عجزت أمام المقاومة.. هكذا اضطرت أميركا لتمرير قرار وقف العدوان على غزة

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

شهد اليوم الـ171 من حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، تطوريين مهمين، فسياسيا، تبنى مجلس الأمن الدولي، لأول مرة منذ بدء العدوان، مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، وميدانيا قصفت كتائب القسام مدينة أسدود جنوبي الكيان لأول مرة منذ شهرين.

مجلس الأمن أصدر في 25 مارس/آذار 2024، قرارا يقضي بوقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، وذلك عقب امتناع الولايات المتحدة عن التصويت بعكس استخدامها حق النقض "الفيتو" ضد 3 مشاريع سابقة، وحصل القرار الأخير على 14 صوتا مؤيدا.

وعسكريا، أعلنت كتائب القسام، قصف مدينة أسدود جنوبي "إسرائيل" برشقة صاروخية ردا على استهداف المدنيين في القطاع، وتعد الرشقة الأولى باتجاه أسدود منذ أكثر من شهرين؛ واضطر جيش الاحتلال لإطلاق صفارات الإنذار إيذانا بانطلاق صواريخ من غزة.

وتباينت ردود فعل الناشطين على منصة إكس بشأن قرار مجلس الأمن، بين الإشادة والترحيب وعدها خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها غير كافية، وبين استبعاد أن يكون للقرار تأثير على مسار العدوان الإسرائيلي المتصاعد.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #مجلس_الأمن، برزت التحليلات السياسية والقراءات القانونية لقرار المجلس، والسخرية والاستهزاء من موقف الاحتلال الإسرائيلي ورئيس وزراء الكيان بينامين نتنياهو.

وتحدثوا عن أسباب إحجام الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض وأرجعوا الوصول بالمجتمع الدولي لإعلان هذا القرار إلى صلابة المقاومة الفلسطينية وقوتها في الميدان وقدرتها على استهداف الكيان، مشيدين بالرشقة الصاروخية التي استهدفت أسدود.

أول الغيث

وتحليلا لقرار مجلس الأمن، أوضح الباحث في الشأن الفلسطيني الدكتور إبراهيم حمامي، أن 14 من أعضاء مجلس الأمن صوتوا لصالحه وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، ولم يحمل إدانة لحماس كما كانت تطالب الولايات المتحدة.

وأشار إلى أن المجلس لأول مرة يرى أن هناك محتجزين فلسطينيين وطالب "الطرفين" بالامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الدولي بشأن جميع الأشخاص المحتجزين، لافتا إلى أنه لم يربط وقف إطلاق النار بقضية المحتجزين والأسرى في غزة.

وعد قرار وقف إطلاق النار رغم أنه مؤقت ومحدد بشهر رمضان لكنه خطوة متقدمة لإنهاء هذا العدوان الغاشم، وقد لا يكون له تأثير ميداني حقيقي لكنه يزيد من عزلة الاحتلال، متوقعا أن يزيد القرار من الفجوة بين الاحتلال وواشنطن خاصة بعد تهديدات نتنياهو لإدارة بايدن.

وقال: "لا شك أن القرار يمثل تراجعا حقيقيا لرواية وموقف الاحتلال وداعمه الرئيس الولايات المتحدة، ويمثل رضوخا للضغط الدولي المتزايد الرافض لجرائم الاحتلال"، مضيفا أن الجانب الفلسطيني لا يعول كثيرا على الأمم المتحدة التي خذلته لكن القرار مهم ومفصلي، وليس من الحكمة التقليل من أهميته. 

من جانبه، رأى الكاتب إبراهيم المدهون، أن قرار مجلس الأمن أول الغيث، وخطوة في الاتجاه الصحيح لكنه غير كاف، مشيرا إلى أن حماس ترحب بالقرار ويجب الضغط على الاحتلال لوقف عدوانه فورا.

فيما أكد الكاتب الدكتور رفيق عبدالسلام، عدم وجود ما يضمن أن دولة الاحتلال ولا حليفها الأكبر سيلتزمان بوقف إطلاق النار، متوقعا أن يحاول كل منهما تأويل قرار مجلس الأمن على هواه وبما يفرغه من طابعه الإلزامي.

وقال إنهما صارا في وضع أضعف وفي مواجهة كل العالم، خاصة مع وجود اختلاف في التكتيكات بينهما، وهذا يعطي مزيدا من القوة والصلابة للموقف الفلسطيني، مثلما يزيد في محاصرة تلابيب وواشنطن.

وأضاف أن مشهد ارتفاع التصفيق في قاعة المجلس ومن مختلف ممثلي دول العالم على صدور القرار يعكس حالة العزلة التي يعانيها الحليفان، إن لم أقل الكراهية الواسعة.

وقال أدهم شرقاوي: "أي وقفٍ لإطلاق النّار يُسعدنا، أي حقنٍ لدماء أهلنا يُفرحنا، ولكن لن نُصدِّقَ أبداً أن مجلس الأمن الذي كان يتفرّج علينا ونحن نُباد منذ ستة أشهر قد صحا ضميره فجأة، لا فضل إلا لله حدث وقف إطلاق نار أو لم يحدث، ثم الفضل لهذه المقاومة الجبارة التي رفعت رؤوسنا عالياً ولشعب غزّة العظيم!".

وقدم الباحث في القانون الدولي معتز المسلوخي، قراءة قانونية حول قرار مجلس الأمن، أوضح فيها أن قرارات مجلس الأمن كافة ملزمة للدول الأعضاء في المنظمة وذلك استنادا لأحكام المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص صراحة على: "يتعهد أعضاء "الأمم المتحدة" بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق".

وعُدّ القرار تاريخيا في إطار سياق الأحداث والواقع السياسي المعقد وأهمها أنه جاء بعد مخاض عسير استمر حوالي 6 شهور /170 يوما وبعد عشر جلسات عقدها مجلس الأمن شهدت إجهاض /إفشال خمسة مشاريع قرارات سابقة استخدمت ضدها الفيتو الأميركي 3 مرات والفيتو المزدوج الروسي الصيني مرتين آخرها قبل 3 أيام بتاريخ 22 مارس  الحالي.

وقال إن القرار يعكس حقيقة واقع صمود المقاومة على الأرض وتمسكها بأجندتها التفاوضية مقابل الضغوط السياسية الكبيرة عليها وواقع استمرار الإبادة الجماعية ضد المدنيين الأبرياء، ويمثل تراجعا في موقف الولايات المتحدة ودعمها المطلق لحكومة الحرب الإسرائيلية.

وأضاف المسلوخي، أن القرار يمهد الطريق أمام محكمة العدل الدولية للاستجابة لطلب جنوب إفريقيا بإصدار أمر بتدابير تحفظية إضافية وفي مقدمتها وقف إطلاق النار وعودة النازحين، ويشكل ورقة ضغط عاجلة يمكن استخدامها لمطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بفتح تحقيق في جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

هزيمة للاحتلال

وتحت عنوان "العدوان على غزة.. يتفكك"، أكد السياسي أحمد رمضان، أن مؤشرات الانكسار تتوالى والاحتلال بلا حماية في مجلس الأمن، والقرار 2728 يستفز نتنياهو ويغضبه، فيمنعُ سفر وفده إلى واشنطن، والوزير اليميني جدعون ساعر يستقيلُ من حكومة الطوارئ.

وأشار إلى وجود انسحاباتٌ محتملة لوزراء آخرين، وصراعُ واشنطن وتل أبيب بات على الملأ، والدولُ تتسابق لتقديم المساعدات لغزة، والعدل الدولية تفتح ملف الإبادة الجماعية، والجنائية الدولية على وشك ملاحقة ضباط كبار ومسؤولين إسرائيليين.

وعدد رمضان، من بين مؤشرات انكسار الاحتلال أن إسبانيا تقود تحالفا مع إيرلندا ودول أوروبية للاعتراف بدولة فلسطين، ومن تورط في قطع الدعم عن الأونروا يتراجع، وتدفقُ السلاح لجيش الاحتلال يتعثر ويتراجع.

وقال "وحده نتنياهو لا يرى انتكاسة كيانه وانكساره، ويتبجحُ بمواصلة الحرب، لكنَّ الحبل يضيق على عنقه، وتهديده باجتياح رفح عنوانٌ لخسارة كبيرة، ورفضه تبادل الأسرى كشفَ عن أنه يريد القتل لا القتال، ويسعى للإبادة والتجويع والحصار.

وأضاف رمضان، أن نتنياهو عجز بعد 172 يوما عن تحقيق إنجاز إستراتيجي واحد، سوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مؤكدا أن "تحالف العدوان يتصدَّع.. والمقاومة تقترب من ساعة النصر رغم الألم والمعاناة".

وقال رئيس الحركة اليسارية اللبنانية منير مختار، إنه في حال النجاح بتطبيق قرار مجلس الأمن، فإنه يعد هزيمة منكرة للكيان الصهيوني وانتصارا للشعب الفلسطيني، بالرغم من المأساة والمجازر والدمار والتهجير الذي لحق بغزة، مع العلم بأن السياسة الأميركية لن تتغير تجاه دعم العدو الإسرائيلي إستراتيجيا.

ورأى الكاتب ياسر الزعاترة، أن أميركا تستر جرائمها بتمرير قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، إذ امتنعت ولم تستخدم الفيتو، مؤكدا أن القرار صفعة للغزاة على كل حال، تعزز أزمتهم.

وتساءل: "ماذا بعد؟ هل سيلتزم الكيان؟"، مؤكدا أنه "هنا امتحان الموقف الأميركي الذي سيربط الأمر بمفاوضات الهدنة، على الأرجح، وذلك لترضية الكيان".

نصر للمقاومة

وتأكيدا على أن قرار مجلس الأمن هو أبرز تداعيات جسارة المقاومة الفلسطينية، قال الباحث أحمد القاري، إن صمود فلسطين يحدث تغييرا جذريا في العالم، ولا أحد كان يتخيل أن ينكشف اللوبي الصهيوني في أميركا وتظهر عورته وعجزه وأنه كان بعبعا يُخيف الجميع مع أنه كيان ضعيف وتافه.

وأضاف أن "بكائيات الصهاينة في إسرائيل وأميركا هذه الأيام، خصوصا اليوم بعد تمرير أميركا قرار مجلس الأمن تُبَين أنهم بلا حيلة وأن تورطهم في إبادة فلسطين تركهم بلا صديق"، مشيرا إلى أن الحلفاء ينفضون من حول إسرائيل. 

وأكد القاري، أن استمرار صمود فلسطين، ودعم ذلك الصمود ماديا ومعنويا وحضور الشعوب في الشوارع والميادين وضغطهم على صناع القرار، أمور جوهرية لإتمام انتقال العالم إلى مرحلة أكثر أمانا وأقل شرا، مبشرا بأن كيان الإرهاب الصهيوني سينتهي مثلما انتهى نظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا: في مزبلة التاريخ.

وعد أستاذ الأخلاق السياسية محمد مختار الشنقيطي، قرار مجلس الأمن  نصرا سياسيا وإعلاميا للمقاومة وللقضية الفلسطينية، بغضّ النظر عن التعويق العملي لتطبيقه، ودليلا على أن صمود المقاومة هو وحده الذي سيضمن نهاية الحرب في غير صالح العدو، موجها الشكر للجزائر وكل داعمي القرار.

ورأى المستشار القانوني الدكتور حسين الدريدي، أن صدور قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة بمثابة حفظ لماء وجه الكيان الصهيوني، لأنه انهزم شر هزيمة أمام صمود وثبات المقاومة الفلسطينية الباسلة والتحام الشعب الغزي الصابر حولها. 

سخرية واستهزاء

وفي قراءة لدلالات إلغاء نتنياهو زيارة الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن بعدما امتنعت الأخيرة عن التصويت على قرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف إطلاق النار وعدم استخدام حق النقض الفيتو كما جرت العادة ، قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، إن قرار نتنياهو رسالة لليمين الصهيوني أنه قادر على تحدي أميركا، وكذلك موجه إلى داعمي الكيان الصهيون داخل  أميركا.

وأضاف: "لو كان للإدارة الأميركية إحساس بالكرامة الوطنية لصدر تصريح من الناطق باسم البيت الأبيض فقط يلوح بوقف التسليح المؤقت والذي سيجعل النتنياهو يغلق فمه ويجثو على قدميه، لكن أميركا رأس الحربة في العدوان على غزة".

وقال السياسي والحقوقي أسامة رشدي، إن نتنياهو يتعامل مع بايدن وكأنه شغال عنده، ويقوم بمعاقبته بوقف إرسال وفد لواشنطن للحديث حول تهديده به بدخول رفح، بينما لايزال بايدن يتودد له ويطمئنه أن سياستهم لم تتغير وأنهم سيتواصلون معهم حتى وإن رفضه القدوم.. منتهى الحنية!!

وأعرب عن أسفه أن واشنطن سمحت باختطاف سياستها الخارجية من قبل مجموعة فاشية في تل أبيب موغلة في التطرف، حتى إنهم يصفون الأمم المتحدة بمعاداة السامية وأنها جهاز موالٍ لحماس بسبب تقارير المنظمة عما يجرى في غزة الآن.

ولفت رشدي، إلى أن حرب غزة فضحت الشيفونية والاستعلاء والهوس الذي يشعر به الصهاينة وهم يبتزّون العالم أجمع بما في ذلك حلفاؤهم وهم يعدون الجميع مسخرا لخدمتهم رغما عن أنوفهم، ويتناسون الجسر الجوي والبحري ونشر الأساطيل والقوات الأميركية لإمدادهم بأحدث ما لدى أميركا من سلاح، قائلا: "لكن هذه آخر خدمة الغز".

وعد خالد كريوتي، إلغاء زيارة الوفد الإسرائيلي لأميركا بمثابة قول نتنياهو لبايدن: "أنا ربكم الأعلى"، قائلا: "سألوا فرعون ليش تفرعنت!!.. من يوقف الغزاة هو بأس المقاومة وصحوة شعوبنا".

وعلق الكاتب والباحث في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة، على موقف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، قائلا إن نتنياهو يقول لبايدن "أنا ربكم الأعلى".

وأعادت الكاتبة الصحفية شيرين عرفة، نشر تغريدة ساخرة لعضو مجلس الشيوخ الأميركي، بيرني ساندرز، المدافع عن القضية الفلسطينية قال فيها: "نتنياهو منزعج بشدة من امتناع أميركا عن التصويت ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة، لدرجة أنه ألغى زيارة وفد إسرائيلي كان مقررا له الذهاب للعاصمة واشنطن".

وأضاف ساندرز: "لكن انزعاجه لم يصل بعد لدرجة أن يرفض تمويلا أميركيا قدره: 3.3 مليارات دولار من أموال دافعي الضرائب لتمويل حربه غير الأخلاقية"، مؤكدا: "لن نسمح بمزيد من الأموال، لتجويع الأطفال الفلسطينيين".

بأس المقاومة

وحفاوة بعملية القسام وإمطارها المدن المغتصبة من الكيان برشقات صاروخية، تداولو مقاطع فيديو توثق عمليات المقاومة، وأشادوا ببأسها وصمودها بعد ستة أشهر من عدوان الاحتلال وارتكابه جرائم إبادة، كما نشروا مقاطع توثق هروب المستوطنين لحظة إطلاق صفارات الإنذار.