأشار إلى أن نتنياهو أرادها "لقطة سيادة" يلمّع بها هزيمته، متنازعًا على أسيرة بلا أي معنى، ومُحدثا الكثير من الجلبة والتعجيز والابتزاز بمليون إنسان في الشارع، فردّتها عليه المقاومة في نحره لتقتله.
ولفت الدموكي، إلى أن المقاومة فعلت ذلك بردها عليه بأنها تزيد على الأسيرة اثنتين أخريين، فضلا على تسليمها ثلاث أخريات يوم السبت، وبأنها "قرّرت" ذلك لأجل فرحة الشعب الفلسطيني، وأن لديها ما يكفي من الأسرى أحياءً مستعدةً لمزيد من الأسابيع.
وعلق قائلا: "انتهى الرد الغزيّ، الشعب يعود لدياره في تمام السابعة صباحا، لم يقل مكتب نتنياهو شيئًا".
وعطفا على ذلك أوضح أن أول عودة للديار في تاريخ التغريبة الفلسطينية.. لم يكن إلا عبر فوَّهة البندقية!
حفاوة ومباركات
من جهته، قال مدير عام مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سليمة: "سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدار.. ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ.. صباح العزة والكرامة والكبرياء.. عودا حميدا لأهلنا إلى شمال غزة وإن شاء الله العودة القادمة إلى ديارنا التي هجرنا منها".
كما قال الباحث علي أبو رزق: "صباح العودة يا غزة، صباح عودة الروح للجسد، صباح اللقاء بأبطال الشمال، ممّن بايعوا على الموت وقاتلوا بأمعاء أطفالهم وبلحمهم الحي حتى لا تنكسر غزة ويفشل مخطط التهجير".
وأضاف: "صباح هذا اليوم التاريخي بامتياز، الذي كُسرت فيه نصف أهداف الحرب وعاد الأهل للأرض التي تخضبت بدماء الأبناء، صباحٌ فأله العودة إلى يافا وعكا وحيفا والجليل وصفد، بعز عزيز أو بذل ذليل".
وكتب أحمد ماضي: "صباح الخير، صباح عودة أهل شمال غزة إلى بيوتهم أعزة مجبورين بفضل الله ورحمته.. أيام خير وبركة، يمنّ الله علينا فنرى خروج المسلمين من السجون تباعا ونشاهد عودة أهلنا إلى بيوتهم بعدما ظننا كل الظن غير ذلك.. لكن ربنا أكبر وأعز وأجل."
وأوضح الكاتب رضوان الأخرس، أن العائدين يكبرون تكبيرات العيد، قائلا: “الآن يعود الأهالي إلى مدينة غزة وشمال القطاع بعد أن أجبرهم الاحتلال على النزوح بالقتل والترويع والمجازر والتجويع.. هذا صباح عظيم ولحظات سيخلدها التاريخ، هذا صباح انتصرت فيها إرادة الغزيين.”
وأوضح الكاتب محمود سالم الجندي، أن عودة الغزيين اليوم هي العودة الأولى في تاريخ فلسطين، داعيا الله أن يتم العودة لأهل العودة.
ووصف الصحفي سمير العركي، مشهد عودة النازحين الغزيين إلى شمال قطاع غزة بأنه "مشهد مهيب" ويثبت أنه مهما حدث فلن يقلعوا هذا الشعب من أرضه.
وأشار إلى أنهم عائدون إلى البيوت المهدمة والطرقات الخربة، لكنهم مصرون على العودة حتى ولو ثبتوا خيمة على الأنقاض وناموا فيها.
نتساريم يتهاوى
وعن محور نتساريم، أوضح رائد عدوان، أنه لم يكن مجرد شارع يفصل بين شمال غزة مع بقية البدن، بل منطقة عسكرية بمساحة كبيرة تم بناؤها لتبقى، لكن بفضل الله ثم بجهود أبطال غزة وافق الصهاينة على الانسحاب منه في المرحلة الأولى.
وأكد أن محور نتساريم كان مقبرة للمواطنين بعد اتخاذ الكيان منطقة حزام حوله يقتل فيها كل من يقترب منه، وتترك الجثث للكلاب الضالة والقوارض.
وقال محمد جمال الشريف: "نتساريم ليس قدرا للفلسطينيين، وليس فاصلا بين الماضي والحاضر، اليوم محور نتساريم تحت أقدام الغزيين."
وأشار الباحث سعيد زياد، إلى أن المحور الذي شقّ غزة نصفين، ومزّق عائلاتها، وشرّد أهلها، وعوّلت عليه إسرائيل ليكون أساس التهجير والاستيطان نراه الآن يتهاوى.
وقال: "تهاوى نتساريم يا إسرائيل.. كما تهاوى كل جدار بنيته في يوم الطوفان".
وقال الصحفي عبدالفتاح حيدرة، إن معركة طوفان الأقصى ومساندة محور المقاومة لصمود غزة وجنوب لبنان رغم كل الآلام والضحايا والدمار، مؤكدا أنهم لم يتركوا درسا عسكريا وأخلاقيا وسياسيا فقط، بل فضحوا ضعف وهوان وخسة أغلب ومعظم الحكام العرب والمسلمين والعالم.
ورأى أن الأكثر أهمية أنهم أعطوا دفعة قوية لكامل القضية الفلسطينية وحقيقتها عبر العالم، وغرسوا بوادر وعي تاريخي لجيل كامل ينتظر أثره في كامل المنطقة في قابل السنين، مضيفا أنه بحسابات التراكم فإن انتصار القضية الفلسطينية قد تقدمت خطوات كبيرة وعظيمة.
وتابع حيدرة: "وبحسابات التاريخ فإن معركة طوفان الأقصى هي ربيع عربي ثان، سواء امتدت هذه المعركة بنفسها بنتائج أكبر أو مهدت لحلقة ربيع ثالث أكثر نجاحا وحسما، وأكثر ذلا وهزيمة للعدو الإسرائيلي وزبانيته وحليفه العربي والغربي".
التحرير الكامل
فيما عرض المحلل السياسي ياسين عز الدين، مقطع فيديو يوثق عودة آلاف النازحين، قائلا: "انطلق طوفان العائدين إلى شمال غزة.. اليوم العودة إلى غزة وغدا العودة إلى يافا وعكا بإذنه تعالى.. هكذا انتصرنا وكسرنا سموتريتش وبن غفير وترامب بحمده تعالى".
وأكد محمد مناصرة، أنه بدون مبالغة هذا أهم يوم في التاريخ للشعب الفلسطيني، ورأى أنه فاصل زمني وما بعده ليس كما قبله، مبشرا بالعودة إلى حيفا ويافا وعكا وعسقلان ومجدل بالقول: "أصبحنا أقرب إلى التحرير الكامل".
وأعربت سالي عطالله، عن تفاؤلها بعودة النازحين إلى شمال غزة، قائلة: "اليوم عادوا إلى جباليا وحي الشجاعية غدا يعودون إلى عكا ويافا والقدس بإذن الله".