صراعات داخلية.. لماذا يحاول الإطار التنسيقي إطاحة رئيس الوزراء العراقي؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

على وقع إعلان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في 2 مارس/آذار 2024، نيته المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، كشفت وسائل الإعلام المحلية عن خلافات داخل الإطار التنسيقي الشيعي، وتحركات يقودها زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، ضد الأول.

الانتخابات التي يفترض إجراؤها في أكتوبر/ تشرين الأول 2025، فجّرت أزمة داخل الإطار الذي بدأ يناقش العديد من الأفكار، منها: تقديم موعدها إلى ديسمبر/كانون الأول 2024، واستقالة أي مسؤول تنفيذي من منصبه في حال شارك فيها، والعودة إلى نظام الدوائر المتعددة.

نظام الدوائر المتعددة دفع باتجاه إقراره التيار الصدري في البرلمان، واعتمد في الانتخابات البرلمانية عام 2021، لكن القوى السياسية رأت أنه يدعم الكيانات الناشئة والمستقلين، فأقدمت على تغييره إلى نظام سانت ليغو 1.7، كونه يصب في صالح الكتل الكبيرة.

"سانت ليغو" هي طريقة رياضية في توزيع أصوات الناخبين على القوائم الانتخابية، فتقسم على 1.3 تصاعديا، وحينها تحصل القوائم الصغيرة على فرص أكبر للفوز، فيما تزيد مقاعد الائتلافات الكبيرة إذا ارتفع القاسم الانتخابي إلى 1.7 أو أكثر.

إسقاط السوداني

خلال مقابلة على قناة "العراقية" الرسمية في 11 مارس، قال نوري المالكي، القيادي في الإطار التنسيقي، إن "من يريد الدخول إلى الانتخابات وهو في السلطة التنفيذية، عليه إما أن يستقيل من منصبه حتى لا يستفيد من إمكانات الدولة- كما حصل في عدد من المحافظات- أو أن يبقى في مكانه، ولا يشترك بها".

وفي الانتخابات المحلية في 18 ديسمبر 2023، تصدرت قوائم في محافظات (البصرة، كربلاء، واسط)، شكلها محافظو هذه المدن بمعزل عن الإطار التنسيقي، وجرى اختيارهم محافظين مرة أخرى، الأمر الذي أغضب غالبية قادة "الإطار"، كونها خرجت عن سيطرتهم.

المالكي، أكد قبل ذلك خلال مقابلة مع وكالة "الأنباء" العراقية في 7 مارس، أن هناك قراءات لدى كتل وقوى سياسية بأن الدوائر المتعددة هي الخيار الأفضل.
 

فيما يرى آخرون أن الدائرة الواحدة هي الأفضل، والأمر قيد المناقشة والحوارات في الوقت الحالي.

وأضاف المالكي أن "الجانب الثاني يتعلق بالانتخابات المبكرة حيث إن من أكثر المطالبين بها هم التيار الصدري إضافة إلى الآخرين على اعتبار أنها إحدى الفقرات المكتوبة بالبرنامج الحكومي كما أن هذه فقط أفكار ولم تطرح على طاولة حوار واحدة لاتخاذ القرار".

ولفت إلى أن "الأفكار الأخرى المطروحة تتعلق بالمسؤولين التنفيذيين وعدم مشاركتهم في الانتخابات إلا بعد تقديم استقالتهم قبل 6 أشهر  لعدم السماح باستثمار إمكانيات الدولة".

لكن حديث المالكي، فسره موقع "ميديا لاين" الأميركي، بأن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، برغم تمتعه بشعبية بين المواطنين العراقيين، إلا أن الأحزاب التي دعمته تنظم صفوفها لإسقاطه، إذ يعتزم الائتلاف الحاكم (الإطار) الدعوة لانتخابات مبكرة في محاولة للإطاحة به.

تقرير الموقع الأميركي الذي نشر في 11 مارس، نقل عن قيادي في حزب الدعوة بزعامة المالكي (لم يكشف عن هويته)، قوله إن أحزاب الإطار التنسيقي تعقد اجتماعات منذ 5 أشهر وتخطط للدعوة إلى انتخابات خلال 2024 أو بداية العام 2025.

وأوضح أن خطة الإطار تتمثل بـ"مهاجمة رئيس الوزراء والتقليل من إنجازاته وإسقاطه شعبيا، وخلق المزيد من المشاكل السياسية والاقتصادية، وبعدها سيخرج الشارع العراقي في تظاهرات تطالب بإسقاط الحكومة، ثم الدعوة لانتخابات مبكرة، ولا يتم ترشيح السوداني مجددا، أو منحه أي منصب".

المصدر نفسه، أكد أن الإطار التنسيقي يخشى أن يعمد السوداني إلى الإعلان عن "تشكيل حزب أو تحالف سياسي جديد، ويخوض الانتخابات المقبلة، ويحصل على الأغلبية السياسية الحاكمة في العراق".

رمزية جديدة

وعن هذه النقطة تحديدا، قال مصدر سياسي عراقي، إن "قوى الإطار التنسيقي، بدأت تخشى بالفعل من وجود زعامة شيعية جديدة تنافسها في الانتخابات المقبلة، وهي متمثلة في رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، الذي لم يدخل معهم في مشاحنات، وفضل تحقيق الإنجازات على الأرض".

وأضاف المصدر لـ"الاستقلال"، مفضلا عن الكشف عن هويته، أن "السوداني بدأ يتفق مع قوى سياسية سنية وكردية، وحتى شيعية ضمن الإطار التنسيقي، على مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية، وذلك لتأمين ولاية ثانية له، وهذا ما أقلق المالكي ورئيس تحالف الفتح، هادي العامري".

وأشار إلى أن "السوداني حاليا لا يمتلك أي كتلة برلمانية سوى الإطار التنسيقي، لأن تيار الرافدين المنضوي ضمن الإطار يمتلك مقعدين، لذلك هم يسعون إلى تخييره بين البقاء في منصبه أو الاستقالة منه قبل 6 أشهر من الانتخابات في حال أراد المشاركة فيها".

وأكد المصدر، أن "السوداني بدأ بتأسيس مجموعات سياسية وإعلامية داعمة له في عدد من المحافظات ذات الغالية السياسية الشيعية والسنية على حد سواء، للتحرر من تكبيل الإطار التنسيقي له".

ولفت إلى أن "رئيس الوزراء الحالي، يسعى إلى تشكيل قائمة وطنية تضم مختلف المكونات في الانتخابات المقبلة، مستندا في ذلك على إنجازات الطرق والجسور والمدن السكنية التي شرع في بنائها والتعاقد عليها مع شركات كبرى منذ توليه المنصب في أكتوبر 2022".

وشدد المصدر على أن "قادة الإطار التنسيقي، يخشون من أن مشاركة السوداني، واحتمالية دخول التيار الصدري في الانتخابات المقبلة، تعني ذهاب غالبية أصوات المكون الشيعي إليهما، وبالتالي فرصة الإطار الوحيدة هي الحد من طموح رئيس الوزراء الحالي، وإبقاؤه تحت جناحهم".

ونوه إلى أن "الأقرب للسوداني ضمن الإطار التنسيقي، هما رئيس ائتلاف النصر، حيدر العبادي، وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، فكلاهما لا يرى أن أحدهما يشكل تهديدا للآخر، وأن عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، ظاهريا هي مع رئيس الوزراء، لكن في الحقيقة هما يتقاطعان في الكثير من الأمور".

باستثناء التيار الصدري، يتألف "الإطار التنسيقي" من جميع القوى الشيعية التي لديها مقاعد برلمانية، وهي: "تحالف الفتح (العصائب، منظمة بدر)، ائتلاف دولة القانون، حركة عطاء، حركة حقوق، حزب الفضيلة، إضافة إلى تحالف قوى الدولة (تيار الحكمة، ائتلاف النصر)".

صراعات داخلية

وعن حقيقة الخلافات داخل الإطار،  يقول المتحدث السابق باسمه، عائد الهلالي، إن "الأخير يشهد صراعات داخلية وانشقاقات كبيرة جدا، والمؤشر على ذلك غياب زعيم منظمة بدر هادي العامري عن اجتماع للتنسيقي عقد في 5 مارس".

ولفت إلى أن "هناك مشكلات كذلك بين رئيسي الوزراء السابقين نوري المالكي، وحيدر العبادي، بخصوص من سيكون رئيسا للبرلمان، خلفا للرئيس السابق محمد الحلبوسي الذي أقالته المحكمة الاتحادية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023".

وأكد الهلالي أن السوداني جزء من العملية السياسية منذ عام 2003، لذلك يرى أنه "بالتالي، من حقه أن تكون له كتلة أو كيان سياسي يشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة".

رأى كذلك أن "خلافات السوداني مع قوى الإطار التنسيقي، لن تمنع رئيس الوزراء من الإقدام على مثل هذه الخطوة".

ورأى أن "هناك عملية سياسية جديدة في الأفق، وبالتالي يحاول ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي تغيير قانون الانتخابات، والعودة إلى نظام الدوائر الصغيرة، لأن هذا يخدمهم أكثر من القانون الحالي الذي يعتمد نظام سانت ليغو 1.7".

بحسب المتحدث السابق للإطار، فإن "العملية السياسية الجديدة القادمة سيكون بطلها السوداني، إضافة إلى التيار الصدري، الذي ينوي العودة إلى العمل السياسي بعد عيد الأضحى المقبل، وبالتالي لن يستطيع الإطار التنسيقي التفرد في قيادة الدولة".

وبيّن الهلالي أن "هناك صراعا حادا بين جميع مكونات الإطار التنسيقي، من أجل الحصول على المناصب والوزارات في الحكومة الحالية، لكن السوداني لديه حضوره، وهذا يزعج الكتل السياسية التقليدية"

وأردف: "لذلك بات البعض منهم يطالبون بضرورة إجراء تعديل في قانون الانتخابات، يقضي باستقالة أي مسؤول في الدولة ينوي المشاركة في الانتخابات بنحو 6 أشهر".

وأشار إلى أن السوداني "يحظى بدعم من قوى سياسية مختلفة، وحتى من إقليم كردستان أيضاً، خصوصا أن الزيارة أجراها رئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني إلى الولايات المتحدة (منذ 7 إلى 14 مارس 2024)، واحدة من أهدافها ترطيب الأجواء بين واشنطن ورئيس الوزراء العراقي".